قاموس الجندر ثنائي اللغة
العمل في الجنس

يشير “العمل في الجنس” إلى فعل بيع الجنس، وقد نحتت الناشطة كارول لي هذا المصطلح في العام 1978 وشاع بعد ذلك في الولايات المتحدة من خلال حملاتٍ عدة بقيادة العاملات في الجنس اللواتي طالبن بالحماية وعدم تجريمهنّ ووضع حدٍّ لوصمهنّ بالعار وضمان المساواة في الحقوق(1). وهكذا، يمكن اعتبار استخدام المصطلح “العمل في الجنس” إفادةً لدعم حقوق العاملات في الجنس وإنهاء تجريمهنّ والتفرقة بحقّهنّ(2). ويشمل العمل في الجنس أفعال بيع الجنس جميعها، أي الدعارة والإباحية والتعرّي والجنس عبر الهاتف والإنترنت وغيرها من الأفعال. ولا يزال البعض يستخدم مصطلح “الدعارة”، لكنّه يرتبط بدلالاتٍ سلبيةٍ عدّةٍ وتاريخٍ من الوصم بالعار. وتجدر الإشارة إلى أنّه تمّ ربط الدعارة بالأوضاع الاقتصادية المزرية والفقر والحرب والإتجار بالنساء اللواتي يجبرن عندئذٍ على العمل في صناعة الجنس رغمًا عنهنّ. وقد حاولت السياسات الأخيرة أن تفصل بين جريمة الإتجار والعمل في الجنس رضائيًا.

 

انقسمت المناقشات المعاصرة حول العمل في الجنس والسياسات حياله وفقًا لثلاثة خطوطٍ مختلفة على الأقلّ، وهي الإلغائية والتشريع وإلغاء التجريم(3). يحاجج الموقف الإلغائي بأنّه ينبغي إنهاء بيع الجنس للرجال، لأنّه بالأساس ليس قائمًا إلّا بسبب العلاقات الجندرية البطريركية غير المتساوية التي تسهّل تمتّع الرجال بأجساد النساء اللواتي كثيرًا ما يعانين الحرمان الاجتماعي (راجع تعريف البطريركية والنسوية). وقد ناصرت النسوية الراديكالية تاريخيًا الموقف المنادي بإلغاء العمل في الجنس، بحجة أنّ صناعة الجنس تديم التفرقة الشاملة بحقّ المرأة ، غير أنّها أخفقت في كثيرٍ من الأحيان في معرفة الأبعاد الطبقية للعمل في الجنس (راجع تعريف التقاطعية).

 

ويُعدّ تشريع العمل في الجنس وإلغاء تجريمه(4) مقاربتين مختلفتين لتنظيم صناعة الجنس. فالتشريع يعني سنّ القوانين التي تنظّم بيع الجنس وشراءه، كفرض الفحوصات الطبية على العاملات في الجنس مثلًا وتحديد أماكن العمل. أمّا عدم التجريم، فيشير إلى إلغاء جميع القوانين التي تجرّم البائعات والمشترين في مجال العمل في الجنس (لكنّه لا يعني إلغاء القوانين المتعلقة بمكافحة الإتجار)، ما يسهّل بالتالي إمكانية أن تبلّغ العاملات في الجنس عن الجرائم بحقّهنّ وأن يستفدن من خدمات الرعاية الصحية الملائمة. وقد جرّبت دول مختلفة المقاربتين المذكورتين أعلاه بدرجاتٍ متفاوتةٍ من النجاح والنقد. فعلى سبيل المثال، يتضمّن “النموذج السويدي” معاقبة شراء الجنس لكنّه لا يجرّم بيعه. وفي حين تهدف هذه المقارنة إلى تسهيل حصول العاملات في الجنس على حقوقهنّ والرعاية الصحية والحماية، إلّا أنّه لا يزال يدفع بجزءٍ من العمل في الجنس نحو السرّية.

 

وفي لبنان، يُنَظَّم العمل في الجنس قانونيًا من خلال ما يُسمّى بالنوادي الليلية السوبر التي يُسمح لها بتوظيف العاملات الأجنبيات من خلال منحهنّ تأشيرة دخول للـ“فنّانات”. لكن، يجري في بعض الأحيان الإتجار بالنساء اللواتي يتمّ توظيفهن في هذه النوادي، ويُرغمن على العمل في هذه الصناعة وتُسحب جوازات سفرهنّ منهنّ عادةً عندما يدخلن البلد(5). ويتمّ تجريم العمل في الجنس خارج هذه النوادي من خلال عددٍ من المواد في قانون العقوبات، وهي موادٌ لا تستهدف العاملات في الجنس فحسب، بل أيضًا أولئك الذين يسهّلون هذا العمل أو يديرونه(6). لا تزال هذه المسألة موضوع نقاشٍ علني، وذلك بشكل رئيسٍ من خلال المبادرات والبحوث(7) وحملةٍ تستهدف فيها منظمة ‘كفى’ غير الحكومية المحلية في المقام الأول مشتري الجنس من الذكور والمواقف البطريركية التي تسمح بممارسة العنف ضد المرأة عن طريق العمل القسري في الجنس(8). تؤيّد الحملة عمومًا الحلّ الإلغائي وقد تعرّضت للانتقاد لأنها لم تأخذ بالحسبان الطرق المختلفة التي يتمّ من خلالها تنظيم العمل في الجنس في بيروت خارج النوادي الليلية السوبر، وكيفية تأثير التجريم في بعض فئات العاملين والعاملات في الجنس، كالمتحولات جنسيًا(9) والرجال المثليين والكوير.