قاموس الجندر ثنائي اللغة
غشاء البكارة

يُعرَّف غشاء البكارة اشتقاقيًا بوصفه نسيجًا جلديًا مرنًا يحيط جزئيًا بالفتحة المهبلية، ولهذا السبب يُشار إليه بعبارة الحلقة البكارية. ويختلف غشاء البكارة، شكلًا ولونًا وحجمًا، اختلافًا كبيرًا من شخصٍ إلى آخر وينعدم وجوده في كثيرٍ من الأحيان(1). أمّا إذا كان موجودًا، فنادرًا ما يكون غشاءً تامًا، إذ يكون عادةً ممزّقًا وفقًا لأنماط مختلفة، ويتكوّن من طيّاتٍ مختلفة من الجلد، ما يسمح بالتالي بتدفّق دم الحيض خارجًا. في حالات نادرة، يمكن أن يتّسم غشاء البكارة بشكلٍ يمنع تدفّق دم الحيض خارجًا، ما قد يستدعي إذّاك اللجوء إلى تدخّلٍ طبي. ومن الناحية البيولوجية، لا يخدم غشاء البكارة أيّ غرضٍ معروف أو حيوي في الجسم(2).

 

بسبب تمزّقات غشاء البكارة الجزئية ومرونته، يمكنه أن يسمح بإدخال السدادات القطنية أو الكؤوس الحيضية من دون التسبّب بالضرورة بتغييراتٍ رئيسة في بنيته (وهذا يختلف من شخصٍ إلى آخر). وتجدر الإشارة إلى أنّ شكل غشاء البكارة يتغيّر أثناء فترة البلوغ، ويمكن أن يغدو أضعفَ أو متوسعًا أو تالفًا بفعل عددٍ من الأنشطة كممارسة التمارين الرياضية والاستمناء والجماع والولادة. لكن، يمكن أن تسمح مرونته أيضًا بالاحتفاظ بشكله حتى بعد أفعالٍ إيلاجية، وهذا يتوقّف، مرةً أخرى، على جسم الشخص. وهكذا، يستحيل أن يكون وجود غشاء بكارة أو عدمه دالًّا دقيقًا على حدوث جماعٍ إيلاجي، ولا يمكن ذلك أن يحدّد ما إذا كان الشخص نشِطًا جنسيًا في السابق أو هو كذلك حاضرًا(3).

 

وعلى الرغم من هذا التضارب، كان غشاء البكارة ولا يزال يُعتَبر الممثّل الجسدي لعذرية النساء اجتماعيًا. ففي المجتمعات البطريركية، وجود هذا الغشاء مطلوبٌ بوصفه دليلًا على امتناع المرأة عن مجامعة الرجال، ما يُستخدم بالتالي ليعكس لا طهارتها ومدى ملاءمتها للزواج فحسب، بل أيضًا شرف عائلتها. في بعض الحالات، تسعى المرأة إلى إجراء “عملية جراحية ترميمية”(4) يتمّ من خلالها “رتق” الطيّات البكارية حتى تستعيد “عذريّتها”. من الواضح إذًا أنّ غشاء البكارة بات أداةً قوية لتشويه سمعة المرأة اجتماعيًا وسياسيًا. وقد أخضع النظام المصري على سبيل المثال عددًا من المتظاهرات أثناء الثورة المصرية لـ “اختبارات العذرية”لتشويه سمعتهنّ وسمعة عائلاتهنّ بوصفهنّ نساءً غير شريفات(5).

 

يستمرّ المشرّعون البطريركيون بتنفيذ القوانين التي تؤكّد على مركزية غشاء البكارة في عذرية المرأة، وهي قوانين تهدف إلى مراقبة جسدها ونشاطها الجنسي. على سبيل المثال، يفرّق قانون العقوبات اللبناني بين النساء الناجيات من الاغتصاب وعقوبة مغتصيبهنّ على أساس عذريتهن. ووفقًا للمادة 512، ينال الرجل الذي يغتصب امرأةً عذراء عقوبةً أشدّ من ذاك الذي يغتصب امرأةً غير عذراء(6). ومن أجل أن تحدّد المحاكم وضع الناجية العذري عند تطبيق أحكام هذه المادة، فإنّها عادةً ما تطلب أو تشترط إجراء اختبارات طبية للتحقّق من العذرية، غير معتَمدةٍ على شهادة الناجية. وهنالك مواد أخرى، كالمادة 518 التي تتناول الاغتصاب عن طريق الخداع (الوعد الكاذب بالزواج الذي هو بمثابة انعدام الموافقة)، تربط بشكلٍ واضح إثبات العذرية باعتراف الرجل بأنّه بالفعل خدع امرأةً عذراء واستدرجها إلى ممارسة الجنس بقطعه وعدًا كاذبًا بالزواج، ولا تربط هذا الإثبات بإفادة المرأة(7). وبالتالي، فإنّ هذه المواد لا تمنح الرجلَ قانونيًا فحسب إمكانية الوصول إلى جسد المرأة ومعرفته (يستطيع كلٌّ من المغتصب أو الطبيب أن يثبت عذرية المرأة، لكن لا تستطيع هي ذلك)، بل إنّها تحدّ أيضًا من قدرة الناجية على إثبات الجريمة أو الدفع إلى أخذها على محمل الجدّ.

 

أمّا الخرافة البطريركية التي تزعم أنّ كلّ أنثى تولد بغشاء بكارةٍ تامّ، فغالبًا ما ترافقها خرافة أخرى مفادها أنّ أوّل جماعٍ مهبلي إيلاجي للمرأة يؤدّي بالضرورة إلى نزيفٍ بسبب “تمزّق” غشاء البكارة. صحيحٌ أنّ النزيف يمكن أن يحدث نتيجة التمزّقات أثناء تمدّد الأنسجة البكارية، بيد أنّ ذلك يمكن أن يكون مـرّده أيضًا في كثيرٍ من الأحيان إلى جرحٍ في الفتحة والجدران المهبلية، إمّا لأنّها مشدودة (خوفًا من الجماع المؤلم)، أو بفعل عدم استخدام المزلقات، أو لأنّ الإيلاج قويٌ أو باكرٌ للغاية(8). لذلك، يؤدّي الاستباق الذي يعتبر أنّ “المرة الأولى ستكون مؤلمة” (في حالة إيلاج القضيب في المهبل) إلى نبوءةٍ تحقّق ذاتها عن علاقةٍ جنسيةٍ مؤلمة.

 

وقد طعنت بعض الطبيبات النسويات بالفكرة التي أُضفيَ عليها طابعٌ طبي والقائلة بفضّ غشاء البكارة، وهي فكرةٌ تهدف إلى تحديد لحظة واحدة “يتمزّق” فيها الغشاء ويُشار بعدها إليه بعبارة “البقايا البكارية”(9). فمن خلال التشديد على لحظة وحيدة لتمزّق غشاء البكارة، تُكمّل وجهة النظر الطبية السائدة – على الرغم من سعيها إلى توخّي الدقة – وجهة النظر الاجتماعية التي جعلت من الإيلاج الغَيري القضيبي الطريقة الوحيدة المقبولة اجتماعيًا لـ “النفاذ” إلى المهبل. تساهم هذه النظرة في تنفير المرأة من جسدها نفسه، ما يتسبّب بالخوف والقلق من أنّها قد “تمزّق” غشاء بكارتها، ويحرمها من حقّها في التحكّم بجسدها ولذّتها الجنسية، وينتهي الأمر بها بأن تسلّم هذا الحقّ إلى الرجل. ردًا على ذلك، أعاد بعض المجموعات، مثل الرابطة السويدية للتثقيف الجنسي، تسمية غشاء البكارة وأطلق عليه اسم “إكليل المهبل”، مشدّدًا على عددٍ من الحقائق، ومنها مرونة الأنسجة واختلاف الأشكال وتعدّد الطرق التي يمكن أو لا يمكن أن يغيّر من خلالها الغشاءُ شكله(10).