قاموس الجندر ثنائي اللغة
الأمراض المنقولة جنسيًا/ الإصابات المنقولة جنسيًا

تنجم الأمراض المنقولة جنسيًا أو الإصابات المنقولة جنسيًا عن انتقال الجراثيم والفيروسات والطفيليات من شخصٍ إلى آخر عن طريق الاتصال الجنسي على سبيل التخصيص لا الحصر. ويمكن أن ينتقل بعض الإصابات المصنّفة منقولةً جنسيًا من الأمّ إلى طفلها، من خلال الاتصال غير الجنسي بين الأفراد أو عمليات نقل الدم. حاليًا، ثمة 30 عاملًا مُمْرضًا جرثوميًا وفيروسيًا وطفيليًا تمّ تحديدها(1). أمّا أكثر الإصابات المنقولة جنسيًا انتشارًا، فهي الآتية: الزهري، متلازمة العوز المناعي المكتسب، وداء السيلان، والحلأ (الهربس)، وداء المُتَدَثّرات، وداء المُشعّرات، وداء المبيّضات، والثآليل التناسلية، وسرطان عنق الرحم (الناجم عن الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري)، والقُرَيح وقمل العانة(2).

 

ويزداد تفضيل مصطلح “الإصابات المنقولة جنسيًا” على مصطلح “الأمراض المنقولة جنسيًا”. إذ يُقال إنّ المصطلح الأول يسلّط الضوء على حقيقة أنّ الشخص قد يكون مصابًا من دون أن تتفاقم الإصابة حدّ المرض، أو قد لا تظهر الأعراض لديه إلّا بعد فترةٍ طويلة من حدوث الإصابة. وحتى أواخر القرن العشرين، كان المصطلح المُستَخدَم طبيًا وعلنيًا هو “الأمراض التناسلية” (venereal disease) – تيمّنًا في القرن السابع عشر بفينوس (Venus)، إلهة الحبّ عند الرومان(3).

 

وفي حين يصعب تحديد ما إذا كان الأطباء اليونانيون والرومانيون القدماء يعالجون الإصابات التي تُصنّف اليوم منقولةً جنسيًا، تبيّن مصادر أوضح أنّ الطبّ الإسلامي حدّد وعالج نحو العام 1000 نوعًا من داء السيلان يُحتَمل للغاية أن يكون مطابقًا في تجلّيه للسيلان المنتشر في أيامنا هذه(4). أمّا اكتشاف البنسلين في العام 1948، وهو مضاد حيوي يشفي الزهري وبعض سلالات داء السيلان، فقد دشّن حقبة “تفاؤل علاجي” في علاج الإصابات المنقولة جنسيًا(5). غير أنّ أولى الحالات المعروفة من الإصابة بفيروس العوز المناعي المكتسب في العام 1981، والوباء العالمي اللاحق والناجم عن الفيروس، فضلًا عن عودة مرض الزهري الدورية منذ ذلك الحين، جاءت كلّها لتضطلع بتأثيرٍ منبّهٍ في المجتمع الطبي والرأي العام الدولي(5).

 

وإلى جانب كون الإصابات المنقولة جنسيًا محور الانشغال الطبي، فقد اضطلعت كذلك بدورٍ مركزي في تشكيل المواقف الاجتماعية والثقافية والسياسية تجاه الجنسانية والنوع الاجتماعي والدولة والسلطة العلمية أو التداول العالمي منذ العصور الوسطى على الأقل. وقد حاجج المراقبون باكرًا بأنّ البحّارة هم الذين جلبوا مرض الزهري من الأميركيتين “المكتشفَتَين حديثًا”، ثمّ انتشر لاحقًا بسبب النزاعات المسلّحة الحديثة بين الدول الأوروبية ـ على سبيل المثال، غالبًا ما أُطلقت على الزهري تسمية “المرض الفرنسي” أو “المرض البولندي”(7). تعكس مثل هذه الأحكام كيف يتمّ إنتاج الألعاب الجيوسياسية والاختلاف الثقافي من خلال الخطابات التي تتناول الإصابات وانتقال العدوى.

 

وقد أدّى وصم المثلية الجنسية الذكرية وتجريمها في أوروبا إلى إصاباتٍ مرتفعة بالزهري بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، وإلى صعوبةٍ في الوصول إلى العلاج (انظر تعريف الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال)(8). وقد تكرّر الأمر أثناء تفشّي وباء فيروس العوز المناع البشري في القرن العشرين، إذ نال الإيدز (متلازمة العوز المناعي المكتسب) تسمية “الطاعون المثلي” التي تعكس كراهيةً ضدّ المثليين(9). وأدّى انتشار فيروس العوز المناعي البشري إلى تطوير نُظم الصحة العامة في العالم، ويمكن القول إنّ هذا الاتجاه أدّى إلى الأنجزة في مجال الصحة الجنسية والإنجابية (انظر تعريف الأنجزة). وهكذا، ساهم فيروس العوز المناعي البشري/ الإيدز إلى حدٍ كبير في تشكيل قضايا حقوق المثليين والنشاط في هذا المضمار في الولايات المتحدة وأوروبا، مع بروز ائتلاف آكت أب مثلًا في أوروبا. ولا تزال ديناميات هذا التاريخ تحدد شكل المجموعات والمنظّمات المحلية في لبنان، وقد قرّر بعضها التخصّص في القضايا الصحية كمركز ‘مرسى’ وجمعية ‘تحالف – م’.

 

وفقًا لمنظّمة الصحة العالمية، ازدادت حالات الإصابة عالميًا بالمُتَدَثّرة (بنسبة 1,4 بالمئة) والسيلان (بنسبة 21 بالمئة) والمشعّرات (بنسبة 11,2 بالمئة)(10). ووصل مجموع عدد الإصابات المنقولة جنسيًا القابلة للشفاء التي تمّ اختيارها إلى 26,4 مليون إصابة في العام 2008 في إقليم شرق المتوسّط وفقًا لتقسيم منظّمة الصحة العالمية، وهو واحدٌ من أدنى الأرقام بين الأقاليم العالمية(11). وعلى الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أنّ 14,2 مليون شخصٍ مصابٍ بفيروس العوز المناعي البشري كانوا مؤهلين في العام 2010 للحصول على العلاج المضاد للفيروسات القهقرية. وقد قُدّرت هذه الحالات بنحو 150 ألف حالة في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وهي النسبة الأقلّ في العالم(12).