قاموس الجندر ثنائي اللغة
الذكورة

كثيرًا ما تُعزى الذكورة – المعروفة أيضًا بمصطلح الرجولة - إلى الرجال أو الصبيان، وهي عبارة عن مجموعةٍ من السلوكيات والأدوار الخاصّة بسياق محدّد (على سبيل المثال ربّ أسرةٍ تتكون من جنسين مختلفين، “رجّال”، والمدافع عن الحيّ، “قبضاي”)، والصفات البدنية (كشعر الوجه وقوّة البنية والعضلات)، والصفات الشخصية (كالتسلط). وكما الأنوثة، دائمًا ما تكون الذكورة سياقيةً وتاريخيةً ومتعلّقةً بمعايير جندرية أوسع في مجتمع معيّن. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تكون الذكورة في علاقة سلبية مع الأنوثة، والمفهومان يتمّ إدراكهما بارتباطهما بنوعٍ اجتماعي محدد، لا بل أيضًا كضدّين يستبعد أحدهما الآخر.

 

أكاديميًا، تمّ تخصيص اهتمامٍ علمي كبير لدراسة الذكورة في ثمانينيات القرن الماضي، استندت إلى دراسة الرجال كرجالٍ لا كأفرادٍ عالميين. وقد عرض علماء الأنثروبولوجيا من جملة علماء آخرين مجموعة واسعة من أداءات الذكورة والقيم المعطاة لها عالميًا وتاريخيًاAndrea Cornwall and Nancy Linsdisfarne, (eds.),Dislocating Masculinity: Comparative Ethnographies, London, Routledge,1994."">(1). وقدّم بعض الأكاديميين، مثل رايوين كونيل وجيف هيرن ومايكل كيميل، نظرياتٍ أساسيةً عدّة لدراسة الذكورة. نتيجة لذلك، بات هذا الحقل يشكّل جزءًا بالغ الأهمية من الدراسات الجندرية. درست كونيل على وجه الخصوص تعدّد الذكورات واقترحت مصطلح “الذكورة المهيمنة” لوصف مجموعةٍ فعّالةٍ وشاملةٍ من المعايير التي تتمّ ممارستها في مجتمعٍ معيّن والتي ترتكز على رفع المكانة الاجتماعية لفئةٍ معيّنةٍ من الرجال فوق النساء والأنوثة وغيرهم من الرجال. نجد في معظم السياقات فكرةً مسيطِرةً (أو مهيمنة) وتجسيدًا للذكورة، ما ينشئ بدوره ذكوراتٍ تابعة(2). وعلى غرار الوظيفة التحليلية للتقاطعية، يعرض تسلسل الذكورة الهرمي هذا أوجه عدم المساواة بين الرجال، وهي تستند غالبًا إلى تهميش الذكورات المصنّفة على أساس الطبقة والعرق.

 

لقد ركّز التنظير الإضافي على دراسة فضاءات الرجال وعلاقاتهم بالرجال الآخرين (المخالطة الاجتماعية المثلية) والمثلية الجنسية والعنف الذي يمارسه الرجال، بما في ذلك الذكورات المُعَسكَرة. وانتقدت بحوث جاك هالبيرستام(3) بشكلٍ ملحوظ المعادلة القائلة بارتباط الذكورة دومًا بالرجال فحسب، ففتحت الباب أمام نقاشاتٍ بشأن الذكورة الأنثوية، والأنوثات الذكورية، والعلاقات المعقّدة بين الجنس والنوع الاجتماعي والأداء. وركّزت الدراسات الإقليمية على استكشاف تعريفات “الذكورات الإسلامية” التي لم تكتفِ بالتشديد على دور الدين في تشكيل مثالٍ ذكوري، بل فتحت أيضًا المجال لمناقشة هويات ما بعد الاستعمار ودور الأخير في تغيير العلاقات بين الجنسين(4).

 

نشأت الذكورات والأنوثات اللبنانية عبر سلسلةٍ من الأحداث التاريخية، ولاسيما الحرب الأهلية التي أتاحت إعادة تشكيلٍ معيّنةٍ للسلوك “الميليشيوي” الشهير المتمثّل بصورة عضو الميليشيا(5). وقد استكشفت دراساتٌ إضافيةٌ عن الذكورة في لبنان المواقف المعادية للأنوثة في المجتمع المثلي والسعي إلى الظهور بمظهر “ذكوري” حتى يبدو المرء “غَيريًا”(6). وتلتفت النقاشات الجديدة إلى السردية الذكورية التي تعتمدها الدولة اللبنانية والتي تعتبر أنّ “الذكورة مهدَّدةٌ”، وهي سرديةٌ لا تزال حقوق المرأة من خلالها تخضع للقيود، ومن جملتها الحقّ في منح الجنسية(7).

 

كذلك، تركّز الحملات المحلية على الكشف عن العلاقة بين العنف الأسري ضدّ المرأة والسلوك الذكوري، وتنخرط بالتالي في نقاشٍ حول العلاقة بين الرجال والذكورة والعنف. وقد عرض بعض المنظّمات مثل منظمة ‘كفى’ على نحوٍ فعّال دور الذكورة البطريركية في ممارسة العنف ضدّ المرأة وتطبيعه. وفي بعض استراتيجيات ‘كفى’ في إدارة الحملات، حاولت المنظّمة أن تقدّم ذكوراتٍ لاعنفية بديلة، أو “ذكوراتٍ مقاومة للنظام البطريركي”، سعت فيها إلى كسر الروابط بين تعريفات الذكورة الصحيحة والعنف ضدّ المرأة(8). في المقابل، ركّزت منظّماتٌ أخرى مثل منظمة ‘أبعاد’ على إعادة تأطير الذكورة من دون أن تطعن مباشرةً بالذكورة المعيارية أو تزعزعها(9)