التقاطعية نظرية صاغتها النسوية الأميركية السوداء كيمبرلي كرينشو في ثمانينيات القرن العشرين تناولت فيها نوعين محدّدين من التفرقة المتعدّدة المستويات – التفرقة العرقية والتفرقة الجندرية – اللتين تواجههما النساء السود في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى صعوبة أن يعتبر النظام القانوني الأميركي هذين النوعين من التجارب التفريقية مترابطين لا منفصلَين. شكّلت النظرية استجابةً بالغة الأهمية للموجة الأميركية الثانية، التي ضمّت النسويات الليبراليات والبيض اللواتي ينتمين إلى الطبقة الوسطى واللواتي اعتمدن مفهومًا عالميًا عن التضامن النسوي (انظر تعريف النسوية). وعبر التركيز فحسب على القمع القائم على النوع الاجتماعي والنظام البطريركي، والمطالبة في الوقت عينه بتضامنٍ نسوي متساوٍ في محاربته، أخفَت النسوية الليبرالية البيضاء الاختلاف العنصري وعدم المساواة العرقية بين النساء. ولا تزال دينامية سلطةٍ غيرُ متكافئة ومماثلةٌ موجودةً تحت أشكالٍ عديدةٍ من الحركات النسوية العابرة للحدود، حيث تَستخدم نسويات أوروبا وأميركا الشمالية وحكوماتهنّ حقوق المرأة العالمية باعتبارها قضيةً مشتركةً لتبرير السياسات الإمبريالية، بما في ذلك التدخّل العسكري في ما يُسمّى بالدول النامية، كما كان الحال في الخطابات المؤيدة للحرب في أفغانستان والعراق.
استمرّت التقاطعية، بوصفها أداةً توضح محاور القمع المتقاطع، بالتوسّع أبعد من تقاطعها الأصلي بين العرق والنوع الاجتماعي. فمن الناحية الأكاديمية، “يعترف المنظور التقاطعي بالتفاعل المعقّد بين محاور متعدّدة، كالنوع الاجتماعي والعرق، ويحلّل الآثار النوعية التي ينتجها تفاعل هذه المحاور”. بالتالي، يمكن استخدام التقاطعية لإظهار التفاعل بين النوع الاجتماعي والعرق والطبقة وفئات أخرى كالعمر أو الجنسانية أو الإعاقة في الحياة الفردية والاجتماعية. تصوغ هذه الهويات المتعدّدة تجارب الناس وخبراتهم الفردية والجماعية، بل تبيّن أيضًا كيف تُبنى الهويات الاجتماعية في علاقتها مع تفاعلات السلطة على نطاق أوسع. على سبيل المثال، تدعو الأكاديمية ليزلي ماكول إلى مقاربةٍ “تصنيفيةٍ بينيّة” للدراسات التقاطعية نظرًا لأهمية البنى الاجتماعية كـ“الرعايا” والهيمنة والتبعية وتسليط الضوء على الطريقة التي تتصرّف بها هذه الفئات بارتباطها بعضها ببعض. على الرغم من ذلك، انتُقدت النظريةُ التقاطعية لاعتمادها المفرط على فئاتٍ تحليليةٍ “راسخةٍ” ظاهريًا (العرق أو الجنس أو الطبقة)، ما يمكن أن يفوّت عليها أشكالًا أخرى من أوجه القمع المتقاطعة التي لا تدور في محورٍ محدّدٍ بهذا الوضوح، وإنّما تتشكّل بفعل عوامل كالزمان والمكان.
سرعان ما أصبح المصطلح كلمةً طنّانة، ومفهومًا مفيدًا للممارسين/ الممارسات والأكاديميين/ الأكاديميات والاختصاصيين/ الاختصاصيات وغير الاختصاصيين/ غير الاختصاصيات. المصطلح مستخدَمٌ في أوساط النسويين/ النسويات والناشطين/ الناشطات في بيروت وفي النتاجات الأكاديمية. لكن، يمكن أن يكون مدلوله غير ملائمٍ أحيانًا، فغالبًا ما يأتي مثلًا تناول المسألة التقاطعية للتفرقة العنصرية والجندرية ضدّ النساء المهاجرات في بيروت على حساب العمل بوصفه ديناميةً متقاطعة أساسية في حياة هؤلاء النساء.
وقد نُقل الاستخدام السائد للمقاربة التقاطعية لتناول النوع الاجتماعي والعرق والطبقة إلى منظومة الأمم المتحدة. ودعت تقارير المنظّمة الدولية مؤخّرًا إلى ضرورة النظر في الأبعاد المتّصلة بالنوع الاجتماعي للتفرقة العنصرية، واتّباع مقاربةٍ تقاطعيةٍ في تناول العنف ضدّ المرأة. على الرغم من ذلك، يمكن أن تؤدي “ثقافة المؤشرات” السائدة في الأمم المتحدة، بتبسيطها الروابط المعقَّدة وفشلها في تسليط الضوء على الأسباب الهيكلية المؤدية إلى العنف، إلى تشويه تجارب النساء. ويخشى بعض منتقدي هذا المفهوم أنّ الأخير، في حال استُخدم كمصطلحٍ جامعٍ يشمل قضايا كثيرةً وفي سياقاتٍ مختلفةٍ عديدة، قد يفوّت فرصة هدم فئتي تعيين الهوية والسلطة، لا بل قد يعيد التأكيد عليهما. ويُعدّ التركيز على تحليل تجارب الجماعات الموصوفة بأنّها “هامشية” أو “أقلياتٍ” وسيلةً لإعادة إنتاج أفكار النظرية الجوهرية بشأن هذه الهويات. مثلًا، تُمسي “المرأة المسلمة” فئةً عامة متماسكة على الرغم من أنّ فئةً كهذه تشمل الملايين من النساء، تختلف ظروفهنّ المعيشية التي يستحيل تعميمها.