قاموس الجندر ثنائي اللغة
الصحة/ الحقوق الإنجابية

بصورة عامة، تشمل الصحة الإنجابية القدرة على اختيار أوان إنجاب الأطفال أو عدم إنجاب الأطفال أساسًا، والحصول على الرعاية الصحية الإنجابية، بما في ذلك منع الحمل والإجهاض الآمن والرعاية قبل الولادة ورعاية التوليد والحصول على المعلومات. وقد رُسمت الخطوط العريضة للصحة والحقوق الجنسية والإنجابية كفرعٍ من فروع حقوق الإنسان في مؤتمر الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان الذي عُقد في القاهرة في العام 1968. انتشر مصطلح “الصحة الإنجابية” بمعناه الحديث سريعًا عبر قنوات الأمم المتحدة وعبر المنظمات غير الحكومية عبر الوطنية. وطوّرت مؤسسات تنظيم الأسرة وحركات ومجموعات الدفاع عن صحة المرأة ومنظمة الصحة العالمية هذا المفهوم الذي بات تعريفه يشمل “حقّ جميع البشر في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإنجاب بعيدًا عن التفرقة والإكراه والعنف”(1). وكان إدراج الحقوق الإنجابية في إطار حق المرأة في تقرير مصيرها(2) تقدّميًا من حيث تصنيفه لوفيات الأمهات كانتهاك لحقوق الإنسان، وتشديده على الحق في تنظيم الأسرة، واعتبار العجز عن الحصول على وسائل منع الحمل كشكل من أشكال التفرقة.

 

أدّت التفاعلات المحلية مع المصطلح والبرنامج الذي يطرحه إلى صياغة مصطلح “العدالة الإنجابية” الذي نحتته في ثمانينيات القرن العشرين نساء الشعوب الأصلية والنساء ذوات البشرة الملوّنة في الولايات المتحدة(3). ويُبرز هذا المصطلح رغبةً في فضح حدود مفهوم “الخيار” الذي أنتجته الطبقة الوسطى الليبرالية البيضاء، ويشدّد على عدم المساواة البنيوي الذي يمنع بعض النساء حتى من قدرة امتلاك “خيار” أساسًا، وذلك بسبب التفرقة الطبقية أو عدم المساواة على أساسٍ عرقي(4) (انظر تعريف التقاطعية والعدالة الاجتماعية). ويهدف استخدام مصطلح “العدالة” أيضًا إلى محاسبة مختلف الحكومات الأميركية الشمالية والأوروبية على أفعالٍ مثل التعقيم القسري الذي كان ممارسةً شائعةً ضدّ الأقليات كالنساء من الشعوب الأصلية في الولايات المتحدة، والروم (الغجر) في أوروبا(5)، وضدّ النساء الإثيوبيات في إسرائيل اليوم وضدّ النساء ذوات الاحتياجات الخاصة حول العالم. ومن بين الأنشطة المحلية الهادفة إلى إعادة صياغة الصحة الإنجابية إدخال مفهوم الكرامة إلى مختلف نواحي الصحة الإنجابية على سبيل المثال، كما حاجج بعض الاختصاصيين الذين درسوا المواقف تجاه الرعاية الإنجابية في بيروت، لبنان(6).

 

بالإضافة إلى ذلك، تختلف النسويات حول ملاءمة هذا المصطلح والبرنامج الذي يطرحه، بما في ذلك مسألة استخدام مفهوم “الحقوق” الإنجابية بدلًا من مفهوم “الصحة” الإنجابية الأكثر شمولًا(7). فالمفهوم الأول يشدّد على المسائل المتعلّقة بالصحة كحق ينبغي أن تؤمّنه الدولة ومؤسساتها، فيما لا يشمل المفهوم الثاني المحاسبة بل قد يهمل أيضًا الحقوق الفردية للنساء(8). ويبرز النقاش عينه في ما يتعلّق بمفهومي الحقوق الجنسية والصّحة الجنسية؛ فالنسويات قد يفضّلن استخدام مصطلح الحقوق الجنسية، فيما تفضّل المؤسسات الرسمية مصطلح الصحة الجنسية الأكثر “حيادية”.

 

وفي لبنان، يبدو أنّ عددًا من النساء يفضّل استخدام مصطلح “الصحة النسائية” بدلًا من مصطلح “الصحة الإنجابية”. وكشفت إحدى الدراسات(9) أنّ النساء يفهمن الصحة الإنجابية في سياق مجتمعٍ بطريركي، وبالتالي في ظلّ علاقات قوةٍ غير متكافئة. ويعني ذلك أنّه غالبًا ما يُنظر إلى الإنجاب كواجب ومحرّك للمكانة الاجتماعية والاقتصادية، ما يحدّد قرارات النساء الإنجابية وسلوكياتهنّ الجنسية. علاوةً على ذلك، لا يزال الإجهاض غير قانوني، وبالتالي غالبًا ما يُمارس في ظروف غير آمنة(10). وتعمل المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية المحلية في لبنان بشكلٍ أساسي على الحدّ من وفيات الأمهات والإصابات المنقولة جنسيًا وتنظيم الأسرة(11)، مع التركيز على الجوانب الطبية للصحة الإنجابية والجنسية، بقدرٍ أقلّ بكثيرٍ من الاهتمام بحقّ المرأة في اختيار أوان إنجاب الأطفال أو عدم الإنجاب، بمعزلٍ عن الضغوط الاجتماعية أو العائلية، وحقّها في التحكّم بجسمها ورغباتها وخياراتها الجنسية.