قاموس الجندر ثنائي اللغة
الهوية الجندرية المعيارية

 

الهوية الجندرية المعيارية مصطلحٌ جديد نسبيًا لم يَشِع إلّا في السنوات العشرين الماضية. وهكذا، يكون التعريف السائد بالهوية الجندرية المعيارية على النحو الآتي: ذو الهوية الجندرية المعيارية شخصٌ تطابق هويته/ هويتها الجندرية الجنس الذي عُيّن له/ لها عند الولادة. وهذا يعني أنّ شخصًا وُلد أنثى ويرى نفسه كذلك هو شخصٌ ذو هوية جندرية معيارية. ويُستبدل المصطلح أحيانًا بمصطلح “الهوية الجنسية المعيارية” الذي يشير تحديدًا إلى هوية المرء الجنسية المطابقة لـ“مورفولوجيته” البيولوجية(1). ولكلمة “cis” (معياري) أصل لاتيني يعني “الجانب نفسه”، في حين تعني كلمة “trans” (متحوّل) بأصلها اللاتيني “الجانب المعاكس”. وتجدر الإشارة إلى أنّ المصطلح استُخدم للمرة الأولى في بحثٍ أعدّه عالم النفس الألماني فولكمار سيغوش في العام 1991، ثمّ شاع استخدامه في الخطاب السائد في الولايات المتحدة(2)، ولم يُضف إلى قاموس أكسفورد حتى العام (3)2015.

 

والسلطة السياسية، في استخدامها هذا المصطلح كفئةٍ من فئات الهوية بالنسبة إلى غالبية السكان، تكشف الامتياز المتأصّل وغير البادي للعيان إلى حدٍ كبير، المتمثّل بامتلاك هويةٍ وهيئةٍ جندريتين معياريتين. غالبًا ما تبقى مواقع الامتياز من دون أن تُسمّى، وتمسي بالتالي طبيعية وشفافة. وتشمل امتيازات حيازة هوية جندرية معيارية على سبيل المثال الاستفادة من عددٍ من الخدمات والمساحات، كالحمامات العامة، من دون أن يحيق بك خطر الاستجواب أو المراقبة. ومن الامتيازات أيضًا عبور نقاط التفتيش مع احتمالٍ أقلّ بأن يتمّ اعتقالك بسبب المظهر الجندري غير المعياري أو عدم تطابق الجنس المذكور على بطاقة الهوية مع تقديم الذات القائم على النوع الاجتماعي. ويطرح قضاء حياةٍ يومية في لبنان بالنسبة إلى المرأة المتحوّلة* على نحوٍ بادٍ للعيان خطرًا أكبر مقارنةً بالأشخاص ذوي المظهر الجندري المعياري (ذوي الهوية الجندرية المعيارية). ويكمن جزءٌ من هذه الصعوبة في حقيقة أنّ هؤلاء النساء أكثر تعرّضًا للمضايقات والاستجوابات، تحديدًا بسبب هويتهنّ وتقديمهنّ لذواتهن اللذين يعكسان تحوّلهنّ الجنسي(4).ويقع هذا النوع من المراقبة، معطوفًا على غياب “الامتياز الناجم عن الهوية الجندرية المعيارية”، في خانة الأنماط الواسعة النطاق للمراقبة التي تمارسها الشرطة على الأنواع الاجتماعية والجنسانيات غير المعياريّة (انظر تعريفات النوع الاجتماعي والجنس وغشاء البكارة).

 

وعلى الرغم من التدخّل السياسي المهمّ الذي يضطلع به المصطلح في تسمية المعيار وتحديده، إلّا أنّه موضع انتقاد لتكوينه ثنائية متماسكة زورًا بين المتحوّلين* وغير المتحوّلين*. علاوةً على ذلك، انتُقد المصطلح بوصفه تكرارًا للثنائية الجندرية، ولإعادة تأكيده على المواقف القائمة على النظرية الجوهرانية، وذلك من خلال البناء على الافتراض بأنّ هوية المرء الجندرية يمكن أن تكون ثابتة ومستقرّة ومتماسكة (بمعنى أنّ الشخص يحتلّ موقعًا جندريًا معياريًا لم يتغيّر منذ ولادته)، بعكس حقيقة أنّ نوعه الاجتماعي هو نتيجة الممارسات المُجَسَّدة الأدائية التي تتشكّل وفقًا للطبقة والعرق ومجموعةٍ من العوامل الزمنية. بهذا المعنى، تعمل الثنائية القائمة بين متحوّل/ متحولةٍ جنسيًا وذي/ ذات هوية جندرية معيارية على غرار الثنائية القائمة بين الغَيري/ الغيرية والمثلي/ المثلية. وفي حين أنّه من المهمّ سياسيًا معالجة التهميش والعنف المُرتبط به الذي يستهدف الآخر عبر جعل المعيار محدّدًا، قد يؤدّي الزخم عينه إلى محو عددٍ كبير من التعبيرات التي تقع بين طرفَي ثنائيةٍ يُزعم أنّها متماسكة.

 

ويظلّ المصطلح غير مستخدَمٍ نسبيًا في الأوساط اللبنانية السائدة المعنية بالقضايا الجندرية، وربما يعود ذلك إلى حقيقة أنّ قضايا المتحوّلين/ المتحولات* ونشاطهم/ نشاطهن ومجتمعاتهم/ مجتمعاتهن غير منظّمة كما هي عليه في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية(5).وغالبًا ما يستخدم الأشخاص المتحوّلون جنسيًا – الذين يعتمدون تسمية “المتحوّل” و“المتحوّل جنسيًا” و“شيميل/elamehs” و“لايدي بوي/yobydal” عند الحديث عن أنفسهم أو عن الآخرين – كلمة “طبيعي” لوصف شخصٍ غير متحوّل، ويستخدمون في بعض الحالات أيضًا كلمة “قويم” لإيصال المعنى نفسه (كما هو الحال في الهوية الجندرية المعيارية، لا في التوجّه الجنسي فحسب). وعلى الرغم من ذلك، يشير بعض استخدامات المصطلح المحلية في أوساط الناشطين/ الناشطات إلى تغييرٍ في المعنى، حيث يُستخدم مصطلح “الهوية الجندرية المعيارية” كعبارة تحقيرية عند الإشارة إلى المرأة الأنثى القويمة التي تُظهِرُ عرضًا جندريًا “معياريًا”.