موجز تحليل النزاعات، أيار/ مايو ٢.١٥ تجزئة المساحات وارتفاع معدالت الفقر: سياق النزاع في صيدا
يتألف موجز تحليل النزاعات من:
أ- اتجاهات النزاعات الحالية
1- لمحة عامة عن حوادث النزاعات الممسوحة في لبنان بين تموز/ يوليو ٢٠١٤ وآذار/ مارس ٢٠١٥
2 - انتهاكات المجال الجوي وسواها من الحوادث المصنفة كنزاعات حدودية عند الحدود الإسرائيلية بين تموز/ يوليو ٢٠١٤ وآذار/ مارس٢٠١٥ التي تم مسحها، مع التركيز على تصاعد التوتر على الحدود الإسرائيلية في خلال الأسبوع الأخير من كانون الثاني/ يناير ٢٠١٥
3 - الغارات الجوية، والإشتباكات/ النزاعات المسلحة، الممسوحة والمصنفة كنزاعات عند الحدود السورية
4 - نسبة النزاعات على السلطة والحكم، وأعمال العنف الفردية الممسوحة بين تموز/ يوليو ٢٠١٤ وآذار/ مارس ٢٠١٥

ب- تقرير مواضيعي موجز
تجزئة المساحات وارتفاع معدالت الفقر: سياق النزاع في صيدا
ملخّص:
يوفر هذا التقرير الوجز ملخصا سياقيا وتحليليا للنزاع في منطقة صيدا، جنوب لبنان، مع التركيز على النزاع على المساحات وارتفاع معدلات الفقر. والواقع أن هذا التقرير يسعى إلى وصف الفاعلين الأساسيين في النزاع، وكيف ساهموا تاريخيا في تحديد ملامح ديناميات النزاع في صيدا منذ الخمسينات وحتى اليوم. وقد سلطت النتائج التي توصل إليها التقرير على أنه بينما يشكل خطرالإسلام الراديكالي محورالإهتمام الذي يبديه أغلبية المراقبين ووسائل الإعلام، يعتبر الأطراف الفاعلون والفاعلون الإجتماعيون في مدينة صيدا أن أكثر التهديدات إلحاحا ترتبط بشكل خاص بالعواملالإجتماعية، بما فيها الكثافة السكانية، وتجزئة المساحات، وارتفاع معدلات الفقر.

هذا التقرير متاح باللغتين العربية والإنجليزية.

موجز تحليل النزاعات، أيار/ مايو 2015

لمحة عن مشروع» مسح النزاعات وتحليلها«

مشروع «مسح النزاعات وتحليلها » هو مبادرة أطلقها مركز «دعم لبنان » بالتعاون مع «مشروع بناء السلام » التابع ل «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ». ويهدفهذا المشروع، الذي يتولى مركز «دعم لبنان » تنفيذه وتطويره، إلى توفير بيانات دقيقة ومعلومات ذات صلة بشأن المناطق أو الفاعلين المشتركين في النزاعات،لمختلف الشركاء المنخرطين في أنشطة بناء السلام، والأنشطة الإنسانية والمحافِظة على الإستقرار في البلاد. إلى ذلك، يقدِّم المشروع فهما متطوِّرا، ومحايدا، وواقعياللآليات غير الظاهرة، التي تسيّ النزاعات المراقَبة. كما يقدِّم المشروع فهما للنسيج الإجتماعي المحدَّد الكامن وراء هذه النزاعات، بالإضافة إلى حقول الألغام السياسية،والفرص المتاحة للقيام بعمل إيجابي.

وينطوي هذا المشروع على مكوِّنَ يْ أساسيَّ يْ، هما:

1. خريطة النزاعات، التي يتم من خلالها تتبع الحوادث - سواء بين المجموعات المسلَّحة، أو الكيانات الحكومية، أو على المستويات الفردية - والاحتجاجات، وعملياتالتعبئة، إلى جانب النزاعات الناشبة على الحدود، لتبيان أمكنة حصولها في كافة أرجاء لبنان. إلى ذلك، يعمل فريق من الخبراء والباحثين باستمرار على تحديثالخارطة هذه، عبر التحقق من صحة البيانات ومقاطعتها مع مصادر متعددة. ويجري ترتيب الحوادث تبعا لتصنيف نموذجي للنزاعات، الذي، وإلى جانب عدد منالمرشحات / «فلاتر » البحث الإضافية )مثلا فئات الحوادث(، يمكِّن المستخدمين من الوصول إلى المعلومات الأكثر صلة بما يقومون به من برامج/ بحوث.

2. تحليل النزاعات - يضفي تحليل النزاعات عنصرا نوعيا على المشروع، إذ يتم في إطار هذا التحليل بالتحديد تحليل ديناميات النزاع والإتجاهات المعينة، مع مختلفالنتائج التي يعمل على إنتاجها بانتظام، وتسليط الضوء في كل مرة على منطقة جغرافية معيَّنة أو نوع محدد من النزاعات.

وبينما لا يُنظر بعد إلى عملية وضع نماذج للنزاعات على أنها علم دقيق، يعتمد هذا المشروع على فريق متعدِّد الإختصاصات، يتخطى العوامل الكمية والبياناتالإحصائية البحتة )التي أظهرت في العقود الماضية، وفي إطار اختبارات أخرى في سياقات مختلفة، محدوديتها في ما خص مثلا تحديد نقطة التحول في أعمال العنف(. ويسعى هذا المشروع، بالإستناد إلى عمل ميداني إثنوغرافي، إلى توفير نظرة معمقة عن الديناميات الإجتماعية، والإقتصادية، والسياسية في لبنان اليوم، التي يمكناعتبارها عوامل مؤاتية لنشوب النزاعات.

ومع الوقت، يتيح نظام المعلومات والتحليل هذا إمكانية تحديد الإتجاهات في التوترات والنزاعات، كما يوفر فرصة لفهم الأسباب الكامنة وراء التوترات والنزاعاتالناشئة، وذلك بغية تحديد التدخلات وفقا للإحتياجات الناشئة، وتحسين التنسيق بين الفاعلين في مجال العمل الإنساني والتنمية في لبنان. ويشكّل هذا النظام بشكل أساسيأداة للتفكير لصانعي السياسات، والباحثين، وسواهم من الخبراء، لكي تكون عملية صنع السياسات، والتدابير العامة المتخذة في لبنان، مستنيرة بشكل أفضل.

يتألَّف موجز تحليل النزاعات من:

1. اتجاهات النزاعات الحالية - ص. ٧

-1 لمحة عامة عن حوادث النزاعات الممسوحة في لبنان بين تموز/ يوليو ٢٠١٤ وآذار/ مارس ٢٠١٥

-2 انتهاكات المجال الجوي وسواها من الحوادث المصنَّفة كنزاعات حدودية )عند الحدود الإسرائيلية( بين تموز/ يوليو ٢٠١٤ وآذار/ مارس ٢٠١٥ التي تممسحها، مع التركيز على تصاعد التوتر على الحدود الإسرائيلية في خلال الأسبوع الأخير من كانون الثاني/ يناير ٢٠١٥

-3 الغارات الجوية، والإشتباكات/ النزاعات المسلَّحة، الممسوحة والمصنَّفة كنزاعات عند الحدود السورية

-4 نسبة النزاعات على السلطة والحكم، وأعمال العنف الفردية الممسوحة بين تموز/ يوليو ٢٠١٤ وآذار/ مارس ٢٠١٥

11. تقرير مواضيعي موجز - ص. ١١

تجزئة المساحات وارتفاع معدلات الفقر: سياق النزاع في صيدا

. 1اتجاهات النزاعات الحالية

  1. لمحة عامة عن حوادث النزاعات الممسوحة في لبنان

بين تموز/ يوليو ٢٠١٤ وآذار/ مارس ٢٠١٥

يظهر الرسم البياني أعلاه تقلبات الحوادث المرتبطة بالنزاعات التي تم الإبلاغ عنها ومسحها بين تموز/ يوليو 2014 وآذار/ مارس 2014 . والتصنيفالنموذجي أعلاه، المُستخدم لترتيب الحوادث الأمنية، ناجم عن تحليل الحوادث الحاصلة، وقد تمت بلورته في المراحل الأولى من المشروع. ويوفِّر هذا الرسمالبياني لمحةً عامة عن الحوادث الممسوحة منذ البدء بجمع البيانات. كما يكشف أن النزاعات المرتبطة بالتمييز الإجتماعي، وبالتنمية الإجتماعية - الإقتصادية،شكلت العدد الأقل من النزاعات المبلَّغ عنها، وبالتالي فإنها الأقل ظهورا في المسح مقارنة بنزاعات ذات طبيعة مختلفة، عملت وسائل الإعلام والمنظمات غيرالحكومية على تتبعها بشكل أدق في تقاريرها وتقديراتها الأولية. وعليه، ينبغي أخذ هذه الشائبة بعين الإعتبار لدى النظر في خريطة النزاعات. وفي الغالب،تشمل النزاعات المرتبطة بالتمييز الإجتماعي المبيَّنة على الخريطة حظر التجول الذي تنفذه البلديات، إلى جانب التدابير التي تتخذها الدولة بحق الفئاتالسكانية الضعيفة، مثال عمليات التوقيف والترحيل. كما ضمت التدابير الجماعية كالإحتجاجات، أو الإعتصامات التضامنية. من جهة أخرى، تنطويالنزاعات المرتبطة بالتنمية الإجتماعية-الإقتصادية في الغالب على الإجراءات الجماعية، مثال تحركات عمال مؤسسة كهرباء لبنان.

-2 انتهاكات المجال الجوي وسواها من الحوادث المصنَّفة كنزاعات حدودية )عند الحدود الإسرائيلية( بين تموز/ يوليو ٢٠١٤ وآذار/ مارس ٢٠١٥ التي تم مسحها، مع التركيز على تصاعد

التوتر على الحدود الإسرائيلية في خلال الأسبوع الأخير من كانون الثاني/ يناير 2015

وقد غدت الإنتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للمجال الجوي اللبناني، الحاصلة بوتيرة مرتفعة، أشبه بخرق إسرائيلي مألوف للسيادة اللبنانية. غير أنه من الممكنملاحظة مراحل محدَّدة من حالات التوتر ضمن هذه الإنتهاكات بالتحديد. ويسجل الرسمَن البيانيّان أعلاه توترا واضحا في كانون الثاني/ يناير 2015 ، ناجماعن مواجهات متقطِّعة بين القوات الإسرائيلية المسلحة و »حزب الله »، وبشكل أكثر تحديدا مع «مجموعة شهداء القنيطرة »، التي ظهرت غداة هجمات على«حزب الله » وحلفائه في سوريا. إلى ذلك، لقد كان تصاعد التوتر جليا خلال الأسبوع الأخير من كانون الثاني/ يناير 2015 عبر اللجوء إلى المدفعية الثقليةوعمليات القصف على جانبي الحدود، بالإضافة إلى الإشتباكات المسلحة. وقد توافق هذا التوتر مع التعزيزات العسكرية المرافقة للإنتخابات البرلمانية التيجرت في شهر آذار/ مارس 2015 في اسرائيل، بما من شأنه تقديم فهم أوضح لتصاعد العدوانية في المواقف المعتمدة.

-3 الغارات الجوية، والإشتباكات/ النزاعات المسلَّحة، الممسوحة والمصنَّفة كنزاعات عند

الحدود السورية

شهدت الفترة الممتدَّة بين تموز/ يوليو 2014 ، وآذار/ مارس 2015 استمرارا للحوادث المسجَّلة وزيادة في عددها، إذ تراوحت هذه الأخيرة بين انتهاكاتللسيادة) كالانتهاكات البرية وانتهاكات المجال الجوي، وعبور الحدود البرية(، وأعمال عدوانية )كغارات جوية واشتباكات/ نزاعات مسلَّحة(. وفي ما يتعلقبخروقات السيادة، يبدو أن محاولات التسلُّل تطورت من الخروقات الجوية لتأخذ شكل خروقات برية. وبينما يُثبت ذلك سهولة اختراق الحدود اللبنانيةوضعفها، يشكل هذا الامر أيضا مؤ شِّا على الخروقات الأمنية، وهي مسألة ينبغي على السلطات اللبنانية مواجهتها ومعالجتها.

-4 نسبة النزاعات على السلطة والحكم، وأعمال العنف الفردية الممسوحة

بين تموز/ يوليو 2014 وآذار/ مارس 2015

في إطار التصنيف النموذجي الذي اعتمدناه للنزاعات، تشير أعمال العنف الفردية إلى الحوادث الأمنية التي تفتقر إلى أجندة سياسية محدَّدة، إلا أن عواملهيكلية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، انتشار الأسلحة، وغياب الفعالية القضائية، وغياب المساءلة، تساهم في حصولها. من جهة أخرى، ترتبطالنزاعات التي صنِّفت على أنها نزاعات على السلطة والحكم بالتوترات السياسية الداخلية الحاصلة بين مجموعات محلية و/ أو وطنية وأحزاب، وتتسمبمجابهة هذه الأطراف و/ أو معارضتهم لسلطة الدولة المركزية وحكمها. وبالتالي، يمكننا الإقرار بوجود رابط بين نوعَي النزاع السابقيّ الذِّكر، نظرا إلى أنالحوادث، مثال الإتجار غير المشروع، وتهريب الأسلحة، والتفجيرات )أعمال عنف فردية( - حتى عندما يشارك فيها فاعلون تحركهم حوافز وانتماءات غيرسياسية - تعكس الإتجاه المتمثِّل بتحدي سلطة الدولة، والإستفادة من تصاعد الإضطرابات والتوترات الأمنية من أجل الإقدام على أنشطة غير مشروعة. ويبدوذلك جليا بنوع خاص في حالة منطقة البقاع، حيث يبدو أن الحوادث المصنَّفة في الوقت عينه على أنها أعمال عنف فردية ونزاع على الحكم والسلطة، تحصلفي سياق من الإشتباكات المتواصلة في عرسال وجوارها وبعلبك )بالإستناد إلى البيانات الخاصة بخريطة النزاع التي تم تتبعها حتى تاريخ كتابة هذا الموجز(. وتشمل المناطق الأخرى المشابهة: مخيم عين الحلوة، وطرابلس- لا سيما التبانة -. فلا عجب إذا أن نرى، على المستوى الوطني، تصاعد المعارضة في وجهسلطة الدولة في بيئة تتسم بحالة «السلم الأهلي البارد »، وهي العبارة التي استخدمها محلِّلون لوصف لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية في العام 1990 .

2- تقرير مواضيعي موجز

تجزئة المساحات وارتفاع معدلات الفقر: سياق النزاع في صيدا 1

ملخص عن التقرير

يوفر هذا التقرير الموجز ملخصا سياقيا وتحليليا للنزاع في منطقة صيدا، جنوبي لبنان، مع التركيز على النزاع على المساحات وارتفاع معدلات الفقر. والواقع أن هذا التقرير يسعى إلى وصف الفاعلين الأساسيين في النزاع، وكيف ساهموا تاريخيا في تحديد ملامح ديناميات النزاع في صيدا منذ الخمسيناتوحتى اليوم. وقد سلطت النتائج التي توصل إليها التقرير على أنه بينما يشكل خطر الإسلام الراديكالي محور الإهتمام الذي يبديه أغلبية المراقبين ووسائلالإعلام، يعتبر الأطراف الفاعلون والفاعلون الإجتماعيون في مدينة صيدا أن أكثر التهديدات إلحاحا ترتبط بشكل خاص بالعوامل الإجتماعية، بما فيها الكثافة السكانية، وتجزئة المساحات، وارتفاع معدلات الفقر.

لمحة عن السياق في صيدا

تحدِّد المجريات المحلية والإقليمية بنية صيدا الديمغرافية. وشكّل استقرار الجيل الأول من اللاجئين الفلسطينيين في صيدا قبل سبعين عاما، وازدياد تأثيرحركة » فتح« على المدينة منذ أربعين عاما؛ والإجتياح الإسرائيلي للمدينة الذي امتد على ثلاث سنوات قبل ثلاثين عاما؛ والحرب الأهلية الدائرة في سورياالمجاورة، عوامل ساهمت في تحديد ملامح المدينة الفريدة من نوعها. وتشكل مدينة صيدا اليوم تجمعا مُدُنيا مؤلفا من حوالى 260,000 نسمة 2 ، علما أنثلثي هؤلاء السكان هم من اللاجئين، أو متحدرين من لاجئين نزحوا إما من فلسطين أو سوريا.

وفي ظل الظروف هذه، يتسم المشهد المحلي في المدينة إلى حد بعيد باختلاط بين اللبنانيين والفلسطينيين. فمثلا، يقدر أن أكثر من % 60 من العائلات التيتعيش في صيدا هي من أصول فلسطينية، أو من أصول لبنانية وفلسطينية مختلطة 3. والجدير ذكره أن مخيميّ عين الحلوة والمية ومية، الواقعَين جنوبشرق المدينة على أولى منحدرات ساحل جزين، متلاصقَان ومتداخلان، بما يشكل بالتالي امتدادا مُدنيا لصيدا. وتقدر «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيلاللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى » )الأونروا( أن حوالى 90,000 مواطن فلسطيني يعيشون في صيدا، علما أن ثلثي هؤلاء يعيشون في المخيماتوالثلث الآخر في المدينة القديمة 4.والجدير ذكره أن معظم السكان الفلسطينيين القاطنين في صيدا نزحوا من الجليل الأعلى )الذي يبعد بين 50 و 70 كم عنجنوب لبنان(، وبشكل خاص من محيط مدينة صفد )أي مثلا من قرى الرأس الأحمر، والصفصاف، وطيطبا(.

وازداد الإختلاط بين الفئات السكانية في السنوات الأخيرة بسبب وصول اللاجئين 5 الوافدين من سوريا. وفي نهاية شهر آذار/ مارس، ، قدرت «المفوضيةالسامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين » عدد اللاجئين في منطقة صيدا وحدها ب 50,147 لاجئا، من بينهم أكثر 11,250 عائلة. ويشكِّل اللاجئون فيصيدا % 4.3 من إجمالي عدد اللاجئين المسجَّلين للإستفادة من خدمات» المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين 6 «.

المنهجية المعتمدة

يستند التقرير الموجز هذا إلى تقييم اجتماعي اقتصادي نوعي، وعلى تحليل النزاع القائم بدوره أولا على تحليل سياسي وتاريخي، كما على تجارب المجيبين الرئيسيين الفردية ووجهات نظرهم. تم العمل الميداني في صيدا وبيروت، بين 18 شباط/ فبراير و 31 آذار/ مارس 2015 ، وشمل حوالي ثلاثين شخصابين فاعلين ومجيبين. إلى ذلك، أجريت جولة أخرى من العمل الميداني في مطلع شهر أيار/ مايو من أجل التحقق من البيانات ومقاطعتها مع مصادر أخرى. وقد اشتمل هذا البحث النوعي على حوالى 25 مقابلة فردية متعمّقة مع شخصيات دينية، ومثقفين، وممثلين عن المنظمات غير الحكومية، وأعضاء حاليين أوسابقين في السلطات المحلية، وأخيرا سكان محليين، من اللاجئين واللبنانيين على حد سواء.

وتجدر الإشارة إلى أن أسماء المجيبين بقيت طي الكتمان، إذ لم يتم الكشف عن أي منها توخيا لحماية المشاركين في البحث. وفي الختام، لا بد من القول إنعملية وضع اللمسات الأخيرة على هذا التقرير أخذت بعين الإعتبار آراء خبراء محليين، ومسؤولين في منظمة «الأمم المتحدة » خلال شهرَي نيسان/ ابريلوأيار/ مايو.2015

نسيج اجتماعي معقَّد

يبدو التنوع المحلي جليا ضمن تركيبة صيدا الدينية: فاليوم، يمثِّل السُّنة ثلثي السكان القاطنين في مدينة صيدا، في حين يشكل الشيعة والمسيحيون )من الروم الكاثوليك والموارنة بنسب شبه متساوية 7( على التوالي % 30 و% 5 من إجمالي السكان.

وصحيح أن الطائفة السنية هي الأكبر في المدينة، إلا أنها ايضا الأكثر تفككا وانقساما. فعلى أرض الواقع، لا يسيطر المفتي إلا على عدد قليل من المساجدضمن مجتمعه المحلي، في حين يحظى الأئمة باستقلالية تامة في خطاباتهم، التي تعكس انجذاباتهم الإيديولوجية، وعلاقاتهم السياسية 8.

ويشهد المجتمع الشيعي أيضا انقاسامات سياسية، على الرغم من أنه يبدو أكثر تنظيما من نظيره السني، إذ إنه ينضوي تحت لواء عدد محدود من الولاءاتالقوية والنافذة. ويذكر أن هذه الولاءات تتمحور في المقام الأول حول قطبين ترقى جذورهما إلى النظام الميليشوي المستشري خلال الحرب الأهلية، وهما »حركة أمل «و »حزب الله. « إلى ذلك، تتنظم هذه الولاءات حول عدد قليل من العائلات ذات المكانة المرموقة تقليديا على المستوى المحلي ) آل الأسعدوآل عسيران(، والمرتبطة بالحزبين الشيعيين الأساسيين، عبر تبديل علاقات التبعية والإتفاق، وحتى الولاءات بالنسبة إلى البعض.

ويتعزز هذا التنوع بفعل التشكيلات والتركيبات السياسية المختلفة. ففي العام 1985 ، وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من مدينة صيدا، الذي تلاه أيضاانسحاب» القوات اللبنانية « من ضواحي المدينة الشرقية، كان على عائلات صيدا ذات المكانة المرموقة تقليديا مواجهة بروز فاعلين سياسيين جدد أفرزتهمساحات المعارك هم: »حركة أمل «و »حزب الله « و »الجماعة الإسلامية «، ورفيق الحريري 9. ومنذ ذلك الحين، تطورت الساحة السياسية وفقا للتقلباتالتي شهدتها المصالح والتحالفات، المحلية منها والوطنية.

مجتمع يصارع ارتفاع معدلات الفقر

على الرغم من أن مدينة صيدا تشكل المركز الإداري للمحافظة والقضاء، إلا أن قربها من العاصمة جعلها تواجه صعوبات اقتصادية. وقد أدى ذلك خلالالقرن المنصرم إلى انتقال عائلات صيدا إلى بيروت، بحثا عما تقدمه العاصمة من فرص اقتصادية، وديناميات، ومرفأ حديث ببناه التحتية، ورسوم جمركيةمؤاتية 10. واليوم، لا يسع مدينة صيدا أن تدعي أنها تحتضن أي تطور صناعي أو اقتصادي، باستثناء قطاع الأغذية الزراعية. فصناعاتها مازالت حرفيةبشكل أساسي، ولا تتمتع بالتالي بأي قدرة تنافسية على المستوى الإقتصادي 11 . لذا، تبقى المدينة قبل كل شيء سوقا، ومركزا إداريا محليا يستخدم عدداملحوظا من الموظفين الحكوميين 12 . وحتى قطاع الصيد الأسماك لم يشهد أي ازدهار، إذ بقي يدر مداخيل متدنية، كما عانى في السنوات الأخيرة منمصادر التلوث العديدة المتواجدة بشكل كبير على طول الشاطئ 13 .

«على الرغم من أن مدينة صيدا تشكل المركز الإداري

للمحافظة والقضاء، إلا أن قربها من العاصمة جعلها تواجه

صعوبات اقتصادية. »

القطاع الوحيد الذي بدا ديناميا بعض الشيء هو قطاع البناء والأشغال العامة.

لكن تبقى هذه الدينامية وهما على مستوى التنمية البشرية. فأنشطة البناء تولد مروحة واسعة من الآثار الخارجية، التي ينجم عنها في أغلب الاحيان عواقبغير مؤاتية 14 ، شأنها في ذلك شأن الآليات الإقتصادية الوطنية الخاصة بهذا القطاع بالتحديد. وتمثل هذه العوامل الخارجية الجانبية تحديا أمام التنميةالمستدامة، وترخي بثقلها على جميع الفئات السكانية. ولعل المشكلة الأساسية التي تعاني منها عملية استخدام الأراضي للتنمية العقارية تتمثل بعدم قيامالسلطات المحلية والمُشرِفة بسن تشريعات ملزمة ووضع رؤية استراتيجية، على الأقل لجهة التخطيط والتنمية. وتفتح هذه الممارسات بالتحديد المجال واسعاأمام المضاربة العقارية والتدابير المتخَّذة من قبل أصحاب الأملاك، ما يؤدي إلى استئثار مقاولي البناء ومالكي الاراضي بالمنافع المالية. ولما كانت هذهالوقائع لتطرح أي إشكالية لو كانت إدارة المناطق المُدنية وعمليات التخطيط المدني، وجودة الحياة الناجمة عنها تعود بالفائدة على كافة الفئات السكانيةالمحلية. إلا أن احتكار المطوِّرين العقاريين تنمية المناطق المُدنية، وما ينجم عنه من شيوع منطق الربح الإقتصادي والتجاري، يعيق بناء مساكن وأحياءسكنية معقولة الكلفة للمجتمعات المحلية الضعيفة.

ولكن، وبالنظر إلى المسائل المرتبطة بالصحة أو وسائل النقل فقط، يتبين لنا أن التكلفة الإجتماعية الناجمة عن عملية البناء غير المدروسة والانتقائية باهظةفعلا، مثل أثر مستويات التلوث المرتفعة على جودة الحياة.وتكون الآثار العكسية المتأتية عن هذا النوع من عمليات البناء أشد وطأة على أكثر الفئات السكانيةضعفا. وعليه، لا شك في أن غياب الرؤية الإستراتيجية الجماعية يمثِّل أحد العوامل الرئيسة الكامنة وراء ديناميات الفقر في لبنان بشكل عام، وفي بعضالمدن المتوسِّطةالحجم مثل صيدا بشكل خاص.

والواقع أن الفقر غدا أكثر انتشارا 15 بعد انتهاء الحرب الأهلية قبل 52 سنة، لا سيما في السنوات الأخيرة بفعل تدفق اللاجئين الجدد الوافدين من سوريا 16 .

بالنظر إلى المسائل المرتبطة بالصحة أو وسائل النقل فقط، يتبين لنا أن التكلفة الإجتماعية الناجمة عن عملية البناء غير المدروسة والانتقائية باهظة فعلا، مثل أثر مستويات التلوث المرتفعة على جودة الحياة.وتكون الآثار العكسية المتأتية عن هذا النوع من عمليات البناء أشد وطأة على أكثر الفئات السكانية ضعفا. وعليه، لا شك في أن غياب الرؤية الإستراتيجية الجماعية يمثِّل أحد العوامل الرئيسة الكامنة وراء ديناميات الفقر في لبنان بشكل عام، وفي بعض المدن المتوسِّطة الحجم مثل صيدا بشكل خاص.

فقد ساهم وجود جيوب فقر، مثل مخيمات اللاجئين، والصعوبات الإجتماعية - الإقتصادية الملازمة لها، في إحداث أنشطة شعبية إنسانية وخيرية. وفي هذاالسياق، أفاد بعض الفاعلين الذين أجريت معهم مقابلات، بأن مروحة واسعة من المنظمات الخيرية تعمل في صيدا، مستفيدة من «الأزمة » الناشئة، تساهمبالتالي في تطوير اقتصاد مواز متكامل. وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن عددا كبيرا من المنظمات الخيرية أو التنموية أُنشئت أو شهدت ارتفاعا فيأنشطتها وتمويلها غداة تدفق اللاجئين السوريين إلى مدينة صيدا. وقد ساهم ضخ الأموال الذي تلا هذا التدفق في تحفيز التضخم من جهة، في حين أرسىضمن العمل الإنساني شبكات تستشري فيها الزبائنية، والمحسوبية، والفساد، من جهة أخرى. وقد أدى ذلك إلى بروز ديناميات من النزاعات، كما أكّد بعضالمتحدِّثين خلال المقابلات التي أجريت معهم في إطار العمل الميداني. وبحسب الشهادات التي جُمعت خلال العمل الميداني، فإن هذا الإقتصاد الموازيوالأنشطة المرافقة له أصبحت مُربحة، إلى حد يبدو عنده من غير المناسب للأطراف الفاعلين تحسين رفاه الفئات السكانية، لما من شأن ذلك أن يجعل منوجودهم أمرا غير ضروري. وقد عبّ الكثيرون ممن تمت مقابلتهم عن خيبة أملهم إزاء طريقة عمل المنظمات المحلية والدولية، لا سيما وأنها تتجاهلاحتياجات المجتمعات المستفيدة، في حين شدد البعض الآخر على افتقار الفاعلين للشفافية. وعلى الرغم من أن القلق كان السمة الغالبة في مرحلة العملالميداني، لا يسع هذا التقرير الموجز الغوص في تفاصيل هذا الموضوع، إذ إن الامر يستدعي تحقيقا محدَّدا وأكثر شمولية.

مساحة عامة مجزأة

سنسعى في هذا القسم أولا إلى إجراء وصف موجز جدا لتطور المضمار السياسي على المستوى المحلي، لنقدِّم من ثم بعض الفاعلين الرئيسيين الذين لديهمثقلهم على الساحة السياسية. وأخيرا، سنكتفي بالإشارة إلى وجود فاعلين آخرين من خلال اللجوء إلى رسم خريطة بهذا الشأن )العودة إلى الخريطة الواردة فيما يلي 17. (

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هيكليات لبنان المؤسساتية لديها، بسبب ضعفها، قدرة محدودة على بلوغ الغاية التي أنشئت أصلا من أجل تحقيقها. ومردذلك بشكل رئيسي إلى المحاباة السياسية السائدة تقليديا. غير أن هذه الهيكليات تساهم في الوقت عينه، وبشكل مثير للجدل، في تعزيز هذه الممارسات الواسعةالإنتشار. وتسبب هذه الممارسات الإجتماعية - السياسية، على مستوى المجتمع، الإنقسام إلى مجموعات زبائنية، تسعى كلٌّ منها إلى نيل الحماية والأمن منزعيم ما.

من إعادة تشكيل أعيان المجتمع المحلي...

خلال العقد الذي تلا نيل لبنان استقلاله، استند النظام التقليدي في صيدا إلى تواجد العائلات المحلية المرموقة البارزة )نذكر، على سبيل المثال لا الحصر، آلالبزري، وآل الجوهري، وآل الصلح( 18 ، كما عكس هذا النظام نفوذ هذه العائلات. وقد بقي هذا النظام سائدا، على الرغم من بعض التعديلات 19 التيطرأت عليه. ولم تؤدِّ التطورات الداخلية ضمن النظام الأوليغرشي الخاص بالأسر المحلية إلا إلى مساعدة النظام على إعادة إنتاج نفسه.

لكن، واعتبارا من منتصف الخمسينات، بدأ النظام السياسي هذا يلقى معارضة بفعل احتشاد السكان المهجّرين )وبشكل خاص اللاجئين الفلسطينيين( ضمنتجمعات قومية، أو اشتراكية، أو شعبوية المنحى. وشكَّلت هذه الديناميات الناشئة تحديا لتماسك أنظمة المحسوبيات التقليدية، كما ساهمت في إعادة تنظيمها،علما أن الجانب المبتكر الأبرز لنظام المحسوبية الجديد هذا يكمن في الجمع بين الإيديولوجية، والزعيم، والحزب.

وتجسدت هذه الظاهرة في فوز معروف سعد في الإنتخابات النيابية في العام ١٩٥٧، مع ما لحق ذلك من فوز في الإنتخابات البلدية. وقد نجح سعد، من خلالمزجه بين عناصر الإيديولوجية الناصرية والمقاومة الفلسطينية، باجتذاب جمهور كبير من صفوف المجتمعات المهمَّشة في المدينة، فحشد هذا الجمهور ضمن»التنظيم الشعبي الناصري »، الذي أسَّسه في العام 1973 وترأسه حتى وفاته بتاريخ 6 آذار/ مارس 1975 20 . وبعد وفاة معروف سعد خلفه نجله البكرمصطفى على رأس التنظيم إلى حين وفاته هو أيضا، مطورا زعامته عبر تأسيس ميليشيا وتوفير رزمة كاملة من خدمات الرفاه الإجتماعي )مدارس،مستوصفات، هبات، مخصصات مالية( وإنشاء جمعيات، وذلك بفضل الإعانات التي كانت تقدمها المنظمات الفلسطينية 21 الرئيسة لحزبه. لكن، وأبعد منالتقدم الظاهري الذي طبع المزاعم الجماعية المدعومة من قاعدة حزبية مناضلة، فإن منطق المحسوبية والوراثة السياسية لم يغب أبدا. وهكذا فإن شقيقمصطفى الأصغر، أسامة خلفه هو أيضا على رأس الحزب في تموز/ يوليو 2002 . وهو مازال يرأس الحزب حتى اليوم.

وبالنسبة إلى «التنظيم الشعبي الناصري »، شكَّلت كل محاولات التوفيق بين معتقدات سياسية متعارضة، والكفاح في سبيل استعادة فلسطين، ومساعيالتعويض على الاجئين الفلسطينيين، وصون حق العودة 22 ، وإيديولوجية الوحدة العربية، مسائل طغت على الإعتبارات السياسية 23 الأخرى، ما دفعبالتنظيم إلى الإبقاء على علاقة وثيقة مع العديد من المجموعات الفلسطينية، والفاعلين اليساريين )أي «الحزب الشيوعي اللبناني »، والجمعيات الشيوعية،والنقابات(، فضلا عن «حزب الله ». ونتيجة لذلك، لا عجب إن كان أبدى مناصرو «التنظيم الشعبي الناصري » علنا معارضتهم في العامين 2012 و2013 لمناصري أحمد الأسير 24 ، على أساس استهداف هؤلاء ل «حزب الله » بسبب مشاركته في الحرب الدائرة في سوريا )ترد المزيد من التفاصيلبشأن الأسير وهذا النزاع في قسم لاحق من هذا التقرير(.

...إلى سيطرة فاعل واحد على الساحة السياسية المحلية

مدينة صيدا هي مسقط رأس رفيق الحريري، الذي اغتيل في 14 شباط/ فبراير 2005 ، إلى جانب كونها مدينة سنية بالغالب. ومن غير الممكن فهم تركيبةصيدا الحالية بدون أن ننظر عن كثب إلى أعمال وممارسات رفيق الحريري.

أطلق رفيق الحريري في العام 1979 عمله الخيري تحت اسم «المؤسسة الإسلامية للثقافة والتعليم العالي »، )وهي المؤسسة السابقة ل «مؤسسة الحريري» التي أنشئت رسميا في العام 1983 (. وفي إطار هذه الهيكلية الأولى، عمل رفيق الحريري على شراء حوالى مئة هكتار في قرية كفرفالوس الواقعة بينصيدا وجزين 25 . وشرع حتى العام 1985 26 في استخدام هذه الأراضي لبناء مجمع كبير متعدِّد الخدمات )خدمات تربوية، وطبية، واجتماعية، ورياضية( 27 عملت على تشييده الشركة اللبنانية التابعة لشركة البناء والأشغال العامة 28 الخاصة به. إلى ذلك، واصل رفيق الحريري توفير الدعم المادي والماليللأفراد، بالتزامن مع تطوير نظام من المحسوبيات في إطار «مؤسسة الحريري ». هذا النموذج من المحسوبيات، الذي ولَّد علاقة غير متوازنة - شخصية،وتقييدية، وأحيانا أبوية رعائية والقائم على الموافقة على خدمة مقدَّمة، اكتسب أهمية قصوى في إرساء شبكة نفوذ. وقد أحكمت هذه الشبكة في ما بعدسيطرتها على مدينة صيدا بوصفها شبكة محسوبيات قوية. بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، بدأت رعاية الحريري المتكتمة تعطي ثمارها، إذ بدأ هذا الأخيريخطو خطواته الأولى في المضمار السياسي التي كان يسيطر عليه فاعلو الحرب. التدمير الذي تعرضت له صيدا 29 في حزيران/ يوينو 1982 نتيجة الغزوالإسرائيلي للبنان، واحتلال المدينة طوال ثلاث سنوات، دفع بالحريري إلى حشد قوته المالية 30 لإعادة بناء المدينة مرة أخرى، الأمر الذي كرَّسه فاعلاأساسيا، على الرغم من محاولات الفاعلين التقليديين لإحتواء دائرة نفوذه الناشئة.

» هذا النموذج من المحسوبيات، الذي ولَّد علاقة غير متوازنة - شخصية،

وتقييدية، وأحيانا أبوية رعائية - والقائم على الموافقة على خدمة مقدَّمة،

اكتسب أهمية قصوى في إرساء شبكة نفوذ. »

وبغية إنشاء قاعدة سياسية حقيقية تتيح له إمكانية إحكام السيطرة على الساحة السياسية، عمل رفيق الحريري على ثلاث قنوات في الوقت عينه. فقد قام أولابرعاية عدد من الأعيان والنخب. وزاد ثانيا نفوذه شيئا فشيئا في العديد من المؤسسات العامة أو الخيرية 31 بفضل إمكانية التأثير الذي حظي بها علىمسؤولي هذه الإدارات، والتعيينات التي تمكن من القيام بها 32 . وأخيرا، وفر له التحالف السياسي مع نزيه البزري )ممثل عائلة صيداوية مرموقة( إمكانيةالوصول إلى قاعدة نفوذ عائلة البزري المؤلفة من الطبقة الوسطى )أي العائلات الثرية، وأصحاب المهن الحرة، والتجار، ورجال الأعمال(.

وفي إطار سعي الحريري إلى الحصول على شرعية مؤسساتية، اختار الترويج لترشح شقيقته بهية الحريري للإنتخابات النيابية التي نُظِّمت ما بعد الحرب فيالعام1992 وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن بهية الحريري كانت تمثله أصلا على المستوى المحلي، إذ كانت تتبوأ منصب الرئيس في مؤسسته، فضلاعن كونها فردا أساسيا في محيطه السياسي. وسمح ترشح بهية الحريري لرفيق الحريري بالحوؤل دون مواجهة مصطفى سعد بشكل مباشر، لئلا يبدو كمسببللانشقاق في المدينة، وسعيا منه لحماية طموحاته على مستوى لبنان ككل.

منذ ذلك الحين، ذاع صيت رفيق الحريري في المضمار السياسي، وتجسد ذلك في بيروت كما على المستوى الوطني، بدءا بتعيينه رئيسا للحكومة في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992 . وبقيت صيدا معقلا للحريري حتى تاريخ اغتياله، وذلك رغم التراجع التدريجي لرعايته. إلى ذلك، فإن ملامح مدينة صيداالمُدنية والسياسية تعود بقسط وافر منها إلى الإنجازات التي حققها الحريري. بالإضافة إلى ذلك، ترتبط التركيبة السياسية السائدة في صيدا إلى حد كبيرةبقواعد اللعبة السياسية التي ساهم الحريري بشكل ملحوظ بتجديدها.

مرحلة ما بعد ٢٠٠٥ وتأثيرها على الساحة المحلية

يبدو أن عائلة الحريري تشهد، منذ اغتيال رفيق الحريري، العديد من النزاعات على المصالح. ويتمثل أحد هذه النزاعات بالسيطرة على مؤسسة الحريريومواردها 33 ، المادية منها والرمزية، وذلك وفقا لما خلص إليه العمل الميداني. ويبدو أن هذه النزاعات الداخلية عادت بالفائدة على فؤاد السنيورة 34 إذساهمت في خدمة طموحاته 35 السياسية والإجتماعية.

وعلى المستوى المحلي، أخذت هذه التركيبة السياسية التي حددتها تركة الحريري في صيدا من نوع من التداول في الأغلبية البلدية، وفقا للتحالفات الظرفية. وهكذا فإن لائحة المرَّشحين المدعومة من جماعة الحريري فازت في الإنتخابات في العام «( 1998 تيار المستقبل »(، كما في العام 2010 36 )تحالف«الرابع عشر من آذار »(، في حين أن الإئتلاف السياسي بين عائلتَي البزري و سعد، والمدعوم من «حزب الله »، وبشكل عام من أغلبية واسعة من المجتمعالشيعي المحلي، فاز في الإنتخابات في العام 2004 . ويذكر أن الإنتخابات البلدية تشتمل أيضا على انتخاب المخاتير 37 . وتضم مدينة صيدا 23 مختاراموزَّعين على ثلاث مناطق عقارية و 15 مختارية 38 : المدينة، والدكرمان، والوسطاني. وبالإضافة إلى ما تضطلع به هذه الأخيرة من وظيفة إدارية تتمثَّلبإدارة السجلات المدنية، بإمكانها أيضا تأدية دور أساسي في الإنتخابات )وهو ما يعرف بالمفاتيح الإنتخابية(. وتجدر الإشارة إلى أنه في العمليات الانتخابيةالمتتالية، ما انفكت التوترات بين المناصرين تزداد، وقد أفادت في هذا السياق كل من الجهات الفاعلة المحلية ووسائل الإعلام 39 بتزايد عدد المواجهاتالعنيفة.

أما على مستوى القضاء، فإن البلديات المجاورة يسيطر عليها انتخابيا المسيحيون أو الشيعة. كما أنها تخضع سياسيا لسيطرة «حزب الله »، أو «حركة أمل»، أو« التيار الوطني الحر »، وهي مجموعات تعتمد في طريقة عملها على المحسوبيات.

وختاما، يسلِّط هذا العرض الموجز للفاعلين السياسيين الرئيسيين في صيدا الضوء على وجود ديناميات سياسية تساهم آثارها في إحداث الفرقة بين الفئاتالسكانية أكثر من المساهمة في شملها. وفي هذا السياق، وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها الكثير من الفاعلين ضمن المجتمع المدني، وحتى الفاعلينالسياسيين أنفسهم، يبقى أن الجو العام السائد على المستوى المحلي، منذ اتفاق الطائف، لم يساهم مساهمة جوهرية في إنشاء مساحة عامة سلمية وديمقراطيةبإمكانها تعزيز رفاهية الفئات السكانية.

اللاجئون والمخيّمات

يشكِّل اندماج اللاجئين، على الأقل في النسيج الإجتماعي - الإقتصادي المحلي، مسألة جوهرية تتجاوز الجوانب الإنسانية الأخرى الناجمة عن وجودهموتدفقهم. ومع استخدام توطين اللاجئين الفلسطينيّين وحقهم في العودة إلى موطنهم في فلسطين كأداة سياسية، بقي الوضع على حاله وظلّ الفلسطينيّون رهينةالتهميش وظروف العيش المتردية.

يُظهر العمل الميداني في المخيّمات والتجمّعات الفلسطينية في صيدا تنامي الشرخ بين الشباب الفلسطينيّين الذين تمّت مقابلتهم وممثِّليهم السياسيّين التقليديّين،أي الفصائل. ففي نظر الشباب، تمثِّل الفصائل والسلطات اللبنانية عاملاً مساهماً في تردي وضعهم وتهميشهم.

وبدلاً من أنّ تشكِّل المخيّمات في صيدا خصوصاً ولبنان عموماً معقلاً للنشاط الفلسطيني، باتت اليوم جيوب فقر غير خاضعة لسلطة الدولة المركزية. وكماتُظهر الشهادات التي جُمعت خلال العمل الميداني داخل مخيّمات اللاجئين في صيدا وخارجها، بات يُنظر إلى المخيّمات على أنّها مصدر تهديد بسبب تناميالتهميش الإجتماعي والإقتصادي أكثر منه من منظور أمني. فما زال اللبنانيّون ينظرون إلى الفلسطينيّين على أنّهم مصدر تهديد على الرغم من تهميشهموتجريدهم من السلاح على نطاق واسع، وذلك على خلفية سياقٍ محموم يرزح تاريخياً تحت وطأة الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 1975 وحربالمخيّمات في الثمانينات.

وجاء الإجتياح الإسرائيلي في العام 1982 ليغيِّ الوضع في صيدا، مع انسحاب معظم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلى بيروت الغربية وضواحيهاالجنوبية وتولي شباب إسلاميّين متطرِّفين الدفاع عن المخيّم الذي كان يخضع تاريخياً لسيطرة حركة «فتح ». هكذا، واعتباراً من منتصف الثمانينات، تنامىالتشكيك الداخلي في السلطات التقليدية في مخيّم عين الحلوة.

كرّست هذه الديناميات التاريخية مخيّم عين الحلوة على أنّه «مساحة إستثنائية 40» خاصّة، ما يديم تصويره على أنّه ملاذ لخلايا جهادية نائمة أو ناشطة. لكنّمعظم الأشخاص الذين استُطلعت آراؤهم من المخيّم ينأون بأنفسهم عن هذه المجموعات، خصوصاً أنّ أحداث نهر البارد وعبرا لا تزال حيّة في الذاكرةالجماعية.

لا يمكن لهذا التقرير الموجز أن يستفيض في عرض الديناميات السياسية والدينية السائدة في المخيّمات الفلسطينيّة في صيدا وتحليلها. فقد ازداد الوضع تعقيداًمنذ وصول ما يقارب 6,000 فلسطيني من سوريا. وفي هذا السياق، أعرب بعض الذين استُطلعت آراؤهم خلال العمل الميداني، عن قلقهم ممّ يسمّىالمجموعات« المتطرفة » المتورِّطة في النزاع الدائر في سوريا والتي قد تكون متمركزة في المخيّم. وهنا، تُظهر خريطة الأحداث المبلَّغ عنها )راجع خريطةالنزاع والرسم البياني أدناه(، ارتفاع التوتر نسبياً في المنطقة. لكنّ اللافت أنّ الأطراف المحلية قلّلت بعض الشيء من أهمية هذه الأحداث، خصوصاً أنّهامصنّفة، بغالبيتها، في خانة« أعمال العنف الفردية . «

الأحداث والنزاعات الممسوحة في مخيّم عين الحلوة

بين كانون الثاني/ يناير ٢٠١٥ وأبريل/ نيسان ٢٠١٥

في هذا السياق المحموم، عمدت «لجنة الإرتباط الفلسطينية » و »لجنة أمن المخيّمات » المسؤولة عن نقاط التفتيش الأساسية، إلى تعزيز تعاونهما معالسلطات العسكرية اللبنانية تلافياً ل «نهر بارد جديد 41» .

لذا، لا بد من التطرّق إلى مستقبل اللاجئين السوريّين.

ممّ لا شك فيه أنّ الأطراف المحلية ترى في تدفق اللاجئين السوريّين إلى صيدا تحدٍ، ولا سيما في مناطق المدينة )التي تستضيف ما يقارب 15,000 لاجئمسجل( والقرى الساحلية في الأطراف الجنوبية )يتراوح عدد اللاجئين في البيسارية والغازية والصرفند، بحسب التقديرات، بين 3,500 و 5,200 لاجئ(. أما القرى في الضواحي الشرقية )أي عبرا وحارة صيدا والمية ومية( فتحتضن، هي الأخرى، آلاف اللاجئين.

بعبارات ملموسة، تعتبر السلطات المحلية التي تمّت مقابلتها أنّ تدفق اللاجئين السوريّين يشكِّل في المقام الأول قضية صحية وأمنية لها تأثير أيضاً في الوضعالإقتصادي. فعلى المستوى الأمني، أشار عدد من الممثِّلين إلى نظرة السكان المحليين السلبية تجاه وصول هذا العدد الهائل من اللاجئين الذين يتّهمهم البعضبالتسبّب بزيادة نسبة الجرائم غير الخطيرة 42 .

وفي ما يتعلق بالصحة والسلامة، يتكثّف وجود اللاجئين، ولا سيما في مناطق صيدا على طول الساحل الجنوبي، حيث يعيشون في ظروف مزرية وسط انعداممظاهر النظافة الصحية وتردي شبكات تصريف المياه والصرف الصحي في مستوطنات الخيم غير الرسمية، الأمر الذي من شأنه أن يعرِّض حياة السكانالمحليين للخطر ويهدِّد الإنتاج الزراعي 43 الذي يشكِّل مكوِّناً أساسياً للإقتصاد المحلي.

كما أنّ قدوم لاجئين سوريّين من أصحاب المهارات )في الخياطة والنجارة والخريجين الشباب، على سبيل المثال لا الحصر( قد مارس، بدون شك، ضغوطاًعلى سوق العمل، مع ما قد يستتبعه ذلك من احتمال انخفاض الرواتب والأجور، الأمر الذي سيثقل كاهل الإقتصاد المحلي ويفاقم التوتر بين المجتمعاتالمضيفة واللاجئين، كما لوحظ خلال العمل الميداني. ومع مرور الوقت، وفي ظل تدهور ظروف المعيشة، لا بد من التحرك لوضع حد للكلام التبسيطي الذييتهم اللاجئين صراحة ب« سرقة الوظائف ». فبينما يشير الرسم البياني أعلاه إلى تنامي التوتر في مخيّمات عين الحلوة، قليلة هي الأحداث التي تمّ التبليغعنها والتي تورّط فيها اللاجئون السوريون حتى تاريخ صياغة هذا التقرير.

«وشدّدت الأطراف الفاعلة الإجتماعية الناشطة في صيدا على أهمية توزيع

المساعدة على السكان المحليّين الفقراء والمعوزين )الفلسطينيّين منهم

والسوريّين واللبنانيّي( »

وأخيراً، يمثِّل تعليم أطفال اللاجئين تحدياً بالنسبة إلى الأطراف الفاعلة الإنسانية والناشطة في مجال التنمية، سمح بعض المدراس، ومعظمها رسمية بتسجيلبعض الأطفال السوريّين. كما تتطوّر بعض المبادرات التي أطلقها المواطنون وتتكثّف محاولات التعبئة لتوفير التعليم لّلاجئين. حتى أنّ بعض اللاجئين يحاولتنظيم نفسه في جمعيات لتسهيل الجهود المبذولة 44 .

تعتبر المجتمعات الهشة الأخرى في صيدا أنّ توزيع المساعدات والمعونة على اللاجئين السوريّين يتم «على حسابها ». فعلى سبيل المثال، أعرب بعضاللاجئين الفلسطينيّين عن شعوره بالإحباط جراء تراجع المعونة المخصّصة للمخيّمات والتجمّعات، الأمر الذي قد يذكي التوتر في جيوب الفقر.

وشدّدت الأطراف الفاعلة الإجتماعية الناشطة في صيدا على أهمية توزيع المساعدة على السكان المحليّين الفقراء والمعوزين )الفلسطينيّين منهم والسوريّينواللبنانيّين(، الأمر الذي سيثبِّت الإستقرار ويحسِّن نوعية الحياة لشرائح المجتمع كلِّها، مع الدفع باتجاه الإعتراف بالحقوق الإجتماعية والسياسية للاجئين علىالمديَين المتوسِّط والطويل.

يعاني اللاجئون الفلسطينيّون في لبنان جراء تدفق اللاجئين الفلسطينيّين القادمين من سوريا إلى المخيّمات والتجمّعات، الأمر الذي يذكي التوتر بين الفلسطينيّينأنفسهم. وفي هذا السياق، عكست المقابلات التي أُجريت في المخيّمات والتجمّعات في صيدا، بشكل واضح، التوتر المتنامي الذي يربطه من استُطلِعت آراؤهمب« الاختلافات الثقافية »، إذ لطالما تمتع فلسطينيّو سوريا بظروف عيش أفضل من نظرائهم في لبنان.

الصراع على المساحات

إذا كان تدفق اللاجئين المتنامي في السنوات الثلاث الماضية كفيلاً بإذكاء مخاطر نشوب نزاعات إجتماعية أو مجتمعية، من الأهمية بمكان معالجة قضيةالأرض والمساحة )مثل إمكانية الاستفادة من المساحة العامة(. تنطوي هذه القضايا على مصالح تحمل في طيّاتها مخاطر كامنة. لذلك، نود أن نلفت انتباهالأطراف الفاعلة إلى النقاط التالية التي نادراً ما يتم التطرق إليها والتي تشكِّل مصدر قلق لعدد من الأفراد أو المجموعات أو الأطراف الفاعلة.

يتم، في بعض أرجاء المدينة، استملاك عدد من الشوارع والمساحات العامة، الأمر الذي قد يؤدي إلى نشوء نزاعات بين المقيمين وأصحاب المتاجر أو الباعةعلى الأرصفة وفي الطرقات وحتى المتسوِّلين. والملفت في هذا المجال أيضاً استملاك المساحات لغرض تحويلها إلى مواقف ولا سيما في المناطق المزدحمة،الأمر الذي يصطدم بمصاعب، ولاسيما في ما يتعلق بكلفة النقل. يعكس هذا الأمر قضية الأراضي المتنازع عليها، أي المساحة «المطالب بها »، سواء تمّ«استملاكها » أو «الإستيلاء عليها »، أو أي فسحة هي موضع تخطيط لغايات محدّدة.

الرسم البياني 5: يتألف اتحاد بلديات صيدا - الزهراني من 16 قرية. والاتحاد بلا رئيس ولا نائب له منذ الإنتخابات البلدية في أيار/ مايو 2010 . فقد فازتاللوائح الإئتلافية )المشتركة بين عائلات موالية ل «التيار الوطني الحر » و »حزب الله » و »أمل »( في معظم البلديات، في حين فازت اللائحة المدعومةمن «تيار المستقبل » وقوى «الرابع عشر من آذار » في بلدية صيدا. على صعيد آخر، يفرض تدفق اللاجئين وتمركزهم في بعض الأماكن تهديدات ملحوظةعلى البيئة. أما عمليات الردم والضم والفرز، هي فتجذب المطوِّرين المهتمين بمنطق المضاربة وتحقيق الأرباح أكثر من اهتمامهم بالتنمية المُدنية المستدامة.

على نطاق آخر، تنقسم صيدا بين «الأطراف » الموالية سياسياً لقوى «الثامن من آذار » ووسط المدينة، حيث تحظى الأغلبية الفائزة في الإنتخابات البلديةبدعم تحالف «الرابع عشر من آذار ». ومنذ حزيران/ يونيو 2010 ، شلّ هذا الإنقسام اتحاد بلديات صيدا - الزهراني. إذ لم يتمكّن المسؤولون المنتخبونحتى الساعة من الاتفاق على رئيس، ما يدعونا إلى استعراض الصراع بين الشيخ أحمد الأسير و »حزب الله » أولاً والجيش اللبناني تالياً في 23 و 24 حزيران/ يونيو 2013 .

وبمجرد ذكر اسم أحمد الأسير، أكد جميع الأشخاص الذين قابلناهم خلال العمل الميداني، رغبتهم في طيّ صفحة أحداث يعتبرون أنّها لا تمثِّل السياقالصيداوي. هذا وأتى معظم الأطراف الفاعلة التي تمّت مقابلتها على ذكر الإعتبارات السياسية الوطنية وعبر الوطنية الكامنة وراء هذا الصراع والغريبة عنالمدينة، ما يعني أنّه لا يفترض بهذه الإعتبارات، في نظر هذه الأطراف، التأثير في سياق المدينة. لكنّ بعض الممثِّلين لا ينفي التأثير السياسي الذي يمكنلخطب الأسير أن تكون قد تركته على أنصاره ويأسف للتلاعب السياسي والإعلامي بهذه الظاهرة الصغيرة.

«تختلف التكتيكات التي اعتمدها الجيش اللبناني خلال

أحداث الأسيرعن تلك المعتمدة في العام ٢٠٠٧»

وإذا كانت ظاهرة الأسير قد تفشّت كثيراً في العامين 2011 و 2013 ، فالسبب في ذلك يعود إلى أنّها مثّلت، بالنسبة إلى «تيار المستقبل »، قوة معارضةلقوى «الثامن من آذار » )ولا سيما «حزب الله »( في بلدة عبرا الكائنة ضمن ضواحي صيدا والموالية لقوى «الثامن من آذار ». وقد أدى هذا الدعم إلىانقسام السكان المحليين بين خطين فرضتهما الإعتبارات السياسية الوطنية التي لا تُعتبر من الأولويات والتحديات السياسية المحلية في صيدا، مثل تنامي الفقروالحاجة إلى تنمية اقتصادية مستدامة. وجاء رفع الأسير وأنصاره السلاح في وجه الجيش اللبناني ليفضي إلى شرخ رسمي مع «تيار المستقبل

من المثير للاهتمام هنا الإشارة كيف تعكس مثل هذه الإشتباكات بين الجيش اللبناني والمجموعات المسلّحة توجهاً عاماً نحو عسكرة تسوية النزاعات. وقدتجلّت هذه المقاربة خلال الحرب على مخيم نهر البارد ولقيت انتقاداً واسعاً من المدافعين عن حقوق الإنسان في لبنان 45 .

في المقابل، تختلف التكتيكات التي اعتمدها الجيش اللبناني خلال «أحداث الأسير » عن تلك المعتمدة في العام 2007 . فالأهداف كانت موضعية ومحدّدة. كما صُوِّرت تحركات الجيش وخطواته على أنّها ذات طابع دفاعي في مواجهة مجموعات شبيهة بالميليشيات. فلم يظهر الجيش كما لو أنّه يستهدف مناطقمدنية واسعة، الأمر الذي يعكس تحوّلاً إستراتيجياً وعملانياً له.

كذلك، لا بد من النظر إلى المساحة باعتبارها ملكية معينة يمكن أن تُدِرّ رأسمالاً و/ أو دخلاً. وهنا، تسعى الأطراف الفاعلة في المجال العقاري والمطوِّرونمن القطاع الخاص إلى تحقيق الأرباح، في سياق يشكِّل فيه الإقتصاد العقاري صناعة ملحوظة. وعليه، تفشل هذه الأطراف في استيعاب المجتمعات المهمّشةوالمستضعفة، ولا سيما من حيث الاستفادة من السكن أو المشاركة الإقتصادية أو الخدمات الأساسية. هذا عدا عن التكاليف الإجتماعية الباهظة )النقل والتلوثوالصحة، إلخ( الناجمة عن الغياب الإفتراضي للتخطيط الإستراتيجي والحد الأدنى من التنظيم المُدني ولوائح البناء والممارسات ذات الصلة التي تحبِّذ الكسبالرأسمالي الإقتصادي الفوري، مع العلم أنّ الشرائح الأكثر تهميشاً واستضعافاً هي التي تتحمّل هذه التكاليف.

وصيدا خير مثال على مشاريع التوسّع المُدني والتطوير العقاري غير الجامعة. فإلى جانب أنشطة التطوير العقاري الخاصّة، طُوِّر ما لا يقل عن 47 مشروعاًمُدنياً في العام 2013 لمدينة صيدا ضمن نطاق بلديتها، ما يمثِّل استثماراً عالمياً بقيمة قاربت 500 مليون دولار وعادلت مئة ضعف ميزانية البلدية. والمفارقة أنّه لم تتم استشارة السكان والبلدية إلا بشأن مشروعين يمثلان % 4 من قيمة الإستثمار 46 . وفي مثل هذه الظروف، لا يزال الطريق طويلاً أمامالعمل بإجراءات تشاركية من شأنها تشجيع المواطنين على الإنخراط ضمن عملية 47 تبدأ من الأسفل إلى الأعلى.

ومنذ العام 2011 ، وعبر مشاركتها في شبكة المدن المتوسطية 48 ، إنخرطت البلدية في بلورة إستراتيجية التنمية المُدنية المستدامة التي يمكن أن تمثل اللبنةالأولى للتأثير في المؤسسات المحلية، ولاسيما البلدية منها، وتعزيز دورها على مستوى التخطيط الإستراتيجي في المدينة. لكنّ هذه العملية لا تزال تصطدم،على ما يبدو، ببعض التحديات، مثل فرز الأراضي أو كثافة البناء 49 .

هذا وتجدر الإشارة إلى نقاط تشابه بين صيدا وطرابلس: فرز الأراضي، وإقامة حواجز وسدود لحصر المياه، وتطوير نظام تصريف في البحر، وبرنامجعرض إرث المدينة 50 ، إلخ.

واستناداً إلى المقابلات مع الناشطين المحليين مثلاً، أثار بعض المشاريع الأساسية التي نُفِّذت لمعالجة قضايا مثل مطمر النفايات في صيدا، مخاوف بشأنتعزيز الممارسات المستدامة، ولا سيما في ما يتعلق باحتمال خصخصة المساحات العامة لغايات تتعلق بالتطوير العقاري القائم على المضاربة وتحقيقالأرباح.

ومن بين الأمثلة المشار إليها أعلاه، يبدو أنّ ضم وفرز شرقي منطقة الوسطاني في صيدا يراعيان أكثر مما يراعيان مصالح الأطراف الفاعلة السياسيةوالإقتصادية النافذة. وعملية الضم والفرز هذه التي تم «تعليقها » في الوقت الراهن بعدما اشتكى مالكون سابقون من «تعرّضهم للخداع »، بحسب الأشخاصالذين تحدثنا معهم، تثير مخاوف الفلسطينيّين أنفسهم، حتى في مخيّم عين الحلوة. وفي هذا السياق، يُجمع الأشخاص الذين تحدثنا معهم، على ما يبدو، على أنّبعض الأطراف الفاعلة المعنية بعملية الضم والفرز قد تسعى إلى الإستفادة من تسبّب مجموعة صغيرة بوضع مماثل لما حصل في نهر البارد، مع ما يستتبعهذلك من توسّع العملية إلى منطقة جنوب الدكرمان الواقعة بين المخيّم الفلسطيني والبحر. لكن، خلافاً لمخيّم نهر البارد، سيتم انتهاز الفرصة لإنشاء مخيّم فيالأطراف النائية واستصلاح الأراضي ذات منفعة مالية وعقارية مرتفعة. واللافت أنّ هذه المسألة تُقلق عدداً كبيراً من الأطراف الفاعلة التي قابلنها، بغضالنظر عمّ إذا كان هذا السيناريو سيتحقق على أرض الواقع من عدمه.

الخاتمة:

يسعى هذا التقرير إلى عرض وصف غني ومعقّد للصراعات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والمكانية المختلفة الدائرة في صيدا. ويعتمد التقرير علىتحليل هيكلي وتاريخي لمعالجة النسيج السياسي والإجتماعي الإقتصادي في المدينة، بالإضافة إلى العلاقات القائمة بين اللاجئين والسكان المحليّين وحاجاتهمومشاغلهم الناشئة في ما يتصل بالصراعات الحالية والمستقبلية. يقدِّم هذا التقرير، في ضوء البحث الميداني، تحليلاً ووصفاً للوضع الحالي في صيدا، مستنداًإلى آفاق متعددة حول القضايا المتعلقة بتغيّ الولاءات السياسية وسياسات الرعاية الصحية والتنمية والعقارات والأرض والمساحات، وهي كلّها تؤثر، على مايبدو، في النزاعات وتتسبّب بنشوئها.

وبعد إلقائنا هذه النظرة القريبة على صيدا، يمكننا أن نرفع التوصيات الختامية التالية.

توصيات للتحرك :

على مستوى الجمعيات المحلية :

على المنظمات المحلية أن تناصر - وتدفع باتجاه - تبني سياسة أكثر شمولية ومراعاة للمنظور الحقوقي لإدارة أزمة اللاجئين السوريّين. كما عليها أن تحثّالأطراف الفاعلة السياسية على عدم تحويل اللاجئين إلى كبش محرقة في سياق القضايا الهيكلية والتفاوتات التي سبقت نشوب الأزمة.

يجب دعم المجموعات والتعاونيات الفلسطينية والسورية المحلية بحيث تصبح قادرة على تنظيم نفسها بطريقة مستقلة. كما يجب توفير التدريب للتبليغ عنانتهاكات حقوق الإنسان.

يجب تقديم المعونة إلى جيوب الفقر، ولا سيما المخيّمات والتجمّعات الفلسطينية، مع مواصلة جهود المناصرة دفاعاً عن الحقوق طويلة الأجل.

على المنظمات المحلية، سواء كانت خيرية أو معنية بالتنمية طويلة الأجل، أن تلتزم الشفافية في تحركاتها، بحيث تخضع للمساءلة أمام المستفيدين، وليسأمام الجهات المانحة فحسب. كذلك، على المنظمات غير الحكومية الدولية أن تتقيّد بعمليات المساءلة، ولا سيما لجهة احترام حاجات المستفيدين، وتعزِّزتعاونها مع المنظمات المحلية. على المنظمات غير الحكومية كلِّها الناشطة في صيدا التقيّد بعمليات جامعة وتشاركية )تراعي المستفيدين كما الأطراف الفاعلةالأخرى( عند التخطيط للاستجابات وبلورة مبادرات تنموية.

على مستوى السلطة المحلية :

على السلطات المحلية والوجهاء والأحزاب السياسية الأساسية في صيدا أن تشجع وتعزِّز الديناميات والعمليات غير العسكرية لتسوية النزاعات.

على السلطات المحلية، بالتعاون مع السلطات الوطنية، أن تسارع إلى معالجة مسألة المساحة العامة التي يتم استعمالها، إلى حد كبير، على حساب المصلحةالعامة وهي مرتبطة ارتباطاً مباشراً، كما يُظهر هذا التقرير، بنشوء النزاعات. تتطلّب التنمية المستدامة في صيدا عمليات جامعة وتستوجب تعزيز السياساتوالأدوات العامة من حيث الملكية، ذلك أنّ الصراع على المساحات يذكي التوتر والنزاعات في ظل تنامي الفقر.

على السلطات المحلية والقطاع الخاص في صيدا التركيز على أنشطة مُدرّة للدخل بما يقلِّص خطر نشوب الصراعات بسبب التنافس على الوظائف. كمايجب أن تطغى أولويات أخرى على التطوير العقاري الذي أصبح غاية بحد ذاته. وهذا التحدي صعب على وجه الخصوص، لأنّ أزمة نقص المساكن المعقولةالكلفة اجتاحت البلد قبل وصول اللاجئين السوريّين. وقد جاء قدومهم ليعزِّز هذه الظاهرة التي تعود بالمنفعة، في المقام الأول، على المضاربين العقاريّينومالكي الأحياء الفقيرة، على الرغم من تعارضها مع مبادئ التنمية الإقتصادية المستدامة.

Footnotes
[1]كتب هذا التقرير برونو دوالي، مستشار متعاقد مع مركز «دعم لبنان .»
[2]تستند هذه التقديرات إلى الدراسات التي أجراها برنامج مينابوليس- جمعية e-geopolis.eu/menapolis/TABLEAU_BORD_LIBAN.pdf :e-geopolis
[3]تستند هذه التقديرات إلى العمل الميداني الذي أنجز بين شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2015 .
[5]اللاجئون الفلسطينيون والسوريون، العودة أيضا إلى يزن السعدي، »Restrictions, perceptions, and possibilities of Syrian refugees› self-agency in Lebanon« ، بوابة المعرفة للمجتمع المدني/ CSKCK ، مركز دعم لبنان، 42 شباط/ فبراير، 2015 .
[6]للمزيد من المعلومات، العودة إلى الموقع الخاص ب »المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين :» Map of Registered Syrian Refugees by District in Lebanon – [last accessed on 31/03/2015] ، الولوج الأخير بتاريخ 2015 / 3 / 31 .
[7]إيمانويل بون، ويوسف جيباهي، »La reconstruction des villages de l’est de Saïda : liens avec la ville et enjeux communautaire في Reconstruction et réconciliation au Liban : Négociation, lieux publics, renouement du lien social منشورات شوقي دويهي وإيريك إيبريت، دفاتر سيرموك ( 2001 - 1991 )، بيروت، منشورات المعهد الفرنسي للشرق الأدنى/ 2014 ،IFPO ، ص 108 - 93 .
[8]إيمانويل بون، Modes de formation d’un patronage et de son insertion dans l’espace public ، آكس أون بروفانس، معهد الدراسات السياسية، 1993 .
[9]من الممكن أيضا إحصاء «الحزب التقدمي الإشتراكي » ضمن الفاعلين الجدد في حال أخذنا بعين الإعتبار قرى منطقة إقليم الخروب، الواقعة شمال المدينة مباشرة، في قضاء الشوف، على الضفة الأخرى من نهر الأولي الذي يفصل بين محافظتَي جبل لبنان وجنوب لبنان.
[10]صلاح الدين أبو صالح، La région géographique de Saida ، جامعة باريس ديدرو- باريس 7، 1988 .
[11]مجلس الإنماء والإعمار، المخطط التوجيهي الشامل لترتيب الأراضي اللبنانية، بيروت، الجمهورية اللبنانية، تشرين الثاني/ نوفمبر 2005 .
[12]المصدر نفسه، و Saida Urban Sustainable Development Strategy ، تقرير 2012 .
[13]آية الزين، »Moisture content and thermal balance during composting of fish, banana mulch & municipal solid wastes« ، المجلة الأوروبية العلمية، شباط/ فبراير 2015 ، مؤلف رقم 11 ، عدد 5، ص. 19 .
[14]الأثر الخارجي أو العامل الخارجي عبارة عن تكلفة أو فائدة تؤثر على طرف ما لم يختر هو بنفسه تكبُّد هذه التكلفة أو الإنتفاع من هذه الفائدة. للمزيد من المعلومات، يرجى العودة إلى برونو دوالي، Power and production of urban space in Tripoli Al-Fayha’a: when the illusion of land rent and real-state income mutates into imperium ، جامعة فرنسوا رابليه، 2015 ، ص 935 .
[15]هبة ليثي، وخليل أبو اسماعيل، وكمال حمدان، Poverty, Growth and Income Distribution in Lebanon ، دراسة، برازيليا، المركز الدولي من أجل مكافحة الفقر - برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كانون الثاني/ يناير 2008 .
[16]بحسب الحسابات التي تم التوصل إليها عبر العمل الميداني.
[17]للمزيد من المعلومات، العودة إلى: مزنى المصري، Between Local Patronage Relationships and Securitization: The Conflict Context in the Bekaa Region ، تقرير تحليل النزاعات، مركز دعم لبنان، كانون الثاني/ يناير 2015 ، ص. 22 - 18 .
[18]بالإضافة أيضا إلى آل جنبلاط في بعض المناطق المسيحية المجاورة، مثل الهلالية.
[19]ترتبط هذه التعديلات في المقام الأول ببعد رياض الصلح عن أرض الواقع بسبب انتقاله للعيش في بيروت، وثانيا إلى الأهمية المتزايدة التي حظيت بها عائلة آل البزري من خلال ممثِّلها نزيه البزري.
[20]إيمانويل بون، Vie publique, patronage et clientèle : Rafic Hariri à Saïda ، دفاتر معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي/ IREMAM ، عدد 6، 1995 .
[21]المصدر نفسه المذكور سابقا.
[22]تماشيا مع المادة 11 من القرار رقم 194 الصادر عن «الجمعية العامة للأمم المتحدة » بتاريخ 11 كانون الأول/ ديسمبر 1948 ، وفي ما خص مسألة العودة، لا بد من الإشارة إلى أن العديد من الناشطين في المجتمع الفلسطيني أفادوا بأنهم أقل توجسا بهكذا هدف مقارنة برغبتهم في «تحسين أحوال معيشة الأفراد بشكل ملموس » في المخيمات. مقابلات مع ناشطين في المجتمع الفلسطيني، آذار/ مارس 2015 .
[23]مقابلات مع أعضاء في التنظيم الشعبي الناصري في شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2015 .
[24]الإمام السابق لمسجد بلال بن رباح في منطقة عبرا الواقعة شرق صيدا. وهو فار من وجه العدالة منذ 24 حزيران/ يونيو 2013 بعد صدور بحقه وبحق 73 من مناصريه مذكرة توقيف، وذلك غداة المعارك الضارية بين جماعته والقوى الأمنية اللبنانية. ويعتقد أن أحمد الأسير لجأ إلى تركيا، في حين ورد أن قسما من مناصريه هربوا إلى مخيم عين الحلوة، ومنطقة إقليم الخروب، أقله في المراحل الأولى. وفقا لبعض الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات (من صحافيين، ومسؤولين منتخبين أو مسوؤلين سابقين منتخبين)، فإن بعض مناصري الأسير قد انتسبوا في مرحلة سابقة إلى «التنظيم الشعبي الناصري«
[25]العودة إلى القسم الخاص باللمحة التاريخية على موقع «مؤسسة الحريري .»
[26]توقف العمل بعد تشييد حوالى 100,000 م 2 من المباني واستثمار 300 مليون دولار أميركي.
[27]ليس إنشاء الأحزاب السياسية في لبنان لأعمال خيرية بالأمر الجديد. وقد استخدم ذلك تاريخيا كأداة لتحقيق مكاسب سياسية. العودة إلى ميريام كاتوس، جوزيف الآغا، ، Les“ 2008 »services sociaux du Hezbollah ، في صابرينا ميرفان، Hezbollah. Etat des lieux ,، باريس، آكت سود؛ ماري نويل أبي ياغي، Social Protection in Lebanon between charity« »and politics ، آراب واتش 2014 ، شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، كانون الأول/ ديسمبر 2014 .
[28]أنشئت الشركة اللبنانية التابعة «أوجيه » لهذا الغرض.
[29]تعرض كحد أدنى 3,500 منزل ومبنى سكني، و 1,400 متجر، فضلا عن 13 مدرسة، و 230 مبنى مكاتب لتدمير كامل أو شبه كامل. إلى ذلك، دُمِّر المستشفى الحكومي والقصر البلدي.
[30]عملت شركة «أوجيه » مباشرة بغد الغزو الإسرائيلي على رفع الأنقاض، وإعادة الخدمات المُدنية المتضرِّرة. وفي خلال الإحتلال الإسرائيلي، قامت «المؤسسة الاسلامية للثقافة والتعليم العالي » بتمويل بناء 2,000 وحدة سكنية.
[31]عمل رفيق الحريري في الثمانينات على تمويل مؤسسة «المقاصد » في صيدا. وفي العام، 1989 أراد أن يتم انتخاب بعض شركائه في مجلس المقاصد التنفيذي. وتحقيقا لهذه الغاية، قرر دعم لائحة في الإنتخابات. غير أن هذه اللائحة لم تنجح. وفي العام 1992 ، دعم الحريري لائحة غير توافقية بقيادة مصطفى الزعتري في انتخابات تجديد أعضاء مجلس «المقاصد » التنفيذي، وفازت لائحته عندها. لكن يبدو أن ظروف التصويت كانت غير طبيعية أو ديمقراطية. واليوم، وبعد مرور أكثر من عشرين سنة على هذه الإنتخابات، ما زالت هذه الحادثة تثير مشاعر قوية في نفوس العديد من الفاعلين المحليين.
[32]تمكن رفيق الحريري في العام 1979 من دفع رئيس الوزراء صائب سلام إلى تعيين أحمد كلش رئيسا لبلدية صيدا.
[33]أكَّدت نازك الحريري، زوجة رفيق الحريري الثانية، حقوقها على «مؤسسة الحريري »، على الرغم من إزالة فرع عائلتها من الساحة السياسية.
[34]ولد فؤاد السنيورة في صيدا، وهو وزير مال سابق كما كان يعتبر من المقرَّبين من رفيق الحريري. شغل السنيورة مرات عدة منصب وزير المالية في عقديّ التسعينات والألفين، أثناء تولي الحريري رئاسة الوزراء. عُيِّ رئيسا للحكومة في 18 تموز/ يوليو 2005 ، وبقي في هذا المنصب حتى 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد أن حل محله سعد الحريري. وهو منذ العام 2005 ، نائب عن مدينة صيدا.
[35]مثلا في العام 2012 ، اختارت نازك الحريري شقيقته سلوى لكي تشغل منصب المديرة التنفيذية ل «مؤسسة الحريري .»
[36]لا سيما بالتعاون مع «الجماعة الإسلامية ». للمزيد من المعلومات حول الأعضاء الأحد والعشرين الذين يشكِّلون مجلس المدينة البلدي، يرجى العودة إلى الموقع الإلكتروني التالي: http //www.saida.gov.lb/content/municipal_council
[37]يمكن اعتبار المختار موظَّفا حكوميا مُنتخبا.
[38]هي المنطقة التي يتزَّعمها المختار.
[39]العودة إلى التقارير الصادرة عن الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الإنتخابات حول انتخابات البلدية في جنوب لبنان، على موقعها الإلكتروني، وتقريريّ المتابعة الثاني والثالث بشأن عملية التصويت في محافظتَي النبطية وجنوب لبنان ./http://www.lade.org
[40]ساري حنفي،» مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان كمساحة استثنائية REVUE« Asylon(s),، العدد الخامس، أيلول/ سبتمبر 2008 .
[41]مقابلة مع ناشطين وقادة جمعيات، شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2015 .
[42]مقابلات مع موظف في إحدى المنظمة غير الحكومية ومع ممثلين محليين، آذار/ مارس 2015 . من الأهمية بمكان الإشارة إلى غياب الإحصاءات وعدم توافر تعليقات في هذا الشأن من السلطات القانونية والشرطة.
[43]مقابلات مع موظف في إحدى المنظمات غير الحكومية ومع أحد المزارعين، آذار/ مارس 2015 .
[44]مقابلات مع ممثلين وناشطين اجتماعيين، آذار/ مارس 2015 .
[45]تعرّض مخيّم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين للدمار في العام 2007 عقب اشتباكات بين الجيش اللبناني و »فتح الإسلام »، الأمر الذي تسبب بأزمة إنسانية وأدى إلى تهجير اللاجئين إلى مخيّم البداوي المجاور أو مناطق أبعد جنوبا.
[46]مقابلة مع مدير الخدمات البلدية، آذار/ مارس 2015 .
[47]مالينا وحداد، تعزيز المساءلة الإجتماعية في صيدا، مدن لجيل جديد )البنك الدولي وصندوق الودائع، أيار/ مايو (2013 ، 37 - 36 .
[48]للمزيد من المعلومات، يرجى مراجعة موقعها الإلكتروني ./http://www.medcities.org/fr/web/saida:
[49]للمزيد من المعلومات حول الموضوع، يرجى العودة إلى /http://www.al-akhbar.com/node
[50]على سبيل المثال، مشروع تنمية التراث الثقافي والمناطق المُدنية.
APA
(2015). موجز تحليل النزاعات، أيار/ مايو ٢.١٥ تجزئة المساحات وارتفاع معدالت الفقر: سياق النزاع في صيدا.
MLA
موجز تحليل النزاعات، أيار/ مايو ٢.١٥ تجزئة المساحات وارتفاع معدالت الفقر: سياق النزاع في صيدا, 2015.
Harvard
2015, موجز تحليل النزاعات، أيار/ مايو ٢.١٥ تجزئة المساحات وارتفاع معدالت الفقر: سياق النزاع في صيدا.
Chicago
موجز تحليل النزاعات، أيار/ مايو ٢.١٥ تجزئة المساحات وارتفاع معدالت الفقر: سياق النزاع في صيدا. 2015