إنقاذ أم تخلّي عن الحقوق؟ الكلفة العالية للاتّفاق مع صندوق النقد الدولي في لبنان

يُحلِّل هذا التقرير الطريق المتعرّج نحو إبرام اتّفاق بين صندوق النقد الدولي ولبنان منذ أن طلبت الحكومة دعم صندوق النقد الدولي، ويبحث في الشروط الرئيسية التي يفرضها الصندوق وما يترتّب عنها من كلفة اجتماعية باهظة. ويسلّط التقرير الضوء بشكلٍ ناقد على مخاطر اعتماد تدابير التقشف القائمة على نموذج موحّد - كما يقترحها صندوق النقد الدولي – ويُشدِّد على ضرورة اعتماد نهج أكثر تكاملًا لتشخيص الأزمة وخطة التعافي والإصلاح بما يتجاوز المؤشرات المالية ومؤشرات الاقتصاد الكلي. ويُختتَم التقرير بمجموعة من التوصيات الخاصة بالسياق اللبناني.

 

إنقاذ أم تخلّي عن الحقوق؟

الكلفة العالية للاتّفاق مع صندوق النقد الدولي في لبنان.

فريق العمل

تأليف:

أولغا جبيلي، شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية

ميكيلي سكالا، مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقيّة

ميريام يونس، مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقيّة

تحرير وإشراف: ماري-نويل أبي ياغي وليا يمّين، مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقيّة

ترجمة: The Language Platform

مراجعة وتدقيق لغوي: نانسي فرحات، مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقيّة

تصميم: فاليري نصير

نُشِرَ هذا الموجز للسياسات بالشراكة مع مؤسّسة فريدريش إيبرت.

تُعبِّر وجهات النظر الواردة في هذا الموجز عن آراء الكُتّاب حصرًا، ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية أو شركائه.

مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقيّة © بيروت، تشرين الثاني/نوفمبر 2022.

جميع الحقوق محفوظة. لا يجوز نسخ أو توزيع أو نقل أيّ جزء من هذا المنشور بأيّ شكل أو وسيلة، بما في ذلك النسخ الضوئي أو التسجيل، أو بأيّ وسائل إلكترونية أو ميكانيكية أخرى، من دون إذنٍ خطّي مسبق من الناشر، إلّا في حال الاقتباسات الموجزة والإشارة المرجعية في المراجعات والمقالات النقدية، وبعض الاستخدامات الأخرى غير التجارية المُجازة بموجب قانون حقوق النشر.

1.      المقدّمة

 

يُعَدّ الركود الاقتصادي في لبنان من أكبر الانهيارات التي شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر[1]. فاعتبارًا من العام 2019، خسرت العملة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها. وتفاقم الانهيار الاقتصادي إثر تفشّي جائحة كوفيد-19 وتدابير الإغلاق الشامل المرتبطة بها، ما أدى إلى تعطيل الخدمات اللوجستية وسلاسل القيمة في جميع أنحاء العالم، وازدادَ الوضعُ سوءًا مع انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020 [2]. ومؤخرًا، تؤثر الحرب في أوكرانيا على أسعار المحروقات والمواد الغذائية في لبنان لأنَّ البلد يعتمد على الاستيراد في هذين المجالَيْن ويؤمّن 80% من قمحه من أوكرانيا - التي توفر إلى جانب روسيا 30% من الحبوب على الصعيد العالمي[3].

يعاني لبنان اليوم من تضخم حاد وطويل الأمد وغير مسبوق - أو ما يُعرَف بـ"الركود التضخّمي" بالمصطلحات الاقتصادية – وهي حالة تنتج عن نمو اقتصادي بطيء مقرون بارتفاع في معدلات البطالة وغلاء جنوني في الأسعار. ونتيجة هذه الأزمة المتعددة الأبعاد، بات أكثر من 82% من اللبنانيين/ات في دائرة الفقر المدقع[4]. ولكنْ، لا يمكن فصل الأزمة النقدية الحالية عن السياق السياسي والاقتصادي والتاريخي للسنوات الثلاثين الماضية، الأمر الذي قلَّصَ إلى حدّ كبير من المجال المتاح لصنع السياسات العامة.

لطالما كانَ الاقتصاد اللبناني، منذ الاستقلال في عام 1943، اقتصادًا ريعيًا وموجهًا نحو الخدمات، في ظلّ هيمنة ثقافة الحرّية المطلقة والاعتماد على الحوالات المالية والاستثمارات الأجنبية. ترسَّخَ هذا الوضع أكثر فأكثر بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990. ومنذ عام 1997، تمّ تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي على عتبة 1,507 ليرة لبنانية للدولار الأمريكي الواحد. ومن أجل الحفاظ على هذا السعر الثابت، تمّ تكريس مبدأ الاعتماد على الحوالات المالية والاستثمارات الأجنبية. وفي موازاة ذلك، لم يستثمر لبنان في أي نوع من القطاعات الإنتاجية التي من شأنها أن تؤمّن للبلد واقعًا تجاريًا أكثر توازنًا. فاقتصرَ النموّ الاقتصادي على قطاعَيْن أساسيَّيْن، هما القطاع المصرفي والقطاع السياحي - علمًا أنَّهما قطاعان غير إنتاجيَّيْن وقد أثّرت عليهما الأزمة الحالية بشكلٍ ملحوظ.

من العام 1997 حتى العام 2011، تمكّن لبنان من تثبيت سعر الصرف المحدّد عبر جذب عملات أجنبية من خلال الحوالات والاستثمارات الأجنبية. ولكنْ، بعد العام 2011 ومع التعثُّر المتكرّر في تشكيل الحكومات منذ 2005، والتأخير في إقرار الموازنات، والتوتّرات التي شهدتها المنطقة، بما في ذلك اندلاع الحرب في سوريا، أصبحَ الحفاظ على سعر الصرف الثابت مسألةً باهظة الكلفة وغير قابلة للاستمرار. ولمعالجة التقلبات في سعر الصرف والحفاظ على استقراره، وضعَ المصرف المركزي اللبناني خطط "هندسة مالية" تُقدِّم من خلالها المصارف اللبنانية معدلات فائدة سنوية أعلى من معدلات السوق، وصلت إلى حدود 15% أو 20%، للمودعين/ات بالدولار الأمريكي. وما كانَ في البداية حلًّا قصير الأمد أدّى بسرعة إلى مستويات غير مستدامة من المديونية.

بحلول العام 2017، وصلَ مستوى المديونية إلى 143% من الناتج المحلي الإجمالي وسجَّلَ ميزان المدفوعات عجزًا بقيمة 155.7 مليون دولار أمريكي، وذلك نتيجة تراجُع احتياطي العملات الأجنبية بشكل أساسي حيث سُجِّلَ عجزٌ في صافي تدفق العملات الأجنبية خلال الفترة نفسها[5]. ومع تفاقم العجز في الميزانية، لجأت الحكومات اللبنانية المتعاقبة إلى إضافة المزيد من الديون إما بالليرة اللبنانية من خلال إصدار سندات الخزينة، أو من خلال إصدار سندات دولارية و/أو سندات اليوروبوند في الأسواق الدولية[6]. وبحلول شهر آذار/مارس 2020، تخلّف لبنان عن سداد سندات اليوروبوند للمرّة الأولى في تاريخه، وكانت قد بلغت 1.2 مليار دولار[7].

وفقًا لإدارة الإحصاء المركزي، كشفَ مؤشر أسعار الاستهلاك أن معدل التضخم الشهري في لبنان قفزَ من 110.24% في نيسان/أبريل 2021 إلى مستوى قياسي بلغ 222.88% في نيسان/أبريل 2022 [8]. يرتبط التضخم المفرط بشكل أساسي بانخفاض قيمة العملة الوطنية من 12,200 ليرة لبنانية للدولار الأمريكي الواحد في نيسان/أبريل 2021 إلى 29,800 ليرة لبنانية للدولار الأمريكي الواحد في تموز/يوليو 2022 في السوق السوداء. واليوم، تَظهَر أسعار صرف موازية في لبنان، منها سعر الصرف الرسمي الذي ما زالَ يبلغ 1,500 ليرة لبنانية للدولار الأمريكي الواحد؛ وسعر "صيرفة"، وهي منصة الصرف التابعة للبنك المركزي والمُعتمَدة لخدمات مختلفة مثل خدمات الهاتف، حيث تمّ تحديد سعر الصرف بـ29,800 ليرة لبنانية؛ وسعر الصرف في السوق السوداء الذي يبلغ 39,300 ليرة لبنانية.[9]

وفيما تستمرّ حالة التدهور في القطاعَيْن المصرفي والمالي، لم تُسفر المناقشات بين الجهات المعنية الرئيسية حول تقاسم أعباء الخسائر عن أي نتائج ملموسة. اعتمدَ القطاع المصرفي تدابير غير رسمية لضبط رأس المال، أبرزها التقليص من الودائع بالدولار الأمريكي التي تعود إلى ما قبل تشرين الأول/أكتوبر 2019. ونتيجةً لذلك، وبسبب عدم إقرار قانون "الكابيتال كونترول" (أو ضبط رأس المال) في مرحلة مبكرة، فإنَّ التداعيات الناتجة عن "تخفيض رأس المال" (أو ما يُعرَف بالـ haircut) تُلقى على عاتق صغار المودعين/ات بشكل أساسي، والقسم الأكبر من القوى العاملة، والشركات الصغيرة.

بالإضافة إلى ذلك، وفي ظلّ كل المؤشرات الاقتصادية المتدهورة وعجز مصرف لبنان عن ضخّ السيولة بالعملة الأجنبية، تم رفع معظم الدعم بالعملات الأجنبية تدريجيًا في النصف الثاني من عام 2021.

ونظرًا للوضع الاجتماعي-الاقتصادي المتدهور، قدمت الحكومة اللبنانية في 1 أيار/مايو 2020، برئاسة حسّان دياب[10]، طلبًا رسميًا للحصول على المساعدة من صندوق النقد الدولي، فانطلقت المفاوضات بعد فترةٍ قصيرة.

وعملًا بتوصيات المجتمع الدولي، طلبَ صندوق النقد الدولي من لبنان تنفيذ سلسلة إصلاحات اقتصادية ومالية واسعة النطاق كشرطٍ لتوفير القروض والاستثمارات.

يُحلِّل هذا التقرير الطريق المتعرّج نحو إبرام اتّفاق بين صندوق النقد الدولي ولبنان منذ أن طلبت الحكومة دعم صندوق النقد الدولي، ويبحث في الشروط الرئيسية التي يفرضها الصندوق وما يترتّب عنها من كلفة اجتماعية باهظة. ويسلّط التقرير الضوء بشكلٍ ناقد على مخاطر اعتماد تدابير التقشف القائمة على نموذج موحّد - كما يقترحها صندوق النقد الدولي – ويُشدِّد على ضرورة اعتماد نهج أكثر تكاملًا لتشخيص الأزمة وخطة التعافي والإصلاح بما يتجاوز المؤشرات المالية ومؤشرات الاقتصاد الكلي. ويُختتَم التقرير بمجموعة من التوصيات الخاصة بالسياق اللبناني.

2.      الطريق المتعرّج نحو اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي

 

2.1 إطار الاتفاق بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي

  

يُجري صندوق النقد الدولي تقييمًا دوريًا للوضع الاقتصادي والمالي في لبنان منذ العام 2006 من خلال تقرير "المادة الرابعة" الذي يركّز على البلدان غير المقترضة بالتعاون مع الحكومات ومسؤولي المصرف المركزي. الهدف من التقييم هو تسليط الضوء على المخاطر المحتملة وتقديم توصيات سياساتية تهدف إلى الوصول إلى مستوى مستدام من الدين العام وتحقيق الاستقرار في النظام المالي الكلي.

لم يسبق للبنان، على مرّ التاريخ وحتى خلال فترات الحرب، أن طلبَ أو حصلَ على قرضٍ من صندوق النقد الدولي، ولم يتخلّف عن سداد ديونه السيادية. ولكنْ، طلبَت الدولة قروضًا من الجهات المانحة الدولية في السابق لتعزيز الانتعاش الاقتصادي والإصلاح والتنمية، وحصلت على العديد منها.

التسلسل الزمني للقروض الدولية للبنان في العقدين الماضيين:

 

       في شباط/فبراير 2001، جمع "مؤتمر باريس 1" 500 مليون يورو من المساعدات الدولية للبنان عن طريق عدة مؤسسات دولية مانحة.

       في "مؤتمر باريس 2" الذي عُقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2002، جمعت 23 دولة ومؤسسة دولية 4.2 مليار يورو من المساعدات المالية والإعانات المخصصة للمشاريع في لبنان.

       في كانون الثاني/يناير 2007، أي بعد خمسة أشهر على انتهاء حرب إسرائيل على لبنان في العام 2006، تم إطلاق "مؤتمر باريس 3". وفي هذا المؤتمر، وضعت الجهات المانحة المحتملة شرطًا لتقديم المساعدات المالية والقروض الميسّرة للإعمار بعد الحرب، فطلبت من الحكومة اللبنانية القيام بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية اللازمة.

       وعلى الرغم من أنّ الجهات المعنية بمؤتمر باريس 3، بما فيها صندوق النقد الدولي، اعتبرت أنّ تنفيذ خطط الإصلاح هذه غير كافٍ في السنوات اللاحقة، عُقِدَ "مؤتمر باريس 4" المُسمى "سيدر" في نيسان/أبريل 2018 بحضور 50 دولة، وجهات مستثمِرة من القطاع الخاص، ومنظمات، وبينهم ممثّلو البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. تم التعهد بتقديم 11 مليار دولار أمريكي في مؤتمر "سيدر"، وكان من المفترض أن تُمنَح هذه الأموال للبنان على ثلاث مراحل (كل منها تمتدّ على أربع سنوات)، وذلك بحسب التقدم المحرز في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية. عمليًا، لم تُصرَف قروض "سيدر" إلى الحكومات اللبنانية بسبب عدم اتخاذ أي خطوات للقيام بالإصلاحات السياسية أو الاقتصادية المطلوبة.

       في السنوات التالية، تفاقمت الأزمة الاقتصادية والمالية والسياسية في لبنان حتى وصلت الديون إلى 90 مليار دولار في العام 2020.

       في أيار/مايو 2020، طلبت الحكومة اللبنانية الحصول على دعم صندوق النقد الدولي لمحاولة تحقيق الاستقرار المالي والتخفيف من وطأة الأزمة. وبعد فترة قصيرة، طلبَ لبنان مساعدة رسمية من صندوق النقد الدولي.

       وصلت المفاوضات بين صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية إلى أُفق مسدود في تموز/يوليو 2020. في البداية، قدّرت حكومة الرئيس حسّان دياب أنّ صافي الخسائر في ميزانيات المصارف والبنك المركزي تبلغ أكثر من 90 مليار دولار، وأقرّ صندوق النقد الدولي هذه التقديرات. إلا أنّ البنك المركزي وجمعية المصارف في لبنان وعددًا من النواب اعترضوا على قيمة هذه الخسائر زاعمين أنّها تُساوي نصف تلك القيمة تقريبًا[11]. ونظرًا لعدم القدرة على الاتفاق على رقم محدد للخسائر وتوزيع الأعباء الناتجة عنها، توقّفت المفاوضات.

       بعد تعيين نجيب ميقاتي رئيسًا للوزراء في أيلول/سبتمبر 2021 وتشكيل حكومة جديدة، تم تكليف لجنة جديدة لاستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. قام وزير الاقتصاد والتجارة المعيّن حديثًا، أمين سلام، بمراجعة الخسائر وقدّرها بنحو 69 مليار دولار.

       تم استئناف المفاوضات بين الطرفين في كانون الثاني/يناير 2022 وتمحورت بشكل أساسي حول الموازنة، وسعر الصرف، والقطاع المصرفي، وميزان المدفوعات، وإصلاح قطاع الطاقة، والقضايا المتعلقة بالحوكمة، وتطوير برامج المساعدة الاجتماعية التي تستهدف الأسر الفقيرة[12].

       في نيسان/أبريل 2022، توصّل لبنان وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء "بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن دعمها باتفاق تمويل ممدّد مدّته 46 شهرًا مع طلب الحصول على 2,173.9 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (أي ما يعادل حوالي 3 مليار دولار أمريكي)."

يخضع الاتفاق على مستوى الخبراء، الذي أُبرِمَ في ربيع 2022، "لموافقة إدارة الصندوق ومجلسه التنفيذي، بعد تنفيذ كل الإجراءات المسبقة في حينها وتأكيد الدعم المالي من الشركاء الدوليين."[13] هذه التأكيدات مشروطة بتنفيذ الحكومة اللبنانية للإصلاحات، والقوانين الصادرة في مجلس النواب.[14] وإلى جانب مبلغ 3 مليارات دولار، قد يمهّد قرض صندوق النقد الدولي الطريق للمزيد من القروض الإضافية بقيمةٍ أعلى ولتلقّي الدعم من الجهات المانحة.

في أيار/مايو 2022، اعتمدت حكومة ميقاتي خطة التعافي التي كانت من الشروط الرئيسية لصندوق النقد الدولي. وقد حدّدت الخطوط العريضة لكيفية معالجة فجوة تزيد عن 69 مليار دولار أمريكي في القطاع المالي في صميم الأزمة اللبنانية[15]. ألقت الخطة المقترحة عبء الخسائر على المصارف التجارية والبنك المركزي وعلى المودعين/ات من خلال تدابير "تخفيض رأس المال" (haircuts). وبما أنّ الخطة اعتُمِدَت في آخر جلسة للحكومة قبل الانتخابات البرلمانية، كان لا بد من إقرارها وتنفيذها من جانب مجلس الوزراء الجديد ومجلس النواب. ما زالَ هذا الموضوع معلّقًا حتى وقت كتابة هذا التقرير إذ لم يتم تشكيل حكومة جديدة بعد، ومن غير المرجح أن يتم إقرار الخطة حيث أعربت معظم الأحزاب السياسية عن معارضتها لها لعدة أسباب، منها أنّ الخطة لا تُعوّض لكبار المودعين/ات وإنما لـ"صغار المودعين/ات فقط ’قدر الإمكان‘"[16]. واعتبرت جهات ناقدة أخرى أنّ الخطة لا تُحمِّل الدولة المسؤولية الكافية عن دورها في الأزمة ولا تقترح أي رؤية اقتصادية لمستقبل لبنان[17].

ومع مرور الوقت، ظهرت خلافات كشفت عن تضارب المصالح بين النُخَب. في الواقع، المناقشات حول خطة التعافي المالي تُسلّط الضوء على المصالح المتباينة للجهات المعنية في ما يتعلّق بتشخيص الأزمة المالية والاقتصادية، إضافةً إلى أي خطط تعافي ممكنة. وفي حين أنّ حكومة تصريف الأعمال تتفاوض رسميًا مع صندوق النقد الدولي وتُصادق على الاتفاقات معه، تصطدم مبادرات الحكومة بمعارضة جهات أخرى، مثل لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني، بينما يبدو أنَّ بعض الجهات تُدافِع عن مصالح القطاع المصرفي وكبار المودعين/ات، لا سيما في ما يتعلق بتوزيع الخسائر المالية. كما أنَّ الاضطرابات الاجتماعية المتزايدة، والإضرابات المتكررة للعاملين/ات في القطاع العام، هي دليلٌ على تصاعُد وتيرة الاحتقان الشعبي، وإن كان غير منظّم إلى حدٍّ كبير، في ظلّ المُطالَبة بسياسات حكومية من شأنها معالجة التأثير الاجتماعي-الاقتصادي للأزمة على الأجور وعلى حسابات صغار المودعين/ات وعلى قضايا الحماية الاجتماعية عمومًا.

2.2. برنامج إصلاحات صندوق النقد الدولي

 

من خلال مراجعة الاتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي، تبرز خمس ركائز للإصلاح من أجل "معالجة التحديات، واستعادة الثقة، وإعادة الاقتصاد إلى مسار النمو المستدام، مع نشاط أقوى للقطاع الخاص ومزيد من القوة في خلق الوظائف"[18]:

  1. إعادة هيكلة القطاع المالي لكي تستعيد البنوك مقوّمات الاستمرار وقدرتها على تخصيص الموارد بكفاءة لدعم التعافي؛
  2. تنفيذ إصلاحات مالية تضمن، مع إعادة الهيكلة المقترحة للدين العام الخارجي، بقاء الدين في حدود مستدامة وخلق حيّز للاستثمار في الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار والبنية التحتية؛
  3. إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، ولا سيما قطاع الطاقة، لتقديم خدمات ذات جودة دون استنزاف الموارد العامة؛
  4. تعزيز أطر الحوكمة ومكافحة الفساد ومكافحة تبييض الأموال/تمويل الإرهاب بغية تدعيم الشفافية والمساءلة، بما في ذلك عن طريق تحديث الإطار القانوني لمصرف لبنان وترتيبات الحوكمة والمساءلة؛
  5. إقامة نظام للنقد والصرف يتّسم بالموثوقية والشفافية.

 

وفقًا للبيان الصحفي المتعلّق بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء، تُعتبر مجالات إصلاح السياسات المقترحة، بالإضافة إلى التمويل الخارجي الكبير، ضروريةً لتحقيق التعافي المطلوب خلال السنوات القادمة. وتشمل هذه الشروط الإجراءات التالية في ما يتعلّق بكل ركيزة، كما هو موضّح أدناه بحسب البيان الصحفي لصندوق النقد الدولي الصادر بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2022 [19].

  1. إعادة هيكلة القطاع المالي
    1. إجراء تدقيق جنائي لحسابات مصرف لبنان.
    2. إعادة هيكلة المصارف التجارية ومصرف لبنان، بما في ذلك مراجعة هيكل الحوكمة في مصرف لبنان من خلال اعتماد إصلاحات وتشريعات واسعة النطاق.
    3. إعادة رسملة القطاع المصرفي، والاعتراف بالخسائر وتوزيعها، وحماية صغار المودعين/ات.
    4. الموافقة على قانون يفرض ضوابط على تحويل رؤوس الأموال إلى الخارج.
    5. إقرار قانون "الكابيتال كونترول".

 

  1. تنفيذ إصلاحات مالية
    1. تحسين المالية العامة وتقليص الدين العام غير المستدام من خلال اعتماد تدابير مدرة للدخل وتنفيذ تدابير إصلاح إداري لضمان توزيع العبء الضريبي بطريقة أكثر إنصافًا وشفافيةً.
    2. إقرار موازنة العام 2022، وهي خطوة أولى حاسمة في الاتجاه الصحيح بهدف الوصول إلى عجز أولي بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي، يدعمه تعديل في تقييم الواردات للأغراض الجمركية والضريبية بحيث يعتمد على سعر صرف موحد.
    3. إجراء إصلاحات السياسة الضريبية وإدارة الإيرادات لتوسيع القاعدة الضريبية وزيادة حصيلة الإيرادات تدريجيًا.
    4. مراجعة علاوات العاملين/ات في القطاع العام لاستئناف نشاط الإدارة العامة، مع الإشارة إلى أنّ الحكومة أقرّت قانونًا يمنع التوظيف في القطاع العام (في العام 1994)، في حين هناك حالات كثيرة من الاستقالات والتغيُّب في المؤسسات العامة، ما أدّى إلى شللٍ وتعطيلٍ للخدمات العامة.
    5. تحديث إطار إدارة المالية العامة، وتنفيذ قانون الشراء العام الذي تمت الموافقة عليه مؤخرًا، وتمرير قانون المنافسة، وإصلاح نظام الخدمة المدنية ومعاشات التقاعد ونظم التقاعد. 
  1. إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة
    1. وضع خطة شاملة لاستعادة قطاع الطاقة واعتماد إطار جديد للمؤسسات المملوكة للدولة بهدف تحسين حوكمة شركة كهرباء لبنان بشكل أساسي من خلال إنشاء هيئة ناظمة.

 

  1. تعزيز الحوكمة، مكافحة الفساد، مكافحة تبييض الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب
    1. تعديل قانون السرية المصرفية.
    2. تعزيز أطر الرقابة المصرفية، وقوانين مكافحة تبييض الأموال/تمويل الإرهاب، إلى جانب نُظُم تأمين الودائع والإقرار بالأصول، وتفعيل عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بشكل كامل.
    3.  
  1. إقامة نظام للنقد والصرف يتسم بالموثوقية
    والشفافية
    1. توحيد سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية.
    2. خلق بيئة ملائمة للسيطرة على التضخم المفرط من خلال الانتقال إلى نظام نقدي جديد.
    3. التركيز على إعادة بناء احتياطي لبنان من العملات الأجنبية والحفاظ على سعر صرف موحّد يحدده السوق، ما سيُساعد على عمل القطاع المالي ويساهم في توزيع الموارد بشكل أفضل ويسمح باستيعاب الصدمات الخارجية.
    4.  

2.3. وعود فارغة - الحكومة اللبنانية والإصلاحات المقترحة

 

عندما تم التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بين صندوق النقد الدولي والسلطات اللبنانية، أدركت الأخيرة الحاجة إلى الشروع في الإصلاحات في أقربِ وقتٍ ممكنٍ (على الرغم من مرور ثلاث سنوات على الأزمة الحالية، لم يتمّ الشروع في أي قرار أو إصلاح على مستوى السياسات العامة حتى الآن[20])، ووافقت على إنجاز التدابير التالية قبل أن ينظر فيها مجلس إدارة صندوق النقد الدولي:

-         "موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية إعادة هيكلة البنوك التي تُقر بالخسائر التي تكبدها القطاع وتعالجها، مع حماية صغار المودعين/ات والحد من الاستعانة بموارد الدولة/الموارد العامة."

-         "موافقة البرلمان على تشريع طارئ ملائم لتسوية الأوضاع المصرفية من أجل تنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة البنوك والبدء في استعادة صحة القطاع المالي - وهو ما يُعد عاملًا جوهريًا لدعم النمو."

-         "الشروع في تقييم أكبر 14 بنكًا، كلًا على حدة، بمساعدة خارجية من خلال التوقيع على نطاق التكليف مع شركة دولية مرموقة."

-         "موافقة البرلمان على تعديل قانون السرية المصرفية لمواءمته مع المعايير الدولية لمكافحة الفساد والإزالة الفعالة للعقبات أمام إعادة هيكلة القطاع المصرفي والرقابة عليه، وإدارة الضرائب، وكذلك الكشف عن الجرائم المالية والتحقيق فيها، واسترداد الأصول".

-         الانتهاء من التدقيق ذي الغرض الخاص المتعلق بوضع الأصول الأجنبية لدى مصرف لبنان."

-         "موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية متوسطة الأجل لإعادة هيكلة المالية العامة والدين، وهو أمر ضروري لإعادة الديون إلى مستوى يمكن الاستمرار في تحمله، وإرساء مصداقية السياسات الاقتصادية، وخلق حيز مالي للإنفاق الإضافي على البنود الاجتماعية وإعادة الإعمار".

-          "موافقة البرلمان على موازنة 2022".

-          "قيام مصرف لبنان بتوحيد أسعار الصرف لمعاملات الحسابات الجارية المصرح بها، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الاقتصادي، واستعادة المصداقية والثقة، مع دعم ذلك بفرض ضوابط رسمية على رأس المال".

-          التزام السلطات اللبنانية "بالعمل بشكلٍ شامل".[21]

 

تم تحقيق القليل من هذه الالتزامات حتى اليوم، ولم يتم وضع آليات تشاركية. وعلى الرغم من أنّ البرلمان أقرّ "التعديلات التي طال انتظارها على قانون السرية المصرفية"[22] في 26 تموز/يوليو 2022، إلا أنّ هذه التعديلات لم تكن متوافقة مع الاقتراح الأصلي، ما دفع نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي إلى طلب الحصول على ملاحظات صندوق النقد الدولي، وذلك لأنَّها لا ترفع السرية المصرفية تمامًا، بل تسمح "لبعض الهيئات الحكومية برفع السرية بشكل خاص في قضايا التحقيقات الجنائية، منها الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب". وفي أيلول/سبتمبر 2022، قدّم صندوق النقد الدولي ملاحظاته إلى السلطات اللبنانية بأنّ مشروع القانون المقترح "لم يُعالِج ’أوجه القصور الرئيسية‘" ويجب إعادة صياغته.[23]

في أيلول/سبتمبر 2022، توصّلت بعثة صندوق النقد الدولي إلى بيروت إلى الاستنتاج التالي: "الاقتصاد اللبناني لا يزال يعاني من ركود شديد" "ولا يزال التقدم في تنفيذ الإصلاحات (...) بطيئًا للغاية". شدّد صندوق النقد الدولي في بيانه الصحفي على ضرورة توفير الحماية الكاملة لصغار المودعين/ات، فضلًا عن إعداد موازنة موثوقة لعام 2023 في حينها، على أن تشمل سعر صرف واقعيًا وموحّدًا، إلى جانب "التدابير اللازمة لزيادة الإيرادات."[24]

في ضوء ذلك، يواجه الاتفاق مع صندوق النقد الدولي معارضةً متزايدة من جانب النُخَب الاقتصادية والسياسية المتواطئة، إدراكًا منها بأنّ التوزيع المحتمل للخسائر المالية لن يكون في صالحها. ومن بين الأصوات المُعارِضة، حدّدت بعض الشخصيات السياسية بوضوح مطالب المصارف ومصالحها، وهي تُدافِع عنها، مثل النائبَين ابراهيم كنعان (التيار الوطني الحر) وجورج عدوان (القوات اللبنانية) اللذين يمثلان لجنة المال والموازنة النيابية. ويلجأ آخرون، مثل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، إلى استخدام موارد النفط والغاز المحتملة داخل الأراضي اللبنانية التي ما زالت موضوع نزاع (حتى تاريخ كتابة التقرير) كبديل سحري للاتّفاق مع صندوق النقد الدولي، ولتجاوُز أي إصلاحات ضرورية.

3.      شروط صندوق النقد الدولي وسياسة التقشّف وتكاليفها الاجتماعية الباهظة

تتمحور معظم المخاوف المتعلّقة بالاتّفاق المحتمل مع صندوق النقد الدولي حول الإصلاحات وعجز و/أو عدم استعداد السلطات اللبنانية لتنفيذها. لا يزال التأثير الاجتماعي لهذه الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي، وتحديدًا تدابير التقشف المستوحاة من "إجماع واشنطن"، غائبًا إلى حدٍّ كبير عن الخطابات العامة. تناولت الأبحاث والوثائق موضوع التكاليف الاجتماعية الباهظة في سياقات أخرى[25]. في العادة، يشترط صندوق النقد الدولي على البلدان تنفيذ "برامج التكيّف الهيكلي"، مثل خفض النفقات العامة، وتحرير التجارة، ووضع ضوابط على الاستثمار ورأس المال، وتحرير الشركات المملوكة للدولة وخصخصتها. وعلى مرّ السنوات، تحوّلت هذه السياسات تدريجيًا من إصلاحات هيكلية إلى تصحيحٍ للأوضاع المالية العامة، لكنّها غالبًا ما تُمثّل إصلاحات على أساس "مقاس واحد يناسب الجميع" ولا تأخذ بالاعتبار السياق الفريد لكلّ بلد، ولا تُعالِج أوجه عدم المساواة أو تلتزم بأهداف إنمائية على المدى البعيد. بل على العكس، أظهرت الأبحاث أنّها تساهم في زيادة أوجه عدم المساواة والفقر.[26]

شهدت البلدان المجاورة مثل الأردن ومصر وتونس التي طبّقت إصلاحات وسياسات مدعومة من صندوق النقد الدولي، موجات متتالية من الاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات كتعبيرٍ مباشر عن رفض شروط "مؤسسات بريتون وودز" في الثمانينات والتسعينات[27]. في الأردن، أدّى تقليص برامج الحماية الاجتماعية وتوجيهها بناءً على طلب صندوق النقد الدولي إلى تزايد التحركات للمطالبة بحقوق العاملين/ات والحماية الاجتماعية.[28] وفي تونس، خلال "انتفاضة الخبز"،[29] اندلعت الاحتجاجات ضد ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل المواد الغذائية والمحروقات والغاز. وفي حين أنّ بعض السلع الغذائية الأساسية لا تزال مدعومة في تونس حتّى اليوم، أعلنت الحكومة عن خفض هذا الدعم اعتبارًا من العام 2023 - وهو قرار تم اتخاذه في ضوء المحادثات الجارية حول تجديد محتمل لاتّفاقٍ مع صندوق النقد الدولي[30]. كما أنَّ تدابير التقشف التي شجّع عليها صندوق النقد الدولي شكّلت حافزًا لتحركات ومطالب الكثير من العاملين/ات في تونس.[31]

وبالمثل، عمّت الاحتجاجات شوارع مصر عام 1977، بعد يوم واحد من إعلان الحكومة رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية من أجل الحصول على مساعدات من المؤسسات المالية الدولية. فاضطرّ الرئيس أنور السادات في نهاية المطاف إلى التراجع عن قرار خفض الدعم[32].

مؤخّرًا، ومن المنطلق نفسه، شجّع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اعتماد المساعدات النقدية المستهدفة لتحلّ محلّ الدعم في كل من مصر وتونس. تشير الأدلّة إلى أنّ برامج المساعدة النقدية محدودة التأثير، إذ تعتمد على منهجيات الاستهداف القائمة على الاختبار بالوسائل غير المباشرة لقياس مستوى الدخل (Proxy Means Test – PMT)، التي لها معدلات إقصاء مرتفعة تتراوح بين 46% و96%، وتؤدّي إلى تهميش شرائح كبيرة من السكان[33]. إضافةً إلى ذلك، قد تكون لها تداعيات سلبية على الاستقرار الاجتماعي في السياقات الهشّة أساسًا.[34]

أخيرًا، والأهمّ من ذلك، تُعتبَر البرامج التي يدعمها صندوق النقد الدولي غير ديمقراطية في تصميمها وتنفيذها. فهي تُخفّض الإنفاق الاجتماعي بشكلٍ غير متناسب، وتزيد الضرائب التنازلية، وتحدّ من الميزانيات المخصصة للتعليم والرعاية الصحية[35]، ولا تُقرّ بالهشاشة المؤسسية للبلدان ذات الدخل المتدنّي والمتوسّط، مع الإبقاء على مستوى عالٍ من التبعية نتيجةً لخدمة الدين. لقد كان لتدابير التقشف هذه، المقرونة بتنفيذ برامج المساعدة الاجتماعية المستهدفة[36] وتفكيك آليات الحماية الاجتماعية الشاملة (المحدودة)، تكاليف اجتماعية باهظة.

على سبيل المثال، في مصر عام 1991، تسبّبَ ذلك تحديدًا بارتفاع الأسعار الزراعية وأسعار الكهرباء والبترول ثلاثة أضعاف، مع خفض التعريفات وإلغاء العوائق غير الجمركية[37]. وفي العام 2016، فقَدَ الجنيه المصري أكثر من نصف قيمته في غضون أيام، ما أدى إلى تقلّص مدخرات المودعين/ات وارتفاع معدلات التضخم بشكلٍ جنونيّ، ووقع 5% (5 ملايين) من المواطنين/ات المصريين/ات في دائرة الفقر - بلغَ معدل الفقر 32.5% بحلول 2018[38]. وكان صندوق النقد الدولي قد خطّط لخفض قيمة الجنيه المصري بما يؤدي إلى تحقيق نمو في الصادرات المصرية، وذلك بهدف دعم الحسابات الوطنيّة ومواجهة خطر تصاعُد مستويات الديون غير المستدامة. ولكنْ، إذا وضعنا قطاع النفط والغاز جانبًا، لم يتحقّق أي نموّ ملموس في الصادرات.

في حالة لبنان، لا تزال تداعيات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي غير واضحة، كون المفاوضات لم تتوصّل سوى إلى اتفاق على مستوى الخبراء. بالتالي، لا بدّ من دراسة الشروط والتدابير السياساتية والإصلاحات المقترحة من أجل توقُّع التأثير الاجتماعي والسياسي المحتمل.

بالنظر إلى الوضع الحالي في البلد، ثمّة حاجة ماسّة إلى إصلاحات منهجية - وكذلك على مستوى السياسات العامة – من أجل ضمان التعافي الاجتماعي-الاقتصادي على المدى القريب، ومعالجة الثغرات الهيكلية نحو مجتمعٍ ووطنٍ أكثر عدلًا على المدى البعيد.

تأتي الإصلاحات المدعومة من صندوق النقد الدولي، ولا سيما تدابير التقشف، بتكلفة اجتماعية باهظة قد لا يتعافى منها سكّان البلد.

يُسلّط الجدول التالي الضوء على ركائز شروط صندوق النقد الدولي وتدابير السياسات المقترحة، والتحديات الكامنة فيها، والتكاليف الاجتماعية المتوقّعة، فضلًا عن الإصلاحات البديلة الممكنة على مستوى السياسات العامة.

ركائز شروط صندوق النقد الدولي وتداعياتها الاجتماعية-الاقتصادية

الركائز (وفقًا لشروط صندوق النقد الدولي)

تدابير السياسات الموازية

التحديات الداخلية

التداعيات الاجتماعية/الاقتصادية

الإصلاحات الممكنة

إعادة هيكلة القطاع المالي

  1. إجراء تدقيق جنائي لحسابات مصرف لبنان
  2. إعادة هيكلة المصارف التجارية ومصرف لبنان
  3. إعادة رسملة القطاع المصرفي
  4. إقرار قانون "الكابيتال كونترول"

أ: عدم وجود إجماع سياسي.

ب: يتطلّب تشريعات، الأمر الذي يستغرق سنوات في لبنان. ولغاية الآن، لا يتوفّر حتى مشروع قانون في هذا الخصوص، والمصارف تُعارِض هذا الطرح.

ج: يتطلّب الاتفاق على الخسائر.

د: كان ينبغي اعتماد قانون الكابيتال كونترول في مرحلة مبكرة لتجنّب تهريب رؤوس الأموال لدى كبار المودعين/ات. فاعتماد هذا القانون اليوم سيؤثّر بشكلٍ أساسي على صغار المودعين/ات، الأمر الذي ترفضه عمومًا الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في مختلف المجالات.

وضع تشريعات مصرفية لمنع عمليات الاحتيال وسوء الإدارة المصرفية.

 

فرض رقابة مستقلة على مصرف لبنان والقطاع المصرفي.

 

فرض بيع الأصول المصرفية من أجل إعادة رسملة القطاع وتعويض خسائر صغار المودعين/ات، حيث تمّ تحميلهم/هنّ العبء الأكبر للأزمة حتى الآن.

 

ملاحقة أعضاء مجالس المصارف وإداراتها العليا، وكذلك مصرف لبنان.

 

تنفيذ الإصلاحات المالية

  1. إقرار موازنة العام 2022
  2. تحديث إطار الإدارة في القطاع العام
  3. تحسين التمويل العام ومعالجة العجز عن إبقاء الدين في حدود مستدامة
  4. إجراء إصلاحات في السياسة الضريبية والإدارة العامة
  5. مراجعة علاوات موظفي/ات القطاع العام

أ: على الرغم من وجود أصوات مُعارِضة كثيرة في صفوف النواب، تم أخيرًا إقرار الموازنة في 26 أيلول/سبتمبر. لا تتضمن الموازنة خارطة طريق واضحة للاستدامة المالية والاقتصادية، وتشمل عجزًا وستؤدّي على الأرجح إلى عجز أكبر، وتضخّم أكبر، وارتفاع إضافي في الأسعار. كما لم يتمّ بعد اعتماد الجدول الزمني للتنفيذ ولم يتم الاتفاق على سعر الصرف.

ب: إنَّ طلب "تحديث" القطاع العام ليس جديدًا. لطالما نادت به الجهات المانحة الدولية. خلال فترة ما بعد الحرب، أدّى ذلك إلى تجميد التوظيفات في القطاع العام (بدءًا من العام 1994) وتحويل العديد من الخدمات العامة لصالح شركات خاصة، كما في حالة مؤسسة كهرباء لبنان. وفي لبنان، أدّت الاستعانة بمصادر خارجية إلى بروز ظاهرة الزبائنية: 1) إعطاء الأولوية للشركات المرتبطة بجهات سياسية،[39] 2) عدم تحسين أوضاع القوى العاملة،[40] 3) اعتماد الزبائنية في التوظيفات، حيث لا تمرّ من خلال مجلس الخدمة المدنية[41] ولا تخضع لامتحانات تُقيّم كفاءة المرشحين/ات.[42]

ج: يجب أن تكون عملية إعادة هيكلة الديون مدعومة بنصٍّ قانوني. فإعادة الهيكلة تتطلّب سندات دين جديدة من جانب الدولة في حال كان الدين بعملة أجنبية. يتجاوز إجمالي الدين بالعملات الأجنبية 30 مليار دولار أمريكي من حيث القيمة الاسمية لدى المصارف اللبنانية ومصرف لبنان والمستثمرين الأجانب. وقد أدى تراجُع سندات اليوروبوند (7% في السوق الثانوية) إلى انخفاض كبير في قيمتها. وعلى الرغم من أنّه قد يُنظر إلى هذا الأمر كفرصة للدولة لتقديم عرض شراء عام لفكّ ارتباطها بدائنيها بكلفة أقل، إلا أن إعادة تخصيص الموارد لخدمة الدين تأتي غالبًا على حساب الحماية الاجتماعية وبرامج الحدّ من الفقر، مثل معاشات التقاعد وآليات الضمان الاجتماعي.

د. شجَّع صندوق النقد الدولي زيادة ضرائب القيمة المضافة تدريجيًا إلى 20%، ما يؤثر بالدرجة الأولى على المستهلكين من ذوي الدخل المتوسط والمتدنّي. كما شجع صندوق النقد الدولي على زيادة الضرائب على البنزين والتبغ والكحول وغيرها من الضرائب غير المباشرة، وبدرجة أقل زيادة الضرائب المباشرة، وخاصّةً الضرائب على إيرادات الفوائد من 5% إلى 7%، وكذلك زيادة ضريبة دخل الشركات من 15% إلى 17%.

هـ: أعرب صندوق النقد الدولي عن هواجسه بشأن مشروع قانون أجور القطاع العام ونظام التقاعد لموظفي/ات القطاع العام، بما في ذلك تمويل التصحيحات والزيادات على أجور القطاع العام. وفي ظل تراجُع قيمة الليرة اللبنانية، والاستقالات الكثيرة والإضرابات في المؤسسات العامة، والقانون الذي يمنع تعيين موظفين/ات جدد في القطاع العام منذ عام 1994، من المهم إعادة تقييم حجم القطاع العام ومعالجة ما فيه من شوائب من دون تعطيل الأشغال والخدمات العامة.

إعادة هيكلة الحيّز المالي:

-          وضع سياسة مالية عادلة ومنصفة مع فرض ضرائب تصاعدية واعتماد الضريبة على الثروات

-          يجب أن تفرض السياسة المالية أيضًا ضرائب محددة على المعاملات المالية التجارية

-          إعادة توزيع الإنفاق العام بطريقة صحيحة من أجل تمويل نظام ضمان اجتماعي مستدام وشامل بالدرجة الأولى

-          إعادة هيكلة القطاع العام من أجل عمليات أكثر كفاءة مع تعزيز الشفافية والمساءلة

-          إعادة هيكلة الدين العام

 

إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة

  1. وضع خطة شاملة في قطاع الطاقة
  2. الشراكات بين القطاعين العام والخاص والخصخصة
  1. عدم وجود تشريعات توضح حوكمة الدولة ودورها ومسؤولياتها كمالكة للمرافق العامة أو كجهة مسؤولة عن إدارة هذه المرافق.
  2. في العام 2002، تضمَّنَ القانون رقم 462 بشأن تنظيم قطاع الكهرباء إعادة هيكلة القطاع وتفكيكه وإنشاء هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء. كان الهدف من إعادة الهيكلة تحرير أقسام التوليد والتوزيع تحت إدارة القطاع الخاص مع ضمان الإشراف المستقلّ من قبل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء بموجب توجيهات سياساتية من وزارة الطاقة والمياه، لتنظيم التعريفات وتحديدها، وإصدار التراخيص والتصاريح، وضمان الشفافية والمنافسة. غير أنّ تنفيذ هذه الرؤية لا يزال معطّلًا. في العام 2011، كان من المفترض إجراء مراجعة شاملة للقانون رقم 462 من أجل معالجة الثغرات الموجودة في الإطار التشريعي الحالي، لكنّ مجلس الوزراء لم يستكمِل هذه الإجراءات.

ب: ستؤدي الخصخصة إلى تحويل الخدمات والحقوق الحيوية والأساسية إلى سلع غير متاحة لجميع المواطنين/ات، وخاصةً الذين قد يكونون بأمسّ الحاجة إليها.

إقرار قانون يمنع بيع أصول الدولة من جهة، وخصخصة جميع الخدمات والحقوق العامة من جهة أخرى.

 

إنشاء عمليات مساءلة شفافة لإدارة المؤسسات المملوكة للدولة من أجل إلغاء منطق الزبائنية والحدّ من تأثير الأحزاب التقليدية.

تعزيز الحوكمة

  1. تعديل قانون السرية المصرفية
  1. لم يحصل التعديل على إجماعٍ في البرلمان. وقد تناول بنودًا متعلقة بتبييض الأموال والإثراء غير المشروع، إلخ. في الأوّل من أيلول/سبتمبر 2022، اعتبر صندوق النقد الدولي أنّ التعديلات غير كافية وطلب من المسؤولين مراجعة مشروع القانون.

 

إلى جانب الحوكمة، ينبغي إقرار إصلاحات هيكلية للعمليات والمؤسسات الديمقراطية، وذلك لضمان مشاركة المواطنين/ات بشكل فعّال في عملية صنع السياسات (لا سيما من خلال إجراء انتخابات نزيهة، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان، والمؤسسات الديمقراطية السليمة والفعّالة).

رفع السرية المصرفية من أجل التحقيق بشكل صحيح في عمليات تبييض الأموال أو الإثراء غير المشروع.

إنشاء نظام نقد وصرف يتسم بالموثوقية والشفافية

أ: إزالة الأنظمة والعوائق أمام عمليات سوق الصرف الأجنبي وإنشاء منصة شفافة لصرف العملات الأجنبية.

 

ب: الحدّ من الاستخدام غير الفعال للاحتياطي بالعملات الأجنبية من خلال إقرار قانون "الكابيتال كونترول" والاستغناء التدريجي عن برنامج دعم العملات الأجنبية الحالي.

 

ج: استعادة السيطرة على كمية النقد المتداول والحدّ من طباعة العملات من خلال إلغاء تعميم مصرف لبنان رقم 151، الذي يستردّ "اللولارات" بطباعة المزيد من الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية، وعن طريق تحسين كفاءة الإنفاق العام وتحصيل الإيرادات المالية، فضلًا عن إتاحة حيز مالي لإنشاء "نظام مناسب للحماية الاجتماعية".

أ: رفضت المصارف تحديد سعر صرف موحد، حيث تعلن عن خسائرها وفقًا لسعر الصرف الرسمي. ولا يزال هناك العديد من أسعار الصرف المتداولة لغاية الآن.

أ: من الضروري تثبيت سعر الصرف والسيطرة على التضخم المفرط. غير أنّ الطريقة التي يتم بها تنفيذ ذلك قد تنطوي على تدابير تقشفيّة، مع تكاليف اجتماعية عالية.

وكان صندوق النقد الدولي قد شجَّعَ على اعتماد سعر صرف ثابت، مُحذّرًا من التكاليف الباهظة التي قد تنجم عن ذلك.

غير أنّ أسعار الصرف الحالية المتعددة لها تأثير اجتماعي غير متناسب، وتؤدي إلى الإفقار السريع للطبقة الوسطى تحديدًا.

تطوير نظام موحّد وشفاف وموثوق لتحديد قيمة العملة المحلية والحدّ من تقلّبات السوق.

بدلًا من تدابير التقشف، يتعيّن على الحكومة والمصارف والجهات الاجتماعية تحديد السياسات التي تسمح بالتعافي من خلال خلق فرص العمل ودفع عجلة الإنتاجية. يجب أن يتم ذلك مع إعطاء الأولوية للحماية الاجتماعية الشاملة على مستوى السياسات العامة، في سياق نظام حماية اجتماعية هشّ، وغير فعّال، وإقصائي،[43] حيث يقع 82% من السكان في دائرة الفقر المتعدد الأبعاد.[44]

وتبرز مخاوف أخرى تتعلق بالخلل الهيكلي في موازين القِوى. لطالما اعتُبر صندوق النقد الدولي أداةً تعمل على تعزيز المصالح الاقتصادية الأمريكية والأوروبية نتيجة نظام الحصص في الصندوق (أو "نظام الكوتا"). فالوصول إلى الموارد المالية لصندوق النقد الدولي يُحدَّد من خلال القوة التصويتية للبلدان الأعضاء، ما يعكس التزامها المالي تجاه صندوق النقد الدولي ومكانتها في الاقتصاد العالمي. كما أنَّ المواطنين/ات والجهات الفاعلة في المجتمع المدني لا يثقون بالمؤسسات العامة اللبنانية ولا بقدرتها على خوض مفاوضات تقنية مع الصندوق.

يأتي هذا الشكّ وانعدام الثقة وسط سياق يتّسم بتاريخ من السيطرة على موارد الدولة من جانب النُخَب الاقتصادية والسياسية، والفساد، والزبائنية، وغياب الإرادة السياسية لإجراء إصلاحات شاملة وهيكلية.

4.      الخلاصة

تترتّب على الأزمة المستمرة في لبنان تكاليف اجتماعية باهظة، خاصّةً وأنّها تؤدّي إلى إفقار جَمَاعي للسكان وإعادة توزيع الطبقات الاجتماعية. في هذا السياق، حيث 53% فقط من السكان كانوا يستفيدون من أحد أشكال الحماية الاجتماعية قبل الأزمة، ومع انخفاض هذه النسبة حاليًا بشكلٍ مُقلق يومًا بعد يوم، يجب على كلّ مناقشة أو سياسة معنيّة بالتعافي أن تضع الحماية الاجتماعية ضمن أولوياتها القصوى.

وبالفعل، تسبّبت الأزمة الاقتصادية بتضخيم إطار الحماية الاجتماعية المشرذم وغير الفعّال والإقصائي، ما أدّى إلى حرمان شرائح واسعة من التأمين والضمان الاجتماعي. فبرامج الضمان الاجتماعي الوطنية، سواء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لموظّفي/ات القطاع الخاص أو التعاونيات الخاصة بموظفي/ات القطاع العام والسلك العسكري والقوى الأمنية، متاحة حصرًا للعاملين والعاملات في القطاع النظامي، ما يؤدي إلى بقاء ما يُسمى "الطبقة الوسطى المفقودة" من دون تأمين.

بالنسبة إلى الفئات النادرة التي ما زالت تستفيد من التأمين الاجتماعي، أدت الأزمة المالية وتدهور قيمة العملة إلى تقليص التقديمات التي يحصلون عليها بشكلٍ ملحوظ (على سبيل المثال، بالكاد يغطي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 10% من الفاتورة الطبية، مقارنةً بنسبةٍ كانت تُلامس الـ90% قبل الأزمة) أو معاشاتهم التقاعدية وتعويضات نهاية الخدمة. بالإضافة إلى ذلك، ترفض المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية أي مدفوعات عن طريق صناديق الضمان الاجتماعي العامة.

بالتالي، يجب أن تُشكّل الحماية الاجتماعية الشاملة ركيزة أساسية لأي إصلاح هيكلي للسياسات العامة.

بناءً على المناقشات الأخيرة بين الدولة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، وبناءً على الأمثلة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبلدان الجنوب، تؤدي شروط صندوق النقد الدولي وتدابير التقشف التي تنتج عنها بطبيعة الحال إلى تكاليف اجتماعية باهظة من شأنها أن تتسبّب بمزيدٍ من التدهور في الظروف المعيشية في لبنان. يعتمد نهج صندوق النقد الدولي للحماية الاجتماعية على برامج المساعدة الاجتماعية التي تستهدف الفقراء وعلى خفض النفقات الاجتماعية المرتبطة بالحماية الاجتماعية الشاملة (حتى في أكثر أشكالها رجعيّةً - أي "الدعم" الذي كانَ يُمثِّل الشكل الوحيد للحماية الاجتماعية الشاملة في البلد وبقيَ كذلك إلى حين تمّ رفعه مؤخّرًا).

ولا داعي للإشارة إلى أنه مع تزايد معدلات الفقر، فإن استهداف الفئات الأكثر هشاشةً من خلال برامج شبكات الأمان الاجتماعي لن يكون له تأثير محدود جدًا فحسب، بل يُهدّد أيضًا "السلم" الأهلي الهشّ أساسًا.[45]

من خلال توصيته عام 2019، دعا صندوق النقد الدولي الحكومة إلى تخصيص 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي لتوسيع نطاق المساعدات الموجّهة للفقراء والأشخاص الذين يُعانون من أوضاع هشّة، على أن يتم تمويلها من خلال رفع الدعم عن الكهرباء (0.7% من الناتج المحلي الإجمالي)، مع المطالبة في الوقت نفسه بزيادة الضريبة على القيمة المضافة من 11% إلى 15% أو من 11% إلى 20%. وقد ساهمت هذه التدابير، التي تم تنفيذها جزئيًا، وخصوصًا رفع الدعم عن الكهرباء والمحروقات، في تزايد حالات الفقر. في هذا السياق، وبينما أثنت جهات كثيرة على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي باعتباره سبيلًا للإنقاذ في ظلّ الأزمات الحالية، وخصوصًا لإخراج لبنان من وضعه المالي المتدهور، إلّا أن التركيز على مؤشرات الاقتصاد الكلي فقط هو نهجٌ خاطئ.

في حين تُقدَّر خسائر لبنان بنحو 80 مليار دولار أمريكي، فإنّ قرض صندوق النقد الدولي المُقترح والبالغ 3 مليارات دولار أمريكي بالكاد يغطي احتياجات البلد، علمًا أنَّه ربّما يمهّد الطريق لدائنين إضافيين مع شروطهم الخاصة، وذلك لأنَّ التكاليف الاجتماعية المترتّبة عنه باهظة.

إنَّ النهج المرتكز على مؤشرات الاقتصاد الكلي لا يكفي لتشخيص الأزمة الحالية في لبنان ووضع البلد على سكّة التعافي. فالأمر يحتاج إلى إصلاح منهجي معمّق يشمل، في جوهره، إعادة النظر في العقد الاجتماعي بين المواطنين/ات ودولتهم/نَّ، ونقاشًا واتفاقًا عامًا حول الشكل الذي ستتّخذه هذه الدولة، والمسؤوليات التي يجب أن تفي بها تجاه المواطنين/ات. وهذا يستدعي أولًا الإصلاح الديمقراطي وبناء مؤسسات قوية وخاضعة للمساءلة، فضلًا عن تطوير سياسات متكاملة وتنفيذها، بدءًا بإقرار سياسة اجتماعية شاملة وإصلاح النظام القضائي.

يجب أن ترتكز السياسة الاجتماعية السليمة على إعادة النظر في الحيّز المالي وإعادة هيكلته بطريقة ديمقراطية ومستدامة، بهدف أساسي هو تمويل أرضيات الحماية الاجتماعية الشاملة كركيزة لبلدٍ أكثر احترامًا لمبدأ العدالة الاجتماعية.

5.        

يتعيّن على الدولة اللبنانية:

       اعتماد الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للحماية الاجتماعية والبدء بإقرار القوانين والمراسيم لتنفيذ أرضيات الحماية الاجتماعية الشاملة في البلد.

       وضع سياسة اجتماعية متكاملة - تكون الحماية الاجتماعية ركيزتها - وتُشدِّد بشكلٍ خاص على تفعيل سوق العمل بالإضافة إلى تعزيز القطاعات الإنتاجية في البلد وتشجيعها.

       وضع سياسة مالية منصفة وعادلة مع فرض ضرائب تصاعدية واعتماد الضريبة على الثروات والضريبة على الأعمال لتمويل خطة التعافي، على المدى القريب، ووضع سياسة اجتماعية متينة على المدى البعيد. يجب أن تضمن هذه السياسة المالية أيضًا توزيع إيرادات ضريبة القيمة المضافة الحالية بطريقة أكثر إنصافًا، وإقرار تدابير لمنع أساليب تآكل القاعدة الضريبية واستغلال الثغرات، وإعاقة تحويل الأرباح نحو الملاذات الضريبية.

       تطوير التشريعات المصرفية لضمان الرقابة على المصارف وفرض رقابة مستقلة على مصرف لبنان والقطاع المصرفي.

       فرض بيع أصول المصارف من أجل إعادة رسملة القطاع وتعويض خسائر الودائع الصغيرة.

       تعزيز سيادة القانون واستقلاليّة القضاء واستقلالية مصرف لبنان كإجراءات تمهيدية لأي خطة تعافي اقتصادي فعّالة.

       إعادة تخصيص الإنفاق العام لتمويل نظام ضمان اجتماعي مستدام وشامل بالدرجة الأولى.

       إعادة هيكلة القطاع العام لتحسين كفاءة العمل مع تعزيز الشفافية والمساءلة.

       إعادة هيكلة الدين العام.

       إقرار قانون يمنع بيع أصول الدولة من جهة، وخصخصة جميع الخدمات والحقوق العامة من جهة أخرى.

       إنشاء عمليات مساءلة شفافة لإدارة المؤسسات المملوكة للدولة.

       تطوير نظام موحّد وشفّاف وموثوق وتنفيذه لتحديد قيمة العملة المحلية والحدّ من تقلبات السوق.

 

يتعيّن على الجهات الفاعلة في المجتمع المدني:

       استعادة الأدوار المدنية والمناصرة والحشد، وخلق مساحة للنقاش العام المتنوّع.

       استعادة دورها الأساسي كمُراقِب لأداء الحكومة.

       الانخراط بشكل استباقي في المناقشات والقضايا الاجتماعية-الاقتصادية، لأنها مرتبطة أساسًا بالإشكاليات السياسية والحقوقية.

       الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ولا سيّما إقرار الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية، بهدف إرساء الحماية الاجتماعية الشاملة.

       التواصل مع الجهات الفاعلة الأخرى من بلدان الجنوب العالمي حيث تم تنفيذ برامج صندوق النقد الدولي والمشاركة في تجارب التعلُّم المتبادل بالإضافة إلى جهود المناصرة المشتركة.


المراجع

Agence France Press (AFP). 20/05/2022. “Lebanon Cabinet Passes Financial Recovery Plan During Last Session”. https://www.france24.com/en/live-news/20220520-lebanon-cabinet-passes-financial-recovery-plan-during-last-session

Abdo, Nabil et al. 2020. “The IMF and Lebanon: The Long Road Ahead.” Oxfam Policy Paper. Oxfam. https://oxfamilibrary.openrepository.com/bitstream/handle/10546/621062/bp-imf-lebanon-economy-crisis-121020-en.pdf  

Abdo, Nabil. 2019. “The Gendered Impact of IMF Policies in MENA. The Cases of Egypt, Jordan and Tunisia”. Oxfam Briefing Note. Oxfam. https://oxfamilibrary.openrepository.com/bitstream/handle/10546/620878/bn-imf-gendered-impact-policies-mena-081019-en.pdf

Ahram Online. 17/10/2022.“Egypt’s poverty rate dropped to 29.7% in 2019/20: CAPMAS”. https://english.ahram.org.eg/News/477989.aspx#:~:text=The%20poverty%20rate%20in%20Egypt,(CAPMAS)%20announced%20on%20Monday

Aoun, Stephanie. 26/05/2022. “Lebanon’s Inflation Rate Accelerates by 222.88% in April 2022”. The Research Blog. BlomInvest Group.

Azhari, Timour. 26/07/2022. “Lebanon Parliament Passes Amendments to Banking Secrecy Law”. Reuters. Thomson Reuters. https://www.reuters.com/world/middle-east/lebanon-parliament-passed-amendments-banking-secrecy-law-reuters-witness-2022-07-26/

Azhari, Timour, and Maya Gebeily. 04/07/2022. “Lebanon Recovery Plan Held Up by Changes from PM - Finance Lawmaker”. Reuters. Thomson Reuters. https://www.reuters.com/world/middle-east/lebanon-recovery-plan-held-up-by-changes-pm-top-finance-lawmaker-2022-07-04/

Chandoul, Jihen. 2017. “Tunisia and IMF: Transitional Injustice”. Arab NGO Network for Development (ANND). https://www.annd.org/uploads/summernote/IMF-TUNISIA-PolicyBrief1612565201.pdf

Chandoul, Jihen et al. September 2022. “Uncovered: The Role of the IMF in Shrinking the Social Protection, Case Studies from Tunisia, Jordan and Morocco”. Friedrich-Ebert-Stiftung (FES)..  https://library.fes.de/pdf-files/bueros/tunesien/19559.pdf

Conor, Ailie. 28/10/2016. “IMF Welcomes Egypt's Austerity Measures, Advises against Lifting Food Subsidies”. Mada Masr. https://www.madamasr.com/en/2016/10/28/news/economy/imf-welcomes-egypts-austerity-measures-advises-against-lifting-food-subsidies/

Dakhli, Leyla. 2021. The Fair Value of Bread: Tunisia. Cambridge University Press. https://doi.org/10.1017/S0020859021000110

Dakhli, Leyla, and Vincent Bonnecase . 2021. “When ‘Adjusted’ People Rebel: Economic Liberalization and Social Revolts in Africa and the Middle East (1980s to the Present Day)”. International Review of Social History. 66 (Special Issue S29).

Diwan, Ishac, and Jamal Ibrahim Haidar. 2017. “Do Political Connections Reduce Job Creation? Evidence from Lebanon”, Working Paper n° 70, Center for International Development at the Harvard University, Harvard.  https://scholar.harvard.edu/files/haidar/files/diwanhaidar-jobcreation-06302016.pdf

Francis, Ellen. 13/05/2022. “Lebanon Launches IMF Talks to Rescue Economy; More Talks in Coming Days”. Reuters. Thomson Reuters. https://www.reuters.com/article/us-lebanon-crisis-imf-idUSKBN22P339

Gebeily, Maya.  01/09/2022. “Lebanon banking secrecy law retains key problems - IMF”. Reuters. Thomson Reuters. https://www.reuters.com/world/middle-east/imf-says-key-deficiencies-remain-lebanon-banking-secrecy-law-assessment-seen-by-2022-09-01/

Ghannam, Omar, and Kareem Megahed. 2022.“Debt for Development in the Case of Egypt: Dogmas and Mirages”. Arab NGO Network for Development (ANND). https://www.annd.org/uploads/publications/Debt_for_Development_in_the_Case_of_Egypt_-_Omar_and_Kareem_EN.pdf

Hage Boutros, Philippe. 06/09/2022. “Five months since its preliminary agreement with the IMF, Lebanon has little to show for it”. L’Orient-Le Jour.. https://today.lorientlejour.com/article/1310593/five-months-since-its-preliminary-agreement-with-the-imf-lebanon-has-shown-little-to-show-for-it.html

Halyk, Samantha. January 2022.“Lebanon's Economic Crisis 'Spirals out of Control', Pushing Children Further into Hunger in 2022, Save the Children Warns - Lebanon.” ReliefWeb. https://reliefweb.int/report/lebanon/lebanon-s-economic-crisis-spirals-out-control-pushing-children-further-hunger-2022#:~:text=Lebanon-,Lebanon's%20economic%20crisis%20'spirals%20out%20of%20control'%2C%20pushing%20children,2022%2C%20Save%20the%20Children%20warns&text=BEIRUT%2C%2012%20January%2C%202022%20%2D%2D,Save%20the%20Children%20warned%20today

Harake, Wissam, Ibrahim Jamali, and Naji Abou Hamde. 2020. “The Deliberate Depression”. Lebanon Economic Monitor. https://documents.worldbank.org/en/publication/documents-reports/documentdetail/474551606779642981/lebanon-economic-monitor-the-deliberate-depression

Hijazi, Salah. 30/05/2022. “Why the Entire Political Class is Opposed to the Mikati Cabinet’s Recovery Plan”. L’Orient Today. https://today.lorientlejour.com/article/1301115/why-the-entire-political-class-is-opposed-to-the-mikati-cabinets-recovery-plan.html

International Monetary Fund (IMF). 07/04/2022. “IMF Reaches a Staff-Level Agreement on Economic Policies with Lebanon for a Four-Year Extended Fund Facility”. https://www.imf.org/en/News/Articles/2022/04/07/pr22108-imf-reaches-agreement-on-economic-policies-with-lebanon-for-a-four-year-fund-facility

International Monetary Fund (IMF). 16/09/2022. “Transcript of IMF Press Briefing”. https://www.imf.org/en/News/Articles/2022/09/16/tr091522-com-press-briefing

International Monetary Fund (IMF). 21/09/2022. “IMF Staff concludes visit to Lebanon”. https://www.imf.org/en/News/Articles/2022/09/21/pr22314-lebanon-imf-staff-concludes-visit-to-lebanon#:~:text=Ernesto%20Ramirez%20Rigo%20visited%20Beirut,end%20of%20the%20mission%2C%20Mr.

Khoury, Edmond. 2022. “Lebanon: War in Ukraine means price rises amid climate crisis”. World Food Programme (WFP). https://www.wfp.org/stories/lebanon-war-ukraine-means-price-rises-amid-climate-crisis

Kidd, Stephen, Bjorn Gelders, and Diloà Bailey-Athias. 2017. “Exclusion by design. As assessment of the effectiveness of the proxy means test poverty targeting mechanism”, EES Working Paper No. 56. International Labour Office/Development Pathways. https://www.social-protection.org/gimi/gess/RessourcePDF.action?ressource.ressourceId=54248

Lebanon’s Central Administration of Statistics (CAS)/International Labour Organization (ILO). 2020. “Labour Force and Household Living Conditions Survey (LFHLCS) in Lebanon 2018 - 2019”. http://www.cas.gov.lb/images/Publications/Labour%20Force%20and%20Household%20Living%20Conditions%20Survey%202018-2019.pdf

L'Orient Today. 24/01/2022. “Negotiations between the IMF and Lebanese Government Officially Began Today”. https://today.lorientlejour.com/article/1288602/negotiations-between-the-imf-and-lebanese-government-officially-began-today.html

LOWER. 2013. المياومون في الإدارات العامة والمصالح المستقلة والبلديات. انتهاك لحقوق العمال وتجاوز للقوانين, Beirut: LOWER – Diakonia.

Makari, Nabil. 11/03/2021. “Eurobonds Default: A One Year Anniversary”. Executive Magazine. https://www.executive-magazine.com/economics-policy/eurobonds-cross-default-a-one-year-anniversary

Nakhoul, Samia. 01/07/2020. “Rescue Talks with the IMF 'Hit the Rocks' as Lebanese Suffer.” Reuters. Thomson Reuters.
https://www.reuters.com/article/us-lebanon-crisis-imf-analysis-idUSKBN242649

Reuters Staff. 07/06/2022. “UPDATE 1-Tunisia to start food and energy subsidy cuts next year”. Reuters. Thomson Reuters.
https://www.reuters.com/article/tunisia-subsidies-idUSL1N2XU0YO

Sabaghi, Dario. 2021. “Lebanon to Resume Talks with IMF, But Outcome Uncertain ''. Deutsche Welle (DW), October 18, 2021. https://www.dw.com/en/lebanon-to-resume-talks-with-imf-but-outcome-uncertain/a-59495417

Scala, Michele. 2022. "An intersectional perspective on social (in)security. Making the case for universal social protection in Lebanon". The Centre for Social Sciences Research and Action. https://doi.org/10.28943/CSKC.003.00046

Scala, Michele. 2020. Le clientélisme au travail. Une sociologie de l’arrangement et du conflit dans le Liban contemporain. Ph.D. dissertation. Aix-en-Provence: Aix-Marseille University.

El Tabch, Lana. 2018. The Lebanese Economy in 2017. Center for Economic Research. Chamber of Commerce Industry, and Agriculture in Beirut and Mount Lebanon. https://www.ccib.org.lb/uploads/60ffd954827e9.pdf

The Centre for Social Sciences Research and Action. 09/03/2022. “What policies has the Lebanese state been producing?”.
https://civilsociety-centre.org/content/what-policies-has-lebanese-state-been-producing

 The Centre for Social Sciences Research and Action. 19/04/2022. “What mobilised Jordan? Labour Rights at the Heart of Collection in Jordan in 2021”.

https://civilsociety-centre.org/content/what-mobilised-jordan-labour-rights-heart-collective-actions-jordan-2021

The Centre for Social Sciences Research and Action. May 2022. “Can the PMT Ensure Access to Social Protection to Lebanon’s Poorest?”. https://civilsociety-centre.org/content/can-pmt-ensure-access-social-protection-lebanons-poorest-0#:~:text=Evidence%20indicates%20that%20PMTs%20do,society%20can%20access%20social%20protection

The Centre for Social Sciences Research and Action. June 2022. “Timeline: Social Protection in Tunisia. February, 1959 to January, 2019”. https://civilsociety-centre.org/cap/timeline-social-protection-in-tunisia#event-_1959-creation-of-the-national-pension-fund-caisse-nationale-de-retraite-cnr-law-no-59-18-of-5-february-1959

The Centre for Social Sciences Research and Action. August 2022. “Workers Against Austerity. A Look at IMF Anti Mobilization in Tunisia in 2022”. https://civilsociety-centre.org/content/workers-against-austerity-look-anti-imf-mobilisation-tunisia-2022-0

United Nations Economic and Social Commission for Western Asia (UNESCWA). 2021. “Multidimensional Poverty in Lebanon (2019-2021). Painful Realities and Uncertain Prospects.” https://www.unescwa.org/sites/default/files/news/docs/21-00634-_multidimentional_poverty_in_lebanon_-policy_brief_-_en.pdf 

[1] وُصِفَ بالركود "المتعمَّد" بحسب البنك الدولي. راجع/ي: حركه، وسام، ابراهيم جمالي، وناجي أبو حمدة. 2020. "الركود المتعمَّد The Deliberate Depression". مرصد الاقتصاد اللبناني Lebanon Economic Monitor. مجموعة البنك الدولي.

[2] هاليك، سامانثا. 13/01/2022. "تحذر مؤسسة إنقاذ الطفل من أن تخرج الأزمة الاقتصادية في لبنان "عن نطاق السيطرة" لتدفع بالأطفال نحو مزيدٍ من الجوع في عام 2022" (Lebanon's Economic Crisis 'Spirals out of Control', Pushing Children Further into Hunger in 2022, Save the Children Warns – Lebanon). ReliefWeb.

[3] خوري، ادمون. 2022. "لبنان: الحرب في أوكرانيا تعني ارتفاعًا في الأسعار مصحوبًا بأزمة مناخية". برنامج الأغذية العالمي.

[4] لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا). 2021. "الفقر المتعدد الأبعاد في لبنان (2019-2021). 2021. واقع أليم وآفاق مبهمة".

[5] الطبش، لانا. 2018. "الاقتصاد اللبناني في The Lebanese Economy in 2017 ". مركز البحوث الاقتصادية Center for Economic Research. غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان.

[6] مكاري، نبيل. 11/03/2021. "الذكرى السنوية الأولى للتخلف عن سداد سندات اليوروبوند" (Eurobonds Default: A One Year Anniversary). صحيفة Executive Magazine.

[7] صباغي، داريو. 18/10/2021. "لبنان يستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لكنَّ النتيجة غير مؤكدة". Lebanon to Resume Talks with IMF, But Outcome Uncertain - Deutsche Welle (DW).

[8] عون، ستيفاني. 26/05/2022. "تسارع معدل التضخم في لبنان بنسبة 222.88% في نيسان/أبريل 2022". (Lebanon’s Inflation Rate Accelerates by 222.88% in April 2022). The Research Blog. BlomInvest Group.

[9] أسعار الصرف المعتمدة في فترة كتابة هذا التقرير.

[10] فرانسيس، ايلين. 13/05/2022. "لبنان ينطلق في محادثاته مع صندوق النقد الدولي لإنقاذ اقتصاده؛ والمزيد من المحادثات في الأيام المقبلة." (Lebanon Launches IMF Talks to Rescue Economy; More Talks in Coming Days) رويترز. ثومسون رويترز.

[11] نخول، ساميا. 01/07/2020. "عراقيل في محادثات الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي في ظل معاناة اللبنانيين." (Rescue Talks with the IMF 'Hit the Rocks' as Lebanese Suffer) رويترز. ثومسون رويترز.

[12] L’Orient Today. 24/01/2022. "بدأت اليوم المفاوضات الرسمية بين صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية Negotiations between the IMF and Lebanese Government Officially Began Today".

[13] صندوق النقد الدولي. 07/04/2022. "الصندوق يتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية مع لبنان للاستفادة من "تسهيل الصندوق الممدد" لمدة أربع سنوات".

[14] المرجع نفسه.

[15] أزهري، تيمور، ومايا جبيلي. 04/07/2022. "تعليق خطة تعافي لبنان بسبب تغييرات اقترحها رئيس الوزراء - المشرّع المالي." (Lebanon Recovery Plan Held Up by Changes from PM - Finance Lawmaker) رويترز. ثومسون رويترز.

[16] وكالة فرانس برس (AFP). 20/05/2022. "مجلس الوزراء اللبناني يقر خطة التعافي المالي في جلسته الأخيرة." (Lebanon Cabinet Passes Financial Recovery Plan During Last Session).

[17] حجازي، صلاح. 30/05/2022. "لماذا تُعارض الطبقة السياسية بأكملها خطة التعافي التي وضعتها حكومة ميقاتي." (Why the Entire Political Class is Opposed to the Mikati Cabinet’s Recovery Plan). L’Orient Today.

[18] صندوق النقد الدولي، 07/04/2022.

[19] تستند المعلومات التالية إلى ما جمعناه من معلومات، وهو مقتبس من: صندوق النقد الدولي، 07/04/2022.

[20] مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية. 09/03/2022. "ما هي السياسات العامة التي تُصدِرُها الدولة اللبنانية؟".

[21] صندوق النقد الدولي، 07/04/2022.

[22] أزهري، تيمور. 26/07/2022. "مجلس النواب اللبناني يقر تعديلات على قانون السرية المصرفية." (Lebanon Parliament Passes Amendments to Banking Secrecy Law) رويترز. ثومسون رويترز.

[23] جبيلي، مايا. 01/09/2022. "صندوق النقد: قانون السرية المصرفية في لبنان لا يزال تشوبه ’أوجه قصور رئيسية‘." رويترز. ثومسون رويترز.

[24]  صندوق النقد الدولي. 21/09/2022. "خبراء الصندوق يختتمون زيارةً إلى لبنان".

[25] داخلي، ليلى، وفينسنت بونكاز. 2021. "عندما يتمرّد الناس "المتكيّفون": التحرر الاقتصادي والثورات الاجتماعية في أفريقيا والشرق الأوسط (من الثمانينات حتى يومنا هذا)". When “Adjusted” People Rebel: Economic Liberalization and Social Revolts in Africa and the Middle East (1980s to the Present Day) الصحيفة الدولية للتاريخ الاجتماعي International Review of Social History، 66 (إصدار خاص S29).

[26] شندول، جيهان. 2017. "تونس وصندوق النقد الدولي: ظلم انتقالي". Tunisia and IMF: Transitional Injustice شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية؛ عبده، نبيل. 2019. "الأثر الجندري لسياسات صندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حالات مصر والأردن وتونس" The Gendered Impact of IMF Policies in MENA. The Cases of Egypt, Jordan and Tunisia. مذكرة إحاطة صادرة عن منظمة أوكسفام. أوكسفام.

[27] عبده، نبيل وآخرون. 2020. "صندوق النقد الدولي ولبنان: المضي قدمًا في مسار طويل". The IMF and Lebanon: The Long Road Ahead ورقة سياسة عامة صادرة عن منظمة أوكسفام. أوكسفام.

[28] مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية. 19/04/2022. "ما الذي حرّك الأردن؟ حقوق العمّال في طليعة التحركات الاجتماعية في الأردن خلال العام 2021".

[29]  داخلي، ليلى. 2021. القيمة العادلة للخبز: تونس. The Fair Value of Bread: Tunisia منشورات جامعة كامبردج.

[30] فريق عمل رويترز. 07/06/2022. "التحديث رقم 1 - تونس ستبدأ خفض الدعم للمواد الغذائية والطاقة العام المقبل." UPDATE 1 - Tunisia to start food and energy subsidy cuts next year رويترز. ثومسون رويترز.

[31] مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية. آب/أغسطس 2022. "عاملون وعاملات ضدّ التقشّف. نظرة حول التحرّكات المناهضة لصندوق النقد الدولي في تونس في العام 2022".

[32]  كونور، ايلي. 28/10/2016. "صندوق النقد الدولي يرحب بتدابير التقشف التي تتخذها مصر وينصح بعدم رفع الدعم عن المواد الغذائية". IMF Welcomes Egypt's Austerity Measures, Advises against Lifting Food Subsidies - مدى مصر.

[33] مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية. أيار/مايو 2022. "هل يمكن للاختبار بالوسائل غير المباشرة لقياس مستوى الدخل أن يضمن الوصول إلى الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر فقرًا في لبنان؟" Can the PMT Ensure Access to Social Protection to Lebanon’s Poorest?.

[34]  كيد، ستيفن، بيورن جيلدرز، وديلوا بيلي-أثياس. 2017. "الإقصاء عن قصد. تقييم فعالية آلية الاختبار بالوسائل غير المباشرة لقياس مستوى الدخل لاستهداف الفقر" Exclusion by design. As assessment of the effectiveness of the proxy means test poverty targeting mechanism، ورقة عمل EES رقم 56. مكتب العمل الدولي/مسارات التنمية Development Pathways.

[35] شندول، جيهان وآخرون. أيلول/سبتمبر 2022. "الكشف عن دور صندوق النقد الدولي في تقليص الحماية الاجتماعية، دراسات حالات من تونس والأردن والمغرب" Uncovered: The Role of the IMF in Shrinking the Social Protection, Case Studies from Tunisia, Jordan and Morocco. مؤسسة فريدريش إيبرت. https://library.fes.de/pdf-files/bueros/tunesien/19559.pdf.

[36]  المرجع نفسه.

[37]  غنام، عمر، وكريم مجاهد. 2022. "الإقراض من أجل التنمية في حالة مصر: بين الحقيقة والسراب." شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية.

[38] Ahram Online. 17/10/2022. "انخفض معدل الفقر في مصر إلى 29.7% في 2019/20: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء". Egypt’s poverty rate dropped to 29.7% in 2019/20: CAPMAS

[39] ديوان، اسحق، وجمال ابراهيم حيدر. 2017. "هل تقلل الروابط السياسية من خلق فرص العمل؟ أدلة من لبنان" Do Political Connections Reduce Job Creation? Evidence from Lebanon، ورقة عمل رقم 70، مركز التنمية الدولية في جامعة هارفرد، هارفرد.

[40]  لوور. 2013. المياومون في الإدارات العامة والمصالح المستقلة والبلديات. انتهاك لحقوق العمال وتجاوز للقوانين، بيروت: لوور- دياكونيا.

[41] مجلس الخدمة المدنية.

[42]  سكالا، ميكيلي. 2020.Le clientélisme au travail. Une sociologie de l’arrangement et du conflit dans le Liban contemporain. أطروحة دكتوراه. Aix-en-Provence: جامعة Aix-Marseille.

[43] سكالا، ميكيلي. 2022. "مقاربة تقاطعيّة للضمان الاجتماعي. نحو حماية اجتماعيّة شاملة في لبنان". مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية.

[44] لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا). 2021. "الفقر المتعدد الأبعاد في لبنان (2019-2021). واقع أليم وآفاق مبهمة."

[45]  لمزيد من المعلومات حول تأثير الاستهداف وتحديدًا "الاختبار بالوسائل غير المباشرة لقياس مستوى الدخل" في لبنان، راجع/ي: مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية، أيار/مايو 2022.

APA
(2023). إنقاذ أم تخلّي عن الحقوق؟ الكلفة العالية للاتّفاق مع صندوق النقد الدولي في لبنان.
MLA
إنقاذ أم تخلّي عن الحقوق؟ الكلفة العالية للاتّفاق مع صندوق النقد الدولي في لبنان, 2023.
Harvard
2023, إنقاذ أم تخلّي عن الحقوق؟ الكلفة العالية للاتّفاق مع صندوق النقد الدولي في لبنان.
Chicago
إنقاذ أم تخلّي عن الحقوق؟ الكلفة العالية للاتّفاق مع صندوق النقد الدولي في لبنان. 2023