تبحث هذه الدراسة الاثنوغرافية في المسارات والتجارب التي تعيشها النساء اللواتي يُعِلْنَ أسرهنّ في لبنان، كما تُركّز على التحديات وآليات التكيّف خلال الأزمة الاقتصادية التي بدأت منذ أواخر العام ۲٠۱۹.
تُقدّم الدراسة نظرةً معمّقة على مسارات إحدى عشرة امرأة مُعيلة، كما أنها مبنيّة على منهجية نوعية تعتمد بالدرجة الأولى على مقابلات معمّقة وشبه منظّمة أُجريت مع هؤلاء النساء. يغطي التحليل جوانب مختلفة من حياتهنَّ، مثل الظروف الاجتماعية-الاقتصادية، والعمل والتعليم، والشبكات الاجتماعية، والشعور بالخوف وانعدام الأمن، إلى جانب التركيز على آليات التكيُّف التي يعتمدنَها، وكذلك على أحلامهنَّ وآمالهنَّ ووجهات نظرهنَّ. بالتالي، تسعى الدراسة إلى إلقاء الضوء على الظروف المعيشية لهؤلاء النساء من خلال تجاربهنّ وآرائهنّ. جميعهنَّ يرَوْنَ أن وضعهنَّ صعب وتُثقل كاهلهنَّ المسؤوليات المتعددة فضلًا عن الشعور بالخوف وعدم الاستقرار وقلة الدعم الهيكلي.
تبدو هذه الهيكليات والتجارب المتقاطعة والمُوزَّعة على عدّة مستويات من التمييز والعنف والتهميش وكأنها حلقة مفرغة تتجاوزها النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ باستمرار، ولكنّهنّ يعجزنَ عن كسرها. لذلك، يبدو للوهلة الأولى أن آليات التكيُّف تقتصر بشكل أساسي على ردود الفعل النفسية مثل "التحلي بالقوة" أو "التحلي بالمرونة" و"تدبير الأمور رغم كل الصعوبات". ومع ذلك، تتكيّف هؤلاء النساء أيضًا من خلال الاستعانة بشبكات التضامن النسائية غير الرسمية والعلاقات الشخصية، بدءًا بالأصدقاء، مرورًا بالزميلات، وصولًا إلى النساء الأخريات في ظروف مماثلة. تصف النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ هذه الشبكات على أنها مصدر قوتهنَّ ومصدرٌ للراحة فضلًا عن كونها مصدرًا للدعم الاستراتيجي وبالتالي الصمود ومقاومة الأزمات.

المقدمة
تبحث هذه الدراسة في المسارات والتجارب التي تعيشها النساء اللواتي يُعِلْنَ أسرهنّ في لبنان، كما تُركّز على التحديات وآليات التكيّف خلال الأزمة الاقتصادية التي بدأت منذ أواخر العام ۲٠۱۹.
"الأسر التي تُعيلها نساء" هو مصطلحٌ غامضٌ إلى حدٍّ ما وغالبًا ما يُستخدَم لسياقات وظروف مختلفة للنساء[1]. فالمرأة التي ترأس أسرة قد تعيش بمفردها، أو بمفردها مع أولادها، أو مع زوج ليس هو المعيل الرئيسي في المنزل. وقد تكون مسؤولةً عن نفسها أو عن أولادها أو عن زوجها أو عن أقارب/أشخاص آخرين يعيشون مع الأسرة. في هذه الدراسة، يُشير المصطلح إلى التعريف الذاتي للنساء أنفسهنّ: هنَّ يعتبرنَ أنفسهنَّ الشخص الرئيسي المسؤول عن الاهتمام بالأعمال المنزلية والأسرة، وتسديد الفواتير، والأهمّ من ذلك أنهنَّ المُعيل الأساسي والمسؤول الأوّل عن اتّخاذ القرارات داخل الأسرة. ولا تقتصر هذه القرارات على الشؤون المصنّفة على أساس النوع الاجتماعي و"المتوقَّعة" بشكل عام من النساء داخل الأسر، كالقرارات المتعلقة بالأعمال والواجبات المنزلية أو الطعام، بل تُشير غالبًا إلى المسؤوليات المتعلقة بميزانية الأسرة ونفقاتها، والوضع المعيشي، وقواعد الأسرة.
تتنوّع المسارات الحياتية للنساء اللواتي شملهنّ هذا البحث: نساءٌ منفصلات عن شريكهنَّ، أو نساءٌ توفّي شريكهنَّ، أو نساء يعشنَ بمفردهنَّ، أو نساء عازبات يعشنَ مع أطفالهنَّ، أو نساء "يرأسنَ" الأسرة بالرغم من وجود رجل واحد أو عدّة رجال ولكنّه(هم) لا يساهم(ون) في المسؤوليات المتعلقة بالأسرة وقراراتها.
في السنوات القليلة الماضية، ركّزت أبحاث كثيرة على الأسر التي تُعيلها نساء، ويُعزى ذلك بالدرجة الأولى إلى أنّ عدد الأسر التي تُعيلها نساء يتزايد عالميًا (لبني وآخرون، ۲٠۲٠: ۲). في معظم الأبحاث، يُسلَّط الضوء على التحديات المتعددة والظروف الصعبة التي تواجه الأسر التي تُعيلها نساء، مع التركيز على جوانب الهشاشة الاجتماعية-الاقتصادية، وعدم استقرار الأوضاع المعيشية وظروف العمل، وسوء الحالة الصحية (النفسية والجسدية)، والعزلة الاجتماعية (بوفينتش وراو غوبتا ۱۹۹٧؛ شانت ۱۹۹٧، ۲٠٠۸؛ رضائي، محمدينيا وسميزادة ۲٠۱٣). وتتطرّق دراسات أخرى إلى مرونة النساء وكفاءتهنّ في إعالة الأسرة وإدارتها (بينوسي ۲٠٠٦؛ ثوماس، وريان ۲٠٠۸). غير أنَّ هذين النهجَيْن يندرجان ضمن سياق التعميم: فكما يوضح هذا البحث، تعتمد الظروف المعيشية وأوضاع النساء اللواتي يُعِلْنَ أسرهنّ على سياقات مختلفة، منها الوضع الاجتماعي-الاقتصادي، والوضع العائلي، والوضع القانوني، وآليات الدعم والحماية (الأصدقاء، والعائلة، والضمان الاجتماعي الذي توفره الدولة) إلى جانب السياق الاجتماعي-السياسي الذي تعيش فيه النساء. وهناك أيضًا عوامل مختلفة بيوغرافية أو ظرفية تدفع النساء إلى تحمّل هذه المسؤوليات: في سياقات كثيرة، يؤدي النهوض بحقوق المرأة، وتزايد الحقوق الاجتماعية-الاقتصادية وتراجُع القِيَم العائلية إلى اختيار الكثير من النساء إعالة الأسرة وحدهنَّ أو قبولهنّ بذلك (شانت ۱۹۹٧؛ مقدم ۲٠٠٥؛ سعد وآخرون ۲٠۲۲؛ جنسن وثورنتون ۲٠٠٣؛ مينش، سينغ وكاسترلاين ۲٠٠٥). في سياقات أخرى، غالبًا ما تؤدي الهجرة الاقتصادية، أو الهجرة القسرية، أو العنف، أو الفقر، إلى دفع النساء للعيش بمفردهنَّ، أو تتولّى المرأة وحدها مسؤولية إعالة الأسرة. وجديرٌ بالذكر أن وجود الإناث على رأس الأسرة ليسَ سِمَةً ثابتة في حياتهنّ، بل هي ظروف مرحلية في حالات كثيرة ضمن سياق مؤقت يعِشنَ فيه.
لا توجد في لبنان دراسة شاملة حول الأسر التي تُعيلها نساء لغاية اليوم. فعلى حدّ علمنا، لم يتم إجراء سوى دراستَيْن حول هذه الفئة منذ التسعينات. نشرَت صحيفة "الرائدة" عام ۱۹۹٧ مقالةً قصيرةً تستند إلى سبع مقابلات مع نساء يُعِلْنَ أُسَرهنّ. وفي حين أن المقالة وصفية بالإجمال، غير أنها اختُتِمَت بالقول إنّه لا يمكن التعميم بشأن وضع الأسر التي تُعيلها نساء في لبنان وإن "وضعها (...) يعتمد على الكثير من العوامل" (إسماعيل ۱۹۹٧، ۲٥). لكنَّ هذه الدراسة تُعتبَر غير كافية لناحية الرؤى التحليلية، كما أنَّها قديمة ولا تنطبق على الواقع الحالي للبلد إذ إنَّ الأزمة الاجتماعية-الاقتصادية المستمرة منذ العام ۲٠۱۹ قد أثّرت بشكل كبير على كل سكان البلد، ولا سيما النساء.
يحتوي تقريرٌ إحصائيّ نُشر مؤخرًا بعنوان "واقع النساء والرجال في لبنان" (ساسو وضاهر ۲٠۲۱) على بياناتٍ مفيدة وأكثر حداثةً، إلّا أنَّها تُشير أيضًا إلى الوضع قبل الأزمة. ويركز التقرير، من بين أمور أخرى، على نساء بالغات عازبات وأُسَر مُقتصِرة على أحد الوالدَيْن وتضم أطفالًا دون سنّ ۱٥ عامًا. وتَبيَّنَ أنَّه بين عامي ۲٠٠٤ و۲٠۱۹، ازدادت نسبة النساء البالغات اللواتي يعشنَ بمفردهنَّ[2] بمعدّل ۲.٥%. وعلى الرغم من أن نسبة الأسر المُقتصِرة على أحد الوالدَيْن منخفضة جدًا في لبنان (أقل من ۱%)، فإن أكثر من ٧٥% من هذه الأسر التي تضمّ أطفالًا دون سن ۱٥ عامًا ترأسها نساء (ساسو وضاهر ۲٠۲۱، ۲٥).
باختصار، لا يزال البحث حول وضع النساء اللواتي يُعِلْنَ أسرهنّ في مراحله الأولية، ولم تتناول الدراسات تجاربهنّ خلال الأزمة الراهنة.
لا ندّعي أنّ هذه الدراسة شاملة، لكنها تسعى إلى المساهمة في سدّ الثغرات المذكورة أعلاه من خلال تقديم بعض الرؤى التحليلية حول الوضع الحالي للأسر التي تُعيلها نساء في لبنان. ولتحقيق ذلك، تُقدّم الدراسة نظرةً معمّقة على مسارات إحدى عشرة امرأة مُعيلة، كما أنها مبنيّة على منهجية نوعية تعتمد بالدرجة الأولى على مقابلات معمّقة وشبه منظّمة أُجريت مع هؤلاء النساء. يغطي التحليل جوانب مختلفة من حياتهنَّ، مثل الظروف الاجتماعية-الاقتصادية، والعمل والتعليم، والشبكات الاجتماعية، والشعور بالخوف وانعدام الأمن، إلى جانب التركيز على آليات التكيُّف التي يعتمدنَها، وكذلك على أحلامهنَّ وآمالهنَّ ووجهات نظرهنَّ. بالتالي، تسعى الدراسة إلى إلقاء الضوء على الظروف المعيشية لهؤلاء النساء من خلال تجاربهنّ وآرائهنّ.
لقد شكّلَت الأزمة السياسية والاقتصادية المتعددة الجوانب التي تعصف بلبنان منذ نهاية عام ۲٠۱۹ موضوعًا متكررًا في المقابلات التي أُجريت، وأثّرت بشكلٍ ملحوظ على حياة جميع النساء اللواتي تمّت مقابلتهنَّ. تكشف شهادات النساء أنّ الأزمة باتت عنصرًا إضافيًا في مساراتهنَّ الفردية، فجلبت معها تحديات جديدة ودفعت بهنَّ إلى تعديل استراتيجيات التكيّف التي يعتمدنها.
تُقدّم المقابلات صورةً مُصغّرة عن الأوضاع المتباينة للأسر التي تُعيلها نساء بالإضافة إلى استراتيجيات التكيُّف المختلفة، لكنها تُسلِّط الضوء أيضًا على السمات المشتركة. فعلى الرغم من الاختلافات في السنّ ومستوى التعليم والوضع العائلي والمعيشي، فضلًا عن الوضع الاجتماعي-الاقتصادي، معظم النساء اللواتي تمّت مقابلتهنَّ يتشاركنَ الوعي لكونهنَّ المُعيلات لأُسَرهنّ ولناحية التحديات المتنوّعة التي تُرافِق هذا الواقع. يتراوح هذا الوعي بين الشعور بالفخر حيال الاعتماد على الذات والقدرة على إدارة مهام متعددة في آنٍ واحد من ناحية، والشعور بالإرهاق والعزلة والوحدة من ناحيةٍ أخرى. واللافت أنّ التحدي المتكرر والمشترك الذي عبَّرت عنه هذه المجموعة المتباينة هو انعدام الأمن من حيث آليات الحماية الاجتماعية المقدّمة من الدولة، أو شبكات الأمان التي من شأنها أن تحميهنَّ من الهيكليات الذكورية، وما يترتّب على ذلك من استغلال وعنف وتحيّز جنساني يتعرّضنَ له في حياتهنَّ اليومية. ازدادت هذه التحديات خلال السنوات الثلاث الماضية منذ بداية الأزمة في لبنان، وأعربت نساء كثيرات من اللواتي حاورناهنّ عن أملهنَّ في إحداث تغيير في حياتهنَّ أو عن رغبتهنَّ في مغادرة البلد في المستقبل القريب.
المنهجية
تستند الدراسة إلى مقابلات نوعية معمّقة وشبه منظمة مع إحدى عشرة امرأة في لبنان: خمس مهاجرات/لاجئات وستّ مواطنات لبنانيات. كما أنّ النساء الإحدى عشرة لديهنّ خلفيات اجتماعية-اقتصادية وتعليمية/مهنية مختلفة. تتراوح أعمار النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ بين ۲٥ و٧٥ عامًا. ثمانية منهنَّ يعشنَ مع أولادهنَّ، واثنتان تعيشان بمفردهما، وواحدة تعتني بوالدتها العجوز. أما المواضيع التي تناولتها المقابلات فهي الوضع الاجتماعي-الاقتصادي، والعمل/الحياة المهنية والتعليم، وشبكة الأصدقاء والعائلة، والظروف المعيشية، والسيرة الذاتية منذ الطفولة، وتربية الأطفال، وتجارب العنف والإذلال والاستغلال، وتجارب الدعم والصداقة والسعادة، وكذلك الآمال والرغبات والآفاق المستقبلية. لقد أُجريت المقابلات بواسطة مُحاوِرات إناث مع التأكيد على الحفاظ على سرّية معلوماتهنَّ الشخصية. وتم حجب هوية جميع الأسماء المُستخدمة في الدراسة.
1.تحديات تقديم الرعاية كعمل غير مأجور
"غادرَ زوجي منذ عامين، قبل شهر من ولادة طفلي الأخير. لقد اختفى من دون سابق إنذار. كان يُعاني من بعض المشاكل المالية، وكان الناس يأتون إليه ويُطالبونه بالمال ويهدّدونه. وفي يوم من الأيام، اختفى. منذ ذلك الحين، لا أعرف مكان تواجده أو ماذا يفعل. سألتُ عنه في كل مكان، وحاولتُ إيجاده، لكن بعد مرور عامين ما زلت لا أملك أدنى فكرة. لدي ستة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر ۹ سنوات. لا أستطيع العمل إذ يجب أن أعتني بهم وليس لديّ شخص آخر لمساعدتي في ذلك. منذ عام، عملتُ في أحد حقول زراعة البطاطا وتركتُ خمسة من أطفالي مع جارتي وأخذتُ الصغير معي. كانت الجارة تتذمّر طوال الوقت، فقررتُ ترك العمل بعد مرور شهر واحد. لكنّ الخوف يُطاردني يوميًا من عدم القدرة على إطعام أطفالي."[3] |
مريم شابة سورية تعيش مع أولادها الستة في مخيّم في سعدنايل. تكشف شهادتها عن المعضلة التي تواجه الكثير من النساء اللواتي أُجريت معهنّ المقابلات: بصفتهنَّ المُعيلات الرئيسيات، يُجبَرنَ على العمل لتغطية نفقاتهنَّ، وفي الوقت نفسه لا يمكنهنّ العمل بدوامٍ كامل بسبب مسؤولية الاعتناء بالأطفال أو الأشخاص الآخرين المحتاجين في الأسرة، فيقف ذلك عائقًا أمام تقدّمهنّ في حياتهنَّ المهنية أو قد يعجزن عن العمل على الإطلاق. تنتمي مريم إلى المجموعة الأخيرة العاطلة عن العمل وتعتمد على الدعم من جيرانها أو أصدقائها أو المنظمات غير الحكومية التي تُزوِّد المخيم بالمساعدات على أساس غير منتظم. في المقابل، تمكّنت الكثير من النساء الأخريات من العمل، ولكنهنَّ يصفنَ مسؤولية رعاية أفراد الأسرة والاعتناء بالمنزل كعبءٍ إضافي يصعب التعامل معه.
في لبنان، لا يكاد يوجد أي ضمان اجتماعي أو مساعدة للأهل أو الأطفال أو كبار السن/المرضى. كذلك، فإنَّ نظام الحماية الاجتماعية المُشرذم وغير الكافي يرتبط بالعمل النظامي، فتُحرَم غالبية السكان المقيمين في البلد من الدعم (سكالا ۲٠۲۲: ٤). في العام ۲٠۲۱، كانَ شخصٌ واحدٌ فقط من بين كل شخصَيْن لُبنانيَّيْن، وشخصٌ واحدٌ من بين كل ثلاثة أشخاص غير لبنانيين مقيمين في لبنان، مشمولًا بشكلٍ من أشكال الحماية الاجتماعية (منظمة العمل الدولية ۲٠۲۱: ٥ و۹).
يمنح بعض مزوّدي الضمان الاجتماعي، مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[4]، بدل إعالة عن كل طفل شهريًا للمسجلين/ات فيه، بالإضافة إلى التغطية الصحية لأولاد العامل/ة المسجَّل/ة وأهله/ا، غير أنّ هذا الدعم بالكاد كانَ كافيًا قبل الأزمة (سكالا ۲٠۲۲: ۱٦؛ عبده ۲٠۱۹: ٧). أما اليوم، فالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يمنح ويسدّد التكاليف بسعر الدولار الرسمي البالغ ۱٥٠٧.٥ ليرة لبنانية، فيُعتبَر الدعم المحدود الذي يمنحه شبه معدوم عمليًا. ونظرًا إلى افتقار البلد إلى نظامٍ مناسب للتقاعد، يُترَك معظم كبار السن من دون أي دخل، وبالتالي يعتمدون على نُظُم الدعم غير الرسمية مثل الأقارب (أبي شاهين ۲٠۲۲).
لدى سؤالنا عن آليات التكيّف، تَبيَّنَ أنّ معظم المتحدّثات يعتمدْنَ على المساعدة من أشخاص آخرين في رعاية الأطفال أو الأقارب المرضى، إما عن طريق الأسرة أو الأصدقاء، أو عن طريق الاستعانة بالرعاية المدفوعة الأجر. وجميعهنَّ يعتبرن أنّ آليات التكيّف هذه حتميّة في ظل غياب هيكليات الرعاية التي تُقدّمها الدولة مثل دور الحضانة، أو الرعاية بعد المدرسة، أو رعاية المسنين، أو إجازات الأمومة الكافية، أو المِنَح المخصصة للأطفال. وتُشكّل ضرورة دفع تكاليف الرعاية عبئًا إضافيًا تعجز الكثير من النساء عن تحمّله اليوم، بل معظم المتحدّثات يصفنَ أيضًا الرعاية الخارجية التي يستعينون بها - المدفوعة أو المجانية - بأنها عبء نفسي وليست مصدرًا للراحة. هكذا تصِف باميلا حياتها لنا، وهي امرأة مطلّقة حديثًا عاد زوجها السابق إلى مصر ولديها طفلان:
"في الصباح، أصطحبُ الأطفال إلى المدرسة ثم أذهب إلى العمل. يمتدّ دوام عملي كمصمّمة غرافيكية من الساعة التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً. لديّ نظام ثابت لرعاية الأطفال: خلال ثلاثة أيام من الأسبوع، أستعينُ بامرأةٍ تتكفّل باستقبال الأطفال عند عودتهم من المدرسة، ثمّ تُحضّر الغداء وتعتني بهم لحين عودتي من العمل. وتقوم أيضًا بتنظيف المنزل وغسل الأطباق/الملابس وإلخ. يوصلهم باصُ المدرسة في اليومين الباقَيْين من الأسبوع إلى منزل والدتي مباشرةً حيث تعتني بهم. أتقاضى راتبًا جيدًا، وبالتالي يمكنني دفع تكاليف المساعدة الإضافية والباص المدرسي، لكنني لستُ مرتاحة نفسيًا. فأنا أشعر بالذنب لأنني لا أعتني بأولادي، وأشعر بالخجل لأنني أعتمد على والدتي، ويُرافِقُني شعورٌ دائمٌ بالذنب لأنني لا أُخصّص وقتًا كافيًا لأطفالي. في المساء أشعر بالإرهاق، وفي نهاية الأسبوع يتوجّب عليّ القيام ببعض الأعمال المنزلية بنفسي. أعتقد أنّ أطفالي يعانون من نمط الحياة هذا وسيظهر ذلك في مرحلة معيّنة..."[5] |
على الرغم من هذه التحديات، تَعتَبِر النساء اللواتي شملتهنّ المقابلات أنَّ مهمة رعاية الأطفال أو الأقارب الكبار في السنّ/المرضى هي مسؤوليتهنَّ الحتمية التي يُناضلنَ من أجلها بصرف النظر عن كلّ الظروف. يتداخل الشعور بالذنب مع الشعور بالمسؤولية ويرتبطان ارتباطًا مباشرًا بالأدوار الجندرية والتوقّعات الضمنية من النساء باعتبارهنَّ مقدم الرعاية الرئيسي بل الوحيد لأفراد الأسرة الآخرين كما في حالات النساء اللواتي شملتهنَّ العيّنة البحثية.
بالنسبة إلى الكثير من النساء، يُؤثّر الالتزام بهذه المسؤولية على حياتهنَّ ومسيرتهنّ المهنيّة. سهام امرأة لبنانية تبلغ من العمر ٥٠ عامًا، تطلّقت عندما كانت في الخامسة والثلاثين من عمرها وكان طفلاها صغيرين آنذاك. بموجب قانون الأحوال الشخصية الخاصّ بالمحكمة الدينية التي تزوجت فيها (ويُعزى ذلك أساسًا إلى طائفة زوجها)، بقيَ الأطفال مع زوجها ولم يُسمح لها برؤيتهم سوى مرة واحدة في الأسبوع.[6] لقد أجبرتها هذه الأنظمة على التخلي عن حلمها في أن تصبح ممرضة. وعوضًا عن ذلك، أصبحت تعمل في فندق لتتمكّن من استئجار مكان صغير لاستضافة أطفالها. تروي سهام:
"بعد طلاقي، انتقلتُ إلى منزل أخي ولم يكن لديّ مانع في ذلك. لكنه كانَ قد تزوج حديثًا ولديه طفلان صغيران، لذلك تعذّر عليّ إحضار أطفالي إلى هناك أيضًا. في تلك المرحلة، أُتيحت لي فرصة دراسة التمريض. كانَ ذلك حلمي، لكنني أردتُ رؤية أطفالي، فعملتُ لسنوات في قسم غسيل الملابس في أحد الفنادق لأتمكّن من استئجار منزل واستضافة أولادي فيه."[7] |
تعكس قصة سهام قلّة الدعم المقدّم من الدولة أو غيابه من جهة، وقوانين الأحوال الشخصية التمييزية من جهة أخرى، ويزيد هذان العاملان بشكلٍ مباشر العبءَ المزدوج بين تقديم الرعاية والعمل المأجور. كما أنها تُظهر تأثير المسؤوليات الرعائية للمرأة على تعليمها وخياراتها المهنية، فضلًا عن ظروف العمل التي تُجبَر على تحمّلها.
2.انعدام الأمن الهيكلي والاجتماعي: المرأة في العمل المأجور
أظهرت الكثير من الدراسات حول النساء اللواتي يُعِلْنَ أسرهنّ في بلدان مختلفة أنّ هؤلاء النساء غالبًا ما يواجهنَ ظروفَ عملٍ غير مستقرّة ويُجبَرنَ على العمل في وظائف غير نظامية أو بأجور متدنّية أو بدوام جزئي أو في مناصب لا ترقى إلى مستوى مؤهّلاتهنّ (شانت ۲٠٠٣: ۸؛ سعد وآخرون: ۲). وتكونُ عادةً ظروف العمل هذه ناتجةً عن تقاطع المسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة. يُسجِّلُ لبنان نسبةً مرتفعة من العمل غير النظامي، وفجوةً كبيرة بين الرجال والنساء في سوق العمل[8]، فضلًا عن الفجوة بين الجنسَيْن لناحية توزيع الدخل[9]. وتَظهَر عواقب هذه الديناميات الهيكلية بين النساء اللواتي تحدّثنا إليهنّ واللواتي يعانينَ من ظروف عمل غير مستقرّة بشكلٍ أو بآخر، وهو وضعٌ يزدادُ سوءًا في ظلّ الأزمة المستمرة في لبنان. ضمن الطبقات الاجتماعية-الاقتصادية المتدنّية، لا سيما ضمن مجتمعات المهاجرين/ات واللاجئين/ات، تواجهُ النساء اللواتي أُجريت معهنّ المقابلات ظروفَ عملٍ تتّسم بالاستغلال والدخل المتدنّي والعمل غير النظامي والانقطاع المتكرّر عن العمل. ولكن، حتى النساء اللواتي يكسبنَ دخلًا مرتفعًا يُواجهنَ أيضًا حالةً من عدم الاستقرار وانعدام الأمن والضبابية القانونية في ظروف عملهنَّ. سلمى امرأة في العقد الرابع من عمرها ولا يستطيع زوجها العمل بسبب المرض، ولديها طفل عمره سنتان. عملت سلمى على مدار السنوات الست الماضية مع منظمة غير حكومية دولية كمديرة برامج، إلى أن تم فصلها من العمل بدون سابق إنذار.
"منذ البداية، لم يكن لدينا سوى عقود استشارية يتم تجديدها مرة واحدة في السنة، لذلك لم تكن هناك أي مخصصات رسمية. ويُعتبر هذا الأمر شائعًا في أوساط المنظمات غير الحكومية في لبنان. لقد عملوا على تعويض ذلك من خلال تقديم رواتب مرتفعة إلى حدٍّ ما، وضمان صحي خاص، ومكافأة سنوية. وكان هذا الوضع مناسبًا لي. منذ اندلاع الأزمة، أصبح المال في صلب اهتمامات الناس، فلا أحد يملكه، والجميع بحاجة إليه. أنا أعيل عائلتي، وأدفع مع أسرة زوجي كافة النفقات في المنزل. في يومٍ من الأيام، أخبرني مديري أنّهم سيُخفّضون أعمالهم في لبنان وبالتالي لن يتم تجديد عقدي. لقد عرضوا عليّ تعويضًا معيّنًا، لكنني حاولتُ المطالبة بحقّي القانوني بعقدٍ غير محدد المدة. لم يدرسوا طلبي، ولم أستطع اللجوء إلى القضاء لأنّ جلسات المحاكمة كانت متوقّفة منذ أشهر بسبب إضرابات القضاة. حتى أنهم تجرّؤوا على القول بأنه يجب أن أكون سعيدة لأنني أتقاضى تعويضي بالدولار الأمريكي في ظلّ الأزمة الاقتصادية. لم يكن أمامي أي خيار سوى قبول فصلي من العمل بطريقة غير عادلة والبحث عن وظيفة أخرى."[10] |
تتشابه رواية سلمى مع تجارب الكثير من العاملين/ات في قطاع المجتمع المدني الذين/اللواتي يتم توظيفهم/هنَّ غالبًا على أساس "غير نظامي" أو بموجب عقود قصيرة الأمد أو عقود استشارية، من دون أي آليات رسمية للحماية الاجتماعية. وعلى الرغم من أن الرواتب في المنظمات غير الحكومية الدولية مرتفعة نسبيًا، حتّى للموظفين/ات المحليين/ات، غير أن هذه المنظمات تتجنّب تسجيل الموظفين/ات المحليين/ات في الضمان الاجتماعي، فتبقى أوضاعهم/نّ غير مستقرّة. وعلى عكس مهمّات الكثير من هذه المنظمات، يُساهم ذلك في إعادة إنتاج ديناميات السلطة القائمة على التبعية وانعدام الأمن (أبي ياغي/يمّين ۲٠۱۹).
وصفت المتحدّثات الأخريات كيف أنّ مسار حياتهنَّ المهنية يتأثّر بكونهنَّ نساء في المقام الأول، وكونهنَّ نساء مسؤولات وحدهنَّ عن كسب الرزق في المقام الثاني، وقلّما يُترَك لهنّ أيُّ خيارٍ آخر. أخبرتنا سارة، وهي عاملة مهاجرة من سري لانكا، كيف اضطرت إلى مغادرة المدرسة في سنّ ۱٣ عامًا لمساعدة والدتها. وبعد وفاة والدتها، اضطرت سارة إلى العمل لمواصلة تعليم إخوتها. في نهاية المطاف، غادرت إلى لبنان للعمل كعاملة منزلية كي يتمكّن إخوتها من متابعة تعليمهم العالي. لديها اليوم ولدان، وأمنيتها الأولى هي ألا ينتهي بهما الأمر بالعمل في "منزل شخص آخر". فهي تتمنّى لابنتها حياةً مهنية قائمة على "الاحترام":
"أريد أن تكبر ديانا وتذهب إلى المدرسة. أريدها أن تعمل في المستقبل في الأعمال التجارية مثلًا، أو في مكتب، وليس في منزل شخص آخر أبدًا. لا أريدها أن تعيشَ حياةً شبيهة بحياتي. لا أتمنى هذه الحياة لألدّ أعدائي."[11] |
في حالة العاملات المنزليات المهاجرات، ترتبط ظروف العمل ومساراته إلى حدّ كبير بوضعهنَّ القانوني والإداري في لبنان، بالإضافة إلى الديناميات العنصرية والذكورية التي تؤدي إلى تدهور الوضعَين الاجتماعي والاقتصادي.
3.عدم الشرعية والعنصرية: التحديات التي تواجه اللاجئات والمهاجرات
بالنسبة إلى سارة التي تعمل كعاملة مهاجرة في لبنان منذ ۲۹ عامًا، فإن أشكال التمييز والقيود الهيكلية والاجتماعية المذكورة أعلاه تتفاقم بسبب عملها بموجب نظام الكفالة[12]. لذلك، لا يخضع عملها في لبنان للأنظمة الرسمية (أي قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي)، الأمر الذي يجعلها عُرضة لمزيدٍ من الاستغلال الهيكلي والإذلال وانعدام الاستقرار. من خلال نظام الكفالة، تكون إقامة سارة وحياتها المهنية في لبنان مرتبطة قانونًا بكفيلها الذي يستطيع أن يفرض أيّ شروط عمل عليها، وهو مَنْ يُحدِّد ما إذا كانت ستبقى في لبنان أم لا. ينطبق نظام الكفالة بشكلٍ أساسي على العاملين/ات المهاجرين/ات، ولكن منذ عام ۲٠۱٤، أصبحَ يُنظّم أيضًا وجود اللاجئين/ات السوريين/ات في البلد (مركز دعم لبنان ۲٠۱٦، ۱۱)[13] وبالتالي يسمح بالتمييز ضد حوالي ۲٠٠ ألف امرأة أجنبية في لبنان. يُعيد هذا النظام أيضًا إنتاج ديناميات السلطة الذكورية من خلال "تلزيم" العمل المنزلي إلى عاملة، بغية منح المرأة فرصةً للعمل، وبالتالي إعفائها من العبء المزدوج للعمل المأجور والعمل المنزلي (مركز دعم لبنان ۲٠۱٦ 1).
بالنسبة إلى سارة التي لا خيارَ لها سوى البقاء في لبنان مع أولادها في الوقت الراهن، تَرافَقَ ذلك مع الكثير من التضحيات على مدار العقود الثلاثة الماضية. فالأحكام القانونية التي تُنظّم عملها وإقامتها تُشكّل أبرز التحديات في حياتها في لبنان، حيث تروي قائلةً:
"ربما في أوروبا، أو أمريكا، أو أي بلد آخر، يمكن للمرأة أن تكون عاملة وأن تعيش بمفردها وتحظى بالاحترام، لكن الأمر مختلف تمامًا في لبنان. حتى في العمل، يدّعون أحيانًا أنّهم يحترمونك، ولكنّهم يفعلون العكس خارج العمل. تعلَم ربّة عملي أنّها تملك كل السلطة. فمن أكون أنا لأشتكي عليها؟ مجرّد عاملة أجنبية؟ الكفيل/ة يـ/تـملك السلطة المطلقة، لذلك يعاملوننا كالأطفال. في بعض الأحيان، يعاملوننا معاملةً حسنة لأنهم يرون أننا نعمل بشكل جيّد فيكونون لطفاء، وأحيانًا يضربوننا لأننا برأيهم لم نعمل بشكلٍ جيد. يمكن للكفيل/ة أن يـ/تـفعل ما يـ/تشاء، لأنه/ها يـ/تـعرف أنّنا لا نستطيع أن نشتكي."[14] |
لقد اختبرَت النساء المهاجرات اللواتي تمت مقابلتهنَّ العنف والإذلال والتمييز يوميًا على يد أصحاب العمل أو المسؤولين/ات في الدولة أو أصحاب العقارات أو أي شخص في مواقع السلطة. تتقاطع العنصرية في مساراتهنَّ مع الهيكليات العمالية والذكورية للاستغلال والتمييز. لذلك، وانطلاقًا من هذا المنظور، من المهم التشديد على أن أي نوع من الإقصاء أو الإدماج في سوق العمل أو نُظُم الحماية الاجتماعية في لبنان "لا يمكن فهمه من خلال منظور العمل وحده. يجب أن تُؤخَذ بالاعتبار الهويات الاجتماعية – كالانتماءات العرقية والجندرية والطبقية على سبيل المثال لا الحصر - من أجل فهم آليات الإقصاء من الحماية الاجتماعية." (سكالا، ۲٠۲۲: ۱٥).
زهراء لاجئة سورية أتت إلى لبنان منذ أحد عشر عامًا وتعيش مع أولادها الثلاثة في سعدنايل. عاد زوجها إلى سوريا قبل خمس سنوات لأسباب صحية. منذ عامين، انفصلا عن بعضهما وتوقّفت جميع الاتصالات بينهما لأنه لم يدعمها على الإطلاق. لم تعد زهراء اليوم قادرة على العمل بسبب تليُّف الرئة المزمن الناتج عن إصابتها بفيروس كورونا. يقوم وَلَداها الأكبر سنًّا بجمع الحديد والبلاستيك من القمامة وبيعها. تعيش العائلة بشكلٍ أساسي على الخبز واللبن، وأحيانًا البرغل والأرزّ. وصفت لنا زهراء تزايد التعليقات العنصرية والاعتداءات اللفظية بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية:
"كان سعر الخبز ۱٠٠٠ ليرة [حوالي ٧٥ سنتًا وفقًا لسعر الصرف الرسمي]، وكنتُ أشتري أربعة أو خمسة أكياس يوميًا، وأدفع ٥٠٠٠ ليرة. أما اليوم فوصلَ سعر الكيس الواحد إلى ۱٤٠٠٠ ليرة. أذهب إلى الفرن وأقف هناك طوال النهار وأتعرّض للشتائم. "ارحلوا عنا أيها السوريون/ات، فهذا كله بسببكم/نَّ." إلخ. أشعر أنني أُعامَل أسوأ من الحيوانات. وأحيانًا تستجوبنا الشرطة لأننا لا نملك إقامة أو لأي سبب آخر. لكنني لم أعد أهتم، بل جميعنا لم نعُد نهتم. لم نعُد نكترث لأيّ شيء/تَمْسَحْنا."[15] |
عبارة "تَمْسَحْنا" هي قولٌ محلي باللهجتَين اللبنانية والسورية يُشير إلى جلد التمساح السميك والقاسي الذي يمكنه تحمّل كل شيء، بما في ذلك الألم، أو البرد، أو الحرارة، أو العنف، من دون أن يتأثر. لقد وصفت لنا غالبية المتحدّثات أنهنَّ، في مرحلة معيّنة، ما عدنَ يتأثّرنَ بالمصاعب. لقد اكتسبت زهراء والنساء الأخريات القدرة على الصمود بوجه الأزمات من نواحٍ كثيرة: فلديهنّ القدرة على التعافي والتأهّب لكلّ أنواع الصعوبات. غير أنّ هذه المرونة التي يتمتّعن بها لا تعني أنَّ حالتهنَّ ليست هشة وأن التحديات أو الأضرار المحتملة التي يتعرضنَ لها لا تؤثر على حياتهنَّ بشكلٍ كبير. (بينيه وآخرون ۲٠۱۲: ۱٣؛ أولسون وآخرون ۲٠۱٥).
تجارب العنف والتمييز والخوف في الأُسَر التي تُعيلها نساء
روَت لنا جميع المهاجرات والأجنبيات اللواتي تمت مقابلتهنَّ حوادثَ العنصرية والاعتداءات اللفظية والجسدية والإذلال. بنظر هؤلاء النساء، ترتبط هذه التجارب بكونهنّ نساء يعشنَ بمفردهنَّ، ونساء يتحدّرنَ من طبقة اجتماعية محرومة، ونساء أجنبيات. أخبرتنا منى، وهي امرأة فلسطينية في العقد السادس من عمرها، وُلدت وعاشت طوال حياتها في مخيّم صبرا في بيروت، كيف استغرق الأمر عقودًا حتى لم تعد تخجل من التحدث بلهجتها الفلسطينية:
"عندما كان زوجي في السجن، كنت أتفاوض مع الحراس بشأن حقوق الزيارة وبشأن الطعام أو الأشياء التي يمكنني إحضارها له، إلخ. عرفوا من أوّل جملة نطقتُها أنني فلسطينية، وبعضهم لم يتعامل معي بلطف. سمعتُ تعابير على غرار "لا تتباهي بنفسك كثيرًا فأنت فلسطينية"، "أنتم الفلسطينيون لطالما كنتم مجرمين". لكنّي لم أعد أهتم. فأنا ما أنا عليه، لقد وُلدت هنا وأعيش هنا. ولن أدع هذا الأمر يؤثّر علي. لكنّ الأمر استغرق عقودًا حتى أصبحت هكذا."[16] |
تُبرِز تجربة منى شكلًا إضافيًا من أشكال التمييز والكراهية تجاه بعض "الأجانب". وغالبًا ما يُعبّر اللاجئون/ات السوريون/ات وعاملات المنازل المهاجرات من البلدان الآسيوية أو الأفريقية عن مشاعر مماثلة (كاربي، يونس، وأبي ياغي ۲٠۱٦؛ دبس ۲٠۲۲).
بالإضافة إلى هذه التجارب التمييزية التي تؤثر بالتحديد على النساء الأجنبيات، كان هناك شعورٌ مشترك بعدم الأمان بين جميع النساء اللواتي أُجريت معنّ المقابلات، وذلك كونهنّ نساء في لبنان بشكل عام، أو كنساء يُعِلْنَ أُسَرهنّ بشكل خاص. وعند الاستفسار للحصول على مزيدٍ من التفاصيل حول هذا الشعور، سردنَ تجارب مختلفة من العنف المتكرر المباشر وغير المباشر، والتمييز، والإذلال على يد الأقارب أو الجيران أو أصحاب العمل أو الزملاء أو المسؤولين/ات في الدولة.
سوسن امرأة لبنانية في منتصف العقد السادس من عمرها وتعيش بمفردها منذ أن أنهت دراستها الجامعية في أوائل العشرينات من عمرها. تسكن في شقتها في منطقة الصنائع، بيروت. تروي تجربتها كامرأة تعيش بمفردها وترأس أسرةً معيشيةً مستقلّة في لبنان:
"أعيش بمفردي منذ ٣٣ عامًا. توفيت والدتي عندما كنت في الخامسة عشرة من عمري وانتقل والدي إلى مسقط رأسنا طرابلس بعد أن أنهيت دراستي الجامعية. بقيتُ في بيروت وعملتُ هنا كمعلّمة في إحدى المدارس الخاصة الباهظة. أُواجه الكثير من التحديات بصفتي امرأة تعيش بمفردها لأن الطابع الذكوري يغلب على هذه المدينة. فأنا لا أمشي في الشارع بعد أن يحلّ الظلام، بل أستخدم دائمًا السيارة وأركنها بجوار المبنى. قبل عامين، تردّد الناطور إلى شقتي كثيرًا بحُجّة مختلفة في كل مرة. لقد تظاهرَ بأنه يهتم لأمري ويريد مساعدتي في الأمور العملية. في مرحلةٍ ما، بدأ يوجّه تعليقات غير لائقة حول مظهري وحول نمط حياتي كامرأة تعيش بمفردها. عندما لمسَ شعري ذات مرة، وضعتُ حدًا له وقلت له ألا يُكرّر ذلك وإلا سيخسر وظيفته. بدا مُنزعجًا لكنه لم يُعاود الكرّة. أنا محظوظة إلى حدٍّ ما، يمكنني أن أرفض ويمكنني أن أهدده بالعواقب، لكن هناك نساء أخريات لا يستطعنَ فعل ذلك."[17] |
تصف لنا نساء أخريات تجاربهنَّ مع التحرّش الجنسي في العمل، أو في الشوارع، والإذلال أو التحقير الذي تعرَّضنَ له على يد أفراد الأسرة، أو الزملاء، أو حتى الأصدقاء، والإهانات أو الاعتداءات اللفظية. تستنتج باميلا الآتي:
"في لبنان، تشعر المرأة عندما تكون بمفردها وكأنها فريسة سهلة، حيث يمكن للجميع قول ما يشاؤون ومعاملتها كما يشاؤون. يمكن للجميع التدخل في حياتها، ويصبح الأمر مرهقًا بعد فترة. لذلك، في بعض الأحيان، قد تُفكّر أنّ الأمور ربما ستكون أسهل بوجود رجل إلى جانبها."[18] |
بحسب النساء اللواتي حاورناهنّ، يُعزى شعور انعدام الأمن والخوف المتزايد بعد عام ۲٠۱۹ إلى انهيار البنى التحتية الأساسية، وجوّ عدم الاستقرار الذي يسود في البلد عمومًا، وتزايد الجرائم، وأخيرًا وليس آخرًا، انهيار المؤسسات التنفيذية والقضائية في البلد، وما تلاه من التدهور الاجتماعي في البلد.
4.التضامن والفخر والاعتماد (المشترك). آلية التكيّف المعتمدة من النساء اللواتي يُعِلْنَ أسرهنّ
ذكرت سبعة من النساء الإحدى عشرة اللواتي تمت مقابلتهنَّ تحديات ومشكلات الصحة النفسية التي يعانينَ منها (مثل القلق ونوبات الهلع والاكتئاب و/أو الأرق) كنتيجةٍ للضغط المستمر والمشاكل المتعددة في حياتهنَّ. ومع ذلك، يبدو أن جميع النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ يفتخرنَ بقوتهنَّ كرأسٍ للأسرة. تُظهر شهادة زهراء هذه النظرة:
"لم أتخيّل يومًا أنّ حياتي ستكون على هذا النحو. عندما تزوجت، كنتُ قد رسمتُ الحياة التي أحلم بها، ثم اندلعَت الحرب واضطررنا إلى الهروب، وبعد ذلك مرضَ زوجي وتركني. العامان الماضيان كانا الأسوأ على الإطلاق، لكنني أُدبّر أموري وأكافح يوميًا، ولا أبكي إلا في الليل. أريد أن أُظهِر لأولادي أننا أقوى من هذا الواقع. وأشكر الله يوميًا على منحي هذه القوة."[19] |
يرتبط هذا الموقف الإيجابي أيضًا بحسٍّ قويّ بالتضامن بين بعضهنَّ البعض: على الرغم من أن معظم النساء اللواتي أُجريت معهنّ المقابلات وصفنَ أنفسهنَّ بالوحيدات، إلا أنهنَّ ما زلنَ يذكرنَ التضامن والصداقات بين النساء كمصدر للقوة. تصف سوسن وباميلا صديقاتهما بأنهنَّ عائلتهما الحقيقيّة، فيما سارة ومنى منخرطتان في الدفاع عن حقوق المرأة والمهاجرات إلى جانب مهاجرات أخريات. وتحدّثت زهراء ومريم عن نظام الدعم المستمر بين النساء في المخيم. يبدو أنّ الكثير من النساء يخترنَ الصديقات، اللواتي غالبًا ما يعانين من حالات مماثلة، كشبكة دعم من أجل تسهيل حياتهنَّ. ويتراوح هذا التضامن بين تقاسم الموارد - مثل المواد الغذائية والملابس والسلع الأساسية - وصولًا إلى المساعدة اللوجستية والدعم المعنوي. وبحسب سارة:
"نادرًا ما أتحدث إلى أي شخص عن مشاعري، لكن منذ أن تعرفت على مهاجرات أخريات وأصبحنا أصدقاء، صرتُ أشعر أن لدي شخصًا ما أتحدث معه. فنحن جميعًا نأتي من بلدان مختلفة، ولكننا نتشارك مشاعرنا وندعم بعضنا البعض."[20] |
في غياب دعم الدولة ونُظُم الحماية الاجتماعية وفي مواجهة عدم المساواة والتمييز الهيكلي بين الجنسَيْن، تعتمد هؤلاء النساء أيضًا على دعم العائلة والمنظمات الخيرية أو المؤسسات الدينية. يعتمدنَ على شبكات غير رسمية للتضامن والمساعدة المتبادلة، وغالبًا ما تُديرها النساء أيضًا بحسب ما قيلَ لنا،[21] من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية في الحياة اليومية.
وفي حين أن جميع النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ يُجمِعنَ على أنَّهنّ يحصلن على المساعدة اللازمة من أُسَرهنَّ (لا سيّما الأشقاء أو الأهل) و/أو المؤسسات غير الحكومية، غالبًا ما يترافق هذا الدعم مع مشاعر متناقضة. فكما ذُكِرَ أعلاه، تشعر باميلا بالذنب لاعتمادها على والدتها، بينما تُخبرنا نساء أخريات أن دعم أسرهنَّ يأتي على حساب تدخّل أفرادها في حياتهنَّ. وغالبًا ما تكون خدمات المنظمات غير الحكومية و/أو المؤسسات الدينية غير منتظمة ولا يمكن الاعتماد عليها. تروي لنا وداد، وهي أرملة عراقية في العقد السابع من عمرها وتعيش مع أولادها الخمسة في إحدى ضواحي بيروت، تجربتها مع منظمة غير حكومية ذات انتماء ديني معيّن:
"قيل لنا في البداية إن العراقيين/ات غير مؤهلين/ات للحصول على المساعدة، ثم عرفوا أننا ننتمي إلى الطائفة الدينية التي ينتمون إليها، فتغيّر كلامهم. ولكن بقي كلامهم مجرّد وعود لعدّة أشهر. خلال جائحة كورونا، كانوا يقدّمون لنا المواد الغذائية والأدوية أحيانًا. وبعد عام، اختفوا مرة أخرى. الأمر مُحبِط بالفعل."[22] |
على الرغم من تمتّع جميع النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ بالقوة والقدرة على إنشاء نظام دعم متين إلى حدٍّ ما، يبدو أنهنّ يتّفقنَ على أنّ "مصيرهنَّ" خارج عن إرادتهنَّ ويُعبّرنَ عن رغبتهنَّ في تغيير حياتهنَّ. غير أنهنَّ جميعًا يخشَينَ التصورات البديلة المحتملة للمستقبل.
"يستنفد القلق اليومي كل طاقتي ولا يمكنني فعل المزيد. ما الذي أريده لي ولأولادي؟ أريد أن أغادر وأذهب إلى مكان نكون فيه بأمان ولا نقلق أبدًا."[23] |
هكذا تكشف لنا مريم مثلًا حلمَها للمستقبل. ومع ذلك، تُضيف في الوقت نفسه أنه "من المستحيل تحقيق" هذا الحلم. في ظل عدم وجود نظام دعم وحماية مستدام يمكن الاعتماد عليه وفي ضوء الأزمة الاقتصادية والمالية والسياسية المستمرة في لبنان، يبدو أن المرأة بالكاد قادرة على تدبير أمورها اليومية.
الخلاصة
لا شكَّ في أنّ النساء اللواتي شملتهنّ المقابلات في هذه الدراسة يواجهنَ تحديات وأوجه هشاشة مشتركة ومتنوّعة في حياتهنَّ. جميعهنَّ يرَوْنَ أن وضعهنَّ صعب وتُثقل كاهلهنَّ المسؤوليات المتعددة فضلًا عن الشعور بالخوف وعدم الاستقرار وقلة الدعم الهيكلي. إضافةً إلى ذلك، يَعتبرن أنَّ هذه التحديات تتّخذ طابعًا "جندريًا" وترتبط بكونهنَّ نساء بشكلٍ عام، ونساء يُعِلْنَ أسرة بشكل خاص.
على المستويين الهيكلي والكلي، يُميّز النظام القانوني اللبناني ضد المرأة في حياتها الخاصة والمهنية، ويُلاحَظ ذلك بوضوح في قوانين الأحوال الشخصية وقانون العمل. وبالمثل، فإنّ نظام الحماية الاجتماعية المُشرذم والإقصائي في البلد يؤدي إلى تفاقم حالات انعدام الأمن والتمييز. تُترجَم هذه التحديات على المستوى الكلي إلى هشاشة جندرية في المجال العام، على سبيل المثال في العمل أو في الشوارع أو في مؤسسات الدولة، حيث تواجه النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ حالات متكرّرة من العنف والتمييز والإساءة. أما على المستوى الفردي فتتأثّر هؤلاء النساء بالمعايير الجندرية الاجتماعية السائدة والتوقعات الاجتماعية لناحية طريقة عيش المرأة وسلوكها. وتُشكّل هذه المعايير مستوًى آخر من الضغوط (غالبًا ما تكون ضمنية) على النساء اللواتي يُعِلْنَ أسرهنّ، وهي ضغوط يُعزِّزها أفراد العائلة أو الأصدقاء أحيانًا.
من جهة أخرى، هناك اختلافات وفوارق بسيطة في صعوبات حياتهنَّ اليومية. وبالإجمال، ترتبط هذه الاختلافات بالوضعَين الاجتماعي والاقتصادي، والجنسية، والحالة التعليمية، والظروف المعيشية أو الوظيفية. فهناك فرق واضح بين النساء اللواتي يحملنَ الجنسية اللبنانية وعاملات المنازل المهاجرات أو اللاجئات. وبالإضافة إلى أوجه عدم المساواة بين الجنسَيْن، تواجه النساء غير اللبنانيات أشكالًا متداخلة ومركّبة من التمييز المرتبط بنظام الكفالة وبوضعهنَّ الإداري وإقصائهنَّ بشكل كامل أو جزئي من نظام الحماية الاجتماعية.
تبدو هذه الهيكليات والتجارب المتقاطعة والمُوزَّعة على عدّة مستويات من التمييز والعنف والتهميش وكأنها حلقة مفرغة تتجاوزها النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ باستمرار، ولكنّهنّ يعجزنَ عن كسرها. لذلك، يبدو للوهلة الأولى أن آليات التكيُّف تقتصر بشكل أساسي على ردود الفعل النفسية مثل "التحلي بالقوة" أو "التحلي بالمرونة" و"تدبير الأمور رغم كل الصعوبات". ومع ذلك، تتكيّف هؤلاء النساء أيضًا من خلال الاستعانة بشبكات التضامن النسائية غير الرسمية والعلاقات الشخصية، بدءًا بالأصدقاء، مرورًا بالزميلات، وصولًا إلى النساء الأخريات في ظروف مماثلة. تصف النساء اللواتي تمت مقابلتهنَّ هذه الشبكات على أنها مصدر قوتهنَّ ومصدرٌ للراحة فضلًا عن كونها مصدرًا للدعم الاستراتيجي وبالتالي الصمود ومقاومة الأزمات. تُشكّل هؤلاء النساء "مجتمعات التكيُّف" من خلال التجمُّع والاجتماع، وتبادل الخبرات ومناقشتها، واستكشاف الاستراتيجيات المشتركة (كورسينسكي ۲٠٠٣: ٥٥) - كما يُحدد ماريك كورسينسكي في سياق العاملين/ات في قطاع الخدمات. وفي حين أن هذه المجتمعات تهدف بشكلٍ أساسي إلى تبادل التجارب المشتركة ومناقشتها، فإنها "قد تمتدّ أيضًا لتصبّ في دائرة أفعال الصمود المباشرة" (كورسينسكي ۲٠٠٣: ٥۹) إزاء الإساءة أو التمييز الذي يواجهه العاملون/ات أو النساء اللواتي يُعِلْنَ أسرهنّ، على غرار الحالات التي تناولتها هذه الدراسة.
نُشِرَت هذه الدراسة بالشراكة مع منظّمة اليونيسيف في لبنان.
تُعبِّر وجهات النظر الواردة في هذا المنشور عن آراء الكاتبة حصرًا، ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية أو منظّمة اليونيسيف أو شركائهم.
مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية © بيروت، شباط/فبراير ۲٠۲٣.
جميع الحقوق محفوظة. لا يجوز إعادة إنتاج أي جزء من هذا المنشور، أو توزيعه، أو نقله بأي شكل أو بأي وسيلة، بما في ذلك التصوير، أو التسجيل، أو أي وسائل إلكترونية أو ميكانيكية أخرى، من دون إذن خطي مسبق من الناشر، إلا في حالة الاقتباسات الموجزة والإشارة في المراجعات والمقالات النقدية، وبعض الاستخدامات غير التجارية الأخرى التي يسمح بها قانون حقوق النشر.
المراجع
Abdo, Nabil. 2019. “Social Protection in Lebanon: From a System of Privileges to a System of Rights”. ANND.
Abi Chahine, Maya. March 2022. “A Glimmer of Hope amidst the Pain. Voices of older people on social protection and the need for a social pension in Lebanon”. Help Age International/International Labor Organization.
AbiYaghi, Marie-Noëlle, and Léa Yammine. 2019. “Understanding the social protection needs of civil society workers in Lebanon. Towards strengthening social rights and security for all”. Lebanon Support.
Anwar, Nausheen, Sarwat Viqar and Daanish Mustafa. 2018. “Intersections of gender, mobility, and violence in urban Pakistan.” In Social Theories of Urban Violence in the Global South: Towards Safe and Inclusive Cities, edited by Jennifer Erin Salahub, Markus Gottsbacher and John de Boer, 15-31. Oxon/New York: Routledge.
Béné, Christophe, Rachel Godfrey Wood, Andrew Newsham and Mark Davies. 2012. “Resilience: New Utopia or New Tyranny? Reflection about the Potentials and Limits of the Concept of Resilience in Relation to Vulnerability Reduction Programmes”. IDS Working Papers. 405: 1-61.
Buvinic, Mayra, and Geeta Rao Gupta. 1997. “Female-headed households and female-maintained families: Are they worth targeting to reduce poverty in developing countries?”. Economic Development and Cultural Change. 45: 259–280.
Carpi, Estella, Mariam Younes and Marie-Noëlle AbiYaghi. 2016. “Crisis and Control. (In)formal hybrid security in Lebanon”. Lebanon Support.
Chant, Sylvia, and Jo Campling. 1997. Women-headed households. Diversity and dynamics in the developing world. Basingstoke, UK: Palgrave Macmillan, Houndmills.
Chant, Syvia. 2003. Female Household Headship and the feminisation of poverty: facts, fictions and forward strategies [online]. London: LSE Research Online.
Chant, Sylvia. 2008. “Dangerous equations? How female-headed households became the poorest of the poor: Causes, consequences and cautions”. In Gender and development: Critical concepts in development studies, edited by J. Momsen. London, UK: Routledge: 397–409.
Debes, Yara. 2022. “A culture of double standards - Racism thrives in Lebanon”. Raseef 22.
Grossman-Thompson, Barbara. 2020. “‘In this profession we eat dust’: Informal and formal solidarity among women urban transportation workers in Nepal”. Development and Change 51 (3): 727-935.
ILO (International Labour Organisation). February 2021. “Vulnerability and Social Protection Gaps Assessment – Lebanon. A microdata analysis based on the Labour Force and Household Living Conditions Survey 2018/2019”, ILO.
Ismail, Ghena. 1997. “Women-Headed Households in Lebanon”. Al-Raida, XIV (76): 21-25.
Jensen, Robert, and Rebecca Thornton. 2003. “Early female marriage in the developing world”. Gender and Development, 11 (2): 9-19.
Korczynski, Marek. 2003. “Communities of coping: collective emotional labour in service work”. Organization, 10 (1): 55-79.
Łapniewska, Zofia. 2022. “Solidarity and mutual aid: Women organizing the ‘visible hand’ urban commons.” Gender, Work & Organization, 29 (5): 1405 - 1427.
Lebanon Support. 2016. “Formal Informality, Brokering Mechanisms, and Illegality. The Impact of the Lebanese State’s Policies on Syrian Refugees’ Daily Lives.” Beirut: Lebanon Support.
Lebanon Support. 2016. “Gender Dictionary: Travelling concepts and local usages in Lebanon”. Lebanon Support.
Lebni, Javad Yoosefi, Mohammad Ali Mohammadi Gharehghani, Goli Soofizad, Bahar Khosravi, Arash Ziapoor, and Seyed Fahim Irandoost. 2020. “Challenges and opportunities confronting female-headed households in Iran: a qualitative study”. BMC Women's Health, 20 (183): 1-11.
Mensch, Barbara, Susheela Singh, and John Casterline. 2005. “Trends in the timing of first marriage among men and women in the developing world” (Population Council Working Paper No. 202). New York, NY: Population Council.
Moghadam, Valentine M.. 2005. “The “feminization of poverty” and women’s human rights”. SHS Paper in Women’s Studies/Gender Research, No. 2. UNESCO.
Milazzo, Annamaria, and Dominique van de Walle. 2017. “Women Left Behind? Poverty and Headship in Africa.” Demography. 54: 1119-1145.
Olsson, Lennart, Anne Jerneck, Henrik Thoren, Johannes Persson, and David O’Byrne. 2015. “Why resilience is unappealing to social science: Theoretical and empirical investigations of the scientific use of resilience”. Science Advances. 1 (4).
Rezaei, Mohammad Ali, Neda Mohammadinia, and Tayebeh Samiezadeh Toosi. 2013. “Problems of female-headed households in Sistan Baluchistan province, Iran”. Journal of Research & Health. 3 (3): 452–457.
Roy, Sanghamitra, and Ajay Bailey. 2021. “Safe in the City? Negotiating safety, public space and the male gaze in Kolkata, India”. Cities 117.
Thomas, Cindy, and Marylin Ryan. 2008. “Women's perception of the divorce experience: a qualitative study”. Journal of Divorce & Remarriage. 49 (3-4): 210–24.
Saad, Ghada E., Hala Ghattas, Andrea Wendt, Franciele Hellwig, Jocelyn DeJong, Ties Boerma, Cesar Victora, and Aluisio JD Barros. 2022. “Paving the way to understanding female-headed households: Variation in household composition across 103 low and middle-income countries”. Journal of Global Health. 12: 1-12.
Saso, Lantona, and Mayssaa Daher. 2021. “The Life of Women and Men in Lebanon: A Statistical Portrait”. Central Administration of Statistics/UNDP.
Scala, Michele. 2022. “An Intersectional Perspective on Social (In)security. Making the Case for Universal Social Protection in Lebanon.” Beirut: The Centre for Social for Social Sciences and Research.
[1] مَيَّزَ سعد وآخرون (۲٠۲۲: ٤) بين ۱٦ نوعًا مختلفًا من الأسر المحتملة التي تُعيلها النساء في دراستهم التي تناولت 103 بلدان متوسطة الدخل ومنخفضة الدخل.
[2] يُشير مصطلح "نساء بالغات يعشنَ بمفردهنَّ" إلى النساء اللواتي يعشنَ من دون أطفال ومن دون أي بالغ (بالغين) آخر/ين في الأسرة. ساسو وضاهر ۲٠۲۱، ۲٥.
[3] مقابلة مع مريم، ۲٧ عامًا، سورية تعيش في مخيم في سعدنايل، أم لستة أولاد، عاطلة عن العمل.
[4] الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هو صندوق الضمان الاجتماعي المخصص للعاملين/ات في القطاع الخاص.
[5] مقابلة مع باميلا، امرأة لبنانية مطلقة، ٣٥ عامًا، أم لولدَيْن، تعيش في بيروت.
[6] في قانون الأحوال الشخصية للطائفة السنية، للأم المطلقة الحق في حضانة أطفالها فقط حتى يبلغوا 7 سنوات (للفتيان) و9 سنوات (للفتيات). بعد ذلك، تنتقل الحضانة إلى الأب.
[7] مقابلة مع سهام، امرأة لبنانية مطلقة، ٥٠ عامًا، أم لأربعة أولاد.
[8] وفقًا لساسو وضاهر (۲٠۲۱: ٥٤)، بلغت نسبة النساء المنخرطات في سوق العمل أقل من ٣٠% في العام ۲٠۱۹، على الرغم من أنَّ المرأة تستأثر بـ٥۲.٦% من الفئة العمرية العاملة ضمن المقيمين/ات.
[9]عند تقسيم الدخل بحسب الجنسية، تَبيَّن أن الرجال اللبنانيين يكسبون في المتوسط ٦.٥ في المئة أكثر من النساء اللبنانيات، وذلك بسبب الانقطاع المتكرر عن العمل على الرغم من أن النساء أكثر تفوقًا في التحصيل العلمي. راجع/ي ساسو/ضاهر ۲٠۲۱: ٧٦.
[10] مقابلة مع سلمى، امرأة لبنانية، ٣۲ عامًا، أم لطفل صغير، عاطلة عن العمل حاليًا.
[11] مقابلة مع سارة، ٥۱ عامًا، عاملة مهاجرة في لبنان، أم لولدَيْن.
[12] نظام الكفالة هو إطار قانوني يربط الإقامة القانونية للعامل/ة الأجنبي/ة بوجود تصريح عمل، وكلاهما يخضعان لعلاقة قائمة على الرعاية والتبعية بين "الكفيل/ة اللبناني/ة" والعامل/ة الأجنبي/ة (المكفول/ة). يُتيح نظام الكفالة لأصحاب العمل السيطرة الكاملة على عمل الموظفين/ات ووضعهم/هنّ كمهاجرين/ات. ولا يتمتع العاملون/ات الأجانب بموجب نظام الكفالة بحماية قانون العمل وغالبًا ما يتعرّضون/نَ للاستغلال والعنف.
[13] تم تنفيذ قرار الوزارة بشأن المواطنين/ات السوريين/ات في شباط/فبراير ۲٠۱٥.
[14] مقابلة مع سارة، ٥۱ عامًا، عاملة مهاجرة في لبنان، أم لولدَيْن.
[15] مقابلة مع زهراء، ٣۸ عامًا، لاجئة سورية في لبنان، أم لثلاثة أولاد.
[16] مقابلة مع منى، ٥٣ عامًا، امرأة فلسطينية تعيش في بيروت، أم لولدين راشدَيْن.
[17] مقابلة مع سوسن، ٥٦ عامًا، امرأة لبنانية تعيش بمفردها في بيروت، من دون أولاد.
[18]مقابلة مع باميلا، امرأة لبنانية مطلقة، ٣٥ عامًا، أم لولدَيْن، تعيش في بيروت.
[19] مقابلة مع زهراء، ٣۸ عامًا، لاجئة سورية في لبنان، أم لثلاثة أولاد.
[20] مقابلة مع سارة، ٥۱ عامًا، عاملة مهاجرة في لبنان، أم لولدَيْن.
[21] حول هيكليات المساعدة والتضامن المتبادلَين (بين النساء) في أوقات الأزمات أو غياب الحماية الرسمية، راجع/ي وابنيسكا. ۲٠۲۲.
[22] مقابلة مع وداد، ٦٥ عامًا، امرأة عراقية في لبنان، أم لخمسة أولاد.
[23] مقابلة مع مريم، ۲٧ عامًا، سورية تعيش في مخيم في سعدنايل، أم لستة أولاد، عاطلة عن العمل.