يقدّم هذا الموجز السياساتي نظرة نقدية على الإصلاحات التي نُفّذت تحت تأثير المؤسسات المالية الدولية، ومخاطرها على الحماية الاجتماعية في لبنان، بالإضافة إلى أثرها الضار على السكان. الموجز يدعو إلى اعتماد نهج سياسي أكثر شمولية، وفقًا على الحقوق، لتوجيه الإصلاحات الجارية بما يتماشى مع الدعوات المستمرة للخبراء والمجتمع المدني.

1- التطورات الرئيسية التي شهدها النظام الوطني للحماية الاجتماعية في السنوات الأخيرة
2- تقييم أثر النظام الوطني للحماية الاجتماعية من حيث أوجه عدم المساواة الاقتصادية
4- تقييم التحولات النيوليبرالية والإصلاحات الحالية
5- إصلاحات على المدى البعيد تتجاوز الحلول المؤقتة: إعادة النظر في الحماية الاجتماعية في لبنان
المقدمة
فـي السـنوات الأخيـرة، نـالَ موضـوع الحمايـة الاجتماعيـة فـي لبنـان اهتمامًـا واسـعًا فــي مراكــز الأبحــاث المحلّيــة والدوليــة، وبيــن الأكاديمييــن/ات والخبراء/الخبيــرات والجهـات المانحـة وصانعـي/ات السياسـات )شـبكة المنظّمـات العربية غيـر الحكومية للتنميـة ٢٠١٤، عبـدو ٢٠١٩؛ منظّمـة العمـل الدوليـة ٢٠٢٠؛ رومـان ٢٠٢٤؛ صغيـر وآخرون ٢٠٢٤؛ شــبكة المنظّمــات العربيــة غيــر الحكوميــة للتنميــة ٢٠٢٤؛ براودفــوت وزغيــụ .(٢٠٢٥ يُرحَّــụ بهــذا الاهتمــام المتزايــد، لا ســيّما فــي ظــلّ الإهمــال التاريخــي حيــال هــذا المجــال الــذي لطالمــا اعتُبــر أنَّــه لا يحظــى بدراسـةٍ كافيــة، وخصوصًــا فــي فتــرة التســعينات وبدايــة القرن الحادي والعشــرين، حيــث ركّــزت نقاشــات إعــادة الإعمــار بعــد الحــرب علــى مواضيــع بعيــدة عــن الإصــاح الاجتماعــي. ولكــنْ، منــذ تشــرين الأوّل/أكتوبــر ٢٠٢٣، وفــي أعقــاب الحــرب الأخيــرة )والمســتمرّة( مــع إســرائيل، ونظـرًا لحالــة الاســتقطاب الشــديد حــول مســار إعــادة الإعمــار بعــد الحــرب، وإعــادة هيكلــة القطاعَيْــن العــام والمصرفــي، كيــف يُمكــن أن تُؤثِّــر هــذه النقاشــات علــى مســار إصاحــات الحمايــة الاجتماعيــة فــي المســتقبل؟
قبــل الانهيــار المالــي فــي عــام ٢٠١٩، شـكّلت محدوديــة تطويــر البرامــج غيــر القائمــة علــى الاشــتراكات إحــدى أوجــه القصــور المســتمرّة التــي عانــى منهــا النظــام الوطنــي للحمايـة الاجتماعيـة فـي لبنـان )اليونيسـف ووزارة الشـؤون الاجتماعيـة، (٢٠١٩، وقـد تفاقــمَ هــذا الوضــع جــرّاء انحيــاز النظــام القائــم علــى الاشــتراكات الــذي لطالمــا كانَ يدعـم حصـرًا الفئـات التـي تتمتّـع أصـاً بالامتيـازات، مثـل موظّفـي/ات القطـاع العـام والعامليــن/ات الذين/اللواتــي يتقاضون/يــن أجــورًا نظاميــة )معهــد باســل فليحــان المالــي والاقتصــادي، .(٢٠٢١
فـي المقابـل، سـاهم الـدور المتزايـد للجهات الدولية المتزايد فـي إعادة صياغة الخطاب السـائد، فانتقـل التركيـز مـن مفهومَـيْ السياسـة الاجتماعيـة والأمـن الاجتماعـي نحـو خطّـة أوسـع للحمايـة الاجتماعيـة، مـع التركيـز بصـورة خاصّـة علـى البرامـج غيـر القائمـة علـى الاشـتراكات )ديفـرو وآخـرون .(٢٠٢٤ وقـد تزامـنَ هـذا التحـوُّل وتسـارَعَ مـع انـدلاع الأزمــة الماليــة فــي العــام ٢٠١٩، التــي أدّت إلــى الانهيــار شــبه الكامــل للنظــام القائــم علــى الاشــتراكات، فأصبــحَ المســتفيدون/ات الســابقون/ات مــن التأميــن العــام لا يحصلون/يحصلْـنَ سـوى علـى حمايـةٍ فعّالـة ضئيلـة أو معدومـة )حريـري .(٢٠٢٣
والأهـمّ أنَّـه لا يجـụ أن يُنظَـر إلـى هـذا التحـوُّل باعتبـاره مجـرّد نتيجـة ظرفيـة لـدورةٍ اقتصاديــة متدهــورة، أو أثــر ثانــوي لحالــة العجــز المالــي التــي تُعانــي منهــا أنظمــة التأميــن العامّــة. فكمــا تُشــير الأبحــاث، تُبيِّــن الحالــة اللبنانيــة كيــف “يمكــن للتدخّــل الخارجــي أن يــؤدّي إلــى الاعتمــاد علــى برامــج المســاعدات التــي تُقدِّمهــا الجهــات المانحــة، ممّــا يحـدّ مــن الُأطُــر الوطنيــة للسياســات الاجتماعيــة ويُعفــي الحكومــات مــن مســؤولياتها تجــاه المواطنيــن/ات” )إنّــا، .(٢٠٢٤
وفـي ظـلّ الوضـع السياسـي الراهـن - الـذي يشـهد إعـان الحكومـة الجديـدة بقيـادة رئيــس الــوزراء نــواف ســام عــن جهــود الإصــاح، وفــي أعقــاب التداعيــات المدمّــرة للحــرب الأخيــرة )والمســتمرّة( مــع إســرائيل - تَبــرز مخــاوف مُبــرَّرة مــن أن تــؤدّي الإصاحــات المرتقبــة إلــى تقويــضٍ إضافــي لمبــدأ الشــمولية الهــشّ أساسًــا فــي النظــام الوطنــي للحمايــة الاجتماعيــة، وتعميــق تشــرذُمه وتفكُّكــه.
تســعى هــذه الورقــة الموقفيــة إلــى تقييــم خطّــة الإصاحــات النيوليبراليــة الحاليــة فـي قطـاع الحمايـة الاجتماعيـة فـي لبنـان، وذلـك ضمـن السـياق الأوسـع للأزمـات والنزاعــات الجاريــة. تتنــاول هــذه الورقــة بشــكلٍ نقــدي النمــوذج الســائد للإصاحــات القائمــة علــى المســاعدات النقديــة التــي يُــروِّج لهــا البنــك الدولــي )أورتاكايــا، .(٢٠٢٥ يفــرض هــذا النمــذج ضغطًــا كبيــرًا علــى الســلطات المحلّيــة ليدفعهــا إلــى اعتمــاد إصاحـات تحظـى بتأييـد متزايـد مـن الطبقـة السياسـية، غيـر أنَّهـا تُواجِـه الرفـض مـن شـرائح واسـعة مـن المجتمـع المدنـي المحلّـي، بالإضافـة إلـى عـدد كبيـر مـن الحلفـاء الدولييــن وفقًــا لبيــان مشــترك حصــدَ ٣٣ توقيعًــا )تقريــر مشــاورة وطنيــة خاصــة بمنظّمــات المجتمــع المدنــي حــول الحمايــة الاجتماعيــة فــي لبنــان .(٢٠٢٤
تســتمدّ هــذه الورقــة معلوماتهــا مــن أبحــاث معمّقــة ســبقَ أن أجراهــا مركــز العلــوم الاجتماعيــة للأبحــاث التطبيقيــة، ومــن مراجعــة تحليليــة للمنشــورات الأكاديميــة الحديثــة، وتقاريــر الخبــراء، والتغطيــة الإعاميــة علــى الصعيدَيْــن الدولــي والمحلّــي. وهــي تُقــدِّم لمحــة موجــزة عــن الإصاحــات التــي تــمّ تنفيذهــا بتأثيــرٍ مــن البنــك الدولــي، والمخاطــر المُحتمَلــة التــي قــد تفرضهــا هــذه الإصاحــات علــى النظــام الوطنــي للحمايــة الاجتماعيــة. وأخيـرًا، تتطـرّق الورقــة إلــى الــدروس المســتفادة مــن التجــارب الســابقة، لتُشــدِّد علــى الحاجــة المُلِحّــة إلــى اعتمــاد نهــج سياســاتي أكثــر شــمولًا - نهــجٌ قــادر علــى توجيــه الإصاحــات الجاريــة، شــرط اســتعداد صانعــي/ات السياســات للإصغــاء إلــى مَطالِــụ المجتمــع المدنــي المســتمرّة.
1- التطورات الرئيسية التي شهدها النظام الوطني للحماية الاجتماعية في السنوات الأخيرة
لطالمــا اعتمــدَ نظــام الحمايــة الاجتماعيــة فــي لبنــان علــى الوظائــف النظاميــة، حيــث يُقــدِّم الصنــدوق الوطنــي للضمــان الاجتماعــي خدمــات التأميــن الصحّــي، والتعويضــات العائليــة، وتعويضــات نهايــة الخدمــة )مــن دون معاشــات تقاعديــة( لموظّفــي/ات القطــاع الخــاصّ، بينمــا تتولّــى التعاونيــات التابعــة للدولــة تغطيــة العامليــن/ات فــي القطــاع العــام - بمــا فــي ذلــك موظّفــي/ات الدولــة والأجهــزة العسـكرية والأمنيـة - مـن خـال التأميـن العـام والمعاشـات التقاعديـة. وعلـى الرغـم مـن توفُّـر المسـاعدات غيـر القائمـة علـى الاشـتراكات، إلّا أنَّهـا ظلّـت محـدودة للغايـة، ومُجــزَّأة، ولــم تحصــل علــى التمويــل الكافــي )عبــدو .(٢٠١٩
أدّى انهيـار الليـرة اللبنانيـة وانـدلاع الأزمـة المصرفيـة فـي العـام ٢٠١٩ إلـى القضاء على المدّخـرات والمعاشـات التقاعديـة وأنظمـة الحمايـة القائمـة علـى التأميـن. وأصبحـت الأنظمــة القائمــة علــى الاشــتراكات، مثــل الصنــدوق الوطنــي للضمــان الاجتماعــي والتعاونيـات التابعـة للدولـة، عاجـزةً عـن العمـل بشـكلٍ شـبه كامـل وغيـر قـادرة علـى تقديـم أيّ تغطيـة فعّالـة. وبعـد الانهيـار المالـي، اسـتمرَّ الصنـدوق الوطنـي للضمـان الاجتماعــي - وهــو الجهــة العامّــة الأساســية المعنيّــة بتوفيــر الحمايــة الاجتماعيــة - والتعاونيـات فـي تقديـم الرعايـة الصحّيـة، والتعويضـات العائليـة، وتعويضـات نهايـة الخدمـة، ولكـنَّ قيمـة التقديمـات بالليـرة اللبنانيـة باتـت منفصلـة تمامًـا عـن الأسـعار الفعليــة فــي الســوق بالــدولار الأميركــي. ونتيجــةً لذلــك، اضطــرَّ الأفــراد الذيــن يســتفيدون مــن التأمينــات العامّــة إلــى تغطيــة التكاليــف الطبّيــة مــن أموالهــم/نّ الخاصّـة، ممّـا أدى فعليًـا إلـى حرمانهـم/نّ بشـكلٍ كامـل تقريبًـا مـن أيّ تأميـن فعلـي )حريــري .(٢٠٢٣
والأهـمّ مـن ذلـك هـو أنَّ السـنوات الأخيـرة لـم تشـهد تنفيـذًا لأيّ إصاحـات هيكليـة كبــرى، باســتثناء بعــض التطــوّرات المحــدودة ولكــن الجديــرة بالذكــر. يُعتبَــر القانــون رقــم ٢٠٠٠/٢٢٠ المتعلّــق بحقــوق الأشــخاص المعوّقيــن إحــدى أهــم المحطّــات القانونيـة، إذ يكفـل حقّهـم/نّ فـي التعلُّـم، والعمـل، والحصـول علـى الرعايـة الصحّيـة، وتســهيل التنقّــل، والمشــاركة فــي الحيــاة السياســية. ومــع ذلــك، لا يــزال التطبيــق الفعلـي لهـذا القانـون ضعيفًـا نظـرًا لقلّـة آليـات التنفيـذ الفعّالـة، وتبقـى مسـألة عـدم إتاحــة الوصــول للأشــخاص ذوي الإعاقــة أحــد أبــرز التحدّيــات القائمــة. ويفتقــر لبنــان إلــى قانــونٍ خــاصّ يُعنــى بحقــوق كبــار السـنّ أو الرعايــة الطويلــة الأمــد. قامــت وزارة الشـؤون الاجتماعيـة، بدعـمٍ مـن صنـدوق الأمـم المتّحـدة للسـكّان ومنظّمـة الصحّـة العالميـة، بإعـداد “الاسـتراتيجية الوطنيـة لكبـار السـنّ”، ولكنّهـا لا تـزال مجـرّد مسـوّدة فــي غيــاب أيّ متابعــة تشــريعية أو تنفيذيــة.
ويُعَـدّ قانــون حمايــة الأحــداث رقــم ٢٠٠٢/٤٢٢ إطــارًا قانونيًــا أساسـيًا لحمايــة الأطفــال مــن العنــف والإهمــال والاســتغال، ولكنّــه يتعــرّض لانتقــادات كثيــرة لأنُّــه يُعتبَــر قديمًـا وغيـر قائـم علـى الحقـوق. يسـعى إطـار سياسـة حمايـة الطفـل (٢٠١٩)، والـذي أُعِـدَّ بقيـادة وزارة الشـؤون الاجتماعيـة واليونيسـف، إلـى تحسـين إدارة الحـالات وتعزيز التعـاون بيـن الجهـات المعنيّـة، غيـر أنَّـه لا يـزال محصـورًا علـى المسـتوى السياسـاتي والتوجيهـي، ولا يتمتّـع بـأيّ صفـة قانونيـة مُلزِمـة.
قامـت وزارة الشـؤون الاجتماعيـة بإعداد “الاسـتراتيجية الوطنيـة للحماية الاجتماعية”، بدعــمٍ مــن شــركاء دولييــن. وتُحــدِّد الاســتراتيجية نظامًــا موحّــدًا للحمايــة الاجتماعيــة وقائمًــا علــى الحقــوق، ويشــمل المســاعدة الاجتماعيــة، والتأميــن الاجتماعــي، والوصــول إلــى الخدمــات الأساســية. ويُشـكِّل اعتمــاد الاســتراتيجية الوطنيــة الأولــى للحمايــة الاجتماعيــة فــي العــام ٢٠٢٤ “خطــوة حاســمة لإرســاء عقــد اجتماعــي جديــد بيــن الدولــة ومواطنيهــا، تكــون الحقــوق الاجتماعيــة إحــدى ركائــزه الأساســية” )مركــز العلــوم الاجتماعيــة للأبحــاث التطبيقيــة .(٢٠٢٤
ومــع ذلــك، تُعانــي الاســتراتيجية مــن ثغــرات متعــدّدة ومهمّــة تــمّ تحديدهــا ســابقًا )مثـل التمييـز التقاطعـي القائـم علـى النـوع الاجتماعـي، والعمـر، والإعاقـة، والميـول الجنســية(، ولا تــزال رمزيــةً بشــكلٍ عــام بانتظــار إقــرار التشــريعات الازمــة لتطبيقهــا علــى نحــو فعّــال.
وبالفعـل، حتّـى العـام ٢٠٢٥، لا تـزال الاسـتراتيجية غيـر مُنفَّـذة بالكامـل بسـبụ القيـود السياســية والماليــة، بالإضافــة إلــى غيــاب المرســوم )أو المراســيم( التطبيقــي)ة.( فـإذا لـم تصـدر هـذه المراسـيم، قـد تبقـى الاسـتراتيجية مجـرّد إعـان نوايـا، بـدلًا مـن أن تتحـوّل إلـى إطـار سياسـاتي مُلـزِم.
فــي المقابــل، شــهدَ البلــد، منــذ انــدلاع أزمــة الاجئيــن/ات الســوريين/ات وفــي أعقــاب الانهيــار المالــي، انتشــارًا واســعًا لبرامــج المســاعدات النقديــة غيــر القائمــة علــى الاشــتراكات، والتــي تقودهــا الجهــات المانحــة وتدعمهــا الحكومــة. واســتمرّت وزارة الصحّــة العامّــة فــي توفيــر التغطيــة الصحّيــة للمواطنيــن/ات اللبنانييــن/ات غيـر المشـمولين/ات بـأيّ تأميـن، لا سـيّما كبـار السـنّ الذيـن لا تشـملهم/نّ تغطيـة الصنــدوق الوطنــي للضمــان الاجتماعــي أو شــركات التأميــن الخاصّــة. وعلــى الرغــم مــن أهميــة هــذا البرنامــج، فإنَّــه لا يــزال يُعانــي مــن نقــص التمويــل والتوزيــع غيــر العــادل، وغالبًــا مــا يخضــع للممارســات الزبائنيــة.
وأدّت أزمــة الاجئيــن/ات الســوريين/ات، المســتمرّة منــذ العــام ٢٠١١، إلــى تطويــر برامـج حمايـة اجتماعيـة تقودُهـا الجهـات المانحـة، وبشـكلٍ خـاصّ المسـاعدة النقديـة، والرعايــة الصحّيــة )مركــز دعــم لبنــان، (٢٠١٦، ودعــم التعليــم؛ وتولّــت وكالات الأمــم المتّحــدة، والجهــات الدوليــة المانحــة، والمنظّمــات غيــر الحكوميــة المحلّيــة مهمّــة تنفيذهــا. وســعى “البرنامــج الوطنــي لدعــم الُأسَــر الأكثــر فقــرًا”، الــذي أُطلِــقَ بدعــمٍ مـن البنـك الدولـي، إلـى تحديـد الُأسَـر الأكثـر فقـرًا ومسـاعدتها. أصبـحَ هـذا البرنامـج بمثابـة ركيـزة أساسـية فـي مجـال المسـاعدة الاجتماعيـة، علـى الرغـم مـن محدوديـة نطــاق تغطيتــه، والانتقــادات التــي طالــت آليــات الاســتهداف الخاصّــة بــه، وســيتمّ تنــاول ذلــك فــي الأقســام التاليــة )وتحديــدًا فــي القســم .(٤ وبعدهــا، تــمّ تطويــر “برنامــج شــبكة الأمــان الاجتماعــي فــي حــالات الطــوارئ”، بدعـمٍ مــن البنــك الدولــي أيضًــا، ليحـلّ مــكان “البرنامــج الوطنــي لدعــم الُأسَــر الأكثـر فقـرًا” ويُشـكِّل جــزءًا مــن عمليــة الانتقــال نحــو نظــام حمايــة اجتماعيــة أكثــر اســتدامةً.
ومــع ذلــك، وكمــا ســتتناول الأقســام التاليــة بالتفاصيــل )وبشــكلٍ خــاصّ القســم (٤، فـإنّ الجانـụ السـلبي الأبـرز فـي النمـوذج الـذي يُـروِّج لـه البنـك الدولـي - وغيـره مـن الشــركاء الدولييــن - يتمثّــل فــي أنّــه يــؤدّي إلــى تفاقُــم أوجــه القصــور الهيكليــة التــي يُعانـي منهـا نظـام الحمايـة الاجتماعيـة الحالـي فـي لبنـان، إذ يُركِّز “بشـكل أساسـي على تنفيـذ شـبكات الأمـان الاجتماعـي التـي تسـتهدف الفقـراء والتـي تُوفِّر تغطيـةً محدودة لشــريحة صغيــرة مــن الســكّان، بنــاءً علــى خوارزميــات الاســتهداف”، )صغيــر وآخــرون (٢٠٢٤، ويُهمِّـش البرامـج القائمـة علـى الاشـتراكات والمرتبطـة بالتوظيـف النظامـي.
فـي الوقـت الراهـن، تدهـورت القيمـة الفعلية لتقديمـات الصنـدوق الوطني للضمان الاجتماعـي والتعاونيـات، وأصبحـت اسـتدامة هـذه المؤسّسـات فـي المسـتقبل غيـر مضمونـة فـي حـال لـم تُنفَّـذ إصاحـاتٌ جذريـة. ومـن الناحيـة العمليـة، بـاتَ عـدد كبيـر مــن العامليــن/ات نظاميًــا فــي القطاعَيْــن العــام والخــاصّ يعتمدون/يعتمــدْنَ علــى آليّـات غيـر قائمـة علـى الاشـتراكات.
2- تقييم أثر النظام الوطني للحماية الاجتماعية من حيث أوجه عدم المساواة الاقتصادية
أدّت الحــرب الأخيــرة )والمســتمرّة( مــع إســرائيل إلــى تفاقــم معانــاة شــعụ يــرزح أساسًــا تحــت وطــأة أزمــات متعاقبــة: الانهيــار المالــي والمصرفــي، والتضخّــم المفــرط، وانفجــار مرفــأ بيــروت، وارتفــاع معــدّلات البطالــة والفقــر – التــي تُقــدَّر بأنَّهــا تطــال شــخصًا مــن كلّ ثاثــة أشــخاص وثاثــة أشــخاص مــن كلّ أربعــة علــى التوالــي )منظّمــة العمــل الدوليــة وإدارة الإحصــاء المركــزي ٢٠٢٢؛ الإســكوا .(٢٠٢١ “بيـن شـهرَيْ تشـرين الأوّل/أكتوبـر وتشـرين الثاني/نوفمبـر ٢٠٢٤، واجـه حوالـى ٥٩٫١ مليــون لبنانــي/ة ولاجــئ/ة ســوري/ة ولاجــئ/ة فلســطيني/ة )أي مــا يُمثِّــل ٢٩ فــي المئـة مـن إجمالـي السـكّان الذيـن شـملهم/نّ التحليـل( مسـتويات عاليـة مـن انعـدام الأمــن الغذائــي الحــادّ ]…[ وتُظهِــر هــذه النتائــج ارتفاعًــا بالمقارنــة مــع التقديــرات البالغــة ٢٦٫١ مليــون شــخص فــي المرحلــة ٣ أو أعلــى للفتــرة الممتـدّة بيــن نيســان/ أبريــل وأيلول/ســبتمبر ٢٠٢٤ ]…[ ويرتبــط التدهــور الكبيــر الــذي طــال أكثــر مــن ٣٠٠ ألــف شــخص ]...[ بشــكل رئيســي بالتأثيــر المُضاعَــف الناجــم عــن النــزاع والنــزوح الواســع” )التصنيــف المرحلــي المتكامــل للأمــن الغذائــي .(٢٠٢٤
وعلـى الرغـم مـن تزايـد الأدلّـة التـي تُثبِـت أنَّ الحمايـة الاجتماعيـة تُشـكِّل أداةً أساسـية للتنميـة الاجتماعية-الاقتصاديـة، وتعزيـز المرونـة الديمقراطيـة، وبنـاء السـام )جـواد وآخــرون ٢٠٢٥؛ فقيــه (٢٠٢٤، لا يــزال النظــام الوطنــي للحمايــة الاجتماعيــة فــي لبنــان ضعيفًــا ومشــرذمًا للغايــة. فقــد أدّت الأزمــات والحــروب المتتاليــة والمتداخلــة التــي شـهدتها العقـود الثاثـة الماضيـة إلـى تفكيـك مـا تبقّـى مـن الُأسُـس الهشّـة لنظـام الحمايـة الاجتماعيـة فـي لبنـان، أو بعبـارةٍ أدقّ، مـا تبقّـى مـن نمـوذجٍ غيـر فعّـال ومُجـزَّأ فـي الأسـاس.
تُظهِــر الحالــة اللبنانيــة أنَّ برامــج الحمايــة الاجتماعيــة الضعيفــة والإقصائيــة ترتبــط بمســتويات أعلــى مــن الهشاشــة وعــدم المســاواة. فــي الواقــع، “تحصــل الشــريحة التــي تُعــادِل أعلــى %١ و%١٠ مــن الســكّان الراشــدين علــى حوالــى ٢٥ و٥٥ فــي المئــة مـن إجمالـي الدخـل القومـي، وبالتالـي يُصنَّـف لبنـان بيـن البلـدان التـي تُسـجِّل أعلـى مسـتويات مـن عـدم المسـاواة فـي الدخـل حـول العالـم، إلـى جانـụ البرازيـل وروسـيا وجنــوب أفريقيــا والولايــات المتّحــدة” )أســود .(٢٠٢١ وكمــا ورد ســابقًا فــي الأبحــاث، “فــإنَّ أوجــه القصــور فــي نظــام الحمايــة الاجتماعيــة تعكــس وتُرسِّــخ و)تُعيــد( إنتــاج الهيـاكل الاجتماعيـة الأكثـر عمقًـا التـي يتّصـف بهـا المشـهد الاجتماعـي والسياسـي فــي لبنــان” )ســكالا .(٢٠٢١
3- القضايا التقاطعية
أدّت الأزمــة الماليــة إلــى انخفــاض كبيــر فــي نســبة التغطيــة الطبّيــة وتزايُــد الاعتمــاد علــى شــبكات الرعايــة غيــر النظاميــة، ممّــا يُعــرِّض الفئــات الأكثــر هشاشــةً لخطــرٍ مُضاعَـف بالحرمـان مـن أيّ شـكل مـن أشـكال الحمايـة الفعّالـة. ولكـنْ، مـن الضـروري النظـر فـي أشـكال الإقصـاء التقاطعـي التـي تتأثّـر بالعمـر والنـوع الاجتماعـي والإعاقـة )ســكالا ٢٠٢٥؛ ســكالا .(٢٠٢١
خــال فتــرات الحــروب وفــي أعقابهــا، تكــون النســاء أكثــر عُرضــة للأحــداث المُؤلِمــة واضطرابــات مــا بعــد الصدمــة، ويواجهْــنَ أيضًــا مخاطــر متزايــدة جــرّاء الاســتغال والإســاءة والعنــف القائــم علــى النــوع الاجتماعــي. وتتفاقــم هــذه المخاطــر بســبụ انهيــار الهيــاكل الوقائيــة، واســتمرار حالــة عــدم الاســتقرار لفتــرات طويلــة، وصدمــات مـا بعـد الحـرب. ويُعَـدّ التداخـل مـع رعايـة الأطفـال والتعليـم أمـرًا حرجًـا بشـكل خـاصّ، حيــث تُواجِــه الأمّهــات الوحيــدات تحدّيــاتٍ هائلــة فــي الحصــول علــى رعايــة ميســورة التكلفـة وضمـان اسـتمرار تعليـم أطفالهـنَّ فـي ظـلّ عـدم الاسـتقرار المالـي، والتمييز علــى أســاس النــوع الاجتماعــي فــي ســوق العمــل، والإقصــاء مــن برامــج التغطيــة الاجتماعيــة. وبالنســبة للُأسَــر التــي تُعيلهــا نســاء، “تبــدو هــذه الهيــاكل والتجــارب المتعــدّدة المســتويات والمتقاطعــة، التــي تتضمّــن التمييــز والعنــف والتهميــش، وكأنّهــا حلقــة مفرغــة” )يونــس .(٢٠٢٣
عـاوةً علـى ذلـك، بـرزت النسـاء الأكبـر سـنًّا ذوات الإعاقـة كإحدى أكثر الفئات السـكّانية هشاشـةً فـي ظـلّ تضـاؤُل شـبكات الأمـان القائمـة علـى التضامـن بسـبụ تزايُـد هجـرة الشــباب، وارتفــاع معــدّلات البطالــة، وتفاقُــم الفقــر، وتراجُــع دعــم المنظّمــات غيــر الحكوميـة فـي سـياقِ أزمـةٍ تمويليـة عالميـة تُؤثِّـر علـى وكالات الإغاثـة الدوليـة )سـكالا .(٢٠٢٥ كذلــك، فــإنَّ الفئــات الســكّانية المُهاجِــرة - ولا ســيّما النســاء الفلســطينيات والسـوريات - مُعرَّضـة لخطـرٍ شـديد، حيـث تُواجِـه الـوكالات الدوليـة، مثـل مفوّضيـة الأمـم المتّحـدة لشـؤون الاجئيـن والأونـروا، التـي يُتوقَّـع منهـا توفيـر الحمايـة والرعايـة الأساسـيّتَيْن، قيـودًا ماليـة شـديدة. وقـد سـاهمت هـذه الديناميـات فـي زيـادة الضغط علـى نظـام الحمايـة الاجتماعيـة المُجـزَّأ والمُتهالِـك أساسًـا فـي لبنـان.
4- تقييم التحوُّلات النيوليبرالية والإصاحات الحالية
كان لـدى لبنـان “برنامـجٌ وطنـي لدعـم الُأسَـر الأكثـر فقـرًا” مُمـوَّل مـن الجهـات المانحـة، ولكنَّـه لـم يُغـطِّ سـوى شريحة صغيـرة مـن السـكّان.
فـي أواخـر العـام ٢٠٢٠، عـرضَ البنـك الدولـي خطّـةً لتوسـيع نطـاق تغطيـة هـذا البرنامج. وقـد أنشـأ مشـروعًا لشـبكة الأمـان الاجتماعـي بقيمـة ٢٤٦ مليـون دولار مـن أجـل توفيـر المسـاعدات النقديـة والخدمـات الاجتماعيـة للأشـخاص الذيـن يُصنَّفون علـى أنّهـم/نّ يعيشون/يعشْـنَ تحـت خـطّ الفقـر المدقـع.” )المجموعـة الاستشـارية لمسـاعدة الفقـراء .(٢٠٢٥ نَجَــحَ المســتفيدون/ات مــن “البرنامــج الوطنــي لدعــم الُأسَــر الأكثــر فقــرًا” فــي الانتقـال إلـى “برنامـج شـبكة الأمـان الاجتماعـي فـي حـالات الطـوارئ” (ESSN)، حيـث بلـغ عددهم/هـنَّ أكثـر مـن ١٦٥ ألـف أسـرة لبنانيـة - أي أكثـر مـن ضعـف تغطيـة “البرنامج الوطنـي لدعـم الُأسَـر الأكثـر فقـرًا.”
غطّــى البرنامــج الوطنــي لدعــم الُأسَــر الأكثــر فقــرًا ٧٥ ألــف أســرة تُعانــي مــن الفقــر والهشاشـة، ولكـنَّ تمويلـه انتهـى بحلـول شـهر حزيران/يونيـو ٢٠٢٤ ]...[ ومـع الانتقـال إلــى [شــبكة الأمــان الاجتماعــي فــي حــالات الطــوارئ]، وصــل برنامــج المســاعدات النقديـة الرئيسـي فـي لبنـان، “أمـان”، إلـى ١٦٨ ألـف أسـرة فقيـرة وهشّـة، بمـا يُغطّـي %١٧ مـن السـكّان و%٥٠ مـن الفقـراء، وتـمّ دمـج عمليـة التنفيـذ مـن خـال سـجلّ “دعم” الاجتماعــي الرقمــي.” )أورتاكايــا .(٢٠٢٥
وهنــا، يُثــار تســاؤلٌ منطقــيٌّ حــول تداعيــات تخصيــص الدعــم لنســبة %١٧ فقــط مــن السـكّان الفقـراء، وفقًـا لبيانـات البنـك الدولـي، فـي دولـةٍ صُنِّـف فيهـا ثاثـةٌ مـن كلّ أربعــة أفــراد، وفقًـا للإســكوا (٢٠٢١)، كفقــراء قبــل انــدلاع الحــرب الأخيــرة مــع إســرائيل. يمكـن القـول إنَّ مسـاعدة %١٧ مـن السـكّان الفقـراء أفضـل مـن عـدم تقديـم أيّ دعـم علــى الإطــاق، وأنَّ برنامــج “شــبكة الأمــان الاجتماعــي فــي حــالات الطــوارئ” يُمثِّــل خطـوةً أولـى، إذ يُغطِّـي الفئـة الفرعية الأكثر هشاشـةً ضمن السـكّان المُسـتهدَفين/ات.
ولكـنَّ ذلـك يطـرح تسـاؤلات جوهريـة: ما معنـى اعتبار الحماية الاجتماعية حقًا أساسـيًا؟ ومـاذا عـن حقـوق الفقراء الذين لا يسـتوفون معايير الأهلية لاسـتفادة؟
فـي بلـدٍ حيـث تعيـش غالبيـة السـكّان تحـت خـطّ الفقـر بمختلـف أبعـاده النقديـة وغيـر النقديـة، سـتُواجِه برامـج المسـاعدة النقديـة حتمًـا قيـودًا عـدّة بسـبụ معاييـر الأهليـة التقييديــة، والتــي تفتقــر بالتالــي إلــى الشــمولية. والأهــمّ مــن ذلــك، لا ينبغــي اعتبــار الحمايــة الاجتماعيــة اســتحقاقًا محصــورًا بالشــرائح الســكّانية الأكثــر فقــرًا. فكمــا هــو موضّــح فــي “الاســتراتيجية الوطنيــة للحمايــة الاجتماعيــة فــي لبنــان” التــي اعتُمِــدَت مؤخّــرًا، الحمايــة الاجتماعيــة هــي حــقّ أساســي مــن حقــوق الإنســان وهدفهــا صــون كرامــة الإنســان، بصــرف النظــر عــن الخلفيــات الاجتماعيــة للأفــراد )الحكومــة اللبنانيــة والإســكوا، .(٢٠٢٣
يتـمّ تحديـد المسـتفيدين/ات مـن خـال ما يُسـمّى “اختبار مسـتوى الدخل بالوسـائل غير المباشـرة” )قائمـة مُحـدَّدة مسـبقًا مـن المؤشّـرات التـي تختـار تلقائيًا الأفـراد المؤهّلين/ ات وغيـر المؤهّليـن/ات(، وهـي طريقـة مرفوضـة مـن جانـụ الجهـات الفاعلـة الرئيسـية فـي المجتمـع المدنـي اللبنانـي وعـدد كبيـر مـن الشـركاء فـي المجتمـع الدولـي بسـبụ “معـدّلات الخطـأ المرتفعـة، والسياسـات التمييزيـة، والصـور النمطيـة حـول الفقـر .]...[ إنَّ التركيـز علـى اختبـار مسـتوى الدخـل، وهـي ممارسـة شـائعة للبنـك الدولـي مرفوضـة مــن جانــụ “التحالــف العالمــي مــن أجــل أرضيــات الحمايــة الاجتماعيــة” وأكثــر مــن مئــة منظّمـة مـن المجتمـع المدنـي لسـنوات، ينطـوي علـى خلـلٍ جوهـريّ. فـا جـدوى منـه بشـكل خـاصّ فـي بلـدان مثـل لبنـان، حيـث يعيـش معظـم النـاس فـي الفقـر، كمـا هـو موضّـح فـي البيانـات الخاصّـة بالبنـك الدولي.” )تقرير مشـاورة وطنيـة خاصة بمنظّمات المجتمـع المدنـي حـول الحمايـة الاجتماعيـة فـي لبنـان .(٢٠٢٤
لا تتعـارض اسـتراتيجية البنـك الدولـي فـي لبنـان مـع الاسـتراتيجية الوطنيـة فحسـụ، بــل تتجاهــل أيضًــا الكثيــر مــن التحدّيــات الســياقية، إذ تفتقــر إلــى أدوات الاســتجابة للصدمــات وآليــات المواجهــة الدوريــة، فــي بلــدٍ يتعــرّض بشــكل متكــرّر لأزمــات، وحــروب، وصدمــات سياســية أو اقتصاديــة.
وفـي ظـلّ نـزوح مئـات الآلاف وإصابـة أو مقتـل الآلاف، لا تُعَـدّ المسـاعدات النقديـة أدوات مناسـبة للحـدّ مـن التفاوتـات الهيكليـة.
مـن المفتـرض أن يضمـن “دعـم”، وهـو نظـام شـبكة الأمـان الاجتماعـي الرقمـي فـي لبنــان، اســتفادة الفئــات الأكثــر هشاشــةً مــن المســاعدات النقديــة، غيــر أنَّ تســاؤلاتٍ كثيــرة تُطــرَح حــول تصميمــه وتنفيــذه وأســاليụ اســتهدافه. ولقــد أظهــرت الأبحــاث المخصّصــة لدراســة هــذه القيــود أنَّ هــذه المنظومــة تتّصــف بإهمــالٍ منهجــي فــي الاسـتجابة للأزمـات، ومخاطـر سياسـية وأمنيـة مرتبطـة بنـدرة البيانـات وسـرّيتها، فضاً عــن التحدّيــات القانونيــة والأخاقيــة )بســتاني وحريــري ٢٠٢٥أ؛ ٢٠٢٥ب.
بالإضافـة إلـى ذلـك، تُمـوَّل “المدفوعـات الحكوميـة للأفـراد” عـن طريـق البنـك الدولـي وبرامج الحكومات المانحة، بدلًا من الإيرادات المحلّية التصاعدية. بالتالي، فهي مُعرَّضة بشـكل دائـم لمخاطـر انقطـاع مصـادر التمويـل وتوقُّـف الدعـم مـن الجهـات المانحة.
5- إصاحات على المدى البعيد تتجاوز الحلول المؤقّتة: إعادة النظر في الحماية الاجتماعية في لبنان
كيـف يُمكننـا تقييـم العواقـụ علـى المـدى البعيـد للإصاحـات والتدابيـر السياسـاتية الحاليـة الهادفـة إلـى اسـتبدال الحمايـة الماليـة بمسـاعدات مشـروطة مدفوعـة بآليـات السـوق؟ تُقـدَّم هـذه البرامـج علـى أنَّهـا اسـتجابات عاجلـة للأزمـات، غيـر أنَّهـا تُعـرِّض مـا تبقّـى مـن الحمايـة الشـاملة للتفكيـك مـن خـال تعزيـز نمـوذج نيوليبرالـي يُعطـي الأولويـة للمسـاعدات علـى المـدى القريـụ علـى حسـاب الإصاحـات الهيكليـة.
اســتنادًا إلــى العمــل الميدانــي الحديــث حــول الفئــات الســكّانية غيــر المحميّــة )مثــل مجتمعــات النازحيــن/ات، والعاطليــن/ات عــن العمــل أو العامليــن/ات بأقــلّ مــن قدراتهم/هــنَّ، والعامليــن/ات غيــر النظامييــن/ات، والســكّان المهاجريــن/ات، إلــخ(. )ســكالا ٢٠٢٥؛ مركــز العلــوم الاجتماعيــة للأبحــاث التطبيقيــة ٢٠٢٢؛ يونــس ٢٠٢٣؛ حريـري ٢٠٢٣؛ فقيـه (٢٠٢٤، قـد يُطـرَح تسـاؤلٌ حـول شـرعية الإصاحـات القائمـة علـى المســاعدات النقديــة فــي ظــلّ إفــاس الدولــة، إذ تبــدو هــذه الإصاحــات بمثابــة تدابيــر تخفيفيــة لا تُحقِّــق هدفهــا الرئيســي: التقليــل مــن عــụء الأزمــات المُتفاقِمــة علــى الفئــات الســكّانية الأكثــر هشاشــةً. فكيــف يُمكــن للمســاعدات النقديــة أن تُخفِّـف المعانـاة فـي نظـامٍ يُعتَبَـر غيـر عـادل أو اسـتغالي، لا سـيّما بالنسـبة لأولئـك الذيـن يشـعرون أنَّهـم/نَّ حُرِموا/حُرِمْـنَ مـن كامـل مدّخراتهـم/نّ وجميـع اشـتراكاتهم/نّ فــي برنامــج قائــم علــى الاشــتراكات ولا يُوفِّــر أيّ حمايــة )ســكالا (٢٠٢٥؟
مـن الواضـح أنَّ نمـوذج البنـك الدولـي يُقـوِّض مبـدأ الشـمولية - أو مـا تبقّـى منـه - ويُهيمِـن علـى النقـاش السياسـي حـول الحمايـة الاجتماعيـة. ولكـنْ، مـا هـو الموقـف الرسـمي للحكومـة الحاليـة مـن هـذا النمـوذج، أو علـى الأقـلّ ما الذي يُمكن اسـتنتاجه مـن خطابهـا وإجراءاتها؟
لقــد أظهــرت الحكومــة الجديــدة عــدّة مؤشّــرات تــدلّ علــى “التفعيــل” فــي مجــال الحمايـة الاجتماعيـة، غيـر أنَّ هـذا النشـاط يتماهـى بشـكل رئيسـي مـع مواقـف البنـك الدولــي، وليــس مــع اســتراتيجيتها الوطنيــة.
للأســف، لــم يتــمّ إجــراء أيّ نقــاش اجتماعــي أو سياســي هــادف حــول المراســيم التنفيذيـة لاسـتراتيجية، كمـا لـم يتـمّ إجـراء أيّ حوار عام جدّي يُمهِّـد الطريق لإصاحاتٍ هيكليــة مســتقبلية. “يجــụ أن يُــدار مســار إصــاح الدولــة والنظــام فــي لبنــان بطريقـةٍ ديمقراطيــة” )مركــز العلــوم الاجتماعيــة للأبحــاث التطبيقيــة (٢٠٢٢، بمعنــى أنَّه يجــụ تصميمــه وتنفيــذه بنــاءً علــى نقاشــات ديمقراطيــة فــي المجــال العــام.
فـي اللحظـة السياسـية الراهنـة، مـن المُحـزِن أن نـرى جميـع الـوزارات تُضاعِـف خطابها وإصاحاتهــا المســتقبلية المُحتمَلــة لدعــم البرامــج المُوجَّهــة نحــو الجهــات المانحــة والتــي لا تأخــذ فــي الاعتبــار الاســتدامة الماليــة، وتفشــل فــي معالجــة التفاوتــات الهيكليـة الكبـرى )عـدم المسـاواة فـي الضرائـụ، والإنفـاق الاجتماعـي غير المسـتدام، وغيــاب الإصاحــات الماليــة، ومعـدّلات التغطيــة المنخفضــة وشــبكات الســداد غيــر الحمائيــة فــي البرامــج القائمــة علــى الاشــتراكات، وغيــر ذلــك.
مــن المؤكَّــد أنَّ الدولــة اللبنانيــة أبــدت اســتعدادًا سياســيًا لإصــاح نظــام الحمايــة الاجتماعيـة. ففـي تشـرين الثاني/نوفمبـر ٢٠٢٤، أعلنـت وزارة الشـؤون الاجتماعيـة عـن مســاعدة نقديــة طارئــة جديــدة بتمويـلٍ وطنــي، مــع اســتمرار برنامــج “البــدل النقــدي للأشــخاص ذوي الإعاقــة” فــي لبنــان.
أَعلَـنَ هــذا الإصــاح “تخصيــص مبلــغ ٤.٥ مليــار ليــرة لبنانيــة )حوالــي ٥ماييــن دولار( يُصـرَف للمسـاعدات الاجتماعيـة مـن الميزانية الوطنيـة لسـنة ٢٠٢٤. من شـأن المبلغ المرصـود توفيـر مسـاعدة نقديـة لمـرّة واحـدة، بقيمـة ١٠٠ دولار أمريكـي للأشـخاص ذوي الإعاقــة الذيــن يحملــون بطاقــة إعاقــة شــخصية ســارية المفعــول” )منظّمــة العمـل الدوليـة .(٢٠٢٤ بالإضافـة إلـى ذلـك، فـي كانـون الثاني/ينايـر ٢٠٢٥، أعلنـت وزارة الشـؤون الاجتماعيـة عـن رؤيـة جديـدة لرعايـة الأطفـال والأسـرة )اليونيسـف .(٢٠٢٥
مــع ذلــك، وفــي حيــن نَــصَّ البيــان الــوزاري صراحــةً علــى شمولية نظــام الحمايــة الاجتماعيــة ضمــن أهدافــه، غيــر أنَّــه حَــدَّدَ أيضًــا أنَّه سيســتهدف فئــات معيّنــة، أي “الأكثــر هشاشــةً وفقــرًا.”
يُفتــرَض أن يســير هــذان الإجــراءان بالتــوازي، غيــر أنَّــه قــد يُخشــى أيضًــا أنَّ جميــع التدابيــر التــي تُناقَــش حاليًــا تتبــع “الفلســفة” العامّــة للبنــك الدولــي، وتُــروِّج لبرامــج المســاعدات المُســتهدَفة والمشــروطة، علــى حســاب تعزيــز مبــدأ الشــمولية.
بالفعــل، فــي ١٤ آذار/مــارس ٢٠٢٥، عقــد رئيــس الــوزراء نــوّاف ســام اجتماعًــا تنــاولَ شـبكات الأمـان الاجتماعـي فـي لبنـان تحـت عنـوان “المرحلـة التاليـة مـن الإصـاح”، حيـث صرّحـت وزيـرة الشـؤون الاجتماعيـة حنيـن السـيّد أنَّ وزارتها تسـعى إلى “توسـيع الدعـم النقـدي المباشـر، وترسـيخ الروابـط مـع الخدمـات الاجتماعيـة، وبنـاء القـدرات المؤسّسـاتية والبنيـة التحتيـة، وتعزيـز التنسـيق ومواءمـة النظـام.” )عـرب نيـوز .(٢٠٢٥
رغـم أنَّ المشـهد لا يحمـل الكثيـر مـن البـوادر الإيجابيـة، غيـر أنَّـه لا يخلـو مـن الأمـل، ولا تــزال هنــاك فُــرَص للإصــاح الهــادف. ووفقًــا للوكالــة الوطنيــة للإعــام، صــرَّحَ الرئيـس سـام فـي هـذا الاجتمـاع بأنَّـه “فـي إطـار التزاماتهـا الوزاريـة، سـتُعيد الحكومة تفعيـل اللجنـة الوزاريـة الاجتماعيـة، وسـتتّخذ الإجـراءات الازمـة لتنفيـذ الاسـتراتيجية الوطنيـة للحمايـة الاجتماعيـة، مـع التركيـز على توسـيع برامج اسـتهداف الفقر وبرامج ذوي الإعاقــة، وضمــان الوصــول إلــى مراكــز الرعايــة الصحّيــة الأوّليــة والتعليــم فــي المـدارس الحكوميـة، وتعزيـز الإدمـاج الاقتصـادي مـن خـال برامـج إدمـاج اقتصـادي مُصمَّمــة جيــدًا، وتطبيــق إصاحــات نظــام التقاعــد لضمــان تقاعــد كريــم” )الوكالــة الوطنيـة للإعـام .(٢٠٢٥
صحيــحٌ أنَّ كلّ مــا ذُكِــرَ أعــاه ضــروري، غيــر أنَّ ترتيــụ الأولويــات هــو الأهــمّ، وهــو أمــر ينبغــي أن يتماشــى أيضًــا مــع آليــات التمويــل لتدابيــر الحمايــة الاجتماعيــة. كيــف ستسـتخدِم الدولـة مواردهـا المحـدودة للغايـة لتحقيـق هـذه الأهداف، وبأيّ تسلسـل؟
فــي الــوق نفســه، لــم تُتَّخَــذ بعــد التدابيــر السياســية الراميــة إلــى إصــاح البرامــج القائمــة علــى الاشــتراكات.
قـد يُخشـى أنَّـه فـي ظـلّ غيـاب إطـار شـمولي للتغطيـة الشـاملة المُموَّلـة بالتضامـن المالــي )وليــس بمبــادئ الأعمــال الخيريــة(، ســتضطرّ الحكومــة اللبنانيــة إلــى اللجــوء إلـى تدابيـر تخفيفيـة مُقسَّـمة بيـن “عناصـر متباينـة مـن السياسـة الاجتماعيـة: الرعايـة الاجتماعيـة، والحمايـة، وتقديـم الخدمـات، وغيرهـا”. )جـواد وآخـرون (٢٠٢٥، وهذا الأمر لـن يُخفِّـف مـن معانـاة الفئـات السـكّانية المُسـتهدَفة، بـل سـيزيد العـụء المالـي.
مـن جهـة، تقتـرح “الاسـتراتيجية الوطنيـة للحمايـة الاجتماعيـة” دمـج البرامـج القائمة علـى الاشـتراكات وتلـك غيـر القائمـة علـى الاشـتراكات فـي إطـار موحّـد قائـم علـى دورة حيــاة كلّ أســرة )الحكومــة اللبنانيــة، الإســكوا .(٢٠٢٣ مــن جهــة أخــرى، يتطلّــụ النهــج الشــامل الاعتــراف بــأنَّ أنظمــة الحمايــة الاجتماعيــة لا تســتهدِف الفئــات الأشـدّ فقـرًا فحسـụ، إذ أنَّهـا تـؤدّي دورًا رئيسـيًا فـي الاقتصـاد الكلّـي، حيـث تدعـم تلقائيًــا الدخــل المتــاح )وبالتالــي الطلــụ الكلّــي( فــي فتــرات الركــود، ممّــا يُســاعِد الاقتصــاد علــى التعافــي بعــد الصدمــات والأزمــات )ســتيغليتز وآخــرون .(٢٠٠٩
ويتجلّــى تأثيــره الاقتصــادي الكلّــي فــي قدرتــه علــى دعــم الاســتقرار بشــكل تلقائــي فــي فتــرات الركــود أو الكســاد، ممّــا يُوفِّــر اســتجابةً أفضــل للصدمــات مــن أجــل إعــادة ضبــط الــدورة الاقتصاديــة )ســتيجليتز ٢٠١٣؛ ســتيجليتز وكالــدور .(٢٠١٣
بالتالــي، ينبغــي علــى الحكومــة أن تُفسِــح المجــال فــي إصاحاتهــا الحاليــة للبُعــد المتعلّـق بالاسـتجابة للصدمـات فـي اسـتراتيجيتها، وأن تتعلّـم “اسـتخدام سياسـات الرعايــة الاجتماعيــة بطريقــة اســتراتيجية كآليــةٍ لاســتجابة للأزمــات” )بريــك .(٢٠٢٤
فــي الواقــع، “تُعتبَــر الحمايــة الاجتماعيــة أمــرًا حيويًــا لمعالجــة حــالات الفقــر والهشاشـة، والحـدّ مـن ظاهـرة عـدم المسـاواة، والمسـاهمة فـي التنميـة البشـرية، وتعزيـز القـدرة علـى الصمـود، والاسـتجابة بفعّاليـة للصدمـات”. )ريـد وآخـرون .(٢٠٢٤
ومــن دون إطــار شــامل لتنفيــذ الاســتراتيجية الوطنيــة، ستســتمرّ الإصاحــات النيوليبراليــة الحاليــة فــي اســتنزاف المــوارد الماليــة الضئيلــة للقطــاع العــام وإرهــاق نظــام الرعايــة الصحّيــة )العــام والخــاصّ( المُنهَــك أساسًــا )لونغوينيــس .(٢٠٢٤ وبـدون إصـاح الأنظمـة القائمـة علـى الاشـتراكات ومبـادئ التضامـن المالـي فـي الاســتراتيجية الوطنيــة للحمايــة الاجتماعيــة، فــإنَّ المكوّنــات القائمــة علــى العمــل الخيــري ســوف تســتمرّ فــي النمــوّ والتضخّــم وتعريــض الفئــات الأكثــر هشاشــةً لخطـرٍ هائـل عندمـا تتغيّـر أجنـدات الجهـات المانحـة )وهـي سـتتغيّر مـرّة أخـرى حتمًـا(، مــا لــم يكــن مــن الممكــن وقــف الإصاحــات النيوليبراليــة لاســتراتيجية الوطنيــة للحمايــة الاجتماعيــة أو تجنّبهــا.
ومــع ذلــك، فــي حيــن تعجــز التصـوُّرات النيوليبراليــة عــن استشــرافِ حـلٍّ بديــل، لقــد طــرحَ المجتمــع المدنــي اللبنانــي اســتراتيجياتٍ بديلــة رئيســية ينبغــي علــى الحكومــة الحاليــة - التــي يبــدو أنَّهــا تتضمّــن رقمًّا قياســيًا مــن حيــث عــدد حاملــي شــهادات الدكتـوراه فـي تاريـخ البلـد - أن تأخذهـا فـي الاعتبـار، أو علـى الأقـلّ أن تُبـدي اهتمامًـا بمناقشــة هــذه المســائل علنًــا وبطريقــةٍ ديمقراطيــة.
فلنأمل ألّا تكون هذه الحكومة أوّل حكومةٍ للبنك الدولي في تاريخ البلد.
قائمة المراجع
Abdo Nabil, 2019, “Social protection in Lebanon: From a System of Privileges to a System of Rights.” Beirut: Arab NGO Network for Development.
Arab NGO Network for Development (ANND), 2024, “Report of the Civil Society National Consultation on Social Protection in Lebanon”, Beirut, Lebanon. Available on: https://www.annd.org/uploads/publications/Consultation_Report_(EN).pdf
Arab NGO Network for Development (ANND), 2014, “2014 - Social Protection in the Arab World - the Crisis of the State Exposed”, Beirut, Lebanon. Available on: https://www.annd.org/en/publications/details/2014-social-protection-in-the-arab-worldthe-crisis-of-the-state-exposed1
Arab News, 2025, “Lebanon pushes social safety net plan”, March 14, 2025. https://www.arabnews.com/node/2593623/middle-east
Assouad Lydia, 2021, “Rethinking the Lebanese economic miracle: The extreme concentration of income and wealth in Lebanon, 2005–2014.” Journal of Development Economics, 161 (2023): 103003.
Boustani Iskandar, Hariri Nizar, 2025, “A National Unified Registry for Lebanon. A Tool of State Building?”, Policy Brief, CeSSRA, The Centre for Social Sciences Research and Action, CeSSRA, Beirut, Lebanon.
Boustani Iskandar, Hariri Nizar, 2025, “Can A National Unified Registry in Lebanon Constitute A Step Towards Universal Social Protection? A Comprehensive Technical Report”, Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2025-04-01 00:00:00. doi
Brik Anis Ben, 2024, “Social protection and labor market policies during the COVID-19 pandemic in the MENA region.” In Public Policy in the Arab World, pp. 193-215. Edward Elgar Publishing.
Centre for Social Sciences Research and Action (CeSSRA), 2024, “Statement on Lebanon’s adoption of its long-awaited National Social Protection Strategy”, Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2024-02-01 00:00:00. doi: https://civilsociety-centre.org/ar/paper/statement-lebanonsadoption-national-social-protection-strategy
CeSSRA, 2022, “Aging in dignity. A webinar on the impact of the crisis in Lebanon on older persons”, Webinar from the project: The politics of social justice in Lebanon. Between citizenship, identities and compounded crises. 13 October 2022, Beirut, Lebanon.
CeSSRA, 2023, “Position paper: The road to reforming the state and the system in Lebanon must be democratically led”, Civil Society Knowledge Centre, 29 June 2023, Beirut, Lebanon.
Cgap, 2025, “Coding Through Crisis: Building a Digital Social Protection System in Lebanon”, Podcast on the Lebanese social registry, January, 2025, with Marie Louise Abou Jaoudeh, Ahmet Fatih Ortakaya, Souraya Sbeih, Nadine Chehade, Carole Alsharabati. Available on: https://www.cgap.org/research/podcast/coding-through-crisis-building-digital-social-protection-system-in-lebanon
Devereux Stephen, Lind Jeremy, Roelen Keetie, Sabates-Wheeler Rachel, 2024, “Notes on Contributors–Reimagining Social Protection”, IDS Bulletin, Vol. 5, No 22.
Enna Antea, 2024, “Shifting paradigms: Social protection vs. social policy in Lebanon.” Mediterranean Politics: 1-25.
ESCWA (United Nations Economic and Social Commission for Western Asia), 2021, “Multidimensional Poverty in Lebanon (2019-2021). Painful Realities and Uncertain Prospects”, Beirut, Lebanon.
Fakih Jaafar, “الحماية الاجتماعية الشاملة: درع في زمن النزاع”, Knowledge Centre, Lebanon Support, 2024-04-01, Beirut, Lebanon.
Government of Lebanon, ESCWA, 2023, “National Social Protection Strategy for Lebanon. Towards a Rights-Based, Shock-Responsive and Sustainable System”, October, Beirut, Lebanon.
Hariri Nizar, 2023, “Unprotected. Survey Report on The Challenges of The Current Social Protection System in Lebanon Amidst the Crisis”, The Centre for Social Sciences Research and Action, CeSSRA, Beirut, Lebanon.
ILO, 2024, “The Ministry of Social Affairs announces a new nationally funded emergency cash assistance and the continuation of the National Disability Allowance for people with disabilities in Lebanon”, 15 November 2024. Available on: https://www.ilo.org/resource/news/ministry-social-affairs-announces-new-nationally-funded-emergency-cash
ILO & CAS, 2022, “Lebanon Follow-up Labour Force Survey”, Beirut, Lebanon.
ILO, 2020, “Extending Social Health Protection in Lebanon: The Role of the National Social Security Fund (NSSF) in Achieving Universal Health Coverage.” Regional Office for Arab States Social Protection Department, International Labour Organization.
Institut des Finances Basil Fuleihan, 2021, “Social Protection Spending in Lebanon. A deep dive into State Financing of Social Protection”, in partnership with UNICEF, Beirut, Lebanon.
Integrated Food Security Phase Classification (IPC), 2024, “Lebanon: Acute Food Insecurity Situation for October - November 2024 and Projection for December 2024 - March 2025”. Available on: https://www.ipcinfo.org/ipc-country-analysis/details-map/en/c/1159456/
Jawad Rana, Plagerson Sophie, Jaskolski Martina, 2025, “A critical review of the state-of-the-art on social policy, conflict and peace in the Middle East and North Africa region: Why social policy matters for peace and why it is also not enough”, World Development, 187.
Joint Civil Society Statement, 2024, “Lebanon’s Poverty Crisis: A Dire Need for Universal Social Security”, August 8, 2024 (33 signatures).
Lebanon Support, 2016, “Access to Healthcare for Syrian Refugees. The Impact of Fragmented Service Provision on Syrians’ Daily Lives”. Available on: https://civilsociety-centre.org/resource/access-healthcare-syrian-refugees-impact-fragmented-service-provision-syrians%E2%80%99-daily-lives
Longuenesse Élisabeth, 2024, «Entre violences armées et politiques néolibérales, des systèmes de santé en grande difficulté.» Confluences Méditerranée 128, no. 1 (2024): 13-20.
National News Agency (NNA), “Salam Heads meeting on social safety nets, reform strategy”, 14 March 2025. Available on: https://www.nna-leb.gov.lb/en/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/765725/salam-heads-meeting-on-social-safety-nets-reform-s
Ortakaya Ahmet Fatih, 2025, “Lebanon: Lessons from social protection delivery systems during the pandemic”, February 11, 2025. Available on: https://blogs.worldbank.org/en/arabvoices/lebanon-lessons-from-social-protection-delivery-systems-during-the-pandemic
Proudfoot Philip, Sami Zoughaib, 2025, “The Politics of Social Assistance in Lebanon: Social Protection, Sectarianism, and Lebanon’s Fragmented Social Contract.” BASIC Research Working Paper 32, Brighton: Institute of Development Studies.
Reid Charis, Both Nathalie, Pellerano Luca, Byrne Meredith, Neomi Sirisena Chantal, Ammar Zeina, Smith Gabrielle, 2024, “Realigning Social Protection Across the Nexus: Reflections from Protracted Crises in the Arab Region”, IDS Bulletin, Vol. 5, No 22.
Roman Howaida Adly, 2024, “A Guide to Universal Social Protection in the Arab Region”, Arab Reform Initiative, Beirut, Lebanon.
Saghir Cynthia, Al-Shami Farah, Tonea Diana, 2024, “Lebanon’s Social Protection System Suffers Amidst the Current War: Urgent Action Needed!”, the Arab Reform Initiative & Camealeon, Policy Paper October, 2024, Beirut, Lebanon.
Scala Michele, 2025, “الشيخوخة والحامية الاجتماعية في لبنان. تقييم الوضع في زمن الأزمات.” Diss. Ifpo-Institut français du Proche-Orient; AFD-Agence française de développement, 2024.
Scala Michele, 2022, “An intersectional perspective on social (in)security. Making the case for universal social protection in Lebanon”, The Centre for Social Sciences Research and Action, CeSSRA, Beirut, Lebanon.
Stiglitz Joseph, 2013, “The global crisis, social protection and jobs”, International Labor Review 151: 93-106.
Stiglitz Joseph, Kaldor Mary, 2013, The Quest for Security: Protection Without Protectionism and the Challenge of Global Governance, Columbia: University Press.
Stiglitz Joseph, Sen Amartya, Fitoussi Jean Paul, 2009, “Report by the Commission on the Measurement of Economic Performance and Social Progress.” Paris: France.
United Nations Children’s Fund (UNICEF), 2025, “The Ministry of Social Affairs Unveils a New Vision for Child and Family Care Services in Lebanon”, 23 January 2025. Available on: https://www.unicef.org/lebanon/press-releases/ministry-social-affairs-unveils-new-vision-child-and-family-care-services-lebanon
UNICEF and the Ministry of Social Affairs (MOSA), 2019, “Social Protection in Lebanon: A Review of Social Assistance.” Beirut: December.
Younes Miriam, 2023, “Solidarity as resistance. Multidimensional fears, vulnerabilities and coping mechanisms among women Leading Households in Lebanon”, Centre for Social Sciences Research and Action, CeSSRA, Beirut, Lebanon.