يهدف هذا الدليل الثنائي اللغة للتزويد بالأدوات والمهارات لتأسيس مجموعة أومؤسسة وتنظيم عملها في لبنان، ونُشرَ ضمن مشروع قاعدة المعرفة حول المجتمع المدني، بالشراكة مع الوكالة السويسرية للشراكة والتعاون (SDC).
يجمع تصميم الدليل بين اللغتين العربية والانكليزية من أجل التأكد من وصوله لأكبر عدد ممكن من الفاعلين. وقد صمّمته نايلا يحيا.

الدليل الأساسي للمجموعات والجمعيات التعاونية والمنظمات غير الحكومية الناشئة في لبنان
حول مركز دعم لبنان
دعم لبنان هو مركز أبحاث حول المجتمع المدني في لبنان ومن أجله. إنّه مركز مستقلّ غير ديني وغير سياسي ولا يبغي الربح.
يهدف مركز دعم لبنان إلى تعزيز قدرة المجتمع المدني وكفاءته وفعاليته من خلال خلق مساحات سهلة المنال. للتعاون والنقاش بشان المجتمع المدني في لبنان ومن أجله.
يتبنى مركز دعم لبنان مقاربةً متعددة التخصصات والأدلة والمنهجيات القائمة على الوقائع حول عمل المجتمع المدني في لبنان لدعم وتطوير صوتٍ مدني وتأثيرٍ أفضلباتجاه مزيدٍ من المحاسبة والتغيير المجتمعي في لبنان. وضمن هذا الإطار، يركّز مركز دعم لبنان على تبادل المعلومات والمعرفة وإدارتها وإنتاجها ونقلها بالتوافق معإيمان مركز دعم لبنان بأنّ المعلومات والمعرفة هي في صميم تطوير استراتيجياتٍ وتدخلاتٍ ملائمة للحدّ من الهشاشات والتهميش في البلد.
يشجع مركز دعم لبنان ويدعم التشارك في المعرفة بين المنظمات في لبنان من خلال تبادل التجارب والأفكار والمعلومات عبر قطاعات جهات المجتمع المدني الفاعلةفي لبنان وبينها. وهي تقوم بذلك بصورةٍ رئيسية من خلال برنامجين:
دليل مدني، وهو بوابة مصممة لجهات المجتمع المدني الفاعلة تهدف إلى تعزيز الكفاءة، والتعاون ضمن القطاع، وزيادة المعرفة المتعلقة بالفعل المدني.
مركز معرفة المجتمع المدني، وهو منصّة إلكترونية يتيح التحليلات والأبحاث والبيانات والإحصاءات الأصيلة على هيئة مخططاتٍ وبصريات تفاعلية، ومصادر حولموضوعاتٍ متنوعة تتعلق بعمل المجتمع المدني في لبنان
مقدمة: لحظةٌ من التأمل الذاتي
حقيقة أنّ التنظيم الاجتماعي هو في الآن عينه ضروري وحتمي هي أحد أسباب الطابع المحيّر والمأسوي للوجود البشري. أ لد وسهكسلي
عزيزي القارئ،
إذاً تريد تأسيس منظمةٍ غير حكومية أو مجموعةٍ أو نادٍ أو جمعيةٍ تعاونية في لبنان... إنّه أمرٌ عظيم ورهيب. فهو تحركٌ إيجابي لأنّ لبنان بلدٌ حافلٌ بالثغرات وبحاجةٍلكثيرٍ من العمل. وهو بلدٌ إشكاليّ لأنّه متخمٌ أيضاً بالمنظات غير الحكومية المحلية والدولية )هنالك ما ينوف عن 1300 منظمة غير حكومية ناشطة وفقًا لمركز دعملبنان ) daleel-madani.org (، في حين يوجد في سجلات وزارة الداخلية والبلديات ما ينوف عن 8300 منظمة من منظمات المجتمع المدني يركز معظمها علىحاجات التنمية والخدمة الاجتماعية )ما بعد الإصلاح والتنمية، 2015 (، يشوب عمل بعضها كثيرٌ من النواقص.
وعلى الرغم من أنّ إنشاء منظمة اجتماعية يُعدّ ضرورةً قصوى في ميادين العمل والفاعلية الإنسانيين، والسياسة والاقتصاد والثقافة من بين أنشطةٍ أخرى، لكنّ مثل هذهالمنظّمة قد تبرهن على أنّها هدّامةٌ أكثر ممّ هي بناءةٌ إن صُممت على نحوٍ رديء. تُعدّ لحظةٌ من التأمّل الذاتي ضرورةً قصوى لأنّ كثيراً من المؤسسات المشابهة ظهرواختفى، لجملةٍ من الأسباب بدءاً من الانهيار الداخلي بسبب المشاحنات الداخلية وصولاً إلى الانفعالات التي تندلع بعد أشهرٍ، إن لم يكن سنوات، من الانتكاساتوالإحباطات والتقييدات المتواصلة. عادةً ما يكون مثل هذا العمل غير محمود، يخلو من أي ربحٍ أو يكاد. لكنّه، وللغرابة، قد يكون مؤثّراً ومدعاةً للارتقاء. إذ يمكنه تغييرالحيوات والفضاءات نحو الأفضل، يمكنه تحدي السلطة والامتيازات، وهو كذلك بالفعل، وهذا أمرٌ يفرض نفسه في هذا العالم المعقد.
إذاً، وقبل المضي قُدُماً، ينبغي عليك وعلى أقرانك أن تسألوا أنفسكم:
ما مدى جديتنا في هذا المسعى؟ هل منظمتي غير الحكومية أو تجمّعي أو جمعيتي التعاونية أو أي مؤسسةٍ أخرى تقدّم فعلياً بعضاً من احتياجات المجتمعات المحلية التيسنقيم منظمتنا ضمنها؟ هل نحن مستعدون لسلسلةٍ من الإخفاقات مع نجاحاتٍ عرضيةٍ ونادرةٍ أحياناً؟ هل سيدوم العمل الذي نقوم به ويُدعّم المشكلات والمؤسساتالإشكالية؟ هل حشدنا ما يكفي من المعلومات لملء أي ثغرةٍ في عملنا؟ هل نقوم بذلك على نحوٍ صائبٍ حتى الآن؟
خذ وقتك وأمعن النظر في أجوبة هذه الأسئلة، ليس من أجلك أنت وزملائك فحسب، بل كذلك من أجل الأهداف التي تسعى لتحقيقها.
إن لم تعدِل عن الأمر وكنت لا تزال حريصاً على متابعة تأسيس منظمةٍ غير حكومية أو مجموعةٍ أو جمعيةٍ تعاونيةٍ في لبنان، فأهلاً بك في دليل مركز دعم لبنانالأساسي!
إنّها محاولةٌ لتزويدك بالأدوات والمهارة الأساسية لمساعدتك في تأسيس مؤسستك المستجدة ضمن مناخٍ عسير. سيساعدك ذلك في اجتياز تحدياتٍ عادةً ما تعترض هذاالنوع من العمل. تذكّر أنّه ليس دليلاً كاملاً أو شاملاً — اعتبره بمثابة منارةٍ توفّر لك ولأقرانك درباً لإنجاز العمل الشاق الضروري للنجاة من بحرٍ عاصفٍ وضبابي،هو لبنان. أخيراً، سيترتب عليك سدّ ثغرات هذا الدليل، وتطوير حلولك الإبداعية للمشكلات غير الملحوظة هنا، وبلوغ الأهداف التي وضعتها لنفسك. حظاً طيباً!
القسم الأول: التسجيل، أو النجاة من
البيروقراطية اللبنانية
البيروقراطية حلقة لا يستطيع أحدٌ التملص منها، فتراتبيتها هي تراتبية المعرفة. كا ر ل ما ر كس
تذكّر هنا أن العلم والإخبار هما خلاصك النهائي في التعامل مع البيروقراطية اللبنانية وخوض غمارها.
سيكون اختبارك الأول للبيروقراطية فورياً تقريباً، تماماً بعد اجتماعك مع ثلاثة أشخاصٍ آخرين على الأقل واتخاذكم قراراً بتشكيل منظمة. لقد حان أوان تسجيلمنظمتكم، لدى كلٍّ من الدولة والمنابر الأخرى. المعلومات التي تحتاجها في هذه المرحلة قانونيةٌ بصورة أساسية.
لنبدأ بالمادة 13 من الدستور اللبناني التي تنصّ على أنّ لكلّ لبناني الحقّ في “حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليفالجمعيات كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”.
تعرّف دائرةَ القانون مجموعةٌ أخرى من القوانين تُجمل الكيفية التي ستدار فيها المنظمات المحلية والمنظمات الدولية والجمعيات التعاونية، وتحدد مؤسسة الدولةالتي ستشرف على تسجيلها وتقديم تراخيص العمل القانونية. لكنّ كثيراً من هذه القوانين، للأسف، قديمٌ وغير ملائمٍ لزمننا المعاصر.
<01 المنظمات المحلية ) لبنانية الإشراف(
يعتبر قانون الجمعيات ( 1325 ) الصادر في الثالث من آب/ أغسطس العام 1909 القانون الأساسي الخاص بتأسيس فاعلين محليين )لبنانيين( لمنظمة في لبنان.
وفقًا لقانون الجمعيات، لا يجوز تأليف جمعيات، أو منظمات غير حكومية في مفرداتنا، تسعى على أساس غير مشروع ل “الإخلال بالراحة” أو “تغيير شكل الحكومةالحاضرة”.
ينبغي على أعضاء المنظمة:
< ألا تقلّ أعمارهم عن العشرين سنة،
< ألا يكونوا محكومين بجناية أو محرومين من حقوقهم المدنية.
تمنع الدولة منعاً قطعياً تأليف “الجمعيات السرية”، وبناءً عليه يجب حالاً عند تأليف الجمعية أن يقدم مؤسسوها بياناً موقعاً ومختوماً يحتوي على:
< عنوان الجمعية وبيان مقصدها وغاياتها وأسماء أعضائها ونسخٍ عن بطاقات هوياتهم وتواقيعهم،
< وطبيعة عمل الجمعية،
< وأنظمتها ونظامها الداخلي الأساسي ممهوراً بخاتم الجمعية،
< وسجلات حساباتها المالية. ينبغي مسك دفاتر فعلية للشؤون الإدارية والمالية وهيئاتها يمكن تقديمها إلى السلطات والمحاكم إذا طلبتها.
بعبارةٍ أخرى، ينبغي الاستعداد لأن تكون شفافاً تجاه وزارة الداخلية، إن كنت مقيماً في بيروت، أو السلطة ذات الصلة بالنسبة إلى من يؤسسون منظماتهم خارجالعاصمة. هنالك وثائق يجب ملؤها )راجع الملاحق للاطلاع على النماذج(، وخير وسيلةٍ لفعل ذلك ملؤها باللغة العربية، مع نسختين عن جميع الوثائق المعنية تحسّباًللطوارئ.
إذا تب يّ أنّ جمعيةً ما لم تلتزم بهذه القوانين، فمن المرجح حظرها، وتغريم أعضائها غرامات باهظة، أو سجنهم في حالاتٍ محددة لأشهر.
ينطبق هذا القانون أيضاً على النوادي المحلية والأحزاب السياسية. هنالك حالات خاصة من حيث اضطرار المرء للمرور بالوزارات أو السلطات، لكنّنا سنناقش ذلكلاحقاً.
<2 المنظمات الدولية
مثلما ينصّ عليه قانون الجمعيات، تُعدّ منظمة ما “أجنبية” إذا انطبق عليها أحد المعايير التالية:
< إذا لم يكن مؤسسها أو مديرها لبنانياً،
< أو إذا كانت قائمةً خارج لبنان،
< أو إذا كان أكثر من ربع أعضاء جمعيتها العمومية من غير اللبنانيين.
يتعلق الفارق الأساسي بين منظمةٍ غير حكومية دولية ومنظمةٍ غير حكومية محلية في أنّ ترخيص الأولى والاعتراف بها ينبغي أن يكون بقرارٍ خاصٍ منمجلس الوزراء، قبل أن تتبع المنظمة الإجراءات المشابهة لإجراءات وزارة الداخلية مع منظمةٍ غير حكومية محلية. وكما هو معتاد، ينبغي أن يتضمن تسجيلمثل هذه المنظمة اسمها وعنوانها ومهن أعضائها وجنسياتهم، ونسختين من نظامها الداخلي وأنظمتها الأساسية.
كن على علمٍ بأنّ ترخيصك قد يكون مؤقتاً، أو مقيّداً بشروطٍ صارمة تضعها الدولة. بصورةٍ عامة، قد يُطلب من منظمتك الدولية تقديم جميع المعلوماتالمتعلقة بموقع مكاتبها وجنسيات أعضائها وأهدافها.
إنّ عدم اتباع هذه القواعد قد يفضي إلى قيام الدولة بحلّ المنظمة قسرياً في غضون شهر، وقيام المحاكم بتصفية أموالها
<03 حالات خاصة
تتوقف الحالات الخاصة على نوع المنظمة أو المجموعة أو الجمعية التعاونية التي تسعى إلى تأسيسها وهي تتعلق بوزارات أخرى غير وزارة الداخلية. إنّهاطبقة بيروقراطية إضافية تعلو كلّ شيء آخر بالنسبة إليك. كن مستعداً لذلك.
على سبيل المثال، إن كانت منظمتك نقابةً عماليةً من أي نوع، فوزارة العمل هي المسؤولة عن إصدار تراخيصها — بعد التشاور مع وزارة الداخلية — كماتنصّ عليه المواد 86 - 89 من قانون العمل اللبناني. وقد يكون الأمر حساساً، كما أظهرت حالة نقابة العاملات المنزليات المؤسسة في مطلع العام 2015 بغرض عرض الحماية والملجأ على العاملات المنزليات اللواتي لا يعترف بهنّ قانون العمل. حتى كتابة هذا النص، ترفض وزارة العمل الاعتراف بتشكيلهذه النقابة، لكنّ النقابة تواصل عملها وتشكل بصيصًا من الأمل لحوالي ألفٍ من العاملات المنزليات غير المحميات والمستغَلات في كثيرٍ من الأحيان فيالبلاد.
وبصورةٍ مشابهة، إن كانت منظمتك تتعلق بالألعاب الرياضية أو الشباب، فعليك تسيير طلبك من خلال وزارة الشباب والرياضة، بالتنسيق مع وزارة الداخلية. ومن المثير للاهتمام أنك إذا حاولت إقامة جمعية تعاونية، وبغضّ النظر عن حقيقة أنّها غير معنيةٍ بالقطاع الزراعي، فأنت مضطرٌ للتعامل مع وزارة الزراعة)تذكّر، قوانين قديمة!(.
خير نصيحةٍ في هذه الحالة أن تكون واضحاً جداً بشأن نوع المنظمة التي تحاول تأسيسها ونوع العمل الذي ستؤديه من أجل معرفة المؤسسات التي عليكالتعامل معها مباشرةً. الأمر الوحيد المؤكد، أنّ جميع الدروب تفضي إلى وزارة الداخلية.
<4 مزايا التسجيل/إعلان التأسيس
التشريعات الأساسية وذات الصلة
-1 المادة 13 من الدستور اللبناني
-2 قانون الجمعيات للعام 1909
-3 قانون الاجتماعات العمومية للعام 1911
-4 المنظمات ذات المنفعة العامة، المرسوم الاشتراعي رقم 87 الصادر في 30 - 6- 1977
-5 الجمعيات الأجنبية، القرار رقم LR 369 للعام 1939
-6 القسم الثاني من قانون العقوبات
-7 العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
-8 قرار مجلس الدولة رقم 135 /
2003
على أبسط المستويات، تستطيع مجموعةٌ من ثلاثة أشخاص تشكيل “جمعية” وإعلام الحكومة بوجود الكيان الجديد، تماشياً مع الإقرار بحرّية تشكيل جمعية. وعلى الرغم من ذلك، قد يكون سير العملية أكثر تعقيداً على أرض الواقع. السبب الذي يوجب عليك التفكير في عملية التسجيل هو حقيقة أنّها تشكل وضعاًقانونياً لمنظمتك — يحصل في اليوم عينه الذي تتقدّم فيه الإدارة بالإعلان القانوني عن التأسيس.
يزوّد امتلاك وضع قانوني منظمتك بحماية القانون، وبالحق في ما يلي:
< إدارة الأموال وتوزيعها،
< المثول أمام المحاكم،
< قبول التبرعات والمنح والمساعدات،
< العمل مع المؤسسات الرسمية، من بين حقوق أخرى ككيانٍ قانوني،
< يكون الحضور أكثر علانيةً في تولي عملك وتكون أكثر قدرةً على الوصول إلى الجمهور الأوسع من دون قلقٍ من السلطات.
وإحدى المزايا الخاصة هي حقيقة أنّ بوسع منظمتك، بوصفها كياناً قانونياً، فتح حسابٍ مصرفي، يتضمن تقديم دليلٍ على التسجيل من وزارة العدل إضافةً إلىتقديم وثائق أخرى مثل النظام الداخلي للمنظمة وأنظمتها الأساسية، وسجلات قرار فتح حساب مصرفي، وبطاقات الهوية وأوراق الاعتماد، وأي شيء آخريطلبه المصرف.
علاوةً على ذلك، يُتوقع منك، بوصفك منظمة مسجلة، تقديم عددٍ من الوثائق إلى وزارة الداخلية سنوياً. وهي تتضمن:
< بيان الدخل عن السنة السابقة،
< وميزانية العام الحالي،
< وقائمةً بأسماء أعضاء المنظمة الذين سددوا رسوم اشتراكاتهم السنوية.
<5 ما لم تؤخذ الوقائع بالحسبان، سيجري الالتفاف على القواعد أحيانا
لنكن صادقين، حتى لو اتبعت جميع القواعد حرفياً، فقد تعيقك رموز السلطة. قد يأخذون وقتهم في معالجة أوراقك أو إجراء تدقيق شديد. وقد لا يعيرون انتباهاًلتفاصيل في وثائقك ويختمونها بسرعة. يصعب التوقع، لذلك عليك أن تكون مستعداً دوماً للتعقيدات.
بالفعل، تكتشف المنظمات المحلية والدولية طرائق خلّقة للتعامل مع القانون المتاح. بصورةٍ خاصة، لا يملك كثيرٌ من المنظمات الدولية قدرة أو استطاعةامتلاك حضورٍ لبناني كافٍ، فتُعدّل المعلومات المقدمة إلى الدولة. تتدبّر منظماتٌ أخرى أمورها من دون تسجيل وتتساهل معها الدولة فترةً من الزمن. إنّ فهمالقانون وكيفية عمله أمرٌ بالغ الأهمية، لاسيما بالنسبة إلى السوريين أو الفلسطينيين أو المواطنين الآخرين من غير اللبنانيين الذين من المرجح أن تُنكر عليكمالقدرة على إنشاء منظماتكم وتطويرها، وستُكرهون بالتالي على الاعتماد على حلفاء لبنانيين لتقديم العون والحماية، وربما لتمثيل منظمتكم علانيةً أمام الدولة.
تذكّروا أن عدم التسجيل هو خيارٌ محفوفٌ بالمخاطر، لكنّه خيارٌ جديرٌ بالاعتبار حسب وضعكم. قد يتيح لكم عدم التسجيل العمل من دون التقييدات والمراقبةالتي تفرضها عليكم السلطات، أو قد يكون قراراً ناتجاً عن رغبةٍ ملحةٍ بالمساعدة العاجلة من دون انتظار عملية التسجيل المعقدة.
أيًا تكن أسبابكم، اعلموا جيداً أنّ عواقب التوجه نحو تشكيل منظمةٍ من دون تسجيل قد تكون خطيرة، وتتراوح بين الغرامات والإغلاق والسجن وصولاً إلىالأسوأ، أي الترحيل. ينبغي أن تتمعنوا في جميع خياراتكم، وتقرروا على نحوٍ مشترك الخطوات التي ستتخذونها.
ثمة معلومة مفيدة يمكن أن يقترحها هذا الدليل بقوةٍ في هذا السياق: الاستفادة من محامٍ جيدٍ أو مؤسساتٍ قانونية أو الاستئناس بها لمساعدتكم في خوض غمارمثل هذه الشكليات والترتيبات التشريعية العويصة.
القسم الثاني: تصميم البرامج المبنيّة على
المعرفة المحليّة، أو تقييم مدى الملاءمة
مجمل المعرفة المتعلقة بالمجتمع البشري، وغير المتعلقة بالعالم الطبيعي، هي معرفة تاريخية، وتستند بالتالي إلى المحاكمةوالتأويل. لا يعني ذلك أنّ الوقائع والمعطيات غير موجودة، لكنّ هذه الوقائع تكتسب أهميتها ممّا يضفيه عليها التأويل... لأنّالتأويلات تعتمد كثيرًا على المؤوّل، على من يخاطبه/ تخاطبه، على غايته/ غايتها، في اللحظة التاريخية التي يحدث فيهاالتأويل. إ د و ا ر سعيد
قبل التقدم أكثر، إليكم حكاية تحذيرية موجزة للتمعن فيها:
في مخيم غير رسمي للاجئين السوريين في وادي البقاع شرقي لبنان، أتت منظمة غير حكومية دولية لزيارة المكان. جاءت المنظمة للمساعدة في إشاعةالعادات الصحية في هذه المناطق الفقيرة، وكذلك رغبت في استضافة ورشة عمل لتعليم اللاجئين السوريين القواعد الأساسية للمحافظة على النظافةالشخصية. لكنّ مشكلةً عويصة اعترضتها هناك. لأن المجتمع المحلي، كما أوضح أعضاء المخيم بحرارةٍ لطاقم المنظمة الزائرة، كان واعياً بالفعل لمعاييرالعادات الصحية الأساسية. لم تعتبر ورشة العمل مسيئة بسبب افتراضاتها المتأصلة فحسب، لكنّ ما أقلق اللاجئين أكثر كان حقيقة أنّ المنظمة لم تأخذ فيالحسبان البنى التحتية في المخيم )الوقائع على الأرض مثلً( التي تجعل هذه المساعي عديمة الفائدة نسبيًا، ولم تقدم حلولً للأولويات الأشد إلحاحًا بالنسبة إلىالمجتمع المحلي.
توضح هذه الحكاية الأخطاء النموذجية والأكثر شيوعاً التي ترتكبها المنظمات الدولية والمحلية حين تعمل في السياق اللبناني. يتردد صدى عِبَ هذه القصةبأشكالٍ كثيرةٍ ومختلفة ويمكن إيجاز القضية كما يلي: لقد افتقرت للأنشطة والبرامج والسياسات المبنية على المعرفة المحلية أو ذات الصلة التي تؤدّي إلىتغيّات إيجابية ملموسة واستجابات إيجابية من المجتمعات المستهدفة.
يتأتى جذر المشكلة أساساً من مدى حسن تصميم برامجكم وكذلك من مدى حسن معرفتكم وإحاطتكم بالمجتمع المحلي الذي تصممون برامجكم من أجله. إنّسيرورات تطوير وتنفيذ البرامج حيويةٌ لاستمرار وفعالية أي منظمة. بصورةٍ أساسية، يمكنكم اعتبار البرامج القلب النابض لمنظمة ما، ولا بدّ من إيلاءتصميم هذه الأسس عنايةً قصوى لضمان بقاءٍ مستديمٍ وطويل الأجل للعملية بأكملها.
هنالك طرقٌ متعددة لتصميم برامج مدارة بصورةٍ حسنة، والأكثر أهميةً أنّ تكون مبينةً على المعرفة المحلية، لتكون لها فرصةٌ أكبر في التأثير الناجح علىالأرض. نحن نشجّعكم على أن تتمهلوا لدراسة الخيارات المتاحة.
في ما يلي مجموعة من الاقتراحات التقليدية والسيرورات التي تستخدمها المنظمات غير الحكومية والمجموعات والجمعيات التعاونية لذلك الغرض، حيث يتبعتصميم برنامجٍ مساراً عاماً يمكن عرضه كما يلي:
لاحظوا هنا أنّ ورشة الموارد العربية أنتجت كميةً كبيرةً من المصادر باللغة العربية حول التخطيط وإدارة حلقة المشروع؛ يمكن إيجاد جميع الوثائقوالمصادر بدخولٍ مفتوح على موقعها من الرابط التالي:
http://www.mawared.org/ar
1/4 حالة لبنان التحذيرية 2006-2007
تأملوا تجارب لبنان في 2006 - 2007 ، حيث كان على مختلف المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية التعامل مع أزمتينحادتين: الهجوم الإسرائيلي على لبنان الذي تواصل لمدة 33 يومًا في تموز/يوليو 2006 ثمّ نزاع نهر البارد في العام 2007 والذي واجهت فيه القواتالمسلحة اللبنانية ميليشيا فتح الإسلام المقيمة في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين الذي يؤوي أكثر من 31 ألف لاجئ فلسطيني. كانت المنظماتالدولية والمحلية مشغولة بالكامل بتداعيات الهجوم الإسرائيلي على لبنان، حيث عاد العمل، المتحول من وضع أزمةٍ طارئة إلى وضع إعادة إعمار وتضميدجراح ما بعد الحرب، إلى وضع أزمةٍ طارئة. أسفرت ثلاثة شهور من الحرب في نهر البارد عن حالة طوارئ إنسانيةٍ ملحّة، لاسيما بالنسبة إلى أولئكالذين أكرههم العنف على النزوح. بطبيعة الحال، كان التعامل مع العنف وحساسية التوتر الفلسطيني اللبناني واحتياجات الناس هائلة ، وبخاصةٍ بعد أقلمن عام على الهجوم الإسرائيلي. وفي السباق على التعامل مع القضية، تصادمت في بعض الأحيان المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية. تفاقمتالمشكلات أكثر حين وصلت المنظمات غير الحكومية الدولية من دون أي إدراكٍ للسياق، ثقافة المخيم والسياسة، ما أدى إلى ازدواجيةٍ في توزيعالمساعدات فضلا عن الفوضى وعدم الجدوى. وفقا لمقابلاتٍ مع منظماتٍ مختلفة شاركت في مساعدة/ إغاثة المجتمعات الهشة المهجّرة بفعل النزاع فيالعام 2007 ، تأتى العمل الأجدى عن فهم احتياجات ورغبات المجتمع المحلي، من بقوا في المخيم ومن تمكنوا من الفرار، من لم يكن لديهم منفذ ومنكان لديهم منفذ، ومن كانوا يعملون على هذه القضايا. كانت مساهمات عمال الإغاثة في المجتمع المحلي من بين أكثر المساهمات أهمية في هذه العملية. فقد قدّموا المعلومات، وكانوا منسجمين مع السياق، وساعدوا في تشكيل السياسات لأنهم كانوا الوحيدين على الأرض ويحسنون فهم معالم المعضلة. وهمالذين كانوا قادرين على القيام بعمليات الاستقصاء على أرض الواقع لأغراض التقييم، وكان دورهم هو الذي ساعد المنظمات في صياغة وتطوير أدواتها ووسائلها للقيام بعملها. لقد كانوا، بعبارةٍ أخرى، رواد السياق. علاوة على ذلك، قامت منظمات غير حكومية محلية، مثل منظمة ‘صامدون’ التي كانت لها خبرة سابقة في التعامل مع الحرب ولاسيما الهجوم الإسرائيلي على لبنان قبل سنةٍ من ذلك في العام 2006 ، باستجاباتٍ أشد فعالية وتعقيدًا ودلالة لمجرّد أنها تدرك تبعات الحرب والنزاع والتهجير. لقد فهمت السياق. أدّت هذه التجربة إلى وضع وثائق مشتركة عن احتياجات المجتمعات المحلية، وأبرزت المعلومات عن المساعدة التي تقدمها المجتمعات المحلية والطابع المتحول للنزاع، ودرجة حالة الطوارئ. استنادًا إلى شكلٍ من التقييم قائمٍ على السرديات في مواقع مختلفة، غطى عمال المجتمع المحلي احتياجات الأفراد والمجتمع المحلي والتي صاغت بدورها البرامج والسياسات والفعل، وطورتها. لقد شجعت حصيلة هذا العمل أشكالا أفضل من التنسيق وقللت ازدواجية الجهود، وساعدت في التنبؤ بالتحديات المستقبلية، وشكلت مؤشرًا للمعافاة. من الواضح أنّ جمع البيانات وطريقة التشارك بها كان لهما تأثيرٌ عميق على الأرض.
المصدر: - Lamia Moghnieh, “Nahr al Bared crisis and local responses of aid: a focus on needs assessment during emergencies” ، مركز معرفة المجتمع المدني، مركز دعم لبنان، تشرين الأول/ أكتوبر 2015 . عن طريق الرابط التالي:
http://cskc.daleel-madani.org/
paper/nahr-al-bared-crisis-andlocal-
responses-aid-focus-needsassessment-
during-emergencies
1 < تقييم الاحتياجات
اعتماداً على طبيعة منظمتك و/ أو مجموعتك و/ أو جمعيتك التعاونية، عليك أن تباشر فوراً بفهم السياق الذي ستعمل ضمنه وكيفية ارتباطه بأهدافكالاستراتيجية.
عادةً ما تكون الخطوة الأولى استقصاء البيئة التي ستعمل ضمنها.
هنالك عدة طرقٍ للقيام بذلك، من بينها القيام بمبادراتك البحثية الخاصة، وإجراء دراسةٍ أساسية، وتوزيع استبيانات، ومراجعة أبحاثٍ سابقةٍ أجراها آخرونلعقد لقاءاتٍ جماعية مركزة مع مختلف أصحاب المصلحة، وتخطيط الفضاء، من بين مناهج أخرى تتوقف على قدراتك المالية والبشرية. فحاجتك إلى فهمعمق مشكلةٍ معيّنةٍ واتساعها يعني أساساً أخذ السياقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية بالحسبان.
لا بدّ أن يتطرق بحثك أيضاً إلى الإطار العام. يتضمن ذلك: الخصائص السكانية، والبيئة الطبيعية بما فيها البنية التحتية والموارد البشرية والمعتقداتوالممارسات الاجتماعية، والوضع الاقتصادي، والمؤسسات الخارجية، والشركاء والارتباطات المحتملة، وأي معلومات إحصائية ذات صلة.
معظم هذه البيانات متاحةٌ لدى المؤسسات والمصادر الأكاديمية، ومراكز الأبحاث مثل مركز دعم لبنان، والأجهزة الحكومية وغير الحكومية، والاستقصاءاتوأبحاث السياسات، فضلاً عن المعلومات المتاحة على الإنترنيت على غرار المقالات الإخبارية أو المراجعات النقدية أو المقالات الفكرية أو قواعد البياناتالرقمية.
لكن عليك استكمال تلك المعلومات بعملك الميداني الخاص بك من أجل تعزيز الألفة وتطوير استنتاجاتك الخاصة القائمة على أولوياتك، إذ لا شيء يفوق رؤيةالوضع من منظارك الخاص. تأكد من عقد لقاءاتٍ مع المجتمعات المحلية أو الفاعلين الذين ستعمل معهم/ من أجلهم واحرص على توفير وقتٍ كافٍ لرصدوتمثّل الحيّز الذي ستشتغل ضمنه. كما أنّ التنسيق طريقةٌ رائعةٌ لجمع المعلومات والتأكد من أنّك لا تكرر العمل نفسه الذي يحاول آخرون القيام به بلا كلل. ففي كثيرٍ من الأحيان، يكون شخصٌ آخر قد قام بالدراسة فعلاً، وليس عليك سوى إيجاد هذه التقارير والنتائج والمصادر.
بعد القيام بذلك، لا بدّ أن تجد أنّك أجبت عن الأسئلة الأساسية:
ما هي احتياجات ومشاعر ومنظورات وقدرات المجموعة المستهدفة؟ ما هي معالم المشكلة/ الثغرات التي تحاول حلّها؟ ما هي المقاربات الملائمة لهذهالقضية؟ هل هنالك برامج مشابهة سابقة؟ إن كان الأمر كذلك، ما هي نجاحاتها وإخفاقاتها؟ ما هي فرص نجاح/ إخفاق برنامجك؟ من هم اللاعبونالرئيسيون في القضية التي تتناولها؟ هل هنالك أدوات اجتماعية، أو قوانين، أو بنى تحتية يمكن أن تساعد في تحقيق أهدافك أو تعيقها؟ هل بوسعي،كمنظمة غير حكومية، تلبية هذه الاحتياجات وكيف؟ هل تستطيع منظمتي مواصلة تقديم هذه الخدمة؟ كيف يمكنني جعل المجتمع المحلي ينشغل بتلبية هذهالاحتياجات؟
بعد ذلك بإمكانك الشروع في إيجاز مختلف الاحتياجات في جدول، أو استخدام وسائل بصريةٍ أخرى. الطريقة المثلى هي تصنيفها في فئات، على سبيل المثالالمتخيل والمعياري والنسبي، لتكون كيفية مشاركة منظمتك أكثر وضوحاً. صنّف القضايا إزاء موضوعاتٍ مثل الحدّة والجسامة وقابلية التنفيذ والسهولةوارتباطها بالفاعلين وتأثيرها، وقُم تدريجياً بأداء واجبك لملء المعلومات الخاصة بك. ضع في اعتبارك أنّ الاحتياجات ليست على الدوام معياريةً فيتوصيفها، فقد تكون طارئةً ومعقدةً وترتبط بعوامل أخرى — سيكون مفيداً أن تلحظ ذلك في مخططك التفصيلي.
لا تنسَ وضع قائمةٍ بمختلف أصحاب المصلحة المعنيين، وتأكّد من تسليط الضوء على مستوى أهميتهم وتأثيرهم كي تحدد إذا كان بوسعك/ يجب عليك العملمعهم. باشر محاولة الوصول إلى المجموعات عبر الاجتماعات أو ورشات العمل أو المؤتمرات أو اللقاءات الاجتماعية. لا تنسَ أن تكون صادقاً وصبوراًوودوداً مع أكبر عددٍ
من الفاعلين تستطيع الوصول إليه، ولكن تأكد أيضاً من عدم المساس بأهدافك أو بالمستفيدين من مشروعك أو مبادئك أثناء عملية التشبيك.
فائدة القيام بذلك متعددة الأوجه. فهي سوف تساعدك في:
< تحديد معالم المشكلة وفي ما إذا كانت “تدخل في إطار” تفويض منظمتك؛
< تقديم الأسس لموجزٍ في ابتكار حلولٍ أكثر مناسبةً، وضمان الجدوى المثلى لعملك؛
< توضيح وتعزيز ماهية تفويض منظمتك ودورها، من أجلك ومن أجل الآخرين كالمانحين والمتطوعين والأجهزة الحكومية؛
< الحصول على الموافقة والأهمية والثقة من المجتمعات المحلية التي تتعامل معها؛
< تحديد حلفائك أو متحديك/العقبات التي تعترضك — وهذا الأمر حيوي بصورةٍ خاصة لأنّه ما من عملٍ ناجحٍ يمكن إنجازه في الفراغ.
<2 تحليل المشكلة ( المشكلات(
حالما تعيّ مشكلةً محددةً ترغب في حلّها أو ثغرةً تريد سدّها، من الأهمية بمكان أن تبدأ بتفكيكها. وبقدر ما تدرك طبيعة المشكلة وسماتها وأسباب وجودها،بقدر ما يكون تصميم مشروعك أفضل وأمتن. باشر بعرض المشكلة بوضوحٍ وبساطة، ملاحظاً من )بالجمع(، وما )بالجمع(، ولماذا )بالجمع(، وأين )بالجمع(. بعد ذلك استعرض/حلّل المشكلة، واحرص قدر الإمكان على إدراج السياق والعوامل العديدة ذات الصلة.
يمكنك رسم المشكلة على شكل “شجرة مشكلة”، كجدولٍ أو أي منهج تصنيف يعرض خصائص المشكلة وعواقبها ومكوناتها بوضوحٍ وبساطة. تستطيع تقييموزن كلّ عنصرٍ بالاعتماد على قدراتك أو مصالحك.
فكّر على الدوام بأسلوبٍ نقدي، وحاول دائمًا أن تسأل نفسك “لماذا”؟
استناداً إلى عملك، وطالما لا يستطيع أي شخصٍ معالجة قضيةٍ ما بمفرده، حاول التركيز على ما يلائمك. إذا كنتم منظمة طوارئ، تكون العواقب ميدانكم،بينما تميل المشاريع التنموية والثقافية لمعالجة جذر مشكلة قضيةٍ ما.
لن يوافق جميع الأشخاص تماماً على تحليلٍ محددٍ لمشكلةٍ ما )طالما أنّ المشكلات قد تكون ذاتيةً أو متنوعة(، لكنّ الأهمية تكمن هنا في تكوين توافقٍ واضحٍبينكم وبين أصحاب المصلحة المختلفين، وهي طريقةٌ جيدة للحفاظ على شفافيتنا ولقدرتنا على المراجعة في مراحل لاحقة.
سيكون توجهاً جيداً تحديد الموارد المتاحة في المجتمع الذي ستعمل ضمنه، ما الذي تستطيع تقديمه كمنظمة، وما الذي تقدمه المنظمات القائمة الأخرى،واستخدام التنسيق كأداةٍ لسدّ الثغرات التي تعيق قدرتك على معالجة مشكلةٍ ما. اسأل نفسك: هل هنالك مجموعات محلية، لجان، جمعيات، يمكن أن تكونبمثابة شركاء أو مرشدين أو موارد لعملك؟ هل هنالك منظمات مشابهة تؤدي العمل نفسه، وهل نستطيع العمل معاً لنعزز بعضنا بعضاً بدلا من التنافس؟
3 < اين وكيف نتدخل
بعد تقييم الاحتياجات وفهم المشكلة وسياقها، حان وقت تخطيط كيفية تدخّل منظمتك.
تذكّر أ لّ تأخذ في الحسبان قدراتك وحدودك فحسب، بل تفحّص أيضًا الممارسات السابقة للمنظمات الأخرى المتعلقة بالقضايا التي تسعى للتصدّي لها، أوحتى المشابهة لها. في هذه الحالة، يكون التنسيق والتواصل مع المجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية الأخرى والفاعلين الآخرين ضرورياً في هذهالمرحلة لأنّه سيساعدك في تعديل خطتك، وربما يفتح باب التعاون مع الآخرين على هذا الدرب.
من الواضح أنّ التدخّل قائمٌ على غاياتك وأهدافك الاستراتيجية. حاول قدر المستطاع أن تكون محددًا وواقعياً وملموساً، ولا تنسَ البدء بوضع جدولٍ زمنيلمشروعك )هل هو جهدٌ طويل الأجل أم أنّه يتّسم بحساسية التوقيت؟(. سيكون حسنًا أن تشير إلى أنّ هدفًا ما قد لا يتحقق أثناء فترة المشروع، وستسمحصراحتك حول التقييدات باكتساب ثقة المجتمعات المحلية والشركاء والمانحين.
من حيث الجوهر، أنت تبدأ بتركيز أفكارك، بتحويلها تدريجياً إلى فعلٍ عملي. قم بإنشاء تحليلٍ للتكاليف والعوائد، أو تقييمٍ متعدد المعايير للعائد، أو مصفوفةٍمزدوجة التصنيف، أو أدوات أخرى متاحة بسهولة على الإنترنيت أو تستخدمها منظماتٌ مشابهة. )راجع الملحق الثاني من أجل أمثلة على الأدوات(.
< 4 تصميم خطة عملٍ مفصّلة
نصل إلى الجزء الممتع، ولو أنّه رتيب: ملء خطة العمل وإطار سجل الأداء.
بقدر ما تكون خطة عملك مفصّلة، بقدر ما تكون أفضل، لأنّها توفر لطاقم عملك والمشاركين الآخرين مسلكاً واضحاً لمسؤولياتهم وعملهم ونشاطاتهم. لا تقلقإن تغيّت خطوات خطة عملك نوعاً ما مع مرور الوقت— قد يكون التعديل أمرًا حسناً— لكنّ ذلك سيكون في نهاية المطاف دليلك الخاص لمبادرتك. وهذايتيح لك البدء بالتفكير على نحوٍ مركز، ويساعدك في تحديد أفعالك المقترحة والربط بينها.
تستطيع بصورةٍ عامةٍ الشروع بوصفٍ واضحٍ ودقيقٍ للأفعال التي ينبغي تنفيذها، متابعاً خطوةً فخطوة كيفية حدوثها. تذكّر الإشارة إلى هذه الخطوات وفقأولوياتها، من سيكون مسؤولً عن هذه الأفعال، من الذي سيشارك ومن الذي سيستفيد، ما الذي سيقاس/ يراقب وكيف، ما هي الموارد الضرورية، وما هيالنتائج المتوقعة.
أخيراً، دوّن أيّ ابتكاراتٍ ونماذج ومبادراتٍ يمكن أن تتخيلها وتستعملها من أجل أهدافك.
وينبغي عرض كلّ شيء في الترتيب التسلسلي لحدوثه، ليظهر مسار فكرك ومنطقك )لك وللآخرين(، ويساعد في تحديد احتياجات ميزانيتك من حيثالتوظيف أو طبيعة التنفيذ أو إشراك قوى خارجية أو المساعدة الفنية.
تأكد من أنّ خطة عملك غير مطوّلة لتبيان تركيزك وأنّك لا تحاول أن تفعل أو تقول أكثر مما يجب.
السؤال الرئيسي الذي ينبغي أن تطرحه، أنت مدير المشروع/ البرنامج، على نفسك على الدوام في هذه المرحلة هو “كيف”؟
تذكّر أنّك لا تعيد اختراع الدولاب هنا. هنالك غزارة في معلومات وتجارب مئات، إن لم يكن آلاف، الأشخاص ممن سبقوك. إقرأ قدر ما تستطيع. إذ إنّالأدبيات والتقارير والسرديات والشهادات المتعلقة بالموضوع تشكّل ثروةً من الخبرة غير المستغلة في أغلب الأحيان. يستحق وقتَك دائماً أن ترى ما حاولفعله آخرون، وربما سيلهمك ذلك بطرائق لم تخطر على بالك من قبل.
< 5 تنفيذ وإدارة برنامج) برامج / (مشروع )مشاريع(
حان الوقت للبدء في تنفيذ عملك.
مديرو المشروع/البرنامج بالغو الأهمية في هذا الخصوص. فهم يخططون ويضعون الجداول الزمنية ويتحكمون ويراقبون ويقيّمون ويضعون التقارير المتعلقةببرنامج/مشروعٍ ما. أن تكون في منصب الإدارة يعني أنّك تتحمل كثيراً من المسؤوليات التي تؤدي إلى نجاح مشروعك/برنامجك. المدير الكفؤ هو شخصواسع الاطلاع وتواصلي وواعٍ ومتكيّف ومبدع، وهو بصورةٍ خاصة يستطيع التعامل مع ضغوط تسيير المشروع. إذاً
كن مستعداً لتلقي ضربات عاتية قادمة، انهض مجدداً
إذا وقعت، وأكمل أهدافك.
تذكّر ألاّ تدع السلطة تستولي عليك، وحاول دوماً الحفاظ على مستوى من الاحترام تجاه موظفيك والمجتمعات المحلية التي تعمل معها/لأجلها. ما من شخصٍيحب التعامل مع أشخاصٍ متغطرسين أو متعالين أو مستبدين، لاسيما حين لا تكون النتائج على الأرض إيجابيةً بما يكفي لتسويغ ذلك. كذلك، لا تخشَ منالتنازل عن الأدوار أو تفويض آخرين بها، أو بعبارةٍ أخرى، اجعل سلطتك لا مركزية. إشراك الآخرين، الذين قد يكونون أو أنّهم سيكونون على الأرجح أكثرقدرةً على القيام بالعمل الاجتماعي وتسيير الأعمال اليومية وتنفيذ البرنامج، هو غالباً الطريقة المثلى للتقدم. غالباً ما قد تكون الإدارة الجزئية، وبخاصةٍ بالنسبةإلى شخصٍ ليس لديه ما يكفي من الخبرة ذات الصلة، مقتلاً لأيّ مشروع.
2/4 حالة لبنان التحذيرية 2006-2007
لبنان حيّز من الثغرات، وعلى نحوٍ أخصّ هو دولة لا تعمل كدولة. كان ذلك جليًا أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز/ يوليو 2006 . لم يكن بوسعالدولة تقديم المساعدة والإغاثة والخدمات الأساسية للمحتاجين. ظهرت ‘صامدون’، وهي منبرٌ شعبي اشتمل على أشكالٍ متعددة ومتباينة من الإغاثةوالمبادرات والخبرة والعمل التطوعي. وقد شاركت أثناء الحرب وبعدها في تقديم المساعدات. ولدت ‘صامدون’ من خلال عمل جماعي، وبخاصةٍ الاعتصامالسياسي المنظم ضد العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة في العام 2006 ، بالتزامن مع اليوم الأول لحرب تموز/يوليو، بتاريخ 12 تموز، يوليو 2006 .أصبح هذا الاعتصام السياسي فضاءً جرى فيه تصوّر وتنفيذ هيكل عمليات الإغاثة المحلية وتنظيمها. استغرق الاعتصام أسبوعين من التحضيرات بينمنظمات يسارية ومجموعات سياسية وحركات مختلفة في لبنان. ثم تحول إلى أحد أهم منظمي مبادرات الإغاثة المحلية حينما بدأ الهجوم الإسرائيلي. فيالبداية، اقتصر العمل على توفير الملاجئ والإغاثة للنازحين، ثم بدأ التركيز على وضع مخططٍ عام لأفراد الأسر النازحة واحتياجاتها. كان ذلك حيويًا نظرًالأن الدولة كانت عاجزة عن القيام بدورٍ بناء أثناء حالة الطوارئ. عقد أعضاء ‘صامدون’ اجتماعاتٍ عديدة، وبتأثير المناخ السياسي في البلد وفقدان الوحدةالوطنية والتضامن الوطني، جرى الاتفاق على أهمية وجود شكلٍ مدني لمقاومة الحرب يجمع الناس على الرغم من الانقسامات. مع تطوّر ‘صامدون’ وتناميها، تطوّرت كذلك هيكلية وأسلوب عمل تقديم الإغاثة/المساعدة. انقسم المتطوعون إلى وحداتٍ وفق مهاراتهم والاحتياجات المباشرة والفورية علىالأرض مع تواصل الحرب واشتدادها. قدّم الاختلاف في الجندر والطبقة والخلفية السياسية والإقليمية منصة لموارد ومهاراتٍ غنية ومتكاملة قامت عليها حملةالإغاثة. علاوة على ذلك، انقسم المتطوعون بناءً على خلفياتهم الأكاديمية ومهاراتهم الشاملة، ما حدّد بدوره شكل النشاط. كانت الحصيلة وحداتٍ تركز علىالتوزيع اللوجيستي والإعلام والتواصل، وفرقا تطوعية، والإدارة، وطهي الطعام، والتخزين، والنازحين داخليًا، والاحتياجات الطبية، والصحة العامة،والاحتياجات النفسية، من بين أمورٍ أخرى. كذلك، صاغ تطوَر العمل الوضعُ المتغير باستمرارٍ على الأرض والتوجه نحو العمل والسرعة ومنهج من الأسفلإلى الأعلى والتنسيق. حين انتهت الحرب، واجهت ‘صامدون’ واقعَ إعادة الإعمار ما بعد الحرب. أعاق هذا الواقع حملة ‘صامدون’ للإغاثة وهدد هيكليتهانفسها. تحولت المجموعة ببطءٍ من تجمّعٍ شعبي إلى منفذٍ محلي لبرامج الإغاثة للمنظمات الإنسانية الدولية. وقد انهارت في نهاية المطاف بوصفها مجموعة سياسيًة مستقلة في مواجهة مجالٍ إنساني احترافي متزايد، وأصبحت مجرد «وسيطٍ » بين المجتمعات المحلية والمنظمات الدولية في فترة ما بعد الحرب. كانالأكثر ضغطا وصول المنظمات غير الحكومية الدولية التي مكنت مسار الأنجزة، ما أرغم المجموعات المستقلة والأشكال التطوعية للخبرة أن تصبح“احترافية” لأسباب قانونية، مفتتحة بذلك سوقا احترافية في الفعل الاجتماعي والسياسي. وأصبح مصير التنظيم الشعبي والبيانات والخبرة المحليّتين وأشكالتقديم المساعدة المنبثقة منها غير قابلة للاستدامة ضمن المجال الإنساني الجديد الذي كانت تمليه عليها من الأعلى إلى الأدنى الأشكال المعولمة للسياساتوالتدخلات والتمويل. لقد سمحت المعيارية والاحترافية وربط الاستجابات المحلية للنزاع بالسياسات الإنسانية العالمية والتدخلات بتفكيكٍ تدريجي للمعرفةالمحلية والموارد المحلية. والأكثر ضغطا، ما بدا من أنّ التدخلات العالمية الموحدة والمعلبة أنتجت فجوة في تعيين وإشباع ومواجهة الاحتياجات الميدانيةالمبنية على المعرفة التي ظهرت في حالة الطوارئ.
المصدر: -Lamia Moghnieh, “Nahr al Bared crisis and local responses of aid: a focus on needs assessmentduring emergencies” ، مركز معرفة المجتمع المدني، مركز دعم لبنان، تشرين الأول/أكتوبر 2015 . عن طريق الرابط التالي:
http://cskc.daleel-madani.org/
paper/nahr-al-bared-crisis-andlocal-
responses-aid-focus-needsassessment-
during-emergencies
< 06 مراقبة/تقييم سير العملية
من خلال إعادة النظر في خطة عملك، ومع تقدم العمل، يحين وقت البدء بمراقبة وتقييم الكيفية التي تجري فيها الأمور حتى هذه اللحظة. هذا الأمر بالغالأهمية لأنّ كثيراً من المبادرات يفشل من ناحية استكمال العمل على أكمل وجه، حتى حين تكون انطلاقتها قوية.
حين تراقب سير العملية، فأنت تتفحص إذا ما كانت مواردك وقدراتك وجداولك الزمنية وأهدافك تسير وفق الخطة التي وضعتها لنفسك. أمّا التقييم، فينتظرمنه أن يحدد، بقدر ما تكون منهجيًا وموضوعياً، نتائج المشروع/ البرنامج وتأثيراته في طاقم العمل والمستفيدين وأي أصحاب مصلحةٍ آخرين.
يساعد فعل المراقبة والتقييم في تطوير عملك وتغطية أي ثغرةٍ أو خللٍ أو أي قضيةٍ أخرى تظهر مع الزمن. كما أنّه يضمن مطابقة عملك لمعايير المانحينالمطلوبة، ويمكن أن يوفّر قيمةً مضافة لتعزيز الدفاع عن عملك وتقديمه علانيةً.
لهذا الهدف، عليك أن تأخذ بالحسبان: من الذي سيجري عملية المراقبة/التقييم، ما هي المؤهلات العامة، متى وأين سيحدث التقييم، كيف ومتى ستُجمعالبيانات وتُحلل، كيف ستُقدَّم نتائج المراقبة/ التقييم داخلياً أو خارجياً، وكيف ستُستخدم النتائج.
خُذْ في الحسبان الزيارات الميدانية، واستخدام قوائم التدقيق الإشرافية، والمناقشات الجماعية المركزة مع المجتمعات المحلية، والاجتماعات الداخلية المنتظمة،والمراجعات الدورية للسجلات والتقارير، ووضع إطار تحليل/ قياس لطاقم العمل بمن فيهم أنت، لمعرفة إن كان كلّ مشاركٍ يقوم بالعمل بطريقةٍ صحيحةعلى أساسٍ فصلي أو نصف سنوي أو على الأقل سنوي.
أخيراً، قُم بتقييمٍ نهائي لجميع النتائج والتأثيرات، إضافةً إلى الكلفة الإجمالية وإدارة العملية، ومدى استدامة كامل البرنامج/ المشروع.
< 7 اتخاذ قرارٍ بشأن الخطوة التالية
عند هذه النقطة، سيكون واضحاً إن كان عليك مواصلة العمل أم إيقافه. إن كان سياق عملك سلبياً إزاء المجتمعات المحلية، أو حتى إزاء طاقم العمل نفسه،فليس من المخجل إيقاف العمل والابتعاد — في الحقيقة، إنّنا نوصي بذلك بشدة، بخاصةٍ حين لا يكون لتعديل خطة عملك أي تأثير.
هنا، أنت أمام مفترق طرق سيحدد مستقبلك. إنّه وقتٌ للتأمل الذاتي والتفحص الذاتي وأحياناً مواجهة الحقائق المرّة. لا تقرر ببساطةٍ أنّ الأمر هو مسألةتمويل، لأنّ هنالك عدداً من الحلول يتوقف على طبيعة عملك، يمكن بالتالي إيجاد حلٍ لها. الأصح أن تتأكد من أنّ قرارك النهائي مستندٌ بقوةٍ إلى آثار العملفي المستفيدين الذين جرى تصميم برنامجك/مشروعك لدعمهم أو مساعدتهم أو خدمتهم. إنّهم المحدّد الأساسي لمصيرك، فلا معنى لإيقاف مشروعٍ له تأثيرإيجابي على المجتمعات المحلية، لاسيما إذا كان تأثيره بعيد المدى.
الأسئلة الأساسية في هذه الحالة هي: هل أنت تمكِّن المجتمعات المحلية أم أنّك تجعلها اتكالية؟ هل تشق فعلياً درباً لحلّ المشكلات أم لاستفحالها أم لخلقمشكلات جديدة؟ هل الأفضل الاستمرار أم التوقف؟
إذا قررت الاستمرار، يمكنك النظر في تطوير مشروعك أو ترقيته لتغطية الثغرات المرئية أو إدراج ممارساتٍ أفضل. يمكنك أيضاً تطوير مشاريع جديدةعلى أساس الاحتياجات المحددة ضمن سياق عملك، أو بوسعك المتابعة كما في السابق. مهما حدث، وبقدر ما تتابع، بقدر ما ستعيد الدورة المذكورة نفسها.
مثال: مبدأ لا تسبب ضرراً
الأداة الفعالة في تصميم خطة عملٍ مفصلة هي مبدأ لا تسبب ضرراً. قد يكون هذا المبدأ إطاراً موجِّهاً نحتفظ به في ذهننا، ويمكن إيجازه في سبع خطواتٍبسيطة هي:
فهم السياق في مشكلةٍ أو نزاع: حدِّد أي مشكلات/نزاعات يسبب الضرر الأعظم، وكيف يمكن أن تؤثر المساعدة في التباينات السوسيولوجية/السياسية التيقد تتسبب في إثارة المشكلات أو مفاقمتها.
تحليل ‘عوامل التفرقة والتوترات’: حالما تحدد المشكلات والنزاعات في مجتمعٍ محلي، تكون الخطوة التالية فهم مصادرها وتأثيراتها. قد يتعلق الأمر بالأفرادوالخصائص السكانية والسياسة والدين والاقتصاد وما شابه.
تحليل ‘عوامل الربط والقدرات المحلية’: ليس النظر في المشكلة وحده مهمًّ، بل يجب النظر أيضاً في الحلول
الممكنة المتاحة أو الكامنة. فقد تتراوح بين أمورٍ مثل البنية التحتية والتاريخ والمواقف المشتركة، والمنظمات القائمة أو الأفراد الذين يريدون لعب دورٍ بناّء.
تحليل برنامج المساعدة: تالياً، مراجعة شاملة لجميع جوانب برنامج المساعدة، لاسيما أين وُضع وكيف، من الذي يقوم به، وكيفية القيام به. هذه كلّها أسئلةمهمة تساعدك في رؤية كيف سارت الأمور وكيف لم تسر قبل تدخلك.
تحليل الأثر المترتب على تقديم المساعدة في‘عوامل التفرقة وعوامل الربط’: هل تدق المساعدة إسفيناً في المجتمعات المحلية؟ هل تعزز المصادر الإيجابيةأم تضعفها؟ كيف تؤثر المساعدة في الموارد على الأرض؟ هل الرسائل الأخلاقية ضمن الفعل تناسب المجتمعات المحلية المعنية أم تثير غضبها؟
التغذية الراجعة في تصميم البرنامج: من خلال التقدم من الخطوة الأولى إلى الخطوة الخامسة، إذا وجدت أنّ برنامجك سلبي، يكون الوقت مناسباً لإعادةصياغته بطريقة أفضل.
التفحص والمراجعة: حان الآن وقت الفعل الذي يمكن أن يكون الطريقة الوحيدة لمعرفة كيفية سير الأمور، ومن الواضح أنّك إذا كنت تسبّب ضرراً، فعليكالتوقف أو العمل مجدّدا أو المغادرة.
< 08 اعتبارات إضافية للسياق اللبناني
نظراً إلى أنّ لبنان ليس غريباً عن المنظمات غير الحكومية والمجموعات والجمعيات التعاونية المحلية والدولية، فهنالك عددٌ من الأمور التي لا بدّ من تذكّرها.
اشتغل كثيرٌ من هذه المنظمات بأسلوبٍ ضارٍّ من حيث تشجيع تدبير الجماعات المحلية لشؤونها بنفسها عبر خنق المبادرات المحلية، أو بتعزيز المؤسساتوالأنظمة الإشكالية. يكمن عاملٌ كبيرٌ خلف ذلك هو واقع أنّ هذه المنظمات اشتغلت بأسلوبٍ منفصلٍ أساساً عن المصادر المبنية على المعرفة المحلية.
بهذا الخصوص، يؤيّد هذا الدليل بشدةٍ المقاربات القائمة على المجتمعات المحلية والتشاركية.
تتراوح المنافع بين التحليل الدقيق، وتعزيز التفاعل المستدام مع المجتمعات المحلية، وتشجيع التمكين/ التدبير الذاتي، وتعزيز التعاون والتنسيق، وترويجالحلول الملموسة ذات الصلة. سيحدّ ذلك بدوره من المحاباة والتكاليف، ويحفّز الفعل. لكنّ تحديات هذه العملية متعدّدة؛ فقد تطرح توقعاتٍ خاطئة، وتولّد فقدانالثقة في حال فشل البرنامج، وتفضي إلى التنازع بين أهداف المنظمة وتفويضها وبين احتياجات المجتمع المحلي، وتصبح ضيقة التركيز، من بين عواملأخرى.
لكنّ هذا المنهج يظل، بالإدخال الفعّال لفاعلين ومستفيدين محليين في العمليات على الرغم من التحديات الملازمة، منهجاً مفيداً للغاية في تحقيق نتائج إيجابيةفي لبنان، بل وفي أماكن أخرى.
يمكن تنظيم العلاقة ضمن هيكلٍ رسمي أو غير رسمي، تلبيةً لمسألة الزمن، وتشجيع علاقاتٍ شخصيةٍ وثيقة ستسمح لاحقًا بالتشبيك. بوسع أفراد المجتمعالمحلي تقديم حلولٍ مبتكرة قائمة على موارد محدودة، أو عرض دورهم كوسطاء في النزاعات، أو توفير مدخلٍ للوصول إلى جماعةٍ محددة داخل الحيّز أوخارجه.
احرص على أن لا تخلق الممارسة التشاركية أو تعزّز هياكل سلطوية أو محسوبية ضمن هذه المجتمعات المحلية، أو تثير الانقسام والتنافس بين المستفيدين،
و تعرّض المتطوعين لمخاطر لا داعي لها كما أنّ التواصل الدائم والمستمر محوري، وعليك بالتالي التفكير في ورشات العمل والتدريبات والنقاشات وفرصالحوار، بل حتى اللقاءات الاجتماعية الشخصية لتحقيق ذلك الهدف. يتراوح بعض التدريبات بين الخلق المش رك لمشروع وضع مخططٍ للمجتمع المحليولقاءاتٍ نصف شهرية لمناقشة القضايا المهمة، أو المناسبات الاجتماعية الاحتفالية لتحفيز ورعاية العلاقات بطريقة إنسانية وكريمة.
كن مرهفاً تجاه التحيز في مجالاتٍ مثل الجندر أو الطبقة أو الطائفة أو الثقافة أو ما شابه ذلك، وحاول الالتفاف كيلا يكون شاملاً، واحرص على أن تفعل ذلكبأسلوب غير وصائي أو منفّر أو ثقيل الوطأة. المهارات اللغوية إلزامية، وفي السياق اللبناني اللغة العربية أساسية. تأكد من قدرتك أو قدرة أحد أعضاء طاقمعملك على التعبير باللغة العربية — شفهياً وكتابياً. الترجمة من الإنكليزية والفرنسية والعربية وإليها أمرٌ يستحق التشجيع. واحرص على أ لّ تكون الترجمةحرفيةً، بل تراعي مختلف اللغات بصورةٍ طبيعية. إن كانت ميزانيتك تسمح بذلك، وظّف مترجماً متمكناً ومحرراً، أو استعن بمصادر خارجية من الباحثينوالمترجمين في البلد لضمان أنّك غير منقطع عن النقاشات المجتمعية الأرحب.
إذا كنتم منظمةً غير حكومية دولية تعمل في لبنان ولم تحاولوا التقديم بالعربية أو التعبير بها، فأنتم على وشك الدخول في عالم المتاعب. تخيّلوا الوضعالمعاكس، وأنّ منظمةً غير حكومية لبنانية ناطقةً بالعربية وصلت إلى بلدكم غير الناطق بالعربية، لكنّها لا تتحدث لغة بلدكم أو تكتبها. لن تكون الأمور على مايرام، أليس كذلك؟ ينطبق الأمر عينه هنا، وعلى الرغم من أنّ استخدام الإنكليزية والفرنسية شائع، فعليكم التمهّل وإدراج العربية إن كنتم تريدون حقاً الوصولإلى غالبية السكان، لاسيما المحتاجين.
ينبغي أن تكون لديكم دائماً استراتيجية مغادرة. إذ إنّكم لا تريدون البقاء هنا إلى الأبد، ولا يفترض توجيه المجتمعات المحلية التي تعملون ضمنها نحو ذلك. الأفضل هو الدخول والقيام بالعمل الصائب والمغادرة بعد إنجازه. ووجود استراتيجية مغادرة أكثر ضرورةً حين يكون عملكم أو مشروعكم أو برنامجكممؤذياً. خفّفوا الفشل بالابتعاد. ليس معيباً الاعتراف بالفشل وامتلاك ما يكفي من النضج للتراجع.
مصطلحات أساسية
تحليل صاحب المصلحة
عملية منهجية لجمع وتحليل معلومات نوعية لتحديد الفاعلين الذين لا بد من أخذ مصالحهم بالحسبان عند تطوير أو تنفيذ برنامج أو سياسة.
برامج
سلسلة من المشاريع والأنشطة ذات الصلة، و/أو الأحداث المنفذة لتحقيق الأهداف والغايات. تميل البرامج لأن تكون طويلة الأجل، مع نطاق أوسع ودرجةأكبر في ما تتولاه.
مشاريع
جانب أكثر تركيزا لبرنامج أو خدمة أو مبادرة أشمل.
إدارة مشروع )دورة(
التخطيط لأنشطة برنامج ما ووضع جداول زمنية لها ومراقبتها والإشراف عليها وتقييمها ووضع تقارير عنها للوصول إلى الغايات المحددة مسبقا.
أصحاب المصلحة أشخاص يتأثرون بنجاحات أو إخفاقات أعمال منظمة ما وأهدافها وسياساتها. )أيا كانوا، من المانحين وطاقم العمل والأجهزة الحكوميةوالشركات وأعضاء المجتمع المحلي وما شابه(.
الاحتياجات المتصورة
الاحتياجات التي يظن عادة أنها ستكون مهمة لمجتمع محلي ما، وقد لا تكون مهمة في الواقع.
الاحتياجات المعيارية
الاحتياجات التي يحددها عادة الخبراء/ المهنيون/السياسات والتي تعين ما هو مرغوب أو مقبول بالنسبة إلى مجتمع محلي ما.
الاحتياجات النسبية
مقارنة الاحتياجات بفضاءات أخرى، سواء في الجوار الجغرافي الملاصق، أو على الأصعدة الوطنية أو الإقليمية أو الدولية.
3/4 حالة لبنان التحذيرية 2006-2007
هنالك انقسام أيديولوجي بين القدرة على تقديم الإغاثة/ المساعدة و“الحيادية”. كان ذلك جليًا في لبنان 2006 أثناء الهجوم الإسرائيلي. فقد اعتبرت أعمالالإغاثة التي نظمتها مجموعات محلية وسياسية مختلفة في المقام الأول فعل تضامنٍ ملتزمًا سياسيًا وتعبئة شعبية في مواجهة الحرب، فعل مقاومة. وقد اعتبرسياسيًا بطبيعته. وهو أمرٌ لم يقرّه إطار المساعدة الدولية بالكامل. هكذا، ستجد توترًا بين النظامين. بالنسبة إلى الفاعلين المحليين، تجاوزت تبادلات المساعدةمع المجتمعات المحلية قيمتها النقدية أو المادية وكان تأثيرها العاطفي والوجداني مختلفا لدى متلقي الإغاثة ومقدّميها. كما أنّ هذا الشكل من المساعدة أقامعلاقة شخصية بين المجتمعات المحلية المتأثرة ومقدمي المساعدات، أثرت في نوعية وعمق الاحتياجات المعبر عنها والملبّاة أثناء الحرب. كذلك، أثرتأشكال التضامن الملتزمة سياسيًا مع المجتمعات المحلية المتأثرة بالحرب في نمط وتعقيد تقييم الاحتياجات المجموعة أثناء الحرب. علاوة على ذلك، اعتبركثيرٌ من الناشطين والخبراء والمتطوعين الذين أجريت مقابلات معهم أنّ سياسات إعادة الإعمار بعد الحرب هي عملية تستوجب الانتباه والتدخل والتعبئة. وفي الوقت عينه، حوّل قدوم المنظمات الدولية بأيديولوجياتها الإنسانية المساعدة إلى شكل “سلعة” أساسًا. وفرضت السياسات الجديدة التي جلبتها هذهالمنظمات معها اقتصادًا سياسيًا لإعادة الإعمار بعد الحرب من حيث تجسّد المساعدة بالتمويل، ومفاهيم وتصورات جديدة اكتسبت قيمة اقتصادية، وموقعًاشاملا للفساد وإساءة استخدام المساعدات. هكذا، ترجم الاقتصاد السياسي حرفيًا بأنه “سوق المساعدات”، حيث اعتبرت رطانة المنظمات غير الحكوميةومهنيتها وخبرتها سلعًا مرتفعة القيمة من جانب، ووسيلة لجلب الحقوق والتنمية والتغيير الاجتماعي في لبنان من جانبٍ آخر. بالنسبة إلى منظمات المساعدةوالإغاثة الدولية، اعتبرت الإغاثة الملتزمة سياسيًا متحيزة وغير مهنية، وبصورةٍ عامة شكلا غير صحيح لتقديم المساعدة. كما أنّ توحيد مقاييس تقديمالمساعدة اعتبر الطريقة الأجدى لتحييد المساعدة ضمن التوتر السياسي الداخلي. ما ينبغي فهمه، وهذه آخر مفارقةٍ هنا، أنّ “الحيادية” هي في ذاتها موقف سياسي، وغالبًا ما تتحدد بالقيم والمفاهيم والافتراضات الأوروبية والأمريكية الشمالية. يحدّد هذا الوضع بدوره معالم الاقتصادات، ويقرّر من يستحق الإنقاذوالمساعدة ومن لا يستحق ذلك، وينتِج سياساتٍ خاصة للمعاناة من الحروب. علاوة على ذلك، فإنّ تاريخ النزعة الإنسانية المتحول من مبدأ الحيادية إلى مبدأالمشاهدة و“الحق في التدخل” تقاطع مع إدماجٍ متزايدٍ للتنمية والدفاع عن حقوق الإنسان والمساواة الجندرية، لاسيما في البرامج الإنسانية لما بعد النزاع. وقدترافق ذلك أيضا مع دور الأمم المتحدة في حقل الألغام هذا، مع سياساتها وبيروقراطيتها العملاقة، لاسيما حين تحتكر مبادرات سياسة التنسيق والإغاثة. حصيلة ذلك الوضع هي إدراك وجود احتياجاتٍ تحتاج إلى أفعالٍ أشد تمرّسًا. لا بدّ من أن يشجّع العمل الإنساني الراهن والمنظمات الإنسانية الراهنة في لبنانمبادرات المساعدة والتنمية الشعبية الملتزمة سياسيا ومن أن تتعاون معها. فهذه المبادرات والمجموعات تمتلك إمكانية إنشاء روابط وعلاقات عميقة معالمجتمعات المحلية المخدَّمة وفهم احتياجاتها وهي قادرة على أن تكون خلاقة في تلبية تلك الاحتياجات بعيدًا عن الإجراءات المعيارية والمبقرطة التي قد لاتكون ملائمة دومًا. فضلا عن ذلك، فإنّ مزيدًا من مهننة العمل الإنساني الراهن وتوحيد معاييره حوّله إلى ما يشبه العمل التجاري حيث ينبغي على العامل)العاملة( في الشؤون الإنسانية فصل نفسه )نفسها( عن الأزمة سياسيًا وعاطفيًا. لا بدّ من القيام بإلغاء مهننة أعمال المساعدة والتنمية لضمان مزيدٍ منالالتزام، وبالتالي مزيدٍ من الدعم المجدي للمجتمعات المحلية المخدَّمة.
المصدر:
Lamia Moghnieh, “Relief as a neutral form of aid or a political communal mobilization? Doing politics in emergencies and war and the politics of aid in Lebanon” ، مركز معرفة المجتمع المدني، مركز دعم لبنان، آب/أغسطس 2015 . عن طريق الرابط التالي:
http://cskc.daleel-madani.org/
paper/%E9%80%2Crelief-neutralform-
aid-or-political-communalmobilization-
doing-politicsemergencies- and-war
القسم الثالث: الاستدامة المالية، أو ضمان عدم انقطاع التيار
تُعدّ سياسة الميزانية والمحاسبة المناسبتين، والشفافية المالية، واستراتيجيات جمع التبرعات الخلاقة، من بين أمور أخرى، أساسيةً بالنسبة إليك في هذهالمرحلة لتعمل بطريقةٍ بنّاءةٍ ودائمة.
تذكّر بأنّك تتعرض في لبنان لتحدٍ إضافي هو أنّ الحصول على الأموال بالغ الصعوبة. فكميات الأموال محدودةٌ بطرقٍ مختلفة، وستجد نفسك في أحيانٍكثيرةٍ تتصارع مع عددٍ متزايدٍ من المنافسين التنظيميين على الموارد المتاحة مهما كانت.
دعنا نستعرض الأساسيات.
<1 الميزانية
قبل محاولة تأمين الأموال، عليك الشروع بالتخطيط لاحتياجاتك المتعلقة بالميزانية. فالميزانية أساساً هي خطة عملك وقد تحولت إلى مقاييس نقدية وأطرٍزمنيةٍ محدودة، وهي توضح دخل ونفقات برنامجك أو مشروعك مع الدخل الناتج عن مصادر كالتبرعات واشتراكات العضوية السنوية وحملات جمعالتبرعات، في حين تتكوّن النفقات من التكاليف والمصاريف المباشرة وغير المباشرة.
إجمالً، تشكل الميزانية انعكاساً لخططك المستقبلية من منظار إدارة الموارد المالية، وتسمح لك وللآخرين بقياس جدوى عملك الفعلي.
بصورةٍ عامة، كلما كانت عمليتك أصغر، كلما قلّ تعقيد تدابير خطط ميزانيتك، وقلّ تعقيد معالم إدارتها.
أمّا بالنسبة إلى المنظمات الأكبر، فالأمر يتطلّب مزيداً من السويات. لا يعني ذلك أنّه ينبغي على المنظمات غ ر الحكومية الأصغر أ لّ تقوم بهذه الخطواتالإضافية، وينصح بها إذا أردت “المضي قُدُماً”، لكن إن لم تكن مبادرتك شاملةً في مداها ولم تكن عاداتك المالية واسعة النطاق، فمن المرجح أنّ بوسعك إطالةبقائك بالأسس المجردة.
بهذا الخصوص، ينبغي أولاً أن تدرج المساهمة التي يقدمها الأفراد في المنظمة، من المجلس التنفيذي إلى أعضاء الجمعية العمومية. تأكّد من ملاحظة اختلافالعوامل الداخلية والخارجية التي ستتشكل الميزانية وفقها )على سبيل المثال: التحليلات الظرفية أو الوثائق الأخرى المشابهة(، ومن استخدام البيانات الماليةالراهنة والقديمة لإفادة تخطيطك، والتغيرات المستقبلية المحتملة، والظروف غير المتوقعة، و/أو النفقات الإضافية التي قد تنشأ.
ينبغي أن تكون خطط الميزانية السنوية التفصيلية جاهزةً مسبقاً قبل شهرين أو ثلاثة على الأقل من بداية السنة المالية )عادةً في الأول من شهر كانون الثاني/ يناير(، في حين يمكن تحضير خطط الميزانية العامة مسبقاً للسنتين أو الثلاث القادمة لمشروعٍ/برنامج. تعرض الميزانية العامة الإيرادات والنفقات المتوقعةَمن أجل إطارٍ زمني محدد، ويقسم كلٌّ منها إلى فئات مختلفة.
على سبيل المثال، يمكن تقسيم الدخل إلى:
< رسوم العضوية،
< التبرعات،
< المنح الحكومية،
< المنح الأكاديمية والمنح الأخرى،
< كلفة الخدمات.
كما يمكن تقسيم النفقات كما يلي:
< تكاليف التشغيل،
< تكاليف المعدات،
< الرواتب، والأجور، وتكاليف العمل الأخرى،
< التكاليف اللوجيستية،
< النفقات الإدارية.
أمّا الميزانية التفصيلية، فهي لا تقدم بياناً عن المنظمة ككلٍّ فحسب، بل تضيّقه إلى حدود برامج أو مشاريع محددة، مع توضيح إيرادات ونفقات كلٍّ منها. وهيتسمح لنا بمقارنة الموارد المالية لكلّ برنامج/مشروع بالآخر، ما يسهّل تقييمها وتعديلها. لكنّها تجعل أيضاً نظام المحاسبة أكثر تعقيداً وكلفةً، وتفرض عليكمزيداً من العمل المكتبي.
<2 المحاسبة المالية
إنّ نظام محاسبةٍ شفافاً وفعّالاً ومجدياً من حيث الوقت ضروريٌ لعملٍ إيجابي وحسن النية وغير فاسد بالنسبة إلى منظمة غير حكومية، و/أو مجموعة، و/أوعملٍ تعاوني.
من خلال وجود نظام محاسبةٍ ماليةٍ واضحٍ مدروسٍ جيداً، لن تجعل قدرتك على تخطيط عملك وتنفيذه أسهل فحسب، لكنّ مثل هذا النظام سيخفّف مخاوفالمانحين وحتى مخاوف المجتمعات المحلية التي ستستغرق في العمل ضمنها. فحين يعرفون مصدر المال وكيفية إنفاقه، ستتجنب كثيراً من المآزق والأسئلةالمحرجة في المستقبل. يتعلق الأمر أساساً ببناء الثقة.
بالنسبة إلى المنظمات الأصغر، عادةً ما يكون أمين الصندوق والمحاسب شخصاً واحداً، في حين يكلّف شخصان بهاتين المهمتين في المنظمات الأكبر.
يعتمد نظام المحاسبة المالية المستخدم عادةً على مبادئ المحاسبة الدولية المعترف بها عموماً، أي أنّه يأخذ شكل نظام محاسبة مزدوجاً — تسجل فيه جميعالمدفوعات والمقبوضات في دفتر محاسبة الجمعية.
ينبغي إصدار إيصالاتٍ لجميع أنواع التعاملات، ولا بدّ أن تشمل:
< الأرقام التسلسلية،
< ثلاث نسخ، ترسل إحداها إلى القائم بالدفع، والثانية إلى المحاسبين، وتحفظ الثالثة في سجل،
< ينبغي أن تتضمن أموراً مثل: مستلم من، توصيف ماذا ولماذا، تفاصيل عن كيفية استلام المبلغ، وتوقيع أمين الصندوق،
< قسيمة البنك بعد إيداع المبلغ.
ينبغي أن يكون لديك على أبسط المستويات “سجل نقدي” لتسجيل جميع العمليات المالية التي تُدخل المال وتخرجه من صندوق المنظمة. يستكمل ذلك بقسائمالدفع التي توضح أوجه إنفاق المال أو استثماره في البرنامج/المشروع. كذلك، قد تفيد قسائم الدفع أطرافاً أخرى لقاء خدماتها، أو لفواتير الأفراد والشركة.
ينبغي أن يكون لقسائم الدفع في الحد الأدنى:
< رقم تسلسلي )لتتبعها(،
< نسختان )تعطى الأصلية للمحاسب، وتحفظ النسخة الأخرى في مكان آخر(،
ينبغي أن يشار في كلّ نسخة إلى:
< القيمة المستخدمة،
< التاريخ،
< اسم المستلم،
< سبب الدفع،
< طريقة الدفع )نقدًا أو بموجب شيك( ونوع العملة،
< التوقيع الرسمي للمستلم وصاحب التوقيع.
تأكد دائماً من تسجيلك لجميع التعاملات المحاسبية بتسلسلها الزمني في دفترٍ أسبوعياً إن لم يكن يومياً. يصنّف ذلك بوصفه “بنوداً” ينبغي دعمها بوثائق توضحكيفية استعمالها وبأي وجه.
تأكد من أنّ محاسبك مجهّزٌ بجميع الوثائق.
<03 التقارير المالية
إضاف ًة إلى المذكور أعلاه، كن حري ًصا على وضع تقارير مالية وتبادلها سنوياً لتبقي الجميع مطلعين على آخر أنشطتك، وضمان روح الشفافية.
هنالك نسخٌ مختلفةٌ لمثل هذه التقارير، على غرار:
<1 ميزان المراجعة: بيان تفصيلي بالحسابات المسجلة في كشف الرصيد اليومي، ويتضمن مبالغ الائتمان والدين، يحضّ كلّ شهرين في الحد الأدنى،ويمكن أن يفيد لاحقاً في تقييم إنتاجيتك وماليتك في نهاية العام.
< 2بيان الدخل: تظهر هذه الوثيقة فائض عملك أو عجزه. فهي تسجل كل شيء.
<3 الميزانية العمومية، الأصول والخصوم: تظهر هذه الوثيقة في نهاية السنة المالية رصيد كلّ حساب، على سبيل المثال قيمة أصول وخصوم منظمتك. ينبغي بوضوحٍ كاملٍ عرض موجزٍ للأصول والخصوم وحسابات الدائن والمدين، مقارنةً بالميزانية العمومية للعام السابق. يجب أن تكون الميزانية العموميةدقيقةً ونزيهةً وصحيحةً وكاملةً ومتسقة.
<4 بيان الرصيد: وثيقة مطلوبة قانونياً لوزارة الداخلية، وهي جدولٌ يوجز الدخل الفعلي مقابل النفقات الفعلية في السنة، مع الميزانيات المقترحة للسنواتالتالية.
<4 الضرائب
لا تنسَ الضرائب التي تتوجب عليك في لبنان. بالنسبة إلى المنظمات الصغيرة، أنتم معفيون أساساً من الضرائب باستثناء الضرائب على الأجور والضرائبغير المباشرة، لذا قوموا بالبحث لمعرفة ما يتصل بكم. أمّا بعض الضرائب السارية و/أو الإلزامية على منظماتٍ أكبر، فهي:
< ضريبة الأجور، أو ضريبة الدخل بالنسبة إلى كلّ موظف،
< ضريبة غير المقيمين بالنسبة إلى من يعمل منهم في منظمتكم،
< الضرائب على عوائد رأس المال المنقول وأرباح منظمتكم،
< الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة الملاهي المفروضة
على المناسبات الاجتماعية التي قد تقيمونها،
< الضرائب على السلع المستوردة عن طريق الجمارك ما لم تكن ذات نفعٍ عام.
علاوةً على ذلك، عليكم الالتزام، باعتباركم منظمةً غير حكومية محلية تعمل ضمن الأراضي اللبنانية، بقانون الضمان الاجتماعي — وهذا يعني ضرورةالتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مهلة أسبوعين من تعيينكم لأول موظف. يساعدكم ذلك في معالجة قضايا حقوق العمال التي قد تنشأ،ويضمن حصول موظفيكم على المنافع الأساسية. ينطبق الأمر نفسه على غير المقيمين أيضاً.
<05 الحصول على المال
ما إن تعّد خطط ميزانيتك ونظام محاسبة شفافاً وفعالاً، حتى يحين وقت الحصول على الأموال.
إنّه عملٌ محبط. فهو تنافسيٌ للغاية، والخوض فيه قد يغيّ منظمتك بطرقٍ غير متوقعة. كن حذراً.
هنالك طرقٌ متعددةٌ للحصول على المال. حينما تحاول تصوّر كيفية الحصول على الأموال، حاول التفكير وفقاً لما هو مناسبٌ لأهدافك. كن استراتيجياً حيالذلك.
<6 المانحون
الحصول على الأموال من المانحين هو السبيل المألوف. والمانحون يمكن أن يكونوا مؤسساتٍ حكومية أو أكاديمية أو ثقافية، قطاعاً خاصاً، شركات،ومنظمات فنية. اختبر أفضل شريكٍ من المانحين الذين يلائمون هويتك. البحث مفتاحك هنا.
ابحث في أدلة الإنترنيت المحلية والدولية. يُعدّ موقع دليل مدني على الإنترنيت الخاص بمركز دعم لبنان مثالاً ممتازاً بوصفه مصدراً للمنظمات المانحة فيلبنان، لكن لا تقيّد نفسك بهذا الموقع فقط. ابحث عن مواقع وأدلة أخرى. وحالما تعتاد على البحث، ستجد نفسك تدريجياً وسط كثيرٍ من الفرص التي تستدعيالاكتشاف. كما أنّ لكثيرٍ من المنح والتمويل وقتاً محدداً، فكن متنبهاً لهذه الحدود. لا تلتمس المال من منظماتٍ كثيرة: حاول أن تكون انتقائياً واستهدف بضعمنظماتٍ مختارة.
وما إن تجد مصادر محتملة، اطلع عليها، وعلى كيفية عملها، وتعلم فهم لغتها. هذا الأمر ضروري حين تصل إلى مرحلة كتابة مقترح التمويل.
وعند كتابة مقترح التمويل، عليك مراعاة ما يلي:
< كن مقتضباً وواضحاً ومتماسكاً وخلاقاً وواثقاً،
< كن مشاركاً وشفافاً وواقعياً وذكياً،
< كن ملماً بمنظمتك وأصحاب المصلحة الذين يستهدفهم عملك، وشارك ذلك. صرّح بنقاط قوتك
وضعفك وفرصك ومخاطرك ) ،(SWOTs
< أظهر أنّك حديثٌ ومبتكِرٌ وناشئ.
قد يكون المانحون أنفسهم حددوا مسبقاً بوضوحٍ شكل مقترح التمويل. إن لم يكن الأمر كذلك، لا بدّ أن تكون البنية الأساسية كما يلي:
< بيّن المشكلة،
< أوضح سبب ضرورة مشروعك لمعالجة المشكلة،
< أوجز أهدافك وغاياتك،
< بينّ استراتيجياتك وأنشطتك،
< شارك نتائجك، أو النتائج المتوقعة،
< اعرض ميزانيتك.
لا تخشَ من إضافة اقتباسات وبيانات ومقالات وخبراتٍ موثقة أخرى إلى مقترحك، لكن تذكّر دائماً أن يكون عرضك موجزاً ومؤثراً، كيلا تكون مضجراً. حاول أن تكون جذاباً باستخدام تصميمٍ وتنسيقٍ مرضيين بصرياً. كن حاذقاً في تحليلك لتوضيح المشكلات التي تعالجها— أظهر مقدار فهمك للتعقيداتوالفروق الدقيقة والديناميات في العمل.
تذكّر على الدوام المجتمعات المحلية التي تعمل من أجلها: ينبغي أن ينفعهم هذا المال في نهاية المطاف، أليس كذلك؟ وبالتالي، لا تتردد في إقحام صوتهم فيالمقترح، لكن ينبغي أن تتّسم بالاحترام وعدم استغلال المشكلات التي يواجهونها.
عندما تناقش أهدافك في مقترح التمويل، ثمة أداةٌ مفيدةٌ هي أن تتذكّر أن تكون حاذقاً: يجب أن تكون أهدافك محددةً وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وذات صلةومحددة زمنياً. وهذا الأسلوب البسيط في التفاصيل لن يقنع المانح لقضيتك فحسب، لكنّه سيساعدك أيضًا في تحسين معرفتك وفهمك لسبب قيامك بهذا العمل.
احرص دوماً على أن يكون صوتك مقنعاً وواثقاً في كتابتك.
هنالك خطوة إضافية أخرى هي ضمان أن يكون لديك نظامٌ للمحاسبة والشفافية تقدّمه إلى المانحين. أطلعهم بدقةٍ على مبلغ التمويل الذي تحتاجه، وبرهن علىسبب حاجتك إليه وكيفية استخدامه. سيقلل ذلك من مخاوفهم لأنّهم سيعرفون أين سيستخدم المال وكيف. ضع في الحسبان تقديم مؤشرات الأداء ونتائج التقييموالتزم بتزويدهم بمثل هذه البيانات باستمرار.
ينبغي تعبئة هذا المقترح بشكل مهني، قائمٍ على متطلبات المانحين أو من خلال مبادرتك الخاصة. أدرج أقساماً مثل صفحة العنوان، قائمة المحتويات، مسرد،موجز المشروع، لمحة تنظيمية، ترقيم الصفحات، حواشي وعناوين، ملاحق، صفحة المراجع، إضافةً إلى خطابٍ تعريفي.
فور قبول مقترحك، وبناء العلاقة، أبقِ المانحين على اطلاع بقدر استطاعتك. وفّر وقتاً للاجتماعات، أبقِ على خطٍ مفتوح، كن على استعداد لاستيعاب أيمساهمةٍ بنّاءة يقدمونها، أرسل إليهم معلوماتٍ وأنباء عن عملياتك أو عن الفضاء الذي تعمل ضمنه، وتحدث إليهم على قدم المساواة... حتى إن كانوا يسددونفواتيرك.
تحذير: احذر من السلطة المانحة. فقد يحاول بعض المانحين صياغتك وفق رؤاهم وأيديولوجياتهم، ما قد يؤثر سلباً في عملك وأهدافك. تذكّر أن تكونمستقلاً قدر الإمكان، وتذكّر دائماً أنّك تعمل لصالح المجتمعات المحلية وليس لصالح المانحين.
<7 أموال غير المانحين
بقدر ما يصعب تخيل الأمر، ليس المانحون مصدر التمويل الوحيد. هنالك وسائل أخرى، وعليك تنويع تدفق رأس المال القادم.
قد تكون تعبئة المصادر خياراً موفقاً بالنسبة إليك؛ في مناشدةٍ أخرى لعامة الناس لدعم قضيتك مالياً.
تتطلب إدارة حملة تمويلٍ جماهيري منك أن تكون خلاقاً وجذاباً وذكياً. تحتاج لإثبات نفسك أمام الناس، وتحتاج على أبسط المستويات لفهم الأحاديثوالمصطلحات الدارجة واستخدامها، من خلال مزيجٍ من الأدوات السمعية البصرية القابلة للتبادل على الإنترنيت عبر شتى منابر الوسائط الاجتماعية )علىسبيل المثال: إنستغرام، فيسبوك، تويتر، فاين، يوتيوب وما شابه(. كذلك، ينبغي عليك توضيح ما تحاول القيام به وسبب حاجتك إلى المال. وبقدر شفافيتكحول احتياجاتك المالية وعمليتك، بقدر ما ستنال ثقة الجمهور ودعمه.
احرص على أن تكون حملة تمويلك جذابةً، وليست ميلودرامية، وتتسم باحترام الموضوع الذي تعالجه. عامل المتلقين بوصفهم أذكياء وكائناتٍ عقلانيةوسيكافئونك بطرقٍ مدهشة حين تُظهر لهم أنّ لأفعالك تأثيراتٍ إيجابية وعوائد.
استفد من منابر التمويل الجماهيري المحلية الرقمية مثل ‘ذومال Zoomaal ’ و‘إنديغوغو ،’Indiegogo وحاول تعيين رقم مبلغ مالي معقول ومحددللجمهور لدعمك. لكلٍ من هذه المنابر متطلبات خاصة، لذلك احرص على قراءة الأدلة قبل شنّ حملتك.
ادرس كيفية تنظيم حملاتٍ ناجحةٍ أخرى على هذه المنابر، واستخدم خبرتها للقيام بحملةٍ خاصةٍ بهويتك. حاول إنشاء مدفوعات رقمية على موقعك بحيثيتمكن المساهمون من إرسال تبرعاتهم مباشرةً.
لا تتجاهل إطلاقاً الوسائل التقليدية لجمع التبرعات التي تشمل صناديق التبرعات الموضوعة في أماكن استراتيجية تصل إليها الجماهير المستهدفة، أو وجودمتطوعين يذهبون من بيتٍ إلى بيت في المجتمع المحلي لتوضيح العمل والتماس التبرعات المتواضعة. ستكون النتائج مفيدةً على المدى البعيد، حتى إذا كانتمتواضعة. وبطريقةٍ مشابهة، قم بتنظيم مناسباتٍ اجتماعية لجمع التبرعات، سواءٌ اتصلت بنوع العمل الذي تقوم به أو أنّها لمجرد جمع الأشخاص لتمضيةوقتٍ ممتع — خذ بالحسبان بصورةٍ خاصة إقامة هذه المناسبات ضمن المجتمعات المحلية المستهدفة. فمشاركتهم ستقطع شوطاً طويلاً في بناء الثقة والتقاربفي المستقبل. أقم مهرجاناً لمدة أسبوع، عرضاً فنياً، عروضاً سينمائية، حفلاتٍ موسيقية، من بين تجمّعاتٍ أخرى تجتذب الجمهور.
استفد من شبكتك وجهات اتصالك. أحضر عائلتك وأصدقاءك ومعارفك إلى المكان كمصدرٍ للدخل. اعمل وتعاون مع منظماتٍ مماثلة أخرى لاكتشاف تجاربهاوالتحديات التي واجهتها، ومعرفة سبلٍ أخرى لجمع المال.
<8 المشاريع المستدامة والمدّرة للدخل
هنالك طريقةٌ أخرى لضمان تدفق الأموال بتطوير وتطبيق مشاريع مدرّةٍ للدخل أو مشاريع مستدامة.
إنّها مشاريع تدّر تدفقاتها النقدية الخاصة التي تغطي بعض تكاليفك، ويمكن أن تسمح لك بمزيدٍ من الاستقلالية والاستقلال. ليست المشاريع المدرّة للدخلوالمستدامة سهلةً، ففيها مجازفةٌ تعادل مجازفة إقامة مشروعٍ تجاري، ومن غير المرجّح أن تظهر الأموال على الفور. لكنّها إن نجحت، فستكون المكاسبمذهلة.
بناءً على طبيعة عملك، فكّر في نوع المشاريع الممكنة المستدامة أو المدرّة للربح. على سبيل المثال، إن كنت تحاول مساعدة اللاجئين السوريين في لبنان،فلماذا لا تسعى إلى تطوير مخبزٍ أو مزرعةٍ جماعية أو عملٍ يشتمل على مواهب جماعة اللاجئين السوريين ومهاراتهم وحرفهم اليدوية، حيث يشاركون بشكلٍمثمرٍ كجزءٍ من حلٍّ خاصٍ بهم ويتلقّون مبالغ متواضعة من المال للإبقاء على حياتهم؟
إنّ المشاريع المستدامة والمدرّة للدخل إبداعية لأنّ عليها التحايل على التكاليف المنخفضة وبلوغ المجموعة الهدف الأوسع طالما أنّ قوتها قائمةٌ على الطريقةالمثلى التي تدفع بها الفاعلين والوسطاء المحليين إلى المشاركة.
مثلما كان عليه الأمر في السابق، لا يوجد أي معنى لمحاولة “إعادة اختراع الدولاب”. حاولوا بالأحرى جعل الدولاب يناسب السياق والديناميات المحليةبطريقةٍ لا تضر المجتمع المحلي وأصحاب المصلحة الآخرين. ستحتاجون لفهم الحيّز والناس والموارد والبنية التحتية، وسوف يستغرق ذلك عملاً لا يستهانبه، لكن حين تقومون به بطريقةٍ صحيحة، ستحظون بتأثيرٍ متعدد الأوجه في المجموعات المستهدفة، والمجتمع المحلي الأوسع، وأنفسكم. تبينوا إن كنتم بحاجةٍإلى تدريب الفاعلين أم إلى تزويدهم بالمواد الأولية فحسب، وكونوا دائماً واضحين بشأن دوركم في هذا المسعى لتجنب أي مزالق تتعلق بالملكية والإدارةوالرقابة.
مصطلحات أساسية
جمع التبرعات
عملية جمع المساهمات الطوعية من المال أو الموارد الأخرى من خلال طلب التبرعات من الأفراد أو الشركات أو آخرين بوسائل متنوعة.
الاستدامة
تعني الاستدامة تبني وجهة نظر بعيدة المدى لأفعالك وكيفية استمرارها وتأثيرها الإيجابي مستقبلا في المجموعات المستهدفة.
المشاريع المدرة للدخل
القدرة على الاستدامة بطريقة تنتج أموالا أو سلعا أو استثمارات تغذي المشروع لتحقيق استقلال مالي عن المانحين.
حالة برنامج مستدام: دليل مدني
DALEEL-MADANI.ORG
من مركز دعم لبنان
دليل مدني هو بوابةٌ للمجتمع المدني أنشأها ويديرها مركز دعم لبنان. وهو منبرٌ تشاركي على الإنترنيت للمجتمع المدني. يتمثّل هدف المنبر في تعزيز توفيروإمكانية الوصول إلى معلوماتٍ تتعلق بالمجتمع المدني وتدخّل الدولة، إضافةً إلى تعزيز تعاون المجتمع المدني في لبنان.
أُطلق المنبر للمرة الأولى في العام 2006 ، ثمّ في واجهةٍ أسهل في العام 2011 . وبوابة دليل مدني هي الأكثر دخولاً في لبنان من بين البوابات المتعلقةبالمجتمع المدني، وهي تحصد أكثر من 1.5 مليون زيارة في العام. كما أنّها نقطة تجمّعٍ لما يقارب 1300 منظمة في لبنان: من المنظمات الواسعة النطاقإلى مؤسسات المانحين ووكالات الأمم المتحدة، مروراً بالمنظمات المحلية أو التخصصية الأصغر. والبوابة عضويةٌ قائمةٌ على أنّه: بوسع الأفراد بعد التسجيلامتلاك ملفاتٍ شخصية وتحميل شعاراتهم، ووضع الوظائف الشاغرة لديهم، ووضع بياناتهم الصحفية ومناسباتهم، ونشر مواردهم، ووضع مشاريعهم علىالإنترنيت، ووضع دعوةٍ لمقترحات وطلبات عروضهم، والقيام باستبيانات واستطلاعات على الإنترنيت، واستضافة قوائمهم البريدية، من بين أمور أخرى. على الرغم من أنّ الدليل يتضمن أيضاً منظمات غير مسجلة.
بعد سنواتٍ من العمل على أساسٍ تطوعي، والمطالبات المتزايدة من المنظمات بتوسيع الخدمات التي يقدمها دليل مدني، ابتكر مركز دعم لبنان استراتيجيةاستدامةٍ للبوابة تتضمن اشتراكات عضوية للمنظمات والوكالات الدولية. تعد هذه الرسوم حيويةً لاستدامة البوابة، كما أنّها تتيح لمركز دعم لبنان تقديم خدماتدليل مدني مجاناً للمنظمات المحلية، لأنّ رسالة مركز دعم لبنان تتمثل في تعزيز المجتمع المدني المحلي.
واليوم، يقدم مركز دعم لبنان الجزء الأكبر من التمويل الذاتي لدليل مدني، ما يجعله أكثر استقلاليةً واستقلالاً عن تمويل المانحين.
المصادر: مركز دعم لبنان، http://lebanon-support.org
دليل مدني، http://daleel-madani.org
القسم الرابع: الموارد البشرية، أو التوصيل بالطاقة البشرية
يد واحدة لا تصفق
مثل شعبي مصري
لا تستطيع أي مجموعةٍ أو أي شخصٍ العمل بصورةٍ منفردة. أنت ستحتاج عوناً. ما يعني أنّه سيكون عليك إعداد برنامج تدريبٍ طوعيٍّ لجمع الناس إلىصفك وتحضيرهم للعمل في مشروعك/برنامجك )برامجك(.
من الواضح أنّ طبيعة ما تقوم به من تجنيدٍ وتدريب تستند إلى نمط الأهداف التي تسعى لتحقيقها وإلى ما تقوم بفعله بالتحديد. بحلول هذه اللحظة، عليكأن تكون واضحاً كلّ الوضوح بخصوص ماهية رؤيتك وأهدافك وكيف تخطّط للتوجه نحو القيام بالعمل. إن لم تكن في هذه السوية... فلماذا تواصلالقراءة؟! راجع سريعاً الأقسام السابقة، ثم عُدْ فنحن بانتظارك...
ممتاز، نحن جميعاً مستعدّون الآن. وأنت جاهزٌ للتوصيل بالطاقة البشرية، المعروفة أيضًا باسم “الموارد البشرية”.
الموارد البشرية بأبسط المعاني هي قوة العمل الخاصة بك، وقوة العمل، بعبارةٍ مكرورة، هي المحرك الخاص بك: الأشخاص الذين يشكلون جزءاً منمنظمتك والذين يؤدون المهام ويتحملون المسؤوليات الضرورية لسير عمل مشروعك/برنامجك قُدُماً نحو أهدافه. هنالك كثيرٌ من الطرق لتطوير قوة عملٍما، ومناقشتها تتجاوز نطاق هذا الدليل.
لكنّنا نؤكّد على ضرورة تخصيصك لجزءٍ مهمٍّ من وقتك لتفحّص هذه الاستراتيجيات والحرص على تطوير فضاءٍ يعتني بتنوّع العضوية والمواهب والأفكار،وهيكليةٍ تدعم وتكافئ بطريقةٍ بنّاءة الجدارة والاحترام المتبادل والإبداع والذكاء.
من بين جميع أصناف قوة العمل التي ستعتمدها، يعُدّ العمل التطوعي أكثرها أساسيةً وأرجحية، وهو ما سنسلط الضوء عليه في هذا القسم.
<1 العمل التطوعي 101
المتطوعون هم أفرادٌ يريدون العمل معاً من أجل هدفٍ محدّدٍ “من دون مقابل”. فهم يقومون بالعمل لأنّه يزودهم بالخبرة والتجربة و/أو لأنّهم يريدون القيامبعملٍ إيجابي للمجتمع بروحٍ إيثارية. ما من شكٍ في أنّه وصفٌ تبسيطي للسبب الذي يدفع شخصاً ما ليصبح “متطوعًا” في منظمة أو مجموعة أو جمعيةتعاونية.
لعلهم لا يريدون إ لّ الالتقاء بمن يماثلهم عقلاً، وربما يفعلون ذلك بدوافع أنانية. لكن أياً تكن قواهم الدافعة، فما تستطيع فعله هو توظيف هذه الطاقة بطريقةٍمربحةٍ للطرفين. يقدّم متطوعٌ ما، لاسيما ذاك الذي يعمل في بيئةٍ إيجابية، فوائد كثيرةً لمنظمتك.
يستطيع المتطوعون:
< توفير قدرٍ أكبر من الظهور من خلال سمعتهم،
< تكوين تيارٍ مستمرٍ من الطاقة الحيوية ووجهات النظر المختلفة،
< إبقاءك عرضةً للمساءلة،
< وصلك عضوياً بالمجتمع المحلي على أوسع نطاق،
< فتح سبلٍ جديدةٍ لك من خلال فرص التشبيك،
< تخفيض التكاليف من حيث الأجور والإمدادات.
< 02 من تجند
اطرح على نفسك الأسئلة التالية: لماذا تحتاج إلى أيدٍ إضافية؟ ما الذي سيفعلونه؟ ما هي المواهب التي يجب أن يتمتعوا بها لإنجاز المهام على أكمل وجه؟
حالما تفكّر في هذه السلسلة من الأسئلة وتتمعن فيها، يمكنك الشروع في تطوير وتدوين توصيفات/مسؤوليات الوظيفة بالنسبة إلى المتطوعين.
يجب أن يتضمّن توصيف وظيفةٍ ما بوضوحٍ وبساطةٍ مسؤوليات المتطوعين وما يُنتظر منهم، ويوجز كيفية تقييمهم. أظهر المكان الملائم للمتطوعين فيالهيكل التنظيمي للفريق، ومنصبهم )مساعد، متدرب، أخصائي اجتماعي، وما شابه(. كن واضحاً أيضاً بشأن مسؤولياتك الخاصة تجاه المتطوعين، ما يعنيضمانة أنّ لديك نظام حوافز ومزايا تحثهم على الانضمام إلى المنظمة. عندما يفهم الطرفان مجمل هذه الشروط بجلاء، سيحدّ ذلك من التوترات والمشكلاتفي المراحل اللاحقة.
أمّا من حيث “من” الذين يجب عليك تجنيدهم، فلديك تشكيلة مصادر لرأس المال البشري في لبنان وينبغي أن يتوقّف اتخاذ أي قرار على مسألتين: من أنتوما هي طبيعة عملك.
مصادر المتطوعين في لبنان هي في معظم الحالات:
الطلاب: يُعدّ طلاب المدارس الابتدائية والثانوية في المدارس العامة والخاصة ثروةً ثمينة. فهم شبانٌ وممتلئون بالحيوية ولديهم ميلٌ للحماسة بوجود الحوافز. وهم رائعون بالنسبة إلى المهام الصغيرة أو تلك التي تنجز لمرةٍ واحدة، ويساعدون في زيادة حضورك ورؤيتك ضمن جماعة الطلاب. أمّا طلاب الجامعات،فلديهم المهارات والمعرفة لإنجاز عملٍ قائمٍ على البحث وأشدّ تعقيداً، وقد تشّكل شكوكيتهم وفضولهم ثرواتٍ عظيمةً تبقيك وعملك خاضعين للمساءلة.
أعضاء المجتمع المحلي: ليس الحصول على أعضاء المجتمع المحلي، لاسيما إن كانوا مجندين من الجماعات المستهدفة التي تحاول توفير خدماتٍ لها، مهماًفي فتح مساراتٍ للولوج فحسب، لكنّ هؤلاء المتطوعين يستطيعون أيضاً ضمان أنّ عملك ذو صلةٍ ومبني على معرفةٍ محلية وله تأثيرٌ فعلي على الأرض. كما أنّهم قد يقدمون أفكاراً أو حلولاً تأخذ في الحسبان السياق المحلي، وتشكّل العمل بأسلوبٍ أكثر فائدةً.
الناشطون: الناشطون المحليون، وهم راشدون في معظم الأحيان، أفرادٌ قد يكونون من المجتمع المحلي الذي تعمل ضمنه وقد لا يكونون كذلك، لكنّهم يريدونتقديم العون بطريقةٍ ما. وعادةً ما يكون لديهم تاريخٌ وخبرةٌ ما في تنفيذ المشاريع/البرامج، ومرتبطين بشبكاتٍ أخرى قد تكون مفيدةً لمبادراتٍ مشتركة أوتعاونية.
غير الموظفين: أفرادٌ في سن الرشد غير ملتزمين بوظيفةٍ بدوامٍ كامل لعددٍ من الأسباب. ولمجرد أنّهم قد يمتلكون وقتًا— وهو عاملٌ أساسيٌّ في التطوّعالمستدام— نستطيع اجتذابهم لبرامج/مشاريع قصيرة أو متوسطة المدى.
<3 كيفية التجنيد
يماثل مبدأ تجنيد المتطوعين مبدأ توظيف الموظفين. ما يعني نشر إعلانٍ في أمكنة تجمّع المتطوعين المحتملين.
الطريقة التقليدية، أي تعليق ملصقٍ في المدارس والمقاهي الشعبية، أو على لوحات إعلانات معاهد البحوث، أو توزيع نشراتٍ، أو استئجار اللوحات الإعلانيةفي الشوارع هي بمجملها تكتيكاتٌ معقولةٌ للفت الانتباه. أعلن عن المناصب أثناء عروضٍ في المجتمع أو أثناء المناسبات الاجتماعية أو ورشات العمل، أوأثناء مسار عملك. أيّ فرصةٍ تتيح لك الإعلان عن احتياجاتك هي فرصةٌ جديرة بالاستكشاف.
أكثر طرق الإعلان شيوعاً هي عن طريق الإنترنيت والوسائط الاجتماعية. أعلن عن احتياجاتك على موقعك الإلكتروني، أو من خلال نشرها على صفحتكعلى الفيسبوك، أو في تغريدةٍ على حسابك على التويتر، و/ أو عبر نشرها في منبرٍ على الإنترنيت مثل دليل مدني (Daleel Madani) أو ريليفويب( .(Reliefweb
حاول أثناء اجتذابك للناس إجراء عملية فرزٍ لتقييم قدرة المتطوع واستدامته في العمل المطلوب. فعملية فرزٍ أساسية على هيئة استبيان، أو مقابلة مباشرة وهيأفضل، ستساعدك كثيراً في تقرير إن كان الشخص متحمّساً حقاً ومؤهلاً للعمل.
أبقِ على قنوات الاتصال مفتوحةً دوماً مع المتطوعين أثناء فترة توظيفهم، وبخاصةٍ في فترة ما بعد انتهاء توظيفهم. هذا يعني وجود اتصالٍ مباشرٍ معالمتطوعين السابقين، وجعلهم يكتبون شهاداتٍ حول تجاربهم في نشرتك الإعلامية أو في مكانٍ آخر؛ واستكشف أشكالاً جديدةً من التعاون معهم في وظائفهمالجديدة.
<4 تدريب متطوعيك
يميل دور المتطوع في منظمةٍ غير حكومية ومجموعة وجمعية تعاونية للاندراج ضمن إطار التطوير التنظيمي أو تقديم/توصيل الخدمات. ما يعني أنّ التدريبالذي توفّره للمتطوعين يمنحهم المعرفة والقدرة على تيسير هذه الأفعال.
يتوقّف نجاح هذا النوع من العمل على قدرة الأشخاص على العمل معاً بأسلوبٍ تعاوني وخلّق. ينبغي أن يوفّر أي نظامٍ تدريبي عقلية التآزر — الكلّ أكبر منمجموع أجزائه.
احرص على وجود مسارٍ تعريفي لتوضيح هوية المنظمة ورؤيتها ومهمتها وهيكليتها وأهدافها الاستراتيجية، وما هي مسؤوليات المتطوّع وأنشطته، فضلاً عنالتعريف بقواعد وإجراءات موقع العمل. كما أنّ وجود نظامٍ للإشراف أو الإرشاد يمثل علاوةً إضافية، لكنّ ذلك يستغرق وقتاً ويعتمد فعلياً على قدراتك.
إنّ ورشات العمل أو برامج التدريب التي تستخدم التفكير الجماعي وجلسات تحفيز الأفكار وتمارين العمل الجماعي مفيدة، لكن لا تنسَ تعزيز وسائل قيامالمتطوعين بتبادل أرائهم حول مشكلةٍ ما وحلولهم المقترحة.
اجعل متطوعيك يجتمعون بصورةٍ مشتركة ويناقشون مجموعة القضايا المتعلقة بالهدف، وأتح لهم فرصة تطوير حلولٍ ضيقة النطاق يمكن أن تستكمل هدفكالأكبر.
زوّدهم بحيزٍ من الاستقلالية وطوّر معهم علاقةً أكثر تكافئيةً وفيها قدرٌ أقلّ من دينامية “التلقين”. إذ إنّ تكتيكات “كاسحة الجليد” مجربةٌ وصحيحةٌ أثناءالمراحلالأولى من التدريب، وتُستَخدم في كثيرٍ من الأحيان لتشجيع المتطوعين على الانفتاح عبر تقديم أنفسهم لبعضهم بعضاً ولبقية طاقم العمل. يتعلق الأمر بتطويربيئةٍ مريحةٍ يكون الناس فيها أقلّ تردّداً وأشدّ ثقةً بصدد تبادل أفكارهم.
كما أنّ مناهج التدريب الناجح تتضمن دعائم ووسائل إيضاحٍ بصرية ونقاشاتٍ سياقية حول أمورٍ مثل التاريخ الأساسي لعملك أو أي موضوعاتٍ أخرى تتصلبه. يجري كثيرٌ من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الأهلية تدريباتٍ في ما بينها، ولذلك، من الأهمية بمكانٍ معرفة أي منظمةٍ تقوم بذلك وإرسال طاقمعملك إلى الموقع. تأكّد من أنّ متطوعيك ينهون هذه الدورات التدريبية مسلّحين بأدواتٍ سوف يحتاجونها للقيام بعملهم. لا بدّ أن تتراوح الدورات بين تعليممصطلحاتٍ محدّدة تستخدم في القطاع والمهارات التقنية للحاسوب )مثل برنامج إكسيل وغيره من البرمجيات التي تستخدمها المنظمة(، بل حتى النقاشاتالجماعية المتعلّقة بالمفاهيم الأخلاقية أو السياسية أو المفاهيم النظرية الأخرى.
لا بدّ من الإشارة إلى أمرٍ مهمٍ في هذه الدورات التدريبية وهو إبقاء مددها محدودة. فكلّ ما يستغرق أكثر من ساعةٍ قد يكون مضجراً ومتعباً للمتطوعين وطاقمالعمل، لذلك سيكون التفكير الأسلم أن تستغرق الأنشطة والدورات ساعتين على الأكثر، وتتضمن أثناءها دقائق كافية للاستراحة.
المسألة الأساسية هنا هي دفع المتطوعين على الدوام إلى التفكير في المشكلة ومساءلتها ومعالجتها، كمجموعة، من مختلف الجوانب. لا تتيح لهم هذه البيئةالتعلم منك فحسب، لكنّك ستتعلم أيضًا كثيرًا من الأمور. لا بدّ أن تكون مثل هذه الدورات ممتعةً وإ لّ فإنّك ستخسر جمهورك.
هنالك كثيرٌ من وحدات التدريب ونماذجه على الإنترنيت، وسيقودك بحثٌ سريعٌ إلى اقتراحاتٍ ملهمة، وقد يوجهك في تصميم دورة تدريبٍ مناسبةٍ خاصةٍ بكقائمةٍ على احتياجاتك.
لا تخشَ من أن يتداول أفكارَ دورة التدريب أصدقاء وأندادٌ يعملون في الميدان لمعرفة مدى ملاءمتها، لأنّ عينين أخريين، لاسيما ممن ليسوا في الميدان،ستفيدان بطرقٍ عديدةٍ غير متوقعة.
وتذكّر أنّ غايتك هنا هي تشييد بيئةٍ تقدّم المعلومات وتتّسم بالاحترام والمتعة والكفاءة والشمول. أفسح مجالاً لأعضاء الفريق لاستخلاص الخبراتوتبادلها. فبقدر ما ترعى المتطوعين وتشجعهم فعلياً، بقدر ما سيكون حضورك وسمعتك وتأثيرك أفضل على المدى البعيد. بعبارةٍ أخرى: إنّ قوة عملٍمسرورةً تحظى بالدعم والاحترام والتقدير لهي قوةٌ صلبةٌ ومنتجة.
مصطلحات أساسية
طاقم العمل
البنية التحتية لمنظمتك. إنهم الأشخاص الذين توظفهم ويعملون معك لتحقيق هدفك.
أعضاء المجلس
هيئة من الأعضاء المنتخبين أو المعينين يشرفون بصورة مشتركة على أنشطة المنظمة.
المتطوعون
على غرار طاقم العمل، أشخاص قرروا بأنفسهم العمل لصالح منظمتك، وغالبا. ما يقومون بذلك من دون مقابل.
المتدربون
غالبا ما يكونون أفرادا وطلابا يعملون لتحقيق هدف رئيس هو اكتساب الخبرة، أو لتلبية متطلبات دراسية.
جدول الرواتب
نظام يحدد المبلغ الذي يتقاضاه موظف ما بناء على رتبته الوظيفية أو منصبه في المنظمة، إضافة إلى طول فترة عمله وصعوبته، ومتغيرات أخرى مثلالدراسة والخبرة.
4/4 حالة لبنان التحذيرية 2006-2007
من أهم الدروس المستفادة من مجموعاتٍ تشبه مجموعة ‘صامدون’ أثناء حرب تموز/ يوليو 2006 هو الدور المهمّ الذي أدّاه المتطوعون. في تلك الفترة،عملت ‘صامدون’ كبوابةٍ لحملة إغاثةٍ وتضامنٍ وطني قائمةٍ على العمل التطوعي، تضمّنت أشكا لا متباينة من المجموعات والمنظمات والمجموعات مثلالنوادي الجامعية، والمجموعات اليسارية المتطرفة، والمجموعات والمنظمات الفلسطينية، والمنظمات غير الحكومية، والاشتراكيين، والمنظمات الحزبيةالسياسية، ومجموعات حقوق الإنسان. وقد اعتمدت أصلا على أفرادٍ تطوّعوا بوقتهم وجهدهم لصالح القضية. جاء المتطوعون من شتى الخلفيات الاجتماعيةوالوطنية والسياسية. كان لبعضهم تجارب سابقة بعد الهجمات الإسرائيلية في العام 1996 ، وكان آخرون لاجئين فلسطينيين امتازوا بفهمٍ نوعيٍّ للنزاعوالأزمة. كان بعضهم يعيش في ضواحي بيروت أو لديهم أسرٌ تقيم في الجنوب، وكانت كلتا المنطقتين هدفا رئيسًا، لإسرائيل أثناء الحرب. علاوة على ذلكجاء المتطوعون من خلفياتٍ متباينة من حيث الطبقة الاجتماعية والجندر والتوجه الجنسي والأصول المناطقية. وقد تسبّب هذا الأمر أحيانا بحدوث تصادماتٍومشكلاتٍ يومية أثناء عملية الإغاثة. وكان لذلك نتائج إيجابية عندما غيّر بعض المتطوعين مواقفهم وسلوكياتهم، متعلمين قبول الآراء وأنماط العيشوالمعتقدات الأخرى، وتغيير أفكارهم الجندرية النمطية، والعمل مع آخرين يعارضونهم في نظرتهم السياسية والأخلاقية الاجتماعية. لقد كان شعوًرا ‘بالانتماء’ وإحساسًا بأنّ العمل التطوعي كان فعلا شخصيًا وسياسيًا التزم به هؤلاء المتطوعون استجابة للحرب، حوّلهم إلى ذواتٍ فاعلة امتلكت الوعي والمهارات،وكوّن بدوره مستقبلهم المهني. أدى المتطوعون دوًرا بارزا في تحديد وصياغة السياسات في ظرفين محددين. كان للظرف الأول علاقة بوحدة إعادة الإعمار،المكوّنة من مهندسين معماريين ومخططين وأكاديميين من الجامعة الأمريكية في بيروت ومن مهنيين مستقلين. استقت الوحدة معلوماتها من الخبرة المحليةالخاصة لأعضاء الوحدة، المبنية على رؤاهم وتجاربهم بخصوص سياسات المشاريع العالمية لإعادة الإعمار بعد الحرب في لبنان. وقد سعت الوحدة إلى“وضع تصوراتٍ لطرقٍ جديدةٍ للقيام بإعادة إعمارٍ تتفادى مزالق الممارسات السابقة”، إضافة إلى التأثير في مشاريع إعادة الإعمار الدولية عبر طلب مزيدٍ منالمقاربات التشاركية في إعادة إعمار المدن والقرى، أثناء تبادل معارفهم المتعلقة بالمجتمع والتخطيط الحضري. في نهاية المطاف، وضعت الوحدة، نظرًالتنوعها وثرائها، رؤىً وأشكا لا مختلفة لمشاريع إعادة الإعمار مثل خطة الترميم التي أخذت بالحسبان تأثير إعادة الإعمار في الحياة والهوية الاجتماعيتين،متحدية بذلك مشاريع إعادة الإعمار العالمية القائمة ومؤثرة فيها. أمّا الظرف الثاني، فقد تعلق بالوحدة النفسية. دفعت الوحدة النفسية، المكونة من أخصائييناجتماعيين وعلماء نفس وطلاب ومتخصصين في المسرح ومتخصصين في الرسوم المتحركة ومتطوعين مستقلين، من بين آخرين، باتجاه مقاربةٍ للصحةالعقلية النفسية الشاملة القائمة على المجتمع المحلي، بخاصةٍ أثناء حالات الطوارئ والحرب، بدت أساسية لتخفيف الضغوط النفسية عن الأسر النازحة. وقدشكلت النتيجة تحديًا للمفاهيم الدولية التقليدية حول الإغاثة في هذا السياق، من ’خلال تقديم الوحدة لمقاربةٍ أكثر ‘شمولية وتدخلاتٍ سياسية وثقافية مناسبة. علاوة على ذلك، أعيد تعريف المفاهيم والمؤشرات التي تستخدمها منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة الأخرى المتعلقة باضطراب ما بعد الصدمة( PTSD ) ومعالجته. فقد انتقد بصورةٍ خاصة اضطراب ما بعد الصدمة لاستخدامه كشكلٍ عالمي صالح للمعاناة النفسية أثناء الحروب، ولاسيما ضمن سياقٍتاريخي للنزاعات المتكررة. لعبت هذه التجارب دوًرا بعد عامٍ أثناء أزمة نهر البارد، حيث استخدمت أنواعٌ متعددة من الموارد والأفعال المماثلة. إنّ الأشكالالمستقلة للتطوع والمبادرات التطوعية بالغة الأهمية لأنها تحدث مجتمعًا محليًا فعالا يمتلك مجموعة من المهارات والتزامًا واعيًا بدعم المجتمعات المحليةالمتأثرة، ويوجّه أشكال المساعدة العالمية إلى أماكنها الصحيحة.
المصدر: Lamia Moghnieh, “Local expertise and global packages of aid: The transformative role of volunteerism and locally engaged expertise of aid during the 2006 July war in Lebanon,”
مركز معرفة المجتمع المدني، مركز دعم لبنان، تموز/يوليو 2015 . عن طريق الرابط التالي:
http://cskc.daleel-madani.org/
paper/local-expertise-and-globalpackages-
aid-transformative-rolevolunteerism-
and-locally-engaged
القسم الخامس: الهيكيلية، أو تصميم معالم منظمتك
قواعد الذوق تفرض هياكل السلطة
سو ز ا ن سو نتا غ
هنالك كثيرٌ من الطرق لتصميم هيكيلية منظمتك، بأنواعٍ متباينةٍ من الكيانات التي تستطيع إنشاءها في لبنان. وقد يكون تباين هذه الكيانات خفياً أو سافراً،لكن ما يوحّدها هو حقيقة أنّها جهاتٌ فاعلةٌ غير حكومية — أي أنّها ليست هيئاتٍ حكومية.
يمكنك أن تختار إمّا منظمة غير حكومية وغير ربحية تقليدية أو جمعيات تعاونية أو مجموعات. وإن لم يكن ذلك كافياً، هنالك ضمن كلّ كيانٍ من هذهالكيانات مجموعةٌ من الأساليب تشكّل الهيكلية. سيتأثر ذلك بكيفية قيامك بعملك، ولعلّ تحديد العلاقات السلطوية وعملية اتخاذ القرار ضمن منظمتك هوالأكثر أهميةً. لكل كيانٍ حسناته ومساوئه التي سيشار إليها أدناه. عليك أن تعلم بأنّ خياراتك غير مقيّدة وسيكون مثيراً للاهتمام بالنسبة إليك استكشاف أيّكيانٍ من هذه الكيانات هو الأكثر ملاءمةً لقضيتك. لماذا لا تمزج وتوائم حين ترى ذلك مناسباً؟
دعنا نخوض في تباينات هذه الأنواع من المجموعات.
<1 المنظمات غير الحكومية
المنظمات غير الحكومية هي منظمات تأسست خارج الإدارة الحكومية. وهي تنبثق عموماً من المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمنظماتالدينية والمؤسسات الأكاديمية والمبادرات الفردية الخاصة.
عادةً ما تكون المنظمات غير الحكومية منظماتٍ محلية أو دولية ترتكز على تقديم خدمةٍ عامة من خلال منظومة تنمية أو إغاثة أو مساعدة دولية. كما أنّ لهاتعريفاً خاصاً في القانون اللبناني. فقد تكون خيريةً أو ذات توجه خدمي وتسعى إلى تشجيع المشاريع التشاركية أو التمكينية للحث على التغيير من خلالالميادين الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية.
يكون للمنظمات غير الحكومية في العادة بيان مهمة أو ميثاق، بأنظمة داخلية، وتشبه على الصعيد الهيكلي شركة. ما يعني أنّ للمنظمة غير الحكوميةالنموذجية نوعاً خاصاً من الهيكل الهرمي، غير أنّ ذلك لا يصح بالضرورة على كلّ المنظمات غير الحكومية. لكنّ غالبيتها يتبع هذا الهيكل.
بصورةٍ عامة، تشبه الهيكلية التنظيمية لمنظمةٍ غير حكومية ما يلي:
الإدارة العليا :
مجلس الإدارة
المدير التنفيذي
الجمعية العمومية
أعضاء طاقم العمل:
الإدارة
الاتصالات
إدارة البرنامج
غالباً ما يجري الالتحاق بمجلس الإدارة على أساس تطوعي ويفيد كهيئة أمناء للمنظمة. من المفترض أ لّ ينال أعضاء مجلس الإدارة مكافآتٍ مالية وأن يلعبوادور توسيع مجال المنظمة غير الحكومية في المجتمع من خلال علاقاتهم وشبكاتهم. تتباين هيكيلية مجلس الإدارة ونشاطه بصورةٍ كبيرةٍ بين منظمةٍ غيرحكومية وأخرى، كما أنّ الوزن الذي يضفيه أعضاؤه على عملية اتخاذ القرار متقلبٌ على حدّ سواء.
يستجيب الآخرون جميعاً إلى الإدارة العليا، وبصورةٍ أخص إلى مجلس الإدارة، لكنّ ذلك يمكن أن يوازَن أثناء اجتماعات الجمعية العمومية التي تعقد سنوياً أوكلّ سنتين.
وعلى النحو المبين بالتفصيل في القسم الأول، ينبغي على أي منظمةٍ غير حكومية أن تعلِم الحكومة اللبنانية بأعضاء مجلس الإدارة والجمعية العمومية والمديرالتنفيذي )يدعى أيضاً الرئيس التنفيذي للعمليات(. كما أنّ المنظمة غير الحكومية تعرَّف بالأدلة والقواعد والتوقعات الدولية التي وضعتها الجهات المانحة أوالتي صاغتها منظمة غير حكومية دولية أكبر عبر التاريخ.
تميل الإدارة العليا إلى التمسك بسلطة اتخاذ القرار وإعلان السياسة، وتمليها بعد ذلك على بقية طاقم العمل عبر المديرين. ويمكن خلق كثيرٍ من المناصب فيالمستوى الأدنى للمنظمة حين تجد ذلك مناسباً في المهام اليومية، والمديرون هم الأشخاص الذين يتأكدون من أنّ العملية تؤدى بسلاسة.
لديك على أبسط المستويات مدير إداري. تعالج هذه الوظيفة قضايا مثل الإدارة والموارد البشرية والمالية. ثمّ يستكمل ذلك مدير الاتصالات الذي يهتم بالعلاقاتالعامة وكيفية تواصل المنظمة مع الجمهور وأصحاب المصلحة الآخرين. أمّا المنصب الأساسي الأخير الضروري في هذه المنظومة، فهو مدير البرنامج،الذي يدير مشروع )مشاريع(/برنامج )برامج( منظمتك — إنّه محور العمليات، بمدرّبيه ومساعديه وطاقم عمله الميداني ومستشاريه.
تميل المنظمة غير الحكومية للعمل بالتعاون مع الدولة، ومن المتوقع منها بالتالي توثيق سجلاتها المدققة والمعتمدة، وتكون لها هيكليات تنظيمية وقانونيةومالية صارمة تلتزم بقواعد الدولة الخاصة. وبوصف المنظمات غير الحكومية كياناتٍ قانونية، فهي تمتلك القدرة على فتح حساباتٍ مصرفية وقبول التبرعاتوشراء وثائق التأمين وإقامة علاقات مع كيانات وحكومات ومنظمات أخرى محلية أو دولية.
<2 المجموعات
المجموعات هي منظمات تدار من دون هيكلٍ هرمي. ولكلّ عضوٍ أو لجنةٍ فرعية سلطة متساوية في اتخاذ القرار. موجز القول، ليس هنالك مديرون أو مجلسإدارة أو مدير عام. بعبارةٍ أخرى، كلّ شخص يؤدي وظيفة المدير العام في هذه المنظومة وتواصل المنظمة عملها من خلال النقاشات المستمرة فيالاجتماعات المنتظمة.
قد يكون للمجموعة أي حجم، ويمتد وجوده لأي زمن، ويكون قائماً بصورةٍ عامةٍ على المشاركة الطوعية لأعضائه. كما أنّه يتّخذ كثيراً من الأشكال، منالنشر والفنون والمقاهي إلى العمال.
أحد أكثر أشكال المجموعات شيوعاً هو تجمّع العمل الذي يعتمد على هيكيليةٍ إداريةٍ أفقية، يُعدّ فيها كلّ عاملٍ مديراً مشاركاً، واللجان الفرعية المفوضة التيتأخذ على عاتقها مهاماً محددة في عمل المنظمة. هكذا، يشارك الجميع في اتخاذ القرارات الإدارية والتنظيمية الرئيسية.
<03 الجمعيات التعاونية) التعاونيات(
في حين يعرض المجموعة بالتفصيل كيفية مشاركة الأعضاء في إدارة منظمةٍ ما، تنصّ الجمعية التعاونية من جانبٍ آخر على الملكية التي يحوزهاالأعضاء. وهي تنشأ في أبسط المستويات بعد اجتماع مجموعةٍ من الأشخاص للتعاون الطوعي من أجل منفعتهم الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أوالثقافية المشتركة.
قد تكون الجمعية التعاونية، من بين أشكالٍ أخرى، جمعيةً تعاونيةً استهلاكية، أو جمعية تعاونية عمالية، أو جمعيةً تعاونيةً سكنية، أو جمعياتٍ تعاونية متعددةالأطراف. إنّها مشروعٌ يدار بصورةٍ مشتركة حيث يدير الأعضاء بأنفسهم الإنتاج والتوزيع والتموين والأعمال ويمتلكونها. فكلّ عضوٍ يمتلك جزءاً منالمنظمة وله حصة صوتٍ واحدٍ في اتخاذ القرارات الرئيسية. وفي حالاتٍ خاصة، قد يكون هنالك مديرون أو مجلس إدارة ينتخبهم الأعضاء الآخرون جميعًا،ما يجعل المنظومة شبه هرمية.
للتعاونيات في معظم الأحيان أهداف اجتماعية، تسعى لحماية جماعةٍ من الناس أو تقويتها في بيئةٍ تعادي أو تصعّب ازدهارهم كأفراد. كما أنّ لها وضعاًقانونياً ويمكن أن تتطور لتصبح شركة في مرحلةٍ لاحقةٍ من تطورها.
تخضع القواعد الأساسية لجمعيةٍ تعاونية لما يُعرف ب“المبادئ التعاونية السبعة”:
< 1عضوية شاملة وطوعية،
< 2رقابة ديمقراطية،
< 3مشاركة اقتصادية من قبل الأعضاء،
< 4استقلالية واستقلال ذاتي عن الدولة،
< 5مزايا تعليمية وتدريبية وإعلامية،
< 6التعاون والعمل كفريق،
< 7إحساس قوي بالاهتمام بالجماعة.
يمكن أن تتبنى الجمعية التعاونية هيكليةً مركزية، بمكتبٍ مركزي يشرف على العمل. كما يمكنها استخدام شركاتٍ فرعية لأداء مهامٍ وضعها المكتب المركزي. علاوةً على ذلك، يمكن أن تعمل تعاونيةٌ ما مع تعاونيةٍ أخرى أو أفرادٍ أو شركةٍ تجاريةٍ أخرى في مشروعات مشتركة حين تقتضي الحاجة.
أمّا من حيث الهيكلية، فكبار مديري التعاونية يكونون الجمعية العمومية، الهيئة الأعلى لاتخاذ القرار. وبالتالي، يتبع هيكل سلطة جمعية تعاونية في العادةالنسق التالي:
الجمعية العمومية
الإدارة، مجلس الإدارة،
اللجان الفرعية، أمناء السر
يميل العمال والفنانون لإنشاء جمعياتٍ تعاونية لأنّها توفر لهم إحساساً بالأمن، وتتيح لهم مزيداً من فرص الوصول إلى الموارد وزيادة الدخل المحتمل، وتسمحبرقابة وتنظيم أكبر من الهيكلية التقليدية، فضلاً عن اتبّاع عملية اتخاذ قرار أشدّ إنصافاً. وعلى غرار المنظمات غير الحكومية، للتعاونيات مواثيقها، وأنظمتهاالداخلية، وأنظمتها الأساسية، وأدلتها، ومقتضيات التصويت الخاصة بها من حيث النصاب القانوني )الحدّ الأدنى من عدد الأعضاء الذي يحتاجه عقد اجتماعواتخاذ قرار(.
في كلتا الحالتين، تولد المجموعات والجمعيات التعاونية وتموت وفقاً لحماسة وإرادة ودوافع أعضائها. وحين يتداعى ذلك، ينهار المجموعة أو الجمعيةالتعاونية. ذلك هو السيف ذو الحدين لنظامٍ غير هرمي؛ فحين ينجح، يكون شكلاً رائعاً للممارسة الديمقراطية، أمّا حين يفشل، فيصبح شكلاً خاملاً ومشلولاًوغير فعّال.
ينبغي أ لّ تقوم باختيار هيكليتك على عجل، سواء أكانت هرمية أم غير هرمية. لكن عليك أن تعلم أنّ هنالك خياراً لا بدّ من تبنّيه. كن حكيماً في ذلك،واستكشف ما تقدمه كلّ هيكليةٍ لأهدافك ومجموعة المهارات لديك.
خاتمة: كلماتٌ أخيرة
لقد وصلتَ إلى نهاية هذا الدليل الأساسي.
خلال هذه الصفحات، زودناك بمعلوماتٍ على أمل تقديم الأدوات الأبسط والأكثر أساسيةً التي تحتاجها لتأسيس منظمةٍ غير حكومية أو مجموعة أو جمعيةتعاونية. والأهم من ذلك أنّنا نأمل أن تلهمك المعلومات المعروضة هنا لإنشاء شيءٍ فريدٍ وجديدٍ وذي صلةٍ تامّةٍ بالمجتمعات المحلية في لبنان. فهي المهمةفي
كلّ هذا الأمر، وتحقيق رفاهها هو الأولوية الرئيسية.
هنالك كثيرٌ من المنظمات المشابهة هنا، وكما ذُكر سابقاً، فقد أخفق كثيرٌ منها في أداء واجباته لسببٍ أو لآخر. لكنّ الحاجة إليها لا تزال ملحةً أكثر فأكثرفي السياق اللبناني. هنالك كثيرٌ من العمل لا بدّ من القيام به في هذا البلد على أصعدةٍ متنوعة، وقضايا لا نهائية، واحتياجات لا حدود لها. إن كنت ستقومبذلك، فقم به بشكلٍ صحيح كما يقول المثل.
عزيزي القارئ، تذكّر قبل أن نفترق هذه الكلمات الأخيرة:
حين يصبح الوضع محبطاً وعصيباً، لا تستسلم. إنّه عالم قاسٍ نعيش جميعنا فيه، لكنّنا نعيش فيه معاً. لديك حلفاء وشبكات ووسائل تضامن تحت تصرفك. التعاون وروحية التكامل والعمل الجماعي جبارةٌ في فتح الأبواب.