من سوريا إلى لبنان: مسارات نزوح ونضال ثالث نساء فلسطينيات

 يقترح هذا التقرير إعادة رسم مسار نزوح ونضال ثالث نساء فلسطينيات من سوريا، لجأن إلى لبنان بسبب النزاع فضاال يتساءل هذا المقال بصورةٍ أخصّ عن التأثيرات غير الراهن. عن إعادة بناء مراحل النزوح واالستقرار في لبنان، المتجانسة للنزوح القسري في أشكال نشاط هؤالء النساء اللواتي كنّ منخرطاتٍ بدرجاتٍ مختلفة قبل رحيلهنّ عن سوريا عبر تط ّرق هذا المقال إلى مسارات النساء، يرغب فضاال ذلك في في مجاالتٍ من قبيل المساعدة اإلنسانية واإلعالم. عن أو ال يش ّك أشكال االستثمار لدى هؤالء النساء الالجئات. يش ّك ل قيادا على ف

UN Special Coordinator for Lebanon Sigrid Kaag visiting the Palestinian refugee camp of Burj el-Barajneh. (Source: Daily Star, http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2015/Jun-22/303294-uns-lebanon-envoy-urges-more-aid-to-palestinian-refugees.ashx)

سيرة ذاتية: حصلت على دكتوراه في العلوم السياسية من مدرسة الدراسات العليا في العلوم االجتماعية EHESS بباريس وقّدمت بعنوان أطروحة : "االلتزام في اليرموك. سوسيولوجيا النضال الفلسطيني في سوريا" تتعلق بمسألة االلتزامات النضالية في ا تسم بالنزاع والتسلط. من بين آخر منشوراتها: "حراك الالجئين الفلسطينيين في خضّم ‘الثورة’ السورية: االنخراط ٍق سيا يّ في ظل الضغوط"، مجلة كولتور إي كونفلي، العدد ،78 خريف ،2102 الصفحات 038-001؛ "حماس والثورة السورية: خيار صعب"، مجلة ميدل إيست بوليسي، المجلد ،21 العدد رقم ،3 خريف ،2103 الصفحات 78-83؛ "المنظمات األهلية الفلسطينية في االنتفاضة السورية. التحول النضالي وأشكال اإلدارة الذاتية في أوقات األزمات"، المجدل، العدد ،88 صيف ،2108 الصفحات .01-00 0 انقضت خمس سنواتٍ من األزمة في سوريا وأّدت إلى إحدى أخطر أزمات الهجرة في التاريخ المعاصر 2 . من بين 3 البلدان المجاورة األشد تأث ارا، يستقبل لبنان حالايا أكثر من مليون الجئ سوري ، باإلضافة إلى 00811 الجئ فلسطيني 0 سوري . ل الفلسطينيون يمث السوريون أحد المكونات األضعف ّ 8 في الهجرة الناجمة عن النزاع السوري، وذلك بصورةٍ ّف وضعهم وعدم اليقين الناتج عن وضعهم األصلي بوصفهم أشخا اصا ليس لديهم خاصةٍ بسبب الضبابية القانونية التي تغل 1 وطن . اال لكن على الرغم من الهشاشة التي يعيشها الالجئون الفلسطينيون السوريون في هذا المنفى الجديد، فقد اخترعوا أشكا جديداة من االلتزام السياسي واالجتماعي يرغب هذا المقال في لفت االنتباه إليها وذلك عبر إعادة رسم المسار النزوحي 8 والنضالي لثالث نساء: دنيا وربا وعتاب . عالواة على إعادة بناء مراحل الهجرة واالستقرار في لبنان، يطرح هذا المقال بخاصةٍ تساؤالتٍ حول التأثيرات غير المتجانسة للنزوح القسري في أشكال النشاط التي تقوم بها هؤالء النساء اللواتي كنّ منخرطاتٍ بدرجاتٍ مختلفة قبل رحيلهن عن سوريا في مجاالتٍ من قبيل المساعدة اإلنسانية واإلعالم. عبر التطرق إلى يش ّكل أو ال يش ّك قيادا على أشكال قال فضاال "النوع االجتماعي" ل مسارات النساء، يرغب هذا الم عن ذلك في فهم إن كان االستثمار لدى هؤالء النساء الالجئات. يستند هذا المقال إلى مقابالتٍ أجريتها عن بعد عبر سكايب في آذار/ مارس 2101 مع المحاِدثات الثالث، وقد تواصل ت 7 معهنّ بفضل مساعدة فلسطينيين التقيت بهم في مخيّم اليرموك ، أثناء عم ٍل ميدان ٍّي أجريته بين العامين 2117 و2100 في ّق بالنضال الفلسطيني في سوريا إطار أطروح ٍة في السوسيولوجيا السياسية تتعل 1 ، وكذلك بمساعدة ناشطين لبنانيين . ولئن كان "التحقيق عن بعد" قد أصبح أدااة مستثمراة بصورة خاصة، في مواجهة ازدياد 01 منخرطين في مساعدة الالجئين ، فإنّ هذه الطريقة 00 قساوة النزاع في سوريا واستحالة وصول الباحثين في مجال العلوم االجتماعية إلى ميدان التحقيق بمعرف ٍة مسبق ٍة لهذا الميدان عينه ٌ هي، في غالب األحيان، مشرعنة . غير أنّ التحقيق عن بعدٍ يتضمّن في حالة هذا المقال نه ّن أصبحن في بلد عدادا من القيود. فقد أجري لدى نسا ٍء ينتمين إلى بلد مغادرةٍ هو سوريا، محيطه مألو ٌف للكاتبة، لكّ استقبا ، لم يد َرسن فيه. وقد أعدن صياغة سردهنّ للكاتبة من دون إمكانية وضع هذا السرد في البيئة ٍل جديٍد هو لبنان 0 ، بدأت أولى المظاهرات التي طالبت باإلصالح بداية . وقد واجهها قمٌع غير ا في آذار/ مارس 2100 ث ّم بسقوط نظام بشار األسد مسبوق. يتواجه فيه عدٌد متزايٌد من الفاعلين المحليين ٍ ّح مسل ٍ تدريجايا، ترك الحراك السلمي الذي ساد في الشهور األولى مكانه لنزاع واإلقليميين والدوليين. حول مراحل النزاع السوري ودينامياته، انظر:آدام باكزكو وجيل دورونسورو وأرثور كيناي، سوريا: تشريح حر ٍب أهلية، باريس، منشورات المركز الوطني للدراسات العلمية، 2101؛ زياد ماجد، سوريا: الثورة اليتيمة، منشورات آكت سود، باريس، 2103؛ فرانسوا بورغا وبرونو باولي )إشراف(، ال ربيع لسوريا. فاعلو األزمة السورية وتحدياتها )1122-1122(، باريس، منشورات الديكوفيرت، .2103 2 وفق المفوضية العليا لالجئين التابعة لألمم المتحدة، تسبب النزاع في نزوح ما يقارب 1،8 مليون شخص داخل سوريا وهجرة 0،8 مليون الجئ إلى البلدان المجاورة )تركيا ولبنان واألردن والعراق(. 3 انظر اإلحصائيات التي نشرتها المفوضية العليا لالجئين التابعة لألمم المتحدة في آذار/ مارس :2101 http://data.unhcr.org/syrianrefugees/country.php?id=122 0 هذه المعطيات مستقاة من اإلحصائيات التي نشرتها وكالة األمم المتحدة لغوث وتشغيل الالجئين الفلسطينيين ـ األونروا في أيار/ مايو .2108 يجب توضيح أ ّن الجالية الفلسطينية في سوريا كانت تعّد قبل بداية النزاع حوالي نصف مليون نسمة ونتجت عن النمو السكاني لمجموعة الالجئين الذين وصلوا منذ العام 0107 على أثر قيام دولة إسرائيل على أراضي فلسطين التاريخية، وذلك عبر عّدة موجا ٍت من الهجرة. كان الالجئون الفلسطينيون يسكنون بصورٍة رئيسية في مخيمات قرب المدن السورية )دمشق وحلب ودرعا وحمص وحماة والالذقية(، وكذلك ضمن النسيج المديني السوري. 8 كمال دريع وجالل الحسيني، "هشاشة وضع الالجئين الفلسطينيين على ضوء األزمة السورية"، نشرة كونفلوانس ميديتيرانيه، المجلد الرابع، العدد ،78 ،2103 ص. .018-18 1 ٍن لئن كان الفلسطينيون السوريون معروفي عربي ٍة أخرى، فهم لم ن بأنّهم قد استفادوا من أفضل شروط االستقبال بالمقارنة مع بلدا يحصلوا على الجنسية السورية. يخضع وضعهم للقانون رقم 211 الذي ق ّر أ في العام 0181 والذي يعتبر من خالله "الفلسطينيون كالسوريين أصاال في جميع ما ن ّصت عليه القوانين واألنظمة النافذة وبحقوق المقيمون في أراضي الجمهورية العربية السورية التوظيف والعمل والتجارة وخدمة العلم مع االحتفاظ بجنسيتهم األصلية". 8 لقد احتفظنا باألسماء الحقيقية بموافقة النساء المعنيات وأغفلنا ألقابهن. 7 أقّدم شك ارا خا اصا لخليل خليل وأيهم السهلي للمساعدة القّيمة التي قّدماها إلنجاز هذه المقابالت. 1 انظر: فالنتينا نابوليتانو، االلتزام في اليرموك، سوسيولوجيا النضال الفلسطيني في سوريا، أطروحة دكتوراه في السوسيولوجيا السياسية، مدرسة الدراسات العليا في العلوم االجتماعية في باريس، .2108 01 أقّدم شك ارا خا اصا لنوال مدللي ووفيق الهواري. حول التحقيقات اإلثنوغرافية المجراة في سياق النزاع السوري، انظر: تييري بواسيير، "األنثروبولوجيا في مواجهة النزاع 00 السوري: إعادة وضع المجتمع في قلب التحليل"، مجلة العوالم اإلسالمية والبحر األبيض المتوسط، العدد ،037 ،2108 ص. -008 .031 . ولهذا السبب، نا 02 االجتماعية التي حدث فيها. وبالتالي، ال يمكن التأكد منه أو مقاطعته أو وضعه ضمن سياقه فإن نميل ّ وال نزعم أنّ إلى تقديم تلك المسارات في هذا المقال بوصفها شهاداتٍ ها تلقي ضو اءا حصرايا على وضع مجمل الفلسطينيين السوريين الالجئين إلى لبنان. قبل المنفى: بين االلتزام اإلنساني ونزعة الترّيث قِدم معظم الفلسطينيين الذي أتوا إلى لبنان بسبب النزاع من مخّيم اليرموك . غير أنّ هذا المخيم ليس المخيم الفلسطيني 03 الوحيد الذي تعرّض للقمع الذي مارسه النظام السوري للقضاء على المعارضة. فقد طال قصف الجيش السوري مخيمات الالجئين في درعا والالذقية وحمص منذ األشهر األولى، وذلك بسبب قربها من األحياء السورية التي شهدت أولى كثي ٍف لسكانها ٍ المظاهرات، ما أّدى إلى نزوح فلسطيني في سوريا بعدد س ّك . انه الذي 00 ٍ ّل أكبر تج ّمع غير أ ّن اليرموك يمث يقارب 081 ألف الجئ مس ّجلين رسمايا لدى األونروا )وكالة األمم المتحدة لغوث وتشغيل الالجئين( في كانون األول/ . يقع مخيّم اليرموك جنوبي دمشق، قرب الطريق المؤدية إلى لبنان، وقد شهد منذ أيلول/ سبتمبر 2102 08 ديسمبر 2102 نا معظمهم من مواجهاتٍ بين الجيش النظامي السوري ومجموعات المعارضة المسلحة. كما أنّ هذا المخيم يؤوي سكاا الطبقات الوسطى لديهم حٌّد أدنى من الموارد المالية الالزمة لتولي نفقات الرحلة إلى لبنان واالستقرار فيه. من بين المحاِدثات اللواتي أجريت معه ّن مقابالت، كانت اثنتان تعيشان في مخيم اليرموك. تبلغ دانية الثالثة والعشرين من عمرها، وكانت تدرس التصميم الغرافيكي في جامعة دمشق. بعد بداية االنتفاضة على النظام في سوريا، تحوّ ل مخيم ٍل آلالف النازحين السوريين الهاربين من األحياء المجاورة كالحجر األسود اليرموك إلى مكان استقبا 08 والتضامن 01 ، وكذلك من المدن األكثر تضر ارا بقمع النظام السوري، والسيما حمص ودرعا ، إذ إ ّن المخّيم بقي بعيادا عن أعمال العنف 07 في السنة األولى على األقل. في مواجهة األزمة اإلنسانية التي واجهت مخيم اليرموك، انخرطت دانية في نشاطاتٍ وبما أن كانت تعرف أحد أعضاء "الهيئة الخيرية للشعب الفلسطيني" ّ تضامنية لصالح النازحين السوريين. ها ، فقد قرّرت 01 النشاط ضمن تلك الهيئة وشاركت في نشاطات الدعم النفسي لألطفال النازحين وفي توزيع السالل الغذائية. دانية . تحيل هذه الدوافع إلى تلك التي 21 فلسطينية، لكنها تعتبر انخراطها "واجابا" تجاه السوريين الذين "كبرت وعاشت" معهم يقّدمها فلسطينيون آخرون كث ٌر ق ّرروا االنخراط في االحتجاج السوري بسبب عيشهم المشترك مع السوريين ومشاطرتهم . وقد تح ّرك عدٌد كبي ٌر من نساء مخيم اليرموك في تنظيم المساعدات للنازحين 20 لهم في تطلعاتهم السياسية واالجتماعية السوريين، وربما يفس ر ذلك بالمناعة النسبية التي يتمتعن بها وتسمح لهنّ باالنتقال بسهولةٍ أكبر لجمع المساعدات وعبور حواجز الشرطة السورية. في العمل تبلغ ربا الثامنة والعشرين من عمرها وهي حائزة على شهادة في األدب العربي، وكانت هي أي اضا منخرطةا اإلنساني في اليرموك. قبل بداية االنتفاضة السورية، اضطرت تلك المرأة الديناميكية والناضجة إلى ترك عملها بسبب زيادة أعمال العنف، إذ بات الطريق بين اليرموك ومركز دمشق خطي ارا. في هذا السياق من البطالة القسرية وفي مواجهة لقد حاولنا على الرغم من ذلك مقاطعة المعلومات التي حصلنا عليها عبر هذه المقابالت الثالثة مع تلك التي جمعتها مراكز أبحاث 02 لبنانية اشتغلت على وضع الفلسطينيين السوريين في لبنان. انظر بخاصة تقرير هشام دبسي ووفيق الهواري، "نتائج استبيان حول ما يريده الالجئون الفلسطينيون المهاجرون من سوريا"، بيروت، مركز‘تطوير’ للدراسات االستراتيجية والتنمية البشرية، .2108 كما أننا وزعنا بمساعدة وفيق الهواري، الباحث والناشط في المجال اإلنساني، خمسة استبيانات على نساء فلسطينيات يقمن في لبنان، وبخاص ٍة في منطقة صيدا، سمحت لنا بوضع المعلومات التي حصلنا عليها عبر المقابالت في سياقها. 03 هشام دبسي ووفيق الهواري، مرجع سابق، ص. .8 معنية منذ األشهر األولى للنزاع. من أجل تسلس ٍل زمني لالنخراط ا كانت مخيمات الالجئين في مدن درعا والالذقية وحمص 00 الفلسطيني في األزمة السورية، انظر: فالنتينا نابوليتانو، "حراك الالجئين الفلسطينيين في خضم ’الثورة‘ السورية: االنخراط في ظ ّل الضغوط"، مجلة كولتور إي كونفلي، العدد ،78 ،2102 ص. .038-001 حالايا وبسبب النزاع، المخيم فار ٌغ ذين هربوا بأعداٍد كبيرٍة بسبب تصعيد القصف الذي تقوم به قوات النظام الساعية من سكانه ال 08 الستعادة السيطرة على هذه المنطقة التي انتقلت السيطرة عليها إلى المعارضة السورية. 01 حي شعبي يقع جنوبي مخيم اليرموك ويسكنه بصورة أساسية نازحون من منطقة الجوالن التي احتلتها إسرائيل في العام .0118 08 ٌط فلسطيني سوري. حي شعبي يقع شرقي اليرموك ويسكن فيه خلي 07 حول الطور األول من االنتفاضة السورية، انظر: زياد ماجد، مرجع سابق، ص. .83-83 اك على المساعدة اإلنسانية 01 قبل االنتفاضة السورية ور ّكزت مذّ ا هيئة خيرية ترتبط بحركة الجهاد اإلسالمي الفلسطينية، كانت قائمة . 21 مقابلة عبر سكايب أجريت مع دانيا في آذار/ مارس .2101 20 فالنتينا نابوليتانو، مرجع سابق، ص. .027 ت ربا إلى هيئة مساعدة النازحين السوريين الذين استقبلوا في مدارس وكالة الغوث )األونروا(. من أزمةٍ متصاعدة، انتسب بين النشاطات التي ساهمت فيها، جمع المالبس واألغطية، والمساعدة النفسية، والبحث عن المفقودين. حالة عتاب التي تبلغ الثانية والثالثين من عمرها مختلفة عن الحالتين السابقتين. فهي لم تكن تسكن في اليرموك، بل في ة لصالح قناة "العالم" ا وسط دمشق، وبالنسبة إليها، لم ترتبط االنتفاضة السورية ببداية التزام. كانت عتاب تعمل صحافي ٍد حين بدأت أولى المظاهرات في سوريا معقّ ٍ اإليرانية والقناة اإلخبارية الحكومية السورية، ووجدت نفسها في وضع . وعلى الرغم من دعمها لمبادئ االحتجاج السوري، فقد قالت بأنّ خوفها من القمع الوحشي الذي طبقه النظام السوري، نه من الخطأ أن يتد ّخل الفلسطينيون في شؤون البلد نها تعتقد بأّ ّب عليها. كما أّ والسيما العنف الممارس تجاه النساء، قد تغل تبن موقفٍ محايد. ّ الذي يستقبلهم. ولهذا السبب، قرّرت ي مع تواصل االحتجاجات وتشديد القمع الذي يمارسه النظام السوري، أصبح جو العمل غير قابل للتحمل بالنسبة إلى عتاب. إذ إنّ قنوات التلفزيون التي تعمل فيها تذكر الحكاية الرسمية التي يقدمها النظام وكثي ارا ما تكون المعلومات مركبة بالكامل بهدف تعزيز هذه الحكاية. من جان ٍب آخر، وحتى إن كانت قد بقيت بعيداة عن االحتجاجات المناهضة للنظام، فإ ّن عدم ع ّرضها للمشكالت، إذ ن . باتت تعبيرها الصريح عن "والئها" للنظام السوري سب إليها بحكم الواقع تعاط ٌف مع المعارضة عتاب تتع ّرض أكثر فأكثر إلى ضغو ٍط نفسي ٍة من زمالئها الذين كانوا يش ّكون في قربها من المعارضة. تزايدت هذه ا لصالح الضغوط على أثر اتخاذ حركة حماس الفلسطينية موقف االنتفاضة السورية ا . منذ البداية، اتهم النظام السوري 22 مجمل الفلسطينيين بـ"الخيانة" و"نكران الجميل". غير أنّ عتاب لم تقرر ترك عملها في آذار/ مارس 2102 إال بعد اطا في المظاهرات المناهضة للنظام اعتقال زميلها مهند، وهو أي اضا فلسطيني وكان منخر ، فقد رأت أنّ الوضع أصبح خطي ارا عليها. الطريق إلى لبنان والتردد في الذهاب إلى المنفى في مواجهة تصاعد ضروب العنف التي عاشتها أولئك النساء، أصبح خيار مغادرة سوريا حتمايا. حدث رحيلهنّ بين 23 العامين 2102 و،2103 وهي الفترة التي شهدت أكثف هجرةٍ نحو لبنان بالنسبة إلى الجالية الفلسطينية في سوريا . يسمح عدٌد من التطورات على المستوى السوري بتفسير هذا التوقيت. ، ت بداية صعيد قصف الجيش النظامي لمخيم ا اليرموك الذي انتقل لسيطرة المعارضة، مع استخدام الطيران الحربي للمرة األولى في كانون األول/ ديسمبر ،2102 ما أّدى إلى خروج الس ّك ة من المخيم. بل إنّ الفلسطينيين السوريين يشيرون إلى هذا الحدث بوصفه " ان بالجمل نكبةا 20 ثانية". في هذا التوقيت بالذات، غادرت ك ٌل من دانية وربا المخيم مع أسرتيهما لاللتجاء عند أقارب في مدينة دمشق. تحوّ ل مخيم ٍر يمنع اليرموك آنذاك إلى ساحة معركة وخضع بالتدريج إلى حصا بموجبه األشخاص من التجوّ ل وتحظر المواد الغذائية. ة الذهاب واإلياب إلى المخيم ومنه، فلم يعد ذلك ا ولئن كان سكان المخيم الذين نزحوا إلى دمشق، مثل ربا، قد واصلوا بداي ا منذ تموز ، عندما أصبح حصار المخيم كاماال ممكن / يوليو 2103 ا 28 . هكذا، يندرج خيار الذهاب إلى لبنان في سياق تصاعد العنف في سوريا، وهو عن ٌف طال الفلسطينيين بخاصة. وكان لبنان مفضاال أسا اسا بسبب وجود أقارب يستطيع الالجئون االعتماد عليهم لدى وصولهم، وكذلك بسبب القرب الجغرافي الذي يسمح بالذهاب إلى سوريا والعودة منها، وربما بالتفكير في العودة نهائايا بعد ح ّل األزمة. بيد أنّ الطرق التي سلكها الفلسطينيون السوريون للذهاب إلى لبنان متباينة. ففي كانون األول/ ديسمبر، وبعد أن أمضت إلى لبنان ٍر دانية بضعة أيام في ح ّي ركن الدين بدمشق، استقل . دام عشر ساعات على الحدود السورية ّت حافلةا وبعد انتظا أقامت حماس مكتابا تمثيلايا في دمشق منذ العام ،0113 في إطار تحالف الفصائل الفلسطينية التي يدعمها النظام السوري بهدف 22 معارضة اتفاقات أوسلو. وفي العام ،0111 نقلت الحركة مكتبها السياسي إلى العاصمة السورية وأصبحت سوريا بذلك جز اءا من "محور المقاومة"، وهو تحال ٌف يضم سوريا وإيران وحزب هللا اللبناني. بخصوص موقف حماس من االنتفاضة السورية، انظر: فالنتينا نابوليتانو، "حماس والثورة السورية: خيا ٌر صعب"، ميدل إيست بوليسي، المجلد ،21 العدد ،3 خريف ،2103 ص. .78-83 انظر أي اضا: نيكوال دوت بويار، "الحركة الوطنية الفلسطينية واألزمة السورية: انقسام مسيطر عليه"، في فرانسوا بورغا وبرونو باولي )إشراف(، ال ربيع لسوريا، باريس، دار الديكوفيرت، ص. .281-210 23 هشام دبسي ووفيق الهواري، مرجع سابق، ص. .1 كلمة عربية تعني "الكارثة". استخدمها المفكر السوري قسطنطين زريق ألول مرة لإلشارة إلى أحداث العام .0107 ث ّم تبناها 20 الفلسطينيون لإلشارة إلى قيام دولة إسرائيل على أراضي فلسطين التاريخية. بخصوص الحصار الذي يفرضه النظام السوري على مخيم اليرموك ومناطق أخرى جنوبي دمشق وشرقيها، انظر: فالنتينا 28 نابوليتانو، "جحيم اليرموك، المخيم الفلسطيني في سوريا. ’الجوع أو الركوع‘"، أوريان ،20 شباط/ فبراير .2100 ـ اللبنانية، تمّك إلى األراضي اللبنانية. مع أسرتها في مخّيم شاتيال ببيروت، بسبب الوجود نت من الدخول استق ّرت بدايةا ٍر الفلسطيني وبخاصةٍ ألنّ اإليجارات فيه أرخص. لكنّ شروط الحياة في المخيمات الفلسطينية في لبنان أدنى ب منها في كثي سوريا. ولذلك، قرّرت دانية وأسرتها الذهاب إلى أقارب في مدينة صيدا حيث يستقر عدٌد كبي ٌر من الفلسطينيين السوريين. بالنسبة إلى ربا، كانت الرحلة إلى لبنان أكثر تعقيادا. ففي آذار/ مارس ،2103 ذهبت إلى الحدود مع أختها. أخضعتها الشرطة السورية الستجوابٍ ومنعتها من عبور الحدود. عادت إلى دمشق وحاولت مجدادا السفر بعد بضعة أسابيع، بصورة غير شرعية هذه المرة. دفعت لمهرّبٍ أوصلها إلى وسط بيروت. ث ّم التحقت بأسرتها التي كانت تقيم في مخّيم عين الحلوة، بصيدا. أ ّما عتاب التي كانت مهّدداة باالعتقال في سوريا، فقد غادرتها في آذار/ مارس 2102 بصحبة أسرتها. أقامت في منطقة وادي الزينة، قرب صيدا، عند أعمامها، في حين عادت أسرتها إلى دمشق. يتباين تعامل السلطات اللبنانية مع الفلسطينيين السوريين ونمط تصريح اإلقامة الذي تمنحه لهم وفق حقبة الوصول إلى لبنان والطريق المسلوكة )شرعية أو غير شرعية(. لكن عمو اما، يخضع هذا التعامل دائ اما لقرارا ٍت اعتباطية. وبالفعل، ال توجد سياسة محددة للتعامل مع وجود الفلسطينيين السوريين الذين ال يستفيدون من المعاملة المخصصة لالجئين اآلخرين 21 وهم بالتالي يبقون في حالة ضبابيةٍ قانونية ولئن كانت دانية وعتاب قد تمّك . نتا من الحصول لدى وصولهما على تصريح لم تتمكنا من تجديده الحق . ا إقامة سياحية لمدة شهر، فهما ا وهما تقيمان حالايا على األراضي اللبنانية بصورة غير نظامية ٍس ولذلك، فهما تضطران لالنتقال وتخشيان ترحيلهما إلى سوريا؛ وهو أم ٌر حدث بالنسبة إلى فلسطينيين آخرين باحترا . ولهذا السبب، تؤ ّكد عتاب بأن من العام اللبناني لتجديد تصريح إقامتها. ّها تخشى حتّى من الذهاب إلى مكتب األ اال "عندما وصلت، حصلت على تصريح إقامة لمدة شهر. من دون تصريح حتى كانون األول ا طوي ث ّم بقيت وقت / ا ديسمبر ،2108 عندما صدر عفٌو و منح الفلسطينيون تصريحات إقامٍة لمدة ثالثة أشهر. آنذاك، ذهبت إلى األمن قلت بأنني أسكن عندهم ولم أقل شيئا العام، لكن مع أعمامي، ألنني كنت خائفة! ا عن عملي كصحافية في ط لبنان... كنت خائفة جادا من أن يعيدوني مجدادا إلى سوريا. فبين العامين 2100 و2108 رد كثي ٌر من ، 28 الفلسطينيين السوريين ]...[" أمّا ربا التي دخلت إلى لبنان بطريقة غير نظامية، فهي لم تتمكن من الحصول على تصريح إقامة إال في كانون األول/ قا بسبب دخولها غير النظامي إلى البالد. بالتالي، ديسمبر ،2108 عندما منحت تصري احا لمدة ثالثة أشهر، لم يجّدد الحا يعرّض الوضع القانوني غير النظامي هؤالء النساء لوضع هشاشةٍ بارزة وللخشية الدائمة من إعادتهن إلى سوريا مثلما تذكر عتاب: ٍش "منذ أسبوعين، كنت عائدة من بيروت إلى صيدا. للشرطة، أخذوا أوراقي ورأوا أ ّن إقامتي منتهية وأثناء تفتي الصالحية. فقال لي الشرطي: "يجب أن نأخذك معنا!" بدأت أبكي، ث ّم سعى الرجال الموجودون في الحافلة إلى ثنيه عن ذلك... لقد كان ذلك كافايا ألن أنغمس في حال ٍة من االكتئاب... لم أعد أريد مواجهة مثل هذا األمر، مثل 27 هذا الخوف الدائم من اإلعادة إلى سوريا ]...[" في مواجهة تواصل األزمة السورية، وضعت السلطات اللبنانية تدريجايا تقييدا ٍت للحّد من دخول الفلسطينيين السوريين. ، أ . ا، أصبح يمنح مقابل مئتي هكذا ومنذ صيف العام 2100 غلقت الحدود أمامهم كما أ ّن تجديد اإلقامة، عندما يكون ممكنا دوالر للشخص الواحد، وهو مبل العدد. تزايد عدد الحواجز وحاالت التفتيش التي تقوم بها ٌغ ال تستطيع تح ّمله أسرةٌ كبيرة الشرطة، والسيما على مداخل مخيمات الالجئين الفلسطينيين. بل إنّ ربا تحكي كيف سجن أفراد مجموع ٍة من تسع فتيات وخمسة عشر فتى في مخيم عين الحلوة الفتقارهم إلى األوراق النظامية، ما أّدى إلى مظاهرا ٍت تطالب بإطالق سراحهم. بخصوص تول احية اإلنسانية، فإنّ المفوضية العليا لالجئين ّي شؤون الفلسطينيين السوريين الواصلين إلى لبنان من الن التابعة لألمم المتحدة ليست هي التي تقوم بهذه المهمة مثلما تفعل بالنسبة إلى السوريين، بل األونروا، الوكالة األممية التي أنشئت خصي اصا في العام 0101 إلغاثة الالجئين الفلسطينيين في البلدان المجاورة لفلسطين التاريخية وفي األراضي تتمّكن هذه المنظمة التي تواجه عج ازا مالايا منذ وق ٍت طويل من تأمين الخدمات في مجال التعليم، لكنّ المحتلة. ها عاجزة إلى حٍّد كبي عن تلبية الحاجات في مجال الرعاية الصحية. من جانبٍ آخر، ولئن كانت المنظمة تمنح مساعداتٍ مالية وسالاال ٍر فت هذه المساعدات في شهر شباط/ فبراير ،2101 ما أدى إلى مظاهرات احتجاج. غذائية للفلسطينيين السوريين، فقد توقّ 21 حول هذا الموضوع، انظر: كمال دريع وجالل الحسيني، "هشاشة وضع الالجئين الفلسطينيين على ضوء األزمة السورية"، كونفلوانس ميديتيرانيه، المجلد الرابع، العدد ،78 ،2103 ص. .018-18 28 مقابلة عبر سكايب أجريت مع عتاب في آذار/ مارس .2101 27 المرجع نفسه. على الرغم من الهشاشة الناجمة عن غياب تعامل قانوني محدد وتو ٍّل مناس ٍب للمسؤوليات من الهيئات الدولية، ما كان يمكن أن يؤّدي إلى انطواء الالجئين الفلسطينيين السوريين على أنفسهم، والسيما المكّون النسائي بينهم، فقد رأت أشكا ٌل من النشاط والحراك النور. التزاما ٌت جديدة وفك ارتباط في سياق األزمة التي أّدى إليها وجود أكثر من مليون ونصف المليون الجئ سوري في لبنان والتسييس المتزايد الناجم عن النزاع، تم تأسيس جمعياتٍ ومنظماتٍ إنسانية متعددة بمبادرة من سوريين وفلسطينيين سوريين ولبنانيين. تش ّكل هذه الجمعيات والمنظمات في بعض الحاالت مكان إعادة تحّو ٍل لمناضلين كانوا قد انخرطوا في الحراك لصالح االنتفاضة السورية ويرغبون في مواصلة انخراطهم االجتماعي والسياسي، حتى في المنفى. من بين النساء المستجوبات، قامت ك ٌل من دانية وربا بنشاطاتٍ اجتماعية بعد استقرارهما في لبنان. في منظمة نجدة ناو تطوعت دانية بدايةا 21 في مخيم شاتيال، ث ّم في منظمة جسور حيث تعمل كمدرّسة. بفضل شبكة 31 السوريين، تمّك تعبئة تضامن نت من الدخول إلى هاتين ا المعارف التي نسجتها دانية في اليرموك في إطار ال ا مع النازحين باإلقامة، تعمل في السوق السوداء، لكنّ المنظمتين اللتين أسسهما ناشطون سوريون. ها ٍ وبسبب عدم حيازتها على تصريح تتمّكن من الحصول على رات ٍب رمزي بوصفها متطوعة. بمرحل ٍة من االكتئاب الناجم عن الشدة النفسية التي عاشتها قبل تمّكنها من أ ّما ربا، فقد ارتبط وصولها إلى لبنان بدايةا مغادرة سوريا. غير أ ّن ربا تمّكنت بفضل تشجيع أهلها من الحصول على عمل في مدرسة لبنانية خاصة حيث أعطت درو اسا لطال ٍب سوريين تمهيادا الجتيازهم امتحان الشهادتين اإلعدادية والثانوية في سوريا. وفي هذا السياق، بدأت تتآلف مع المشكالت النفسية التي يواجهها الالجئون الشباب بسبب تداعيات النزاع. وقد شجّعها ذلك على مزيدٍ من االنخراط في كما أ ّن حادثةا تنظيم نشاطاتٍ تهدف إلى مساعدة الشباب. معينة دفعت ربا إلى االهتمام بالدفاع عن الالجئين وعن حقوق اإلنسان عمو اما. ففي العام ،2100 ذهب أحد طالبها إلى سوريا لتقديم امتحان الشهادة اإلعدادية وعلِق على الحدود السورية اللبنانية لمدةٍ تجاوزت األسبوع. وبهدف حلّ هذه المشكلة، بدأت ربا تتواصل مع مختلف منظمات الدفاع عن حقوق اإلنسان. نها كانت الفترة التي أغلقت فيها السلطات اللبنانية الحدود أمام "لم أكن أعلم تما اما ما هي مشكلة ذلك الصبي، لكّ الفلسطينيين السوريين. آنذاك، حاولت التواصل مع الناس من حولي، مع ناشطين. تواصلت مع لجنة فلسطينيي سوريا في لبنان، في مخيم عين الحلوة... وتواصلنا ماعا مع منظمة العفو الدولية، وبدأت النداءات تنتشر على اإلنترنت، وأبلغنا سفارة فلسطين... عبر هذه الحادثة، تعرفت على ناشطين من المنظمة الفلسطينية لحقوق اال لتوعية الالجئين بحقوقهم في لبنان و ط اإلنسان في مخيم مار إلياس ّظم تأهي والتي كانت تن لب مني المشاركة 30 فيه." بعد حصول ربا على تأهي ٍل حول حقوق الالجئين في لبنان، بدأت تذهب أكثر فأكثر إلى مخيمات الالجئين السوريين وواصلت حضور دروس التأهيل في مجال توثيق انتهاكات حقوق اإلنسان. في صيف العام ،2100 شاركت في تنظيم تعبئةٍ لصالح إطالق سراح مجموعة من الفلسطينيين الذين تحتجزهم السلطات اللبنانية بسبب وضعهم غير النظامي. ّ وبالتوازي م قت حاالت االستغالل في مكان العمل، وكذلك حاالت التح ّرش الجنسي الذي يتعرض له ع تلك المشاركة، وث ة لمساعدة المراهقين، ا الناس من حولها. ا ٍ ورغبة أكثر نوعي في تكريس نفسها على نحو قرّرت كذلك أن تؤسس مع أختها الصغرى فرقة دبكة أطلقت عليها اسم "فرقة ’الجئ‘ للتراث والفنون الشعبية الحديثة"، تضّم شباابا سوريين وفلسطينيين ولبنانيين. وقد واصلت هذا النشاط على الرغم من المصاعب التي صادفتها في مخيم عين الحلوة بوصفها امرأة ستضطر للعمل مع فرق ٍة تتش ّكل بصورٍة رئيسية من رجال وعلى الرغم من أ ّن عّدة أشخا ٍص حاولوا ثنيها عنه. نقلت إلى لبنان على أثر تواصل النزاع. وهي ناشطة بخاصة في مجال 21 منظمة غير حكومية تأسست في العام 2102 في سوريا و تقديم المساعدات اإلنسانية في سوريا وبين الالجئين السوريين في لبنان. راجع صفحة المنظمة على الشبكة العنكبوتية: www.najda-now.net تأسست جمعية جسور في حزيران/ يونيو 2103 ويتمحور عملها بخاص ٍة على تعليم الالجئين السوريين الذين لم يتمكنوا من دخول 31 المؤسسات المدرسية اللبنانية. 30 مقابلة عبر سكايب أجريت مع ربا في آذار/ مارس .2101 ا االنتباه بفضل نشاطها وقدراتها، فو "جمعية التنمية لإلنسان والبيئة" ّظ لفتت رب فتها منظمة لبنانية هي , ها واصلت 32 كما أنّ في الوقت عينه نشاطاتها التطوعية، والسيما في إطار مبادراتٍ مكرسة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين السوريين. بالنسبة دته األزمة السورية ّ ٍف في سياق حرا ٍك متزايٍد ول ّ ّل لبنان بالتالي بداية نشا ٍط اجتماعيٍ مكث إلى ربا، يمث . كما أنّ هذه الدينامية تسمح لربا بمقاومة وضع الهشاشة الذي تعيشه يومايا بسبب االنتقال والذي تزايد بعد رحيل جز ٍء من أسرتها إلى الخارج. ٍل وعدم حرا ٍك بالنسبة إلى عتاب ا لذلك، المنفى اللبناني رديف فترة انعزا خالف . فقد توصّلت هذه الصحافية الشابة إلى ا ونية الفلسطينية، غير أنّها تشعر بأ ّن مكانتها الوظيفية أدنى مّما ينبغي بما أنّ الحصول على وظيفة في قناة "القدس" التلفزي ها مّم أق ّل أهميةا تشغل وظيفةا ا في الماضي وتتلقى راتابا أدنى من زمالئها. سياسايا في سوريا بل ّ وفي حين أنّها لم تكن ملتزمةا كانت لديها حياة نشيطة جادا من وجهة نظر اجتماعية وثقافية، فهي تشعر في لبنان بأنها معزولة وليست لديها الموارد المالية الكافية لتدفع أجرة المواصالت لحضور النشاطات التي تجري في العاصمة اللبنانية. من جانبٍ آخر، أثناها رحيل جز ٍء ال بأس به من أصدقائها الذين كانوا نشيطين في االنتفاضة السورية عن الترويج ألي مبادرٍة سياسية أو اجتماعية. ٍز ينحصر نشاطها بنشر المعلومات إعالمي ل التي تهدف إلى إبرا بعض اإلشكاليات أو بعض األشخاص الذين يعانون من غير أ ّن هذا االنعدام في الحراك مصد ٌر لإلحباط لدى عتاب، إضافةا مصاعب. إلى وضعها المهني ووضعها القانوني غير النظامي. ا، كانت مفاعيل الن ا إذ زوح القسري والنزاع السوري على أولئك النساء الفلسطينيات متباينة، تتضمّن في بعض األحيان ٍر في الفعل االجتماعي، وفي حاال ٍت أخرى انطوا اء على الدائرة الخاصة فرط استثما . كما أنّ مستوى االندماج االجتماعي ٍر مختل ٍف لمجتمع االستقبال، وتحقيق الذات يؤّدي إلى تصو على الرغم من مالحظتنا بأنّ هؤالء النساء الثالث يتشاطرن كثي ارا من التصورات الجماعية. التعامل مع مجتمع االستقبال الجديد يجب فهم تفاعل الالجئين الفلسطينيين مع المجتمع اللبناني في سياق األزمة االجتماعية ـ االقتصادية والسياسية الناجمة عن النزاع السوري في لبنان، وفي الوقت عينه عبر مجموعةٍ من التصورات الجماعية المرتبطة بتاريخ هذا البلد الذي يبقى فيه الوجود الفلسطيني موضو اعا حسا اسا وذلك بسبب ضروب التمييز التي يواجهها الفلسطينيون ، وكذلك على ضوء إرث 33 الحرب األهلية اللبنانية. اال في البداية، تصف دانية وربا وعتاب العالقة بالمجتمع اللبناني بتعبيراتٍ سلبية. تمييزية تفوه بها وه ّن يذكرن أقوا ٍش جنسي أو السلوك غير المتوقع لضباط الشرطة أثناء التدقيق في األوراق لبنانيون تجاههن، أو حاالت تح ّر . "كان أّول احتكا ٍك بالمجتمع اللبناني قاسايا. كنت أصعد في سيارات األجرة وأسمع السائقين يقولون: "ماذا عن هؤالء من ؟" كان ذلك صعابا... لم أكن أستطيع النقاش مع السائق، بسبب عدم جدوى مثل هذا ّ السوريين الذين سرقوا البلد ا النقاش... لسوء الحظ، كان عدٌد من المثقفين يتبنون وجهة النظر عينها. كانوا يقولون لي: "لكن ماذا تريدون من الثورة؟" نني كنت أشارك في الثورة عندما ق صف بيتي..." في البداية، كان لد ّي تصّو ٌر وكنت أقول لهم: "وما أدراكم؟ من قال لكم بأّ 30 شديد السلبية عن المجتمع اللبناني!" ترى عتاب بأنّ المصاعب التي يتعرض لها مجمل الالجئين السوريين في تفاعلهم مع مجتمع االستقبال مضاعفة بالنسبة ٍر إلى الفلسطينيين بسبب جن في لبنان سيتهم، وهذه األخيرة مصدر نفو . ٍن " ماعا عمو اما، ال يحب اللبنانيون الفلسطينيين، فكيف إذا كانوا فلسطينيين وسوريين في آ ؟" 38 32 منظمة غير حكومية تأسست في لبنان في العام 2113 وتقّدم مشاريع متعددة في مجال التنمية البشرية. 33 ٍر من المهن في ّق ضروب التمييز هذه بخاص ٍة بالحق في العمل بما أ ّن الفلسطينيين اللبنانيين مستبعدون من ممارسة عدٍد كبي تتعل وهم يش ّك المجتمع. حول وضع الالجئين الفلسطينيين في لون بذلك إحدى الشرائح االجتماعية األقل ح اظ القطاعين الخاص والعام. ا في البلدان العربية، راجع: جالل الحسيني، "وضع الالجئين الفلسطينيين في الشرق األدنى. عامل بقاء أم عامل تذوي ٍب للهوية الوطنية الفلسطينية؟"، في جالل الحسيني وأود سينيول )إشراف(، الفلسطينيون بين األمة والشتات ـ زمن االيقينيات ، باريس، IISMM، كارثاال، ،2100 ص. .18-38 30 مقابلة عبر سكايب مع ربا في آذار/ مارس .2101 38 مقابلة عبر سكايب مع عتاب في آذار/ مارس .2101 ٍن الحق. فقد دفع العمل كاال من ربا وعتاب إلى االلتقاء بلبنانيين ينتمون إلى غير أنّ هذه االعتبارات العامة تمايزت في زم شرائح اجتماعية أكثر تعلي اما ومن الوسط الثقافي، أبدوا لهما دعمهم وارتبطتا بهم بعالقات صداقة. ٍس "عندما انتسبت إلى جمعية التنمية، تبّدلت وجهة نظري في المجتمع اللبناني. جميلين عاملوني لقد التقيت بأنا ائن !" ا بوصفي ك ا بشرايا وقّدموا لي دع اما نفسايا كبي ارا ودعموا مشاريعي تحكم التفاع َل بين هؤالء النساء الالجئات والمجتمع اللبناني ديناميا ٌت وتصورا ٌت مشتركة بين مجتمعا ٍت أخرى تواجه ٍر سياسي واقتصادي في بلد االستقبال ٍ وهي مصدر عدم استقرا ٍق واسع ظواهر هجرة على نطا . لكن في لبنان، يوا َجه مكو نوع ٍّي ل المفارقة في أ ّن الشقاق ٍن الفلسطينيون السوريون كذلك ب ّ له الجالية الفلسطينية المحلية، وتتمث ّ في المجتمع، تمث هو األقوى مع هذه الجالية. نه ّن يدركن وبالفعل، تالحظ دانية وربا وعتاب فوارق ملحوظة بين المجتمع الفلسطيني في سوريا ومثيله في لبنان. كما أّ غياب التضامن مع الالجئين القادمين من سوريا؛ إذ بد "يشاركونهم االنتماء"، اال من التعامل معهم بعناية خاصة بوصفهم يستغلونهم وفق أقوالهنّ أكثر ممّا يستغلون الالجئين السوريين. ٍر " ا بأسعا عندما كنت في مخيم شاتيال، كان فلسطينيو المخيم يؤ ّجروننا شقق باهظة... لقد حاولوا على الفور ا استغالل الوضع! لم يكن هنالك تضامٌن معنا بوصفنا فلسطينيين، بل كانوا يعاملوننا على العكس من ذلك بأسوأ 31 ممّا يعاملون السوريين!" صادفت عتاب هي أي اضا مصاعب كثيرة في إقامة تواص ٍل مع الفلسطينيين في لبنان. وفي رأيها، يعود السبب في أمراض كما أنّ الفلسطينيين ومشكالتهم االجتماعية إلى التاريخ الطويل من مواجهة العنف والتهميش. ها تشجب محاوالت االستغالل، والسيما من القناة الفلسطينية التي تعمل فيها والتي تمنحها راتابا أدنى من راتب زمالئها الفلسطينيين اللبنانيين. ٍس "أعتقد أنّ تاريخ الفلسطينيين اللب جمعي، حالة مر ٍض جماعي نانيين قد صاغ علم نف . ال أتوصّل إلى إقامة ننا كنا دائ اما متضامنين مع الفلسطينيين اللبنانيين، واجهنا رّد فع ٍل معاك اسا! لقد عالقات معهم )...( وفي حين أّ استغلوا الوضع ورفعوا إيجار الشقق في المخيمات، مع علمهم بأننا الجئون، بأننا فلسطينيون مثلهم. كان من المفترض أن يساعدونا! عندما بدأت العمل لصالح قناة القدس، شعرت بأنّ ذلك يزعج الفلسطينيين اللبنانيين، كما ني قد سرقت عملهم منهم لو أن )...(" ّ 38 أخي ارا، ثمة عام ٌل آخر يفاقم الشقاق ل في الموقف الذي تبناه بين الفلسطينيين السوريين واللبنانيين، يتمث جز ٌء من ّ الفلسطينيين لصالح االحتجاج السوري؛ وهو موق ٌف ينظر إليه بوصفه غير مبر ٍر بسبب شروط الحياة الحسنة التي تمنحها 37 السلطات السورية لالجئين الفلسطينيين . "كثي ارا ما قيل لي: "أنتم الفلسطينيون السوريون كنتم تتمتعون بجميع الحقوق... لم يكن لديكم سبب للتمرد!" كما لو أنّ علينا شكر النظام على حقوقنا... في رأيي، علينا باألحرى أن نشكر الشعب السوري، ال النظام... لئن ق ّر قبل وصول النظام الحاكم بوق ٍت طويل ٍن أ كنت قد حصلت على حقوقي، فذلك عبر قانو ... لكنّ الفلسطينيين 31 اللبنانيين ال يعلمون ذلك! ثمة كثي ٌر من الجهل والسطحية..." كذلك، لم يساعد سلوك الفصائل الفلسطينية في تحسين العالقة بين الفلسطينيين السوريين واللبنانيين. تنتقد النساء الثالث الفصائل السياسية، والسيما تلك المنتمية إلى منظمة التحرير الفلسطينية التي يتهمنها في السياق السوري باتخاذ موقفٍ ّ لبنان، ت لصالح النظام السوري. في تهم هذه المنظمات عينها بالمشاركة الكاملة في التمييز ضد الفلسطينيين وبالعجز عن الضغط على السلطات اللبنانية كي يصاغ قانونايا وضعهم في البلد. لبنان كمرحلة مؤقتة قبل منفى جديد 31 مقابلة مع دانية عبر سكايب في آذار/ مارس .2101 مقابلة عبر سكايب مع عتاب في آذار/ مارس 2101 38 37 لقد ساعد الوضع القانوني الجيد الممنوح لالجئين الفلسطينيين السوريين على اندماجهم االجتماعي االقتصادي في البلد. 31 مقابلة عبر سكايب مع ربا في آذار/ مارس .2101 في حين أ ّن دانية وربا وعتاب قد اندمجن في نهاية المطاف اجتماعايا أو مهنايا ل ّ في لبنان، فإ ّن بلد االستقبال هذا ال يمث مؤقتة بالنسبة إليه ّن إ . فالنساء الثالث يعتزمن االنتقال إلى بلدٍ ثالث. بالنسبة إلى دانية، تكمن أسباب االنتقال ّال مرحلةا الالحق في شروط الحياة الصعبة وعدم االستقرار المعاش في لبنان. "أنا ال أرى مستقبلي في لبنان! كيف لي ذلك إن كان سكان البلد أنفسهم ال يرون فيه مستقبلهم! نرغب أنا وأسرتي في الرحيل، فنحن نجد الحياة هنا معقدة غاية التعقيد، وليس هنالك عمل، والحياة مكلفة، والرعاية الصحية باهظة التكاليف... الوضع صعب... لكن في الوقت عينه، ليس لدينا أم ٌل كبي ٌر في الحصول على 01 تأشيراتٍ للخارج ألننا فلسطينيون سوريون!" أمّا ربا، فهي تنتظر أوّ ل فرصةٍ تسنح لها للحاق بأسرتها التي سبق أن سلكت طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. نه بلٌد ظالم! أبي موجوٌد حالايا في اليونان، وأ ّمي وجز ٌء من إخوتي "سأغادر لبنان فور أن أتمّكن من ذلك! إّ أصبحوا في هولندا. لقد بقيت هنا مع أختي وأخي الصغير. ربما شاء هللا أن أبقى في لبنان ألنّ الناس هنا بحاجةٍ 00 إليّ أكثر من حاجة أسرتي لي، من يدري..." بالنسبة إلى عتاب التي ال تزال أسرتها في سوريا، خاب أملها في التمكن من العودة إلى البلد. والسفر إلى الخارج هو الحلّ وهي تتمن الخالص من الهشاشة ومن صنوف الظلم التي تواجهها في لبنان. ّ الوحيد الممكن. ى "ال يزال يحدوني األمل في أن تنتهي األزمة في سوريا وأتمكن من العودة، لكنّ الحلّ الواقعي الوحيد اليوم هو الهجرة إلى بلدٍ يمنحني تصري احا باإلقامة! لم أعد أريد التع ّرض لإلهانة مجّدادا! أريد الذهاب إلى بلدٍ 02 يحترمني!" ٍر طويل األمد لالجئين ّر الشروط الالزمة على الرغم من قرب لبنان الجغرافي والثقافي مع سوريا، فهو ال يوف الستقرا الفلسطينيين السوريين بسبب غياب التعامل القانوني المناسب. يضاف إلى ذلك واقع أنّ إمكانية حلّ النزاع السوري ال تزال تبدو أبعد وأنّ الفلسطينيين السوريين هم أسا اسا أنا ٌس ليس لهم وطن؛ وهذا يشجعهم أكثر على سلوك درب الهجرة إلى الغرب، بهدف التمّكن من الحصول على وثائق حقيقية. الخالصة على مدى هذا المقال، نظرنا إلى مسار الهجرة وأشكال االلتزام التي تتوالها ثالث نسا ٍء فلسطينيات الجئات في لبنان. وقد أظهرنا أنّ النزوح القسري يمارس تأثيراتٍ متباينة وفق المسار النوعي لكلّ امرأة وضروب انخراطهنّ السابقة. في حالة دانية وربا، الحظنا وجود استمراريةٍ بين أشكال التعبئة التي بدأت في سوريا، والسيما في إطار االنتفاضة ضد النظام التي في سيا يه أصداء االحتجاج ٍق بدأت في آذار/ مارس ،2100 واألشكال التي تواصلت في لبنان. من التسييس الذي تغذّ لالندماج ا في المنفى بالنسبة إلى دانية وربا وسيلةا ٍ ّل مواصلة التزام السوري في هذا البلد، تمث الجتماعي تسمح بإعادة نسج ٍ عالقاتٍ ح ّطمها النزوح. من الهشاشة النفسانية فضاال عن ذلك، يسمح لهما هذا االلتزام بتجاوز وضع أدى إليه النزاع والنزوح. وعلى العكس من ذلك، في حالة عتاب التي لم تكن تسكن في مخيم اليرموك وكانت تنأى بنفسها عن التحشدات المناهضة للنظام في سوريا، كان المنفى في لبنان باألحرى مصد ارا لالنتزاع من الجذور وانعدام األمان واالنعزال. يتصاحب الضعف الذي أدى إليه المنفى في أشكال المخالطة السابقة مع نق ٍص في االستثمار االجتماعي والسياسي. ا المقال أن قيادا ّه ال يش ّك أ ّما في ما يخص تأثير النوع االجتماعي في النضال في المنفى، ف يظهر هذ ل بالنسبة إلى محادثاتنا ة أمام نشاطهن. يمكن تفسير ذلك بصورةٍ أساسيةٍ ّه ال ي ا نه ال يذكر أبادا بوصفه عقب وأن ذَكر إال بطريق ٍة متقطعة، كما أّ ٍل سمح لهن، ح ٍ عا بالمالمح السوسيولوجية لهؤالء النساء اللواتي يتشاركن جمي اعا في مستوى تعليم تى في المنفى، بالوصول إلى ومهني غير قليل ٍز شخصيٍ إنجا . وعلى الرغم من التصور المختلف لوضعهنّ في لبنان، فإنّ دانية وربا وعتاب تمّك : التعليم والدفاع عن حقوق اإلنسان واإلعالم. لكن يمكن ّن من االنخراط في مجاال ٍت مهني ٍة ونضالي ٍة رفيعة سيرة ذاتية: حصلت على دكتوراه في العلوم السياسية من مدرسة الدراسات العليا في العلوم االجتماعية EHESS بباريس وقّدمت بعنوان أطروحة : "االلتزام في اليرموك. سوسيولوجيا النضال الفلسطيني في سوريا" تتعلق بمسألة االلتزامات النضالية في ا تسم بالنزاع والتسلط. من بين آخر منشوراتها: "حراك الالجئين الفلسطينيين في خضّم ‘الثورة’ السورية: االنخراط ٍق سيا يّ في ظل الضغوط"، مجلة كولتور إي كونفلي، العدد ،78 خريف ،2102 الصفحات 038-001؛ "حماس والثورة السورية: خيار صعب"، مجلة ميدل إيست بوليسي، المجلد ،21 العدد رقم ،3 خريف ،2103 الصفحات 78-83؛ "المنظمات األهلية الفلسطينية في االنتفاضة السورية. التحول النضالي وأشكال اإلدارة الذاتية في أوقات األزمات"، المجدل، العدد ،88 صيف ،2108 الصفحات .01-00 0 انقضت خمس سنواتٍ من األزمة في سوريا وأّدت إلى إحدى أخطر أزمات الهجرة في التاريخ المعاصر 2 . من بين 3 البلدان المجاورة األشد تأث ارا، يستقبل لبنان حالايا أكثر من مليون الجئ سوري ، باإلضافة إلى 00811 الجئ فلسطيني 0 سوري . ل الفلسطينيون يمث السوريون أحد المكونات األضعف ّ 8 في الهجرة الناجمة عن النزاع السوري، وذلك بصورةٍ ّف وضعهم وعدم اليقين الناتج عن وضعهم األصلي بوصفهم أشخا اصا ليس لديهم خاصةٍ بسبب الضبابية القانونية التي تغل 1 وطن . اال لكن على الرغم من الهشاشة التي يعيشها الالجئون الفلسطينيون السوريون في هذا المنفى الجديد، فقد اخترعوا أشكا جديداة من االلتزام السياسي واالجتماعي يرغب هذا المقال في لفت االنتباه إليها وذلك عبر إعادة رسم المسار النزوحي 8 والنضالي لثالث نساء: دنيا وربا وعتاب . عالواة على إعادة بناء مراحل الهجرة واالستقرار في لبنان، يطرح هذا المقال بخاصةٍ تساؤالتٍ حول التأثيرات غير المتجانسة للنزوح القسري في أشكال النشاط التي تقوم بها هؤالء النساء اللواتي كنّ منخرطاتٍ بدرجاتٍ مختلفة قبل رحيلهن عن سوريا في مجاالتٍ من قبيل المساعدة اإلنسانية واإلعالم. عبر التطرق إلى يش ّكل أو ال يش ّك قيادا على أشكال قال فضاال "النوع االجتماعي" ل مسارات النساء، يرغب هذا الم عن ذلك في فهم إن كان االستثمار لدى هؤالء النساء الالجئات. يستند هذا المقال إلى مقابالتٍ أجريتها عن بعد عبر سكايب في آذار/ مارس 2101 مع المحاِدثات الثالث، وقد تواصل ت 7 معهنّ بفضل مساعدة فلسطينيين التقيت بهم في مخيّم اليرموك ، أثناء عم ٍل ميدان ٍّي أجريته بين العامين 2117 و2100 في ّق بالنضال الفلسطيني في سوريا إطار أطروح ٍة في السوسيولوجيا السياسية تتعل 1 ، وكذلك بمساعدة ناشطين لبنانيين . ولئن كان "التحقيق عن بعد" قد أصبح أدااة مستثمراة بصورة خاصة، في مواجهة ازدياد 01 منخرطين في مساعدة الالجئين ، فإنّ هذه الطريقة 00 قساوة النزاع في سوريا واستحالة وصول الباحثين في مجال العلوم االجتماعية إلى ميدان التحقيق بمعرف ٍة مسبق ٍة لهذا الميدان عينه ٌ هي، في غالب األحيان، مشرعنة . غير أنّ التحقيق عن بعدٍ يتضمّن في حالة هذا المقال نه ّن أصبحن في بلد عدادا من القيود. فقد أجري لدى نسا ٍء ينتمين إلى بلد مغادرةٍ هو سوريا، محيطه مألو ٌف للكاتبة، لكّ استقبا ، لم يد َرسن فيه. وقد أعدن صياغة سردهنّ للكاتبة من دون إمكانية وضع هذا السرد في البيئة ٍل جديٍد هو لبنان 0 ، بدأت أولى المظاهرات التي طالبت باإلصالح بداية . وقد واجهها قمٌع غير ا في آذار/ مارس 2100 ث ّم بسقوط نظام بشار األسد مسبوق. يتواجه فيه عدٌد متزايٌد من الفاعلين المحليين ٍ ّح مسل ٍ تدريجايا، ترك الحراك السلمي الذي ساد في الشهور األولى مكانه لنزاع واإلقليميين والدوليين. حول مراحل النزاع السوري ودينامياته، انظر:آدام باكزكو وجيل دورونسورو وأرثور كيناي، سوريا: تشريح حر ٍب أهلية، باريس، منشورات المركز الوطني للدراسات العلمية، 2101؛ زياد ماجد، سوريا: الثورة اليتيمة، منشورات آكت سود، باريس، 2103؛ فرانسوا بورغا وبرونو باولي )إشراف(، ال ربيع لسوريا. فاعلو األزمة السورية وتحدياتها )1122-1122(، باريس، منشورات الديكوفيرت، .2103 2 وفق المفوضية العليا لالجئين التابعة لألمم المتحدة، تسبب النزاع في نزوح ما يقارب 1،8 مليون شخص داخل سوريا وهجرة 0،8 مليون الجئ إلى البلدان المجاورة )تركيا ولبنان واألردن والعراق(. 3 انظر اإلحصائيات التي نشرتها المفوضية العليا لالجئين التابعة لألمم المتحدة في آذار/ مارس :2101 http://data.unhcr.org/syrianrefugees/country.php?id=122 0 هذه المعطيات مستقاة من اإلحصائيات التي نشرتها وكالة األمم المتحدة لغوث وتشغيل الالجئين الفلسطينيين ـ األونروا في أيار/ مايو .2108 يجب توضيح أ ّن الجالية الفلسطينية في سوريا كانت تعّد قبل بداية النزاع حوالي نصف مليون نسمة ونتجت عن النمو السكاني لمجموعة الالجئين الذين وصلوا منذ العام 0107 على أثر قيام دولة إسرائيل على أراضي فلسطين التاريخية، وذلك عبر عّدة موجا ٍت من الهجرة. كان الالجئون الفلسطينيون يسكنون بصورٍة رئيسية في مخيمات قرب المدن السورية )دمشق وحلب ودرعا وحمص وحماة والالذقية(، وكذلك ضمن النسيج المديني السوري. 8 كمال دريع وجالل الحسيني، "هشاشة وضع الالجئين الفلسطينيين على ضوء األزمة السورية"، نشرة كونفلوانس ميديتيرانيه، المجلد الرابع، العدد ،78 ،2103 ص. .018-18 1 ٍن لئن كان الفلسطينيون السوريون معروفي عربي ٍة أخرى، فهم لم ن بأنّهم قد استفادوا من أفضل شروط االستقبال بالمقارنة مع بلدا يحصلوا على الجنسية السورية. يخضع وضعهم للقانون رقم 211 الذي ق ّر أ في العام 0181 والذي يعتبر من خالله "الفلسطينيون كالسوريين أصاال في جميع ما ن ّصت عليه القوانين واألنظمة النافذة وبحقوق المقيمون في أراضي الجمهورية العربية السورية التوظيف والعمل والتجارة وخدمة العلم مع االحتفاظ بجنسيتهم األصلية". 8 لقد احتفظنا باألسماء الحقيقية بموافقة النساء المعنيات وأغفلنا ألقابهن. 7 أقّدم شك ارا خا اصا لخليل خليل وأيهم السهلي للمساعدة القّيمة التي قّدماها إلنجاز هذه المقابالت. 1 انظر: فالنتينا نابوليتانو، االلتزام في اليرموك، سوسيولوجيا النضال الفلسطيني في سوريا، أطروحة دكتوراه في السوسيولوجيا السياسية، مدرسة الدراسات العليا في العلوم االجتماعية في باريس، .2108 01 أقّدم شك ارا خا اصا لنوال مدللي ووفيق الهواري. حول التحقيقات اإلثنوغرافية المجراة في سياق النزاع السوري، انظر: تييري بواسيير، "األنثروبولوجيا في مواجهة النزاع 00 السوري: إعادة وضع المجتمع في قلب التحليل"، مجلة العوالم اإلسالمية والبحر األبيض المتوسط، العدد ،037 ،2108 ص. -008 .031 . ولهذا السبب، نا 02 االجتماعية التي حدث فيها. وبالتالي، ال يمكن التأكد منه أو مقاطعته أو وضعه ضمن سياقه فإن نميل ّ وال نزعم أنّ إلى تقديم تلك المسارات في هذا المقال بوصفها شهاداتٍ ها تلقي ضو اءا حصرايا على وضع مجمل الفلسطينيين السوريين الالجئين إلى لبنان. قبل المنفى: بين االلتزام اإلنساني ونزعة الترّيث قِدم معظم الفلسطينيين الذي أتوا إلى لبنان بسبب النزاع من مخّيم اليرموك . غير أنّ هذا المخيم ليس المخيم الفلسطيني 03 الوحيد الذي تعرّض للقمع الذي مارسه النظام السوري للقضاء على المعارضة. فقد طال قصف الجيش السوري مخيمات الالجئين في درعا والالذقية وحمص منذ األشهر األولى، وذلك بسبب قربها من األحياء السورية التي شهدت أولى كثي ٍف لسكانها ٍ المظاهرات، ما أّدى إلى نزوح فلسطيني في سوريا بعدد س ّك . انه الذي 00 ٍ ّل أكبر تج ّمع غير أ ّن اليرموك يمث يقارب 081 ألف الجئ مس ّجلين رسمايا لدى األونروا )وكالة األمم المتحدة لغوث وتشغيل الالجئين( في كانون األول/ . يقع مخيّم اليرموك جنوبي دمشق، قرب الطريق المؤدية إلى لبنان، وقد شهد منذ أيلول/ سبتمبر 2102 08 ديسمبر 2102 نا معظمهم من مواجهاتٍ بين الجيش النظامي السوري ومجموعات المعارضة المسلحة. كما أنّ هذا المخيم يؤوي سكاا الطبقات الوسطى لديهم حٌّد أدنى من الموارد المالية الالزمة لتولي نفقات الرحلة إلى لبنان واالستقرار فيه. من بين المحاِدثات اللواتي أجريت معه ّن مقابالت، كانت اثنتان تعيشان في مخيم اليرموك. تبلغ دانية الثالثة والعشرين من عمرها، وكانت تدرس التصميم الغرافيكي في جامعة دمشق. بعد بداية االنتفاضة على النظام في سوريا، تحوّ ل مخيم ٍل آلالف النازحين السوريين الهاربين من األحياء المجاورة كالحجر األسود اليرموك إلى مكان استقبا 08 والتضامن 01 ، وكذلك من المدن األكثر تضر ارا بقمع النظام السوري، والسيما حمص ودرعا ، إذ إ ّن المخّيم بقي بعيادا عن أعمال العنف 07 في السنة األولى على األقل. في مواجهة األزمة اإلنسانية التي واجهت مخيم اليرموك، انخرطت دانية في نشاطاتٍ وبما أن كانت تعرف أحد أعضاء "الهيئة الخيرية للشعب الفلسطيني" ّ تضامنية لصالح النازحين السوريين. ها ، فقد قرّرت 01 النشاط ضمن تلك الهيئة وشاركت في نشاطات الدعم النفسي لألطفال النازحين وفي توزيع السالل الغذائية. دانية . تحيل هذه الدوافع إلى تلك التي 21 فلسطينية، لكنها تعتبر انخراطها "واجابا" تجاه السوريين الذين "كبرت وعاشت" معهم يقّدمها فلسطينيون آخرون كث ٌر ق ّرروا االنخراط في االحتجاج السوري بسبب عيشهم المشترك مع السوريين ومشاطرتهم . وقد تح ّرك عدٌد كبي ٌر من نساء مخيم اليرموك في تنظيم المساعدات للنازحين 20 لهم في تطلعاتهم السياسية واالجتماعية السوريين، وربما يفس ر ذلك بالمناعة النسبية التي يتمتعن بها وتسمح لهنّ باالنتقال بسهولةٍ أكبر لجمع المساعدات وعبور حواجز الشرطة السورية. في العمل تبلغ ربا الثامنة والعشرين من عمرها وهي حائزة على شهادة في األدب العربي، وكانت هي أي اضا منخرطةا اإلنساني في اليرموك. قبل بداية االنتفاضة السورية، اضطرت تلك المرأة الديناميكية والناضجة إلى ترك عملها بسبب زيادة أعمال العنف، إذ بات الطريق بين اليرموك ومركز دمشق خطي ارا. في هذا السياق من البطالة القسرية وفي مواجهة لقد حاولنا على الرغم من ذلك مقاطعة المعلومات التي حصلنا عليها عبر هذه المقابالت الثالثة مع تلك التي جمعتها مراكز أبحاث 02 لبنانية اشتغلت على وضع الفلسطينيين السوريين في لبنان. انظر بخاصة تقرير هشام دبسي ووفيق الهواري، "نتائج استبيان حول ما يريده الالجئون الفلسطينيون المهاجرون من سوريا"، بيروت، مركز‘تطوير’ للدراسات االستراتيجية والتنمية البشرية، .2108 كما أننا وزعنا بمساعدة وفيق الهواري، الباحث والناشط في المجال اإلنساني، خمسة استبيانات على نساء فلسطينيات يقمن في لبنان، وبخاص ٍة في منطقة صيدا، سمحت لنا بوضع المعلومات التي حصلنا عليها عبر المقابالت في سياقها. 03 هشام دبسي ووفيق الهواري، مرجع سابق، ص. .8 معنية منذ األشهر األولى للنزاع. من أجل تسلس ٍل زمني لالنخراط ا كانت مخيمات الالجئين في مدن درعا والالذقية وحمص 00 الفلسطيني في األزمة السورية، انظر: فالنتينا نابوليتانو، "حراك الالجئين الفلسطينيين في خضم ’الثورة‘ السورية: االنخراط في ظ ّل الضغوط"، مجلة كولتور إي كونفلي، العدد ،78 ،2102 ص. .038-001 حالايا وبسبب النزاع، المخيم فار ٌغ ذين هربوا بأعداٍد كبيرٍة بسبب تصعيد القصف الذي تقوم به قوات النظام الساعية من سكانه ال 08 الستعادة السيطرة على هذه المنطقة التي انتقلت السيطرة عليها إلى المعارضة السورية. 01 حي شعبي يقع جنوبي مخيم اليرموك ويسكنه بصورة أساسية نازحون من منطقة الجوالن التي احتلتها إسرائيل في العام .0118 08 ٌط فلسطيني سوري. حي شعبي يقع شرقي اليرموك ويسكن فيه خلي 07 حول الطور األول من االنتفاضة السورية، انظر: زياد ماجد، مرجع سابق، ص. .83-83 اك على المساعدة اإلنسانية 01 قبل االنتفاضة السورية ور ّكزت مذّ ا هيئة خيرية ترتبط بحركة الجهاد اإلسالمي الفلسطينية، كانت قائمة . 21 مقابلة عبر سكايب أجريت مع دانيا في آذار/ مارس .2101 20 فالنتينا نابوليتانو، مرجع سابق، ص. .027 ت ربا إلى هيئة مساعدة النازحين السوريين الذين استقبلوا في مدارس وكالة الغوث )األونروا(. من أزمةٍ متصاعدة، انتسب بين النشاطات التي ساهمت فيها، جمع المالبس واألغطية، والمساعدة النفسية، والبحث عن المفقودين. حالة عتاب التي تبلغ الثانية والثالثين من عمرها مختلفة عن الحالتين السابقتين. فهي لم تكن تسكن في اليرموك، بل في ة لصالح قناة "العالم" ا وسط دمشق، وبالنسبة إليها، لم ترتبط االنتفاضة السورية ببداية التزام. كانت عتاب تعمل صحافي ٍد حين بدأت أولى المظاهرات في سوريا معقّ ٍ اإليرانية والقناة اإلخبارية الحكومية السورية، ووجدت نفسها في وضع . وعلى الرغم من دعمها لمبادئ االحتجاج السوري، فقد قالت بأنّ خوفها من القمع الوحشي الذي طبقه النظام السوري، نه من الخطأ أن يتد ّخل الفلسطينيون في شؤون البلد نها تعتقد بأّ ّب عليها. كما أّ والسيما العنف الممارس تجاه النساء، قد تغل تبن موقفٍ محايد. ّ الذي يستقبلهم. ولهذا السبب، قرّرت ي مع تواصل االحتجاجات وتشديد القمع الذي يمارسه النظام السوري، أصبح جو العمل غير قابل للتحمل بالنسبة إلى عتاب. إذ إنّ قنوات التلفزيون التي تعمل فيها تذكر الحكاية الرسمية التي يقدمها النظام وكثي ارا ما تكون المعلومات مركبة بالكامل بهدف تعزيز هذه الحكاية. من جان ٍب آخر، وحتى إن كانت قد بقيت بعيداة عن االحتجاجات المناهضة للنظام، فإ ّن عدم ع ّرضها للمشكالت، إذ ن . باتت تعبيرها الصريح عن "والئها" للنظام السوري سب إليها بحكم الواقع تعاط ٌف مع المعارضة عتاب تتع ّرض أكثر فأكثر إلى ضغو ٍط نفسي ٍة من زمالئها الذين كانوا يش ّكون في قربها من المعارضة. تزايدت هذه ا لصالح الضغوط على أثر اتخاذ حركة حماس الفلسطينية موقف االنتفاضة السورية ا . منذ البداية، اتهم النظام السوري 22 مجمل الفلسطينيين بـ"الخيانة" و"نكران الجميل". غير أنّ عتاب لم تقرر ترك عملها في آذار/ مارس 2102 إال بعد اطا في المظاهرات المناهضة للنظام اعتقال زميلها مهند، وهو أي اضا فلسطيني وكان منخر ، فقد رأت أنّ الوضع أصبح خطي ارا عليها. الطريق إلى لبنان والتردد في الذهاب إلى المنفى في مواجهة تصاعد ضروب العنف التي عاشتها أولئك النساء، أصبح خيار مغادرة سوريا حتمايا. حدث رحيلهنّ بين 23 العامين 2102 و،2103 وهي الفترة التي شهدت أكثف هجرةٍ نحو لبنان بالنسبة إلى الجالية الفلسطينية في سوريا . يسمح عدٌد من التطورات على المستوى السوري بتفسير هذا التوقيت. ، ت بداية صعيد قصف الجيش النظامي لمخيم ا اليرموك الذي انتقل لسيطرة المعارضة، مع استخدام الطيران الحربي للمرة األولى في كانون األول/ ديسمبر ،2102 ما أّدى إلى خروج الس ّك ة من المخيم. بل إنّ الفلسطينيين السوريين يشيرون إلى هذا الحدث بوصفه " ان بالجمل نكبةا 20 ثانية". في هذا التوقيت بالذات، غادرت ك ٌل من دانية وربا المخيم مع أسرتيهما لاللتجاء عند أقارب في مدينة دمشق. تحوّ ل مخيم ٍر يمنع اليرموك آنذاك إلى ساحة معركة وخضع بالتدريج إلى حصا بموجبه األشخاص من التجوّ ل وتحظر المواد الغذائية. ة الذهاب واإلياب إلى المخيم ومنه، فلم يعد ذلك ا ولئن كان سكان المخيم الذين نزحوا إلى دمشق، مثل ربا، قد واصلوا بداي ا منذ تموز ، عندما أصبح حصار المخيم كاماال ممكن / يوليو 2103 ا 28 . هكذا، يندرج خيار الذهاب إلى لبنان في سياق تصاعد العنف في سوريا، وهو عن ٌف طال الفلسطينيين بخاصة. وكان لبنان مفضاال أسا اسا بسبب وجود أقارب يستطيع الالجئون االعتماد عليهم لدى وصولهم، وكذلك بسبب القرب الجغرافي الذي يسمح بالذهاب إلى سوريا والعودة منها، وربما بالتفكير في العودة نهائايا بعد ح ّل األزمة. بيد أنّ الطرق التي سلكها الفلسطينيون السوريون للذهاب إلى لبنان متباينة. ففي كانون األول/ ديسمبر، وبعد أن أمضت إلى لبنان ٍر دانية بضعة أيام في ح ّي ركن الدين بدمشق، استقل . دام عشر ساعات على الحدود السورية ّت حافلةا وبعد انتظا أقامت حماس مكتابا تمثيلايا في دمشق منذ العام ،0113 في إطار تحالف الفصائل الفلسطينية التي يدعمها النظام السوري بهدف 22 معارضة اتفاقات أوسلو. وفي العام ،0111 نقلت الحركة مكتبها السياسي إلى العاصمة السورية وأصبحت سوريا بذلك جز اءا من "محور المقاومة"، وهو تحال ٌف يضم سوريا وإيران وحزب هللا اللبناني. بخصوص موقف حماس من االنتفاضة السورية، انظر: فالنتينا نابوليتانو، "حماس والثورة السورية: خيا ٌر صعب"، ميدل إيست بوليسي، المجلد ،21 العدد ،3 خريف ،2103 ص. .78-83 انظر أي اضا: نيكوال دوت بويار، "الحركة الوطنية الفلسطينية واألزمة السورية: انقسام مسيطر عليه"، في فرانسوا بورغا وبرونو باولي )إشراف(، ال ربيع لسوريا، باريس، دار الديكوفيرت، ص. .281-210 23 هشام دبسي ووفيق الهواري، مرجع سابق، ص. .1 كلمة عربية تعني "الكارثة". استخدمها المفكر السوري قسطنطين زريق ألول مرة لإلشارة إلى أحداث العام .0107 ث ّم تبناها 20 الفلسطينيون لإلشارة إلى قيام دولة إسرائيل على أراضي فلسطين التاريخية. بخصوص الحصار الذي يفرضه النظام السوري على مخيم اليرموك ومناطق أخرى جنوبي دمشق وشرقيها، انظر: فالنتينا 28 نابوليتانو، "جحيم اليرموك، المخيم الفلسطيني في سوريا. ’الجوع أو الركوع‘"، أوريان ،20 شباط/ فبراير .2100 ـ اللبنانية، تمّك إلى األراضي اللبنانية. مع أسرتها في مخّيم شاتيال ببيروت، بسبب الوجود نت من الدخول استق ّرت بدايةا ٍر الفلسطيني وبخاصةٍ ألنّ اإليجارات فيه أرخص. لكنّ شروط الحياة في المخيمات الفلسطينية في لبنان أدنى ب منها في كثي سوريا. ولذلك، قرّرت دانية وأسرتها الذهاب إلى أقارب في مدينة صيدا حيث يستقر عدٌد كبي ٌر من الفلسطينيين السوريين. بالنسبة إلى ربا، كانت الرحلة إلى لبنان أكثر تعقيادا. ففي آذار/ مارس ،2103 ذهبت إلى الحدود مع أختها. أخضعتها الشرطة السورية الستجوابٍ ومنعتها من عبور الحدود. عادت إلى دمشق وحاولت مجدادا السفر بعد بضعة أسابيع، بصورة غير شرعية هذه المرة. دفعت لمهرّبٍ أوصلها إلى وسط بيروت. ث ّم التحقت بأسرتها التي كانت تقيم في مخّيم عين الحلوة، بصيدا. أ ّما عتاب التي كانت مهّدداة باالعتقال في سوريا، فقد غادرتها في آذار/ مارس 2102 بصحبة أسرتها. أقامت في منطقة وادي الزينة، قرب صيدا، عند أعمامها، في حين عادت أسرتها إلى دمشق. يتباين تعامل السلطات اللبنانية مع الفلسطينيين السوريين ونمط تصريح اإلقامة الذي تمنحه لهم وفق حقبة الوصول إلى لبنان والطريق المسلوكة )شرعية أو غير شرعية(. لكن عمو اما، يخضع هذا التعامل دائ اما لقرارا ٍت اعتباطية. وبالفعل، ال توجد سياسة محددة للتعامل مع وجود الفلسطينيين السوريين الذين ال يستفيدون من المعاملة المخصصة لالجئين اآلخرين 21 وهم بالتالي يبقون في حالة ضبابيةٍ قانونية ولئن كانت دانية وعتاب قد تمّك . نتا من الحصول لدى وصولهما على تصريح لم تتمكنا من تجديده الحق . ا إقامة سياحية لمدة شهر، فهما ا وهما تقيمان حالايا على األراضي اللبنانية بصورة غير نظامية ٍس ولذلك، فهما تضطران لالنتقال وتخشيان ترحيلهما إلى سوريا؛ وهو أم ٌر حدث بالنسبة إلى فلسطينيين آخرين باحترا . ولهذا السبب، تؤ ّكد عتاب بأن من العام اللبناني لتجديد تصريح إقامتها. ّها تخشى حتّى من الذهاب إلى مكتب األ اال "عندما وصلت، حصلت على تصريح إقامة لمدة شهر. من دون تصريح حتى كانون األول ا طوي ث ّم بقيت وقت / ا ديسمبر ،2108 عندما صدر عفٌو و منح الفلسطينيون تصريحات إقامٍة لمدة ثالثة أشهر. آنذاك، ذهبت إلى األمن قلت بأنني أسكن عندهم ولم أقل شيئا العام، لكن مع أعمامي، ألنني كنت خائفة! ا عن عملي كصحافية في ط لبنان... كنت خائفة جادا من أن يعيدوني مجدادا إلى سوريا. فبين العامين 2100 و2108 رد كثي ٌر من ، 28 الفلسطينيين السوريين ]...[" أمّا ربا التي دخلت إلى لبنان بطريقة غير نظامية، فهي لم تتمكن من الحصول على تصريح إقامة إال في كانون األول/ قا بسبب دخولها غير النظامي إلى البالد. بالتالي، ديسمبر ،2108 عندما منحت تصري احا لمدة ثالثة أشهر، لم يجّدد الحا يعرّض الوضع القانوني غير النظامي هؤالء النساء لوضع هشاشةٍ بارزة وللخشية الدائمة من إعادتهن إلى سوريا مثلما تذكر عتاب: ٍش "منذ أسبوعين، كنت عائدة من بيروت إلى صيدا. للشرطة، أخذوا أوراقي ورأوا أ ّن إقامتي منتهية وأثناء تفتي الصالحية. فقال لي الشرطي: "يجب أن نأخذك معنا!" بدأت أبكي، ث ّم سعى الرجال الموجودون في الحافلة إلى ثنيه عن ذلك... لقد كان ذلك كافايا ألن أنغمس في حال ٍة من االكتئاب... لم أعد أريد مواجهة مثل هذا األمر، مثل 27 هذا الخوف الدائم من اإلعادة إلى سوريا ]...[" في مواجهة تواصل األزمة السورية، وضعت السلطات اللبنانية تدريجايا تقييدا ٍت للحّد من دخول الفلسطينيين السوريين. ، أ . ا، أصبح يمنح مقابل مئتي هكذا ومنذ صيف العام 2100 غلقت الحدود أمامهم كما أ ّن تجديد اإلقامة، عندما يكون ممكنا دوالر للشخص الواحد، وهو مبل العدد. تزايد عدد الحواجز وحاالت التفتيش التي تقوم بها ٌغ ال تستطيع تح ّمله أسرةٌ كبيرة الشرطة، والسيما على مداخل مخيمات الالجئين الفلسطينيين. بل إنّ ربا تحكي كيف سجن أفراد مجموع ٍة من تسع فتيات وخمسة عشر فتى في مخيم عين الحلوة الفتقارهم إلى األوراق النظامية، ما أّدى إلى مظاهرا ٍت تطالب بإطالق سراحهم. بخصوص تول احية اإلنسانية، فإنّ المفوضية العليا لالجئين ّي شؤون الفلسطينيين السوريين الواصلين إلى لبنان من الن التابعة لألمم المتحدة ليست هي التي تقوم بهذه المهمة مثلما تفعل بالنسبة إلى السوريين، بل األونروا، الوكالة األممية التي أنشئت خصي اصا في العام 0101 إلغاثة الالجئين الفلسطينيين في البلدان المجاورة لفلسطين التاريخية وفي األراضي تتمّكن هذه المنظمة التي تواجه عج ازا مالايا منذ وق ٍت طويل من تأمين الخدمات في مجال التعليم، لكنّ المحتلة. ها عاجزة إلى حٍّد كبي عن تلبية الحاجات في مجال الرعاية الصحية. من جانبٍ آخر، ولئن كانت المنظمة تمنح مساعداتٍ مالية وسالاال ٍر فت هذه المساعدات في شهر شباط/ فبراير ،2101 ما أدى إلى مظاهرات احتجاج. غذائية للفلسطينيين السوريين، فقد توقّ 21 حول هذا الموضوع، انظر: كمال دريع وجالل الحسيني، "هشاشة وضع الالجئين الفلسطينيين على ضوء األزمة السورية"، كونفلوانس ميديتيرانيه، المجلد الرابع، العدد ،78 ،2103 ص. .018-18 28 مقابلة عبر سكايب أجريت مع عتاب في آذار/ مارس .2101 27 المرجع نفسه. على الرغم من الهشاشة الناجمة عن غياب تعامل قانوني محدد وتو ٍّل مناس ٍب للمسؤوليات من الهيئات الدولية، ما كان يمكن أن يؤّدي إلى انطواء الالجئين الفلسطينيين السوريين على أنفسهم، والسيما المكّون النسائي بينهم، فقد رأت أشكا ٌل من النشاط والحراك النور. التزاما ٌت جديدة وفك ارتباط في سياق األزمة التي أّدى إليها وجود أكثر من مليون ونصف المليون الجئ سوري في لبنان والتسييس المتزايد الناجم عن النزاع، تم تأسيس جمعياتٍ ومنظماتٍ إنسانية متعددة بمبادرة من سوريين وفلسطينيين سوريين ولبنانيين. تش ّكل هذه الجمعيات والمنظمات في بعض الحاالت مكان إعادة تحّو ٍل لمناضلين كانوا قد انخرطوا في الحراك لصالح االنتفاضة السورية ويرغبون في مواصلة انخراطهم االجتماعي والسياسي، حتى في المنفى. من بين النساء المستجوبات، قامت ك ٌل من دانية وربا بنشاطاتٍ اجتماعية بعد استقرارهما في لبنان. في منظمة نجدة ناو تطوعت دانية بدايةا 21 في مخيم شاتيال، ث ّم في منظمة جسور حيث تعمل كمدرّسة. بفضل شبكة 31 السوريين، تمّك تعبئة تضامن نت من الدخول إلى هاتين ا المعارف التي نسجتها دانية في اليرموك في إطار ال ا مع النازحين باإلقامة، تعمل في السوق السوداء، لكنّ المنظمتين اللتين أسسهما ناشطون سوريون. ها ٍ وبسبب عدم حيازتها على تصريح تتمّكن من الحصول على رات ٍب رمزي بوصفها متطوعة. بمرحل ٍة من االكتئاب الناجم عن الشدة النفسية التي عاشتها قبل تمّكنها من أ ّما ربا، فقد ارتبط وصولها إلى لبنان بدايةا مغادرة سوريا. غير أ ّن ربا تمّكنت بفضل تشجيع أهلها من الحصول على عمل في مدرسة لبنانية خاصة حيث أعطت درو اسا لطال ٍب سوريين تمهيادا الجتيازهم امتحان الشهادتين اإلعدادية والثانوية في سوريا. وفي هذا السياق، بدأت تتآلف مع المشكالت النفسية التي يواجهها الالجئون الشباب بسبب تداعيات النزاع. وقد شجّعها ذلك على مزيدٍ من االنخراط في كما أ ّن حادثةا تنظيم نشاطاتٍ تهدف إلى مساعدة الشباب. معينة دفعت ربا إلى االهتمام بالدفاع عن الالجئين وعن حقوق اإلنسان عمو اما. ففي العام ،2100 ذهب أحد طالبها إلى سوريا لتقديم امتحان الشهادة اإلعدادية وعلِق على الحدود السورية اللبنانية لمدةٍ تجاوزت األسبوع. وبهدف حلّ هذه المشكلة، بدأت ربا تتواصل مع مختلف منظمات الدفاع عن حقوق اإلنسان. نها كانت الفترة التي أغلقت فيها السلطات اللبنانية الحدود أمام "لم أكن أعلم تما اما ما هي مشكلة ذلك الصبي، لكّ الفلسطينيين السوريين. آنذاك، حاولت التواصل مع الناس من حولي، مع ناشطين. تواصلت مع لجنة فلسطينيي سوريا في لبنان، في مخيم عين الحلوة... وتواصلنا ماعا مع منظمة العفو الدولية، وبدأت النداءات تنتشر على اإلنترنت، وأبلغنا سفارة فلسطين... عبر هذه الحادثة، تعرفت على ناشطين من المنظمة الفلسطينية لحقوق اال لتوعية الالجئين بحقوقهم في لبنان و ط اإلنسان في مخيم مار إلياس ّظم تأهي والتي كانت تن لب مني المشاركة 30 فيه." بعد حصول ربا على تأهي ٍل حول حقوق الالجئين في لبنان، بدأت تذهب أكثر فأكثر إلى مخيمات الالجئين السوريين وواصلت حضور دروس التأهيل في مجال توثيق انتهاكات حقوق اإلنسان. في صيف العام ،2100 شاركت في تنظيم تعبئةٍ لصالح إطالق سراح مجموعة من الفلسطينيين الذين تحتجزهم السلطات اللبنانية بسبب وضعهم غير النظامي. ّ وبالتوازي م قت حاالت االستغالل في مكان العمل، وكذلك حاالت التح ّرش الجنسي الذي يتعرض له ع تلك المشاركة، وث ة لمساعدة المراهقين، ا الناس من حولها. ا ٍ ورغبة أكثر نوعي في تكريس نفسها على نحو قرّرت كذلك أن تؤسس مع أختها الصغرى فرقة دبكة أطلقت عليها اسم "فرقة ’الجئ‘ للتراث والفنون الشعبية الحديثة"، تضّم شباابا سوريين وفلسطينيين ولبنانيين. وقد واصلت هذا النشاط على الرغم من المصاعب التي صادفتها في مخيم عين الحلوة بوصفها امرأة ستضطر للعمل مع فرق ٍة تتش ّكل بصورٍة رئيسية من رجال وعلى الرغم من أ ّن عّدة أشخا ٍص حاولوا ثنيها عنه. نقلت إلى لبنان على أثر تواصل النزاع. وهي ناشطة بخاصة في مجال 21 منظمة غير حكومية تأسست في العام 2102 في سوريا و تقديم المساعدات اإلنسانية في سوريا وبين الالجئين السوريين في لبنان. راجع صفحة المنظمة على الشبكة العنكبوتية: www.najda-now.net تأسست جمعية جسور في حزيران/ يونيو 2103 ويتمحور عملها بخاص ٍة على تعليم الالجئين السوريين الذين لم يتمكنوا من دخول 31 المؤسسات المدرسية اللبنانية. 30 مقابلة عبر سكايب أجريت مع ربا في آذار/ مارس .2101 ا االنتباه بفضل نشاطها وقدراتها، فو "جمعية التنمية لإلنسان والبيئة" ّظ لفتت رب فتها منظمة لبنانية هي , ها واصلت 32 كما أنّ في الوقت عينه نشاطاتها التطوعية، والسيما في إطار مبادراتٍ مكرسة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين السوريين. بالنسبة دته األزمة السورية ّ ٍف في سياق حرا ٍك متزايٍد ول ّ ّل لبنان بالتالي بداية نشا ٍط اجتماعيٍ مكث إلى ربا، يمث . كما أنّ هذه الدينامية تسمح لربا بمقاومة وضع الهشاشة الذي تعيشه يومايا بسبب االنتقال والذي تزايد بعد رحيل جز ٍء من أسرتها إلى الخارج. ٍل وعدم حرا ٍك بالنسبة إلى عتاب ا لذلك، المنفى اللبناني رديف فترة انعزا خالف . فقد توصّلت هذه الصحافية الشابة إلى ا ونية الفلسطينية، غير أنّها تشعر بأ ّن مكانتها الوظيفية أدنى مّما ينبغي بما أنّ الحصول على وظيفة في قناة "القدس" التلفزي ها مّم أق ّل أهميةا تشغل وظيفةا ا في الماضي وتتلقى راتابا أدنى من زمالئها. سياسايا في سوريا بل ّ وفي حين أنّها لم تكن ملتزمةا كانت لديها حياة نشيطة جادا من وجهة نظر اجتماعية وثقافية، فهي تشعر في لبنان بأنها معزولة وليست لديها الموارد المالية الكافية لتدفع أجرة المواصالت لحضور النشاطات التي تجري في العاصمة اللبنانية. من جانبٍ آخر، أثناها رحيل جز ٍء ال بأس به من أصدقائها الذين كانوا نشيطين في االنتفاضة السورية عن الترويج ألي مبادرٍة سياسية أو اجتماعية. ٍز ينحصر نشاطها بنشر المعلومات إعالمي ل التي تهدف إلى إبرا بعض اإلشكاليات أو بعض األشخاص الذين يعانون من غير أ ّن هذا االنعدام في الحراك مصد ٌر لإلحباط لدى عتاب، إضافةا مصاعب. إلى وضعها المهني ووضعها القانوني غير النظامي. ا، كانت مفاعيل الن ا إذ زوح القسري والنزاع السوري على أولئك النساء الفلسطينيات متباينة، تتضمّن في بعض األحيان ٍر في الفعل االجتماعي، وفي حاال ٍت أخرى انطوا اء على الدائرة الخاصة فرط استثما . كما أنّ مستوى االندماج االجتماعي ٍر مختل ٍف لمجتمع االستقبال، وتحقيق الذات يؤّدي إلى تصو على الرغم من مالحظتنا بأنّ هؤالء النساء الثالث يتشاطرن كثي ارا من التصورات الجماعية. التعامل مع مجتمع االستقبال الجديد يجب فهم تفاعل الالجئين الفلسطينيين مع المجتمع اللبناني في سياق األزمة االجتماعية ـ االقتصادية والسياسية الناجمة عن النزاع السوري في لبنان، وفي الوقت عينه عبر مجموعةٍ من التصورات الجماعية المرتبطة بتاريخ هذا البلد الذي يبقى فيه الوجود الفلسطيني موضو اعا حسا اسا وذلك بسبب ضروب التمييز التي يواجهها الفلسطينيون ، وكذلك على ضوء إرث 33 الحرب األهلية اللبنانية. اال في البداية، تصف دانية وربا وعتاب العالقة بالمجتمع اللبناني بتعبيراتٍ سلبية. تمييزية تفوه بها وه ّن يذكرن أقوا ٍش جنسي أو السلوك غير المتوقع لضباط الشرطة أثناء التدقيق في األوراق لبنانيون تجاههن، أو حاالت تح ّر . "كان أّول احتكا ٍك بالمجتمع اللبناني قاسايا. كنت أصعد في سيارات األجرة وأسمع السائقين يقولون: "ماذا عن هؤالء من ؟" كان ذلك صعابا... لم أكن أستطيع النقاش مع السائق، بسبب عدم جدوى مثل هذا ّ السوريين الذين سرقوا البلد ا النقاش... لسوء الحظ، كان عدٌد من المثقفين يتبنون وجهة النظر عينها. كانوا يقولون لي: "لكن ماذا تريدون من الثورة؟" نني كنت أشارك في الثورة عندما ق صف بيتي..." في البداية، كان لد ّي تصّو ٌر وكنت أقول لهم: "وما أدراكم؟ من قال لكم بأّ 30 شديد السلبية عن المجتمع اللبناني!" ترى عتاب بأنّ المصاعب التي يتعرض لها مجمل الالجئين السوريين في تفاعلهم مع مجتمع االستقبال مضاعفة بالنسبة ٍر إلى الفلسطينيين بسبب جن في لبنان سيتهم، وهذه األخيرة مصدر نفو . ٍن " ماعا عمو اما، ال يحب اللبنانيون الفلسطينيين، فكيف إذا كانوا فلسطينيين وسوريين في آ ؟" 38 32 منظمة غير حكومية تأسست في لبنان في العام 2113 وتقّدم مشاريع متعددة في مجال التنمية البشرية. 33 ٍر من المهن في ّق ضروب التمييز هذه بخاص ٍة بالحق في العمل بما أ ّن الفلسطينيين اللبنانيين مستبعدون من ممارسة عدٍد كبي تتعل وهم يش ّك المجتمع. حول وضع الالجئين الفلسطينيين في لون بذلك إحدى الشرائح االجتماعية األقل ح اظ القطاعين الخاص والعام. ا في البلدان العربية، راجع: جالل الحسيني، "وضع الالجئين الفلسطينيين في الشرق األدنى. عامل بقاء أم عامل تذوي ٍب للهوية الوطنية الفلسطينية؟"، في جالل الحسيني وأود سينيول )إشراف(، الفلسطينيون بين األمة والشتات ـ زمن االيقينيات ، باريس، IISMM، كارثاال، ،2100 ص. .18-38 30 مقابلة عبر سكايب مع ربا في آذار/ مارس .2101 38 مقابلة عبر سكايب مع عتاب في آذار/ مارس .2101 ٍن الحق. فقد دفع العمل كاال من ربا وعتاب إلى االلتقاء بلبنانيين ينتمون إلى غير أنّ هذه االعتبارات العامة تمايزت في زم شرائح اجتماعية أكثر تعلي اما ومن الوسط الثقافي، أبدوا لهما دعمهم وارتبطتا بهم بعالقات صداقة. ٍس "عندما انتسبت إلى جمعية التنمية، تبّدلت وجهة نظري في المجتمع اللبناني. جميلين عاملوني لقد التقيت بأنا ائن !" ا بوصفي ك ا بشرايا وقّدموا لي دع اما نفسايا كبي ارا ودعموا مشاريعي تحكم التفاع َل بين هؤالء النساء الالجئات والمجتمع اللبناني ديناميا ٌت وتصورا ٌت مشتركة بين مجتمعا ٍت أخرى تواجه ٍر سياسي واقتصادي في بلد االستقبال ٍ وهي مصدر عدم استقرا ٍق واسع ظواهر هجرة على نطا . لكن في لبنان، يوا َجه مكو نوع ٍّي ل المفارقة في أ ّن الشقاق ٍن الفلسطينيون السوريون كذلك ب ّ له الجالية الفلسطينية المحلية، وتتمث ّ في المجتمع، تمث هو األقوى مع هذه الجالية. نه ّن يدركن وبالفعل، تالحظ دانية وربا وعتاب فوارق ملحوظة بين المجتمع الفلسطيني في سوريا ومثيله في لبنان. كما أّ غياب التضامن مع الالجئين القادمين من سوريا؛ إذ بد "يشاركونهم االنتماء"، اال من التعامل معهم بعناية خاصة بوصفهم يستغلونهم وفق أقوالهنّ أكثر ممّا يستغلون الالجئين السوريين. ٍر " ا بأسعا عندما كنت في مخيم شاتيال، كان فلسطينيو المخيم يؤ ّجروننا شقق باهظة... لقد حاولوا على الفور ا استغالل الوضع! لم يكن هنالك تضامٌن معنا بوصفنا فلسطينيين، بل كانوا يعاملوننا على العكس من ذلك بأسوأ 31 ممّا يعاملون السوريين!" صادفت عتاب هي أي اضا مصاعب كثيرة في إقامة تواص ٍل مع الفلسطينيين في لبنان. وفي رأيها، يعود السبب في أمراض كما أنّ الفلسطينيين ومشكالتهم االجتماعية إلى التاريخ الطويل من مواجهة العنف والتهميش. ها تشجب محاوالت االستغالل، والسيما من القناة الفلسطينية التي تعمل فيها والتي تمنحها راتابا أدنى من راتب زمالئها الفلسطينيين اللبنانيين. ٍس "أعتقد أنّ تاريخ الفلسطينيين اللب جمعي، حالة مر ٍض جماعي نانيين قد صاغ علم نف . ال أتوصّل إلى إقامة ننا كنا دائ اما متضامنين مع الفلسطينيين اللبنانيين، واجهنا رّد فع ٍل معاك اسا! لقد عالقات معهم )...( وفي حين أّ استغلوا الوضع ورفعوا إيجار الشقق في المخيمات، مع علمهم بأننا الجئون، بأننا فلسطينيون مثلهم. كان من المفترض أن يساعدونا! عندما بدأت العمل لصالح قناة القدس، شعرت بأنّ ذلك يزعج الفلسطينيين اللبنانيين، كما ني قد سرقت عملهم منهم لو أن )...(" ّ 38 أخي ارا، ثمة عام ٌل آخر يفاقم الشقاق ل في الموقف الذي تبناه بين الفلسطينيين السوريين واللبنانيين، يتمث جز ٌء من ّ الفلسطينيين لصالح االحتجاج السوري؛ وهو موق ٌف ينظر إليه بوصفه غير مبر ٍر بسبب شروط الحياة الحسنة التي تمنحها 37 السلطات السورية لالجئين الفلسطينيين . "كثي ارا ما قيل لي: "أنتم الفلسطينيون السوريون كنتم تتمتعون بجميع الحقوق... لم يكن لديكم سبب للتمرد!" كما لو أنّ علينا شكر النظام على حقوقنا... في رأيي، علينا باألحرى أن نشكر الشعب السوري، ال النظام... لئن ق ّر قبل وصول النظام الحاكم بوق ٍت طويل ٍن أ كنت قد حصلت على حقوقي، فذلك عبر قانو ... لكنّ الفلسطينيين 31 اللبنانيين ال يعلمون ذلك! ثمة كثي ٌر من الجهل والسطحية..." كذلك، لم يساعد سلوك الفصائل الفلسطينية في تحسين العالقة بين الفلسطينيين السوريين واللبنانيين. تنتقد النساء الثالث الفصائل السياسية، والسيما تلك المنتمية إلى منظمة التحرير الفلسطينية التي يتهمنها في السياق السوري باتخاذ موقفٍ ّ لبنان، ت لصالح النظام السوري. في تهم هذه المنظمات عينها بالمشاركة الكاملة في التمييز ضد الفلسطينيين وبالعجز عن الضغط على السلطات اللبنانية كي يصاغ قانونايا وضعهم في البلد. لبنان كمرحلة مؤقتة قبل منفى جديد 31 مقابلة مع دانية عبر سكايب في آذار/ مارس .2101 مقابلة عبر سكايب مع عتاب في آذار/ مارس 2101 38 37 لقد ساعد الوضع القانوني الجيد الممنوح لالجئين الفلسطينيين السوريين على اندماجهم االجتماعي االقتصادي في البلد. 31 مقابلة عبر سكايب مع ربا في آذار/ مارس .2101 في حين أ ّن دانية وربا وعتاب قد اندمجن في نهاية المطاف اجتماعايا أو مهنايا ل ّ في لبنان، فإ ّن بلد االستقبال هذا ال يمث مؤقتة بالنسبة إليه ّن إ . فالنساء الثالث يعتزمن االنتقال إلى بلدٍ ثالث. بالنسبة إلى دانية، تكمن أسباب االنتقال ّال مرحلةا الالحق في شروط الحياة الصعبة وعدم االستقرار المعاش في لبنان. "أنا ال أرى مستقبلي في لبنان! كيف لي ذلك إن كان سكان البلد أنفسهم ال يرون فيه مستقبلهم! نرغب أنا وأسرتي في الرحيل، فنحن نجد الحياة هنا معقدة غاية التعقيد، وليس هنالك عمل، والحياة مكلفة، والرعاية الصحية باهظة التكاليف... الوضع صعب... لكن في الوقت عينه، ليس لدينا أم ٌل كبي ٌر في الحصول على 01 تأشيراتٍ للخارج ألننا فلسطينيون سوريون!" أمّا ربا، فهي تنتظر أوّ ل فرصةٍ تسنح لها للحاق بأسرتها التي سبق أن سلكت طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. نه بلٌد ظالم! أبي موجوٌد حالايا في اليونان، وأ ّمي وجز ٌء من إخوتي "سأغادر لبنان فور أن أتمّكن من ذلك! إّ أصبحوا في هولندا. لقد بقيت هنا مع أختي وأخي الصغير. ربما شاء هللا أن أبقى في لبنان ألنّ الناس هنا بحاجةٍ 00 إليّ أكثر من حاجة أسرتي لي، من يدري..." بالنسبة إلى عتاب التي ال تزال أسرتها في سوريا، خاب أملها في التمكن من العودة إلى البلد. والسفر إلى الخارج هو الحلّ وهي تتمن الخالص من الهشاشة ومن صنوف الظلم التي تواجهها في لبنان. ّ الوحيد الممكن. ى "ال يزال يحدوني األمل في أن تنتهي األزمة في سوريا وأتمكن من العودة، لكنّ الحلّ الواقعي الوحيد اليوم هو الهجرة إلى بلدٍ يمنحني تصري احا باإلقامة! لم أعد أريد التع ّرض لإلهانة مجّدادا! أريد الذهاب إلى بلدٍ 02 يحترمني!" ٍر طويل األمد لالجئين ّر الشروط الالزمة على الرغم من قرب لبنان الجغرافي والثقافي مع سوريا، فهو ال يوف الستقرا الفلسطينيين السوريين بسبب غياب التعامل القانوني المناسب. يضاف إلى ذلك واقع أنّ إمكانية حلّ النزاع السوري ال تزال تبدو أبعد وأنّ الفلسطينيين السوريين هم أسا اسا أنا ٌس ليس لهم وطن؛ وهذا يشجعهم أكثر على سلوك درب الهجرة إلى الغرب، بهدف التمّكن من الحصول على وثائق حقيقية. الخالصة على مدى هذا المقال، نظرنا إلى مسار الهجرة وأشكال االلتزام التي تتوالها ثالث نسا ٍء فلسطينيات الجئات في لبنان. وقد أظهرنا أنّ النزوح القسري يمارس تأثيراتٍ متباينة وفق المسار النوعي لكلّ امرأة وضروب انخراطهنّ السابقة. في حالة دانية وربا، الحظنا وجود استمراريةٍ بين أشكال التعبئة التي بدأت في سوريا، والسيما في إطار االنتفاضة ضد النظام التي في سيا يه أصداء االحتجاج ٍق بدأت في آذار/ مارس ،2100 واألشكال التي تواصلت في لبنان. من التسييس الذي تغذّ لالندماج ا في المنفى بالنسبة إلى دانية وربا وسيلةا ٍ ّل مواصلة التزام السوري في هذا البلد، تمث الجتماعي تسمح بإعادة نسج ٍ عالقاتٍ ح ّطمها النزوح. من الهشاشة النفسانية فضاال عن ذلك، يسمح لهما هذا االلتزام بتجاوز وضع أدى إليه النزاع والنزوح. وعلى العكس من ذلك، في حالة عتاب التي لم تكن تسكن في مخيم اليرموك وكانت تنأى بنفسها عن التحشدات المناهضة للنظام في سوريا، كان المنفى في لبنان باألحرى مصد ارا لالنتزاع من الجذور وانعدام األمان واالنعزال. يتصاحب الضعف الذي أدى إليه المنفى في أشكال المخالطة السابقة مع نق ٍص في االستثمار االجتماعي والسياسي. ا المقال أن قيادا ّه ال يش ّك أ ّما في ما يخص تأثير النوع االجتماعي في النضال في المنفى، ف يظهر هذ ل بالنسبة إلى محادثاتنا ة أمام نشاطهن. يمكن تفسير ذلك بصورةٍ أساسيةٍ ّه ال ي ا نه ال يذكر أبادا بوصفه عقب وأن ذَكر إال بطريق ٍة متقطعة، كما أّ ٍل سمح لهن، ح ٍ عا بالمالمح السوسيولوجية لهؤالء النساء اللواتي يتشاركن جمي اعا في مستوى تعليم تى في المنفى، بالوصول إلى ومهني غير قليل ٍز شخصيٍ إنجا . وعلى الرغم من التصور المختلف لوضعهنّ في لبنان، فإنّ دانية وربا وعتاب تمّك : التعليم والدفاع عن حقوق اإلنسان واإلعالم. لكن يمكن ّن من االنخراط في مجاال ٍت مهني ٍة ونضالي ٍة رفيعة 

APA
Napolitano, V. (2017). من سوريا إلى لبنان: مسارات نزوح ونضال ثالث نساء فلسطينيات.
MLA
Napolitano, Valentina. من سوريا إلى لبنان: مسارات نزوح ونضال ثالث نساء فلسطينيات, 2017.
Harvard
Napolitano, V 2017, من سوريا إلى لبنان: مسارات نزوح ونضال ثالث نساء فلسطينيات.
Chicago
Napolitano, Valentina. من سوريا إلى لبنان: مسارات نزوح ونضال ثالث نساء فلسطينيات. 2017