قطاع الجمعيات في لبنان؛ اقتصادات وشبكات التبعية

 

 

دعوة لتقديم أوراق بحثية

قطاع الجمعيات في لبنان؛ اقتصادات وشبكات التبعية

يحيل الطابع المتعدد المعاني لمفهوم المجتمع المدني إلى تنوعٍ في الفاعلين الاجتماعيين أكثر مما يحيل إلى الدولة، وإلى تعدّدٍ في أشكال الممارسات والاستراتيجيات وأساليب الفعل. وقد أدّى هذا الأمر إلى عددٍ كبيرٍ من المنشورات التي أصدرها الممارسون والأكاديميون.

بصورةٍ عامّة، تناقش الأدبيات التي تركّز على المجتمع المدني ثلاث مقاربات. أولاها هي المقاربة المتمحورة على المجتمع وهي تتبنّى عموماً وجهة نظرٍ "ترابطية"، حيث تميّز المجتمع المدني عن الدولة، مع القدرة على زيادة المشاركة السياسية (دايموند وبالتنر، 1996) والإمكانات الديمقراطية (بوتنام، 1993). والمقاربة الثانية هي المقاربة المتمحورة على الدولة وتشدّد على كيفية نشر الدول التسلطية لآليات مراقبةٍ اجتماعيةٍ صارمة بهدف تقييد الفاعلين في المجتمع المدني، بدلاً من تشجيعهم على أن يصبحوا عوامل تغيير (عبد الرحمن، 2004؛ هيدمان، 2007؛ جمال، 2007؛ فيكتوروفيتش، 2000). أمّا المقاربة الثالثة، فهي مقاربةٌ تدور حول "الدولة في المجتمع"، متأثّرةٌ بغرامشي (1971) وشابال ودالوز (1999) وغوبتا (1995) وميغدال (2001)، وهي تنظر إلى المجتمع المدني بوصفه جزءاً لا يتجزّأ من جهاز الدولة وتشدّد على وجوب أن تشجّع الدول والفاعلون الاجتماعيون تمكين الطرفين وتكاملهما (ميغدال وكوهلي وشو، 1994).

حتّى انتفاضات "الربيع العربي"، مالت دراسات العلوم الاجتماعية حول الشرق الأوسط إلى التركيز أكثر على قضايا من قبيل القمع السياسي والتلاعب الانتخابي والبقاء المؤسساتي (يوم، 2015). وفي الآونة الأخيرة، يبدو كأنّ موضوع المجتمع المدني قد "أعيد اكتشافه"، ليس من قِبل أكاديميين فحسب، بل كذلك من قِبل صانعي سياساتٍ دوليين، وناشطين، وممارسين. لطالما تمسّك أولئك الممارسون بفرضية المجتمعات المدنية "السلبية" أو "الخامدة" تحت نير الأنظمة التسلطية، في حين حلّل أكاديميون آخرون الفاعلين والحركات قبل ثورات العام 2011 بكثير، في تجذّرها وسياقاتها وتاريخيتها (كما أظهر ذلك غايسر، 2012). في هذا الصدد، يشير بعضهم إلى أنّه على الرغم من أنّ المجتمع المدني المعطّل يمكن أن يقترح عدم الفعالية (تايلر، 1989)، ففي الحقيقة، "ثمة أصواتٌ نقديةٌ تبحث عن ظروفٍ تحويلية" (يوم، 2015).

في لبنان، لعب قطاع الجمعيات بوصفه جزءاً من مشهد المجتمع المدني الأوسع دوراً مهماً عبر التاريخ (كرم، 2006) وتطوّر إلى حدٍّ كبيرٍ في حقبة ما بعد الحرب الأهلية (كينغستون، 2008: 1)؛ يوصف لبنان بأنّ لديه "المجتمع المدني الأكثرتنوعاً ونشاطاً في المنطقة" (هاوثورن، 2005: 89). وقد شهد قطاع الجمعيات طفرةً بعد الحرب الإسرائيلية (2006) (انظر: مغنية، 2015) واندلاع النزاع في سوريا في العام 2011، ما أدى إلى أكثر من 5000 منظمة مسجلة رسمياً.

وفي حين يُنظر إلى الجمعيات أحياناً بوصفها قوةً تمهّد الدرب للتخفيف من حدّة الفقر أو لتطوير الديموقراطية على أرض الواقع (كلارك، 1990، 1995؛ سيرنيا 1988؛ بيبينغتون وفارينغتون 1993)، فإنّ كثيراً من الأدبيات المكرسة لدراسة المنظمات غير الحكومية يحتوي على تحليلاتٍ عملية لطرائق العمل (المساءلة، وضروب التشخيص والرصد والتقييم) وكذلك العلاقات بين الدول والمنظمات غير الحكومية، وبين المنظمات غير الحكومية والمنظمات الشعبية، وبين المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الحكومية، وكذلك بين المنظمات غير الحكومية وعموم الأهالي الذين تشتغل معهم، بل وتمثلهم في بعض الأحيان.

في الوقت عينه، تقرّ معظم أدبيات العقد المنصرم بصعوبة الوضع الذي تعيشه المنظمات غير الحكومية حالياً، حسب حجمها وتعريفها، ولاسيما في مجال علاقتها بالجهات المانحة. هل باتت تلك المنظمات تُستخدَم على نحوٍ متزايدٍ بوصفها منفّذةً للبرامج الدولية والوطنية الموجهة حكومياً (بيبنغتون وفارينغتون 1993، فيشر 1997، الإيكونوميست 2000)؟ هل هي محتجزة في مواقعها الخاصة كطبقة وسطى، ما يحدّ من فعاليتها في تمثيل مهمّشي الطبقات الدنيا الذين غالباً ما يكونون ريفيين (بيبينغتون وفارينغتون 1993، هيريرا 1998)؟ هل بعض المنظمات غير الحكومية الأكبر منخرطةٌ أكثر مما يجب في مصالح وطرائق الجهات المانحة، ما يقوّض بالتالي تأثيرها المحتمل في تقديم دعامةٍ للمشاركة الشعبية في أجهزة الدول (داناهير 1994)؟

لا تسعى هذه الدعوة لتقديم أوراقٍ بحثية إلى مزيدٍ من التحري المفهومي أو العملي لقطاع الجمعيات في لبنان. نحن نسعى بالأحرى إلى استكشافٍ نقدي لعلاقات التبعية الإشكالية الكامنة واقتصاداتها وشبكاتها، مثلما تحدّدها الجهات الفاعلة. ونحن نشجّع تحديداً تقديم الموضوعات التالية:

  • تفكيك النهج المدنيّ وفهم اقتصادات المساعدة الناشئة؛ في حين تبنّى المؤلفون عموماً مقاربةً مثاليةً إلى حدٍّ ما للجهات الفاعلة في المجتمع المدني، فإنّ مفهوم ما يُنظر إليه ويعرّف بوصفه حاجاتٍ "مدنية" يحتاج إلى إعادة نظر؛ هل تشمل هذه الفئة المنظمات الدينية، ولاسيما الإسلامية منها؟ كيف يصوغ الفاعلون السياسيون أهدافهم بالصلة مع "المدني"؟
  • زيادة التبعية للمانحين/الممولين وعلاقتها باستقلالية المنظمة على أرض الواقع؛ وعلى نحوٍ أكثر عمليةً، هل لا تزال المنظمات غير الحكومية قادرةً على الاستجابة لحاجات السكان الذين تزعم أنّها تستهدفهم؟ ما هي النتائج الملموسة لمشاركة المجتمع المدني؟ هل ساهم المانحون الدوليون من جانب والمجتمع المدني الدولي من جانبٍ آخر في التحوّل، أم بالأحرى في التبعية؟
  • زيادة الميل إلى "إضفاء طابع الزبائنية" على المجتمع والأفراد، والذي قد يتمحور حول الهويات الطائفية؛ كيف تساهم الممارسات الزبائنية المحدثة والاقتصادات الموازية الناشئة في ظهور سماسرة التنمية ووسطائها؟ وفي السياق عينه، هل تستطيع المنظمات غير الحكومية، من خلال المساعدات التي تقدّمها باستهداف مستفيدين بعينهم، أن تساهم في (إعادة) إنتاج شبكات المحسوبية؟
  • عدم النظامية والاقتصادات الانفعالية؛ يتزايد النظر إلى العمل في المنظمات غير الحكومية بوصفه غير مستقر، بما أنّ الأجر المدفوع فيه قليلٌ عموماً، كما أنّه غير منتظم وغير آمن وغير محمي. إلى أيّ حدٍّ وكيف يكون العمل في قطاع الجمعيات ـ ولاسيما تلك الناشطة في المجال الإنساني ـ مبنياً على أساس العاطفة والإدراك، كالأمل أو الحاجة إلى التغيير؟ كيف تساهم الثقافات المعقدة الخاصة بالحركات الاجتماعية والهوية الشخصية في الدافع العاطفي والإرضاء الإيثاري؟

نحن مهتمون بخاصةٍ بالتفاعل بين شبكاتٍ محددة وبكيفية تفاوضها على أدوارها المتغيرة في المجتمع وفي الاقتصاد الدولي والوطني وتجولها ضمنها.

إرشادات تقديم الأبحاث:

تشجع دعم لبنان المساهمات التي يقدمها الأكاديميون المتمرسون والباحثون في بدايات مسارهم المهني والمرشحون للحصول على شهادات الدكتوراه والممارسون والناشطون وخبراء المجتمع المدني. يستطيع الكتّاب تقديم أبحاثهم باللغة العربية أو باللغة الإنكليزية أو باللغة الفرنسية. سوف تخضع كافة البحوث لمراجعةٍ مزدوجة غفلية على يد أقران ويجب أن تخضع للإرشادات الخاصة بدعم لبنان. سوف يتم النظر في طباعة أبحاث مختارة ضمن منشوراتنا في مجلة المجتمع المدني التي تصدر عن دعم لبنان.

ستُمنح الأولوية للأبحاث التي تتبنى مقاربةً جذريةً ونقديةً للمفاهيم والمقولات ذات الصلة، وتلتزم بإطارٍ نظريٍّ متين، وتستند إلى بحثٍ تجريبي.

ينبغي ألّا تتجاوز الأبحاث 10000 كلمة. كما يجب ألّا تتجاوز شهادات الممارسين 3000 كلمة وألّا تتجاوز مراجعات الكتب 1500 كلمة.

الإطار الزمني:

ترسل ملخصات للأبحاث بالعربية أو الإنكليزية أو الفرنسية (بحيث لا تتجاوز 600 كلمة وتحدد الموضوع ونوع العمل الميداني ومسائل البحث وما إلى ذلك)، بالإضافة إلى سيرة ذاتية ، إلى العنوان البريدي: editor@lebanon-support.org قبل تاريخ 25 كانون الثاني/يناير 2017.

سوف ترسل لجنة التحرير ردّها للكتّاب بتاريخ 6 شباط/فبراير 2017.

الموعد النهائي لإرسال الأبحاث النهائية إلى دعم لبنان لمراجعة الأقران الغفلية هو 10 أيار/مايو 2017.

يجب أن تتوافق الأبحاث مع الإرشادات الموجهة للمساهمين التي وضعها دعم لبنان.

من المقرر أن تنشر الأبحاث في شتاء العام 2017.

APA
(2016). قطاع الجمعيات في لبنان؛ اقتصادات وشبكات التبعية.
MLA
قطاع الجمعيات في لبنان؛ اقتصادات وشبكات التبعية, 2016.
Harvard
2016, قطاع الجمعيات في لبنان؛ اقتصادات وشبكات التبعية.
Chicago
قطاع الجمعيات في لبنان؛ اقتصادات وشبكات التبعية. 2016