موجز عن "خريطة الجهات الفاعلة في مجال الجندر"" – كانون الأوّل/ديسمبر ٢٠٢٠
تاريخ: 07 ديسمبر, 2020
موقع: Lebanon

تمّ تحديث خريطة وتصنيف الجهات الفاعلة في مجال الجندر، بناءً على استطلاع لـ ٧٥ جهة فاعلة في مجال الجندر في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر ٢٠٢٠.

يُقدِّم هذا الموجز لمحةً عامّة عن اتّجاهات البيانات الرئيسية من خريطة الجهات الفاعلة في مجال الجندر، مع تسليط الضوء على الثغرات وتكرار المبادرات في التدخُّلات الخاصّة بقضايا الجندر. 

١- تعدد الجهات الفاعلة المحلّية في قطاعٍ يعتمد على التمويل من الجهات المانحة

الجهات الفاعلة في مجال الجندر في لبنان متنوّعة، ومعظمُها من المجتمع المدني المحلّي (٧٠٪ - ٥٣)، بما في ذلك المنظّمات غير الحكومية (٥٦٪-٤٢)، والحملات المحلّية/المجموعات/الجمعيات التعاونيات (٨٪-٦)، والمؤسّسات الأكاديمية/البحثية (٥٪-٤)، والقطاع الخاصّ (١٪-١). وعلى الرغم من أنَّ المشهد الجندري يتّخذ طابعًا محلّيًا ومتنوّعًا على ما يبدو، إلّا أنَّ العديد من المنظّمات تعتمد إلى حدّ كبير على الجهات المانحة الدولية. في الواقع، في وقت إجراء الاستطلاع في أيلول/سبتمبر، أفادَت ٢٥٪(١٩) من الجهات الفاعلة المشمولة في الاستطلاع بأنَّها غير ناشطة حاليًا، أو تراجعت نشاطها بسبب عوائق داخلية وخارجية، أبرزها جائحة كوفيد-١٩ والأزمة المالية والاقتصادية وغيرها. كما أنَّ غالبية هذه الجهات الفاعلة المتأثّرة (١٦) هي منظّمات محلّية، يعتمد معظمها (١٣) بشكل أساسي على التبرّعات وجمع الأموال. وهذا يؤكّد أنَّ الجهات الفاعلة المحلّية تعتمد بدرجة كبيرة على الجهات المانحة، ما يؤدّي إلى عدم تكافؤ في القوّة، فتبقى المنظّمات غير الحكومية المحلّية مجرّد جهة "مُنفِّذة" لبرامج المانحين، ولا تستطيع استئناف أنشطتها في حال إنخفاض تمويلها أو توقفه، ولهذا الأمر تداعيات ملحوظة على تدخُّلات المنظّمة وتأثيرها واستدامتها.

٢- قطاع مجزأ للجهات الفاعلة في قضايا الجندر 

على الرغم من تنوُّع الجهات الفاعلة في مجال الجندر، تُشير البيانات إلى مشهدٍ مُجزَّأ مع العديد من الجهود المتكرّرة والثغرات على صعيد مجالات التدخُّل والمستفيدين وأنواع التدخّلات، بالإضافة إلى التفاوت الجغرافي في التدخلات.

تُركّز التدخُّلات في مجال الجندر إلى حدّ كبير على حقوق المرأة (٧٧٪-٥٨) والعنف القائم على النوع الاجتماعي (٥٧٪-٤٣). في الواقع، تفتقر المرأة اللبنانية إلى حقوقها الأساسية، وما زالت تُعاني من التمييز. فقوانين الأحوال الشخصية التي تعتمدها الطوائف الرسمية الثمانية عشرة تُميِّز ضدّ المرأة في القضايا المتعلّقة بالميراث والطلاق وحضانة الأم وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، يمنع القانون اللبناني المرأة المتزوّجة من أجنبي أن تمنح جنسيتها لزوجها وأطفالها. وما زالت الحماية القانونية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والتحرُّش/الاعتداء الجنسي غير كافية. على سبيل المثال، تستنكر منظّمات المجتمع المدني والخبراء الثغرات الموجودة في قانون العنف الأسري الذي لا يوفّر حمايةً كاملة للنساء. بالتالي، ما زال العنف القائم على النوع الاجتماعي ممنهج في لبنان. وهذا كلّه يُفسِّر ارتفاع نسبة التدخُّلات التي تُركّز على حقوق المرأة والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

في المقابل، أهملت الجهات الفاعلة في مجال الجندر بعض الإشكاليات الأخرى بشكل كبير، وأبرز مثال على ذلك هو أنَّ ٥٪ (٤) فقط من التدخُّلات تُركِّز على التعليم؛ وهذا رقمٌ مفاجئ لأنَّ الصور النمطية التقليدية والثقافة البطريركية ما زالت تمنع وصول العديد من الفتيات إلى التعليم. علاوةً على ذلك، تُركِّز أكثر من ٤٠٪(٣١) من التدخُّلات على قضية زواج الأطفال، في حين تُركِّز ٣ منها فقط على التعليم، رغم أنَّ التعليم يلعبُ دورًا أساسيًا في تمكين المرأة ومنع الزواج المبكر.

أظهرَ الاستطلاع أنَّ الفئات المستهدفة متنوّعة، لكنَّ بعض الفئات، إلا أن البعض منها، بما في ذلك مجتمعات الميم (٣٦٪-٢٧) والعابرون/العابرات جنسيًا* (٢٩٪-٢٢)، ما زالت أقلّ استهدافًا مقارنةً بفئات أخرى مثل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني (٧٢٪-٥٤)، والمهاجرين والنازحين واللاجئين (٥٥٪- ٤١)، ولا تزال الأقليات الجندرية يواجهون التمييز. فإنَّ المادّة 534 من قانون العقوبات اللبناني، التي تعاقب على "كلّ مجامعة على خلاف الطبيعة" (يُعاقَب عليها بالحبس حتّى سنة واحدة)، لا تزال تُستخدَم لتجريم أعضاء مجتمع الميم. ونتيجةً لذلك، تسعى ٧٣٪ (٤٩) من الجهات الفاعلة في مجال الجندر التي تستهدف هذه الأقلّيات إلى المناصرة لإلغاء هذه المادّة، لكنَّ الإصلاحات لم تصدر بعد.

أنواع التدخُّل الثلاثة الرئيسية التي تستخدمها الجهات الفاعلة في مجال الجندر هي التوعية، والمناصرة وكسب التأييد، وبناء القدرات بنسبة ٧٦٪ (٥٧) و٧٣٪(٥٥) و٦٨٪(٥٨) على التوالي. وبالرغم من أهمية أنواع التدخُّل هذه من أجل توجيه الإجراءات العامّة والتأثير على تغيير السياسات، إلّا أنَّها ليست بالضرورة متماشية مع الفئة المُستهدَفة المختارة لهذه التدخُّلات. على سبيل المثال، بينما يعتمد عدد كبير من الجهات الفاعلة على المناصرة وكسب التأييد، فإنَّ 2٪(1) منهم فقط يستهدفون بالفعل صنّاع السياسات والمُشرِّعين. وتُظهِر البيانات أنَّ تدخُّلات التوعية تُعطي الأولوية لمنظّمات المجتمع المدني التي تستهدفها ٨٠٪(٤٦) من هذه الأنواع من التدخُّلات. وتُشير هذه الاتّجاهات إلى اختلافٍ واضح بين أنواع التدخُّل المُستخدَمة والفئات المُستهدَفة، ما قد يحدّ من تأثير هذه التدخُّلات.

٣- لا مركزية خجولة للتدخّلات في مجال الجندر على صعيد الأطراف

بالرغم من أنَّ التدخُّلات موزّعة في كلّ المناطق، لا تزال التدخُّلات في مجال الجندر نادرة في الأطراف. في الواقع، يتركّز ٣٧٪ (٢٨) من التدخُّلات في مجال الجندر في العاصمة بيروت وفي جبل لبنان، بينما لا تحظى مناطق أخرى مثل عكّار والنبطية إلّا بنسبة ٨٪(٦) و١٠٪(٨) من التدخُّلات الجندرية على التوالي. وبما أنَّ محافظتَيْ بيروت وجبل لبنان تتضمّنان أكبر كثافة سكّانية في لبنان، فهذا يُفسِّر ارتفاع عدد التدخُّلات في المنطقة. ومع ذلك، غالبًا ما تكون الفوارق الاجتماعية-الاقتصادية أكثر وضوحًا في الأطراف بسبب نقص الوصول إلى الخدمات الأساسية والمؤسسات العامة ومرافق الدولة. وغالبًا ما تكون الفئات الضعيفة، ومن بينها النساء، من أكثر الفئات تهميشًا في تلك المناطق، وتحتاج بالتالي أكثرإلى الاستفادة من هذه التدخُّلات.